السبت، 16 أكتوبر 2010

اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في العالم العربي

2010-10-13
جريدة الشرق

الدول العربية تعاني أكبر نسبة فقر وأمية وتخلف على المستوى الدولي
لا يمكن استثناء حتى منطقة الخليج الغنية بالنفط من ظاهرة أحزمة الفقر
تأثير الفقر يساعد على توليد جماعات العنف والتطرف

يقدر عدد الأثرياء العرب حسب تقرير مجلة "فوربس العربية" الأخير بحوالي 34 مليارديرا، بمجموع ثروات تقدّر بنحو 115.8 مليار دولار. وأشار تقرير المجلة إلى أن السعودية، التي تعد مملكة أثرياء العرب، حافظت على مركز الصدارة في عدد المليارديرات عربيّا، فقد بلغ 14 مليارديرا بمجموع ثروات يصل إلى 60.5 مليار دولار، وهم يمتلكون نصف ثروة أغنياء العرب، وجاءت الكويت بعد المملكة العربية السعودية في ترتيب الدول العربية، وبلغ إجمالي ثروات الكويتيين المدرجين في القائمة 11.5 مليار دولار، وتمكّنت دولة الإمارات من احتلال المرتبة الثالثة عربيا بـ 6 مليارديرات ومجموع ثروات يصل إلى 22.1 مليار دولار، وجاءت مصر في المرتبة الرابعة وبعدها لبنان في المرتبة الخامسة؟! وتشير تقارير دولية أخرى إلى أن معدل دخل الفرد في بعض العواصم الخليجية مثل ابوظبي والدوحة ـ على سبيل المثال ـ يبلغ أكثر من 87 ألف دولار، بينما يبلغ في البحرين 35 ألف دولار، وذلك مقابل 2400 دولار باليمن و2300 بالسودان وهو ما يبين الفجوة التي تفصل بين من يملك ومن لا يملك وما بين الفقراء والأغنياء في العالم العربي.
تقرير البنك الدولي يعرف الدول منخفضة الدخل أي الفقيرة بأنها تلك الدول التي ينخفض فيها دخل الفرد عن 600 دولار، وعددها 45 دولة معظمها في إفريقيا، منها 15 دولة يقل فيها متوسط دخل الفرد عن 300 دولار سنوياً. برنامج الإنماء للأمم المتحدة يضيف معايير أخرى تعبر مباشرة عن مستوى رفاهية الإنسان ونوعية الحياة. هذا الدليل وسع دائرة الفقر بمفهوم نوعية الحياة لتضم داخلها 70 دولة من دول العالم، أي هناك حوالي 45 % من الفقراء يعيشون في مجتمعات غير منخفضة الدخل، أي هناك فقراء في بلاد الأغنياء، ويكتفى هنا بذكر أن 30 مليون فرد يعيشون تحـت خط الفقـر في الولايـات المتحـدة الأمريـكيـة (15 % من السكـان). أما في الدول العربية فقد حذر تقرير البنك الدولي من تأثير الفقر والفارق الكبير في الثروة بدول الشرق الأوسط، في توليد الحركات المتشددة وجماعات العنف والتطرف، وتشجيع الشباب على الانخراط فيها، مشيرين في هذا السياق إلى حالة اليمن التي نشط فيها تنظيم القاعدة وحركات تمرد مختلفة.. الأرقام تدل على أن ستة بلدان في الشرق الأوسط هي بين أكبر 20 دولة تتلقى المساعدات الأمريكية، فقد حصل اليمن على 152 مليون دولار العام الماضي، بينما نالت الضفة الغربية 800 مليون دولار. تقرير محطة (سي إن إن) الأخير أشار إلى أنه يعيش في العالم أكثر من مليار ونصف المليار مسلم يشكلون سوقاً واعدة، ولكن 39 في المائة منهم دون خط الفقر، وفق أرقام منظمة المؤتمر الإسلامي. وينقسم العالم العربي إلى مجموعات من حيث الثروة والفقر: فمجموعة الأقطار النفطية الغنية، تضم "مجلس التعاون الخليجي وليبيا"، ومجموعة الأقطار المتوسطة الدخل وتشمل "مصر والعراق والأردن وسوريا والمغرب وتونس والجزائر"، والأقطار الفقيرة وتشمل السودان واليمن والصومال وموريتانيا وجيبوتي وفلسطين.
في دراسة عن أحزمة الفقر العربية يشير خالد على، إلى انه لا يمكن حتى استثناء منطقة الخليج الغنية بالنفط من ظاهرة أحزمة الفقر، وإن اختلفت أسباب تكونها عن الدول المشرقية والمغربية، فنمط التنمية الريعي المصحوب بعدم العدالة في توزيع الموارد بين المواطنين والمناطق، خلّف وراءه أحزمة فقر. فعلى سبيل المثال، في مدينة غنية كالرياض لم يكن أحد ليجرؤ أن يتحدث عن الأحياء الفقيرة بها، إلا بعد زيارة ملك السعودية عبدالله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك) قام بها إلى هذه الأحياء في نوفمبر 2002. وتتعمق أزمة أحزمة الفقر في الخليج، بوجود عمالة أجنبية تعمل في المدن والمركز، ثم تخرج منها في نهاية اليوم، لتعيش على هامشها في أوضاع اقتصادية مزرية سواء من حيث الراوتب أو المعاملة. وخطورة هذه العمالة أن حجمها في مجلس التعاون الخليجي (السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت وسلطنة عمان) يصل إلى أكثر من 10 ملايين عامل أجنبي و3 ملايين من أفراد عائلاتهم. وتكرر احتجاج هؤلاء العمال في السنوات الأخيرة في دول الخليج على سوء المعاملة التي يتعرضون لها، والتأخر في تقاضي رواتبهم.
إعلان بيل غيتس الأخير أثار الاهتمام العالمي "بأن 40 من أغنى أثرياء الولايات المتحدة قد قرروا تحويل نصف ثرواتهم لصالح المحتاجين والفقراء" ويقوم بيل غيتس مع زوجته ميليندا بحملة "تعهد العطاء" ويشاركهما في قيادة الحملة ثاني أغنى أغنياء الولايات المتحدة، وارن بافيت، الذي قال بعد إعلانه عن نجاح المرحلة الأولى من الحملة: "لقد بدأنا للتو، ولكن حجم التجاوب هائل وأكبر مما كنا نتوقعه، كثير ممن التقينا بهم تعهدوا بأكثر من نصف ثرواتهم ـ حسبما تطرحه الحملة ـ لصالح المحتاجين والفقراء"، وقالت ميليندا: "لدينا بركة أكبر بكثير من كل توقعاتنا ونحن سعداء جدا ونقدر هذا التجاوب، ونشعر بمسؤولية كبيرة حول طرق توجيه تلك الأموال بشكل جيد يحقق الهدف بأعلى مستوى". المبادرة هي بمثابة محاولة لتطبيق فعل شبكة العلاقات على العمل الخيري. فكلما أصبح أكثر شيوعا، سعى الأثرياء للقيام به مع تقاسمهم للخيرات والتجارب وتشاركهم في وضع الاستراتيجيات وتبادل الآراء. كما يشير تقرير (الفايننشال تايمز)، وحاليا يقوم غيتس وبوفيت بنقل نموذجهما في العمل الخيري إلى العالم، في زيارات مستمرة إلى الصين للاجتماع مع بعض اغنى رجال الأعمال فيها والى الهند، التي توقع غيتس أن تكون الثانية بعد الولايات المتحدة في العمل الخيري على مستوى الأثرياء. وقد اشار غيتس في المؤتمر الدولي الثالث لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتطوير الذي أقيم في العاصمة القطرية الدوحة، إلى أن مؤسسته تعمل من خلال الاستفادة من التكنولوجيا على تخفيض عدد الأطفال الذين يموتون تحت سن الخامسة، بسبب الفقر إلى النصف مع حلول عام (2025).
إنه نموذج إنساني مميز لا نكاد نجد له نظيراً في العالم وخصوصاً في الدول العربية التي تعاني من أكبر نسبة فقر وأمية وتخلف على المستوى الدولي، والمطلوب من الدول الغنية والأثرياء العرب القيام بخطوة مقاربة على الأقل ولا أقول مشابهة، من خلال توظيف أموالهم واستثمارها في المشاريع الإنتاجية في الدول العربية أو في دولهم والمناطق الهامشية والفقيرة فيها، حتى يمكن أن يتم ردم فجوة نقص الاحتياجات والمتطلبات الأساسية للحياة، ولا يتم الاعتماد على استيرادها من الخارج للأبد، وهو الحاصل في جميع الدول العربية وبالذات الدول الخليجية الستة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق