الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

"طاش" حكاية مسلسل خليجي لم تنته بعد

2010-09-08
الشرق- العالم اليوم
• الدراما الخليجية مصابة بعدوى التسطيح والصراخ والتهريج
• لا يوجد تغيير في الشكل والمضمون والكمية التي يتجرعها المشاهد في رمضان
• «تصانيف» يطرح مواضيع مكررة ومستهلكة ولا جديد تحت الشمس
• ضرورة وجود معاهد لتخريج كتاب النص والحوار والسيناريو والنقد

قبل بداية شهر رمضان تشتعل حدة منافسة الدراما الخليجية (هل نطلق عليها دراما خليجية أم مسلسلات تنطلق من الخليج)، وفي وسط العاصفة الهوجاء التي تنطلق من صحراء الخليج الحارقة صيفا القاتلة شتاء، تبرز أعمال تعد على أصابع اليد الواحدة تستحق ان تتابع من العامة، وتدرس من قبل الخاصة، ويأتي في مقدمتها مسلسل "طاش ما طاش" الذي لا يزال بعد (17) موسما يتابع من قبل الملايين في العالم العربي وليس الخليج والسعودية حصرا، فالمسلسل وصل اليوم إلى مكانة لا يكاد يجاريها في الشهرة والانتشار، صحافة وإذاعة أو تلفزيونا، في منطقتنا. وكانت بالسنوات الأخيرة لانتشار الفضائيات العربية وموقع تحميل الفيديو على الانترنت، الأثر الأكبر في خلق ظاهرة مميزة أطلق عليها (طاش) ورغم مراهنة الكثير على انتهاء موضتها، فانها تصر على البقاء والانفراد والتميز عن غيرها بصورة تدعو إلى الحيرة في التعامل معها وتفسيرها في الكثير من الأحيان؟! لا ادعي اني تابعت كل حلقات المسلسل ولا ازعم أن كل الحلقات تثير الإعجاب و(تكسر الدنيا)، بل ان عددا لا بأس به من الحلقات خصوصا تلك التي أثارت الجدل من حولها، تستحق الوقف عندها بجدارة. بداية التعرف على "طاش" جاءت عن طريق الإخوة والزملاء الأعزاء من الرياض وجدة، الذين عاشوا معنا سنوات الدراسة في الولايات المتحدة. وحتى يقطعوا وحشة الغربة كانوا يحضرون معهم حلقات "طاش" وغيرها مسجلة على أشرطة الفيديو، وحينما تطورت التكنولوجيا انتقلوا بعدها إلى أقراص (السي دي) وال(دي في دي)، وصولا إلى الديسك والفلاش والأقراص الصلبة الخارجية، وما زالوا الى هذه الساعة يرسلون لنا الحلقات الجديدة على شكل رابط عن طريق موقع اليوتيوب (YouTube).
تخيلوا أن بعض حلقات (طاش) التي أثارت جدلا من حولها عرضت في (2030) أي بعد عشرين سنة من الآن؟ ربما ستبدو الحلقة عادية وقد يعتبرها البعض سخيفة وركيكة ولا تستحق حتى المشاهدة؟! اليوم لو قلت لكم ان الأرض تدور حول الشمس ستسخرون مني بلا شك فهي معلومة بديهية يعرفها حتى طلاب الروضة! لكنها في الماضي لم تكن كذلك وكانت الحقيقة معكوسة حسب رأي ارسطو الذي تبنته الدولة والكنيسة، أي أن الشمس وبقية الكواكب تدور حول الأرض، وإذا حاول احد ما مخالفة هذه الأقوال والآراء فهو مهرطق وقد يكون مصيره المحرقة كما حدث مع برونو (Giordano Bruno)، الذي حرقه حيا وسط جمع غفير من المؤمنين الأبرار، وكانت ستتكرر مع جاليليو (Galileo Galilei). وبعدها بعقود ظل الطالب في جامعة أكسفورد (التي تعتبر الأولى على مستوى العالم حسب الإحصائية الأخيرة لتقيم الجامعات — (2010)، يغرم بغرامة تعادل عشرة شلنات وهو مبلغ ليس بسيطا بحسبة تلك الأيام إذا تجرأ وتحدى المعتقدات والتعاليم سواء لأرسطوا أو غيره من البقرات المقدسة؟! بعد عشرين سنة قد لا تعنينا حلقات سواقة المرأة للسيارة، وأقرباء أبطال المسلسل في لبنان مسيحيون وخالهم قس يحفظ القرآن، والزواج الجماعي، وقضية الاختلاط. ولكنها اليوم تعني الكثير، فهي تعتبر هرطقة وزندقة وخروجا عن الملة، وتستخدم لمحاربتها أسلحة وسائل الإعلام والإنترنت والمنابر للهجوم والتحريض والتكفير والتصفية الفكرية وحتى الجسدية؟! عكس ذلك كان المسلسل الخليجي المقابل له والذي يبث في الكويت وقطر «تصانيف»، فهو يطرح اليوم مواضيع مكررة ومستهلكة وهزيلة ولا جديد تحت الشمس، ولكنها لو عرضت منذ عشرين سنة مضت لكان الحال مختلفا والتأثير مغايرا.. انه سباق الزمن، والقدرة على التغيير في المجتمع، وتحدي قيود الزمان والمكان، والحكمة تقول من المستحيل أن تفوز في السباق ما لم تجرؤ على الجري وهو ما فعله (طاش) ولم يجرؤ عليه الآخرون في الخليج لسبب أو لآخر؟!.
الدراما الخليجية أو مسلسلاتها الرمضانية (لماذا رمضان بالذات)، بلغت ما يقارب ٥٠ مسلسلاً، وهو عدد كبير جدا للمتابع خلال السنة ليس شهرا واحدا، واغلبها يحاول بقدر الإمكان أن يصل إلى 30 حلقة كاملة ليختم بها، ويدخل على برامج العيد؟! داود الشريان يشير إلى أن التجربة الدرامية في السعودية والدول الأخرى الخليجية تثير الحزن، حتى بعض الدراما الكويتية الحديثة أصيب بعدوى التسطيح والصراخ والتهريج. في اختصار مخلّ، ومشكلة الدراما الخليجية كما يوضح الشريان أنها بدأت واستمرت على أيدي هواة، وأزمتها الأعمق أن الهواة يعيدون اختراع العجلة، وعلى نحو يثير الشفقة، لذلك بقيت الدراما في مسلسلات الخليج لا تختلف كثيراً عن المواقف التمثيلية البسيطة والساذجة التي كان يؤديها طلاب المدارس في القرن العشرين. والعلاج يكمن في وجود معاهد لتخريج أفواج من المهندسين والفنيين والمبدعين في الديكور والإضاءة، وفي كتابة النص، والحوار، والسيناريو، والنقد. ولا بد ان يعود الممثلون الى مواقعهم، فيتركون الإخراج للمخرجين، والإنتاج للمنتجين، والكتابة للمؤلفين.
صحيفة "الأخبار" ترى أن أبرز ما تتطلبه الدراما الخليجية حتى ترتقي بمستواها، هو الابتعاد عن الاستنساخ والاتجاه نحو الابتكار واختيار النجوم المناسبين، ثم الاستعانة بكتّاب مميزين من المنتجين والمحطات الفضائية. وتنقل عن مشعل المطيري، بطل مسلسل "خليكم مكاني" قوله إن المستوى الدرامي الخليجي الذي تقدّمه المحطات الفضائية محبطٌ، و"الأعمال الدرامية الخليجية لم تتطور منذ سنوات، وهي لم تخرج عن دائرة التجريب إلى حيز الاحتراف، فالخط هو نفسه يطغى عليه الطابع الكوميدي في السعودية على سبيل المثال في محاولة لاستنساخ "طاش ما طاش" الذي بقي يغرّد وحده خارج سرب التقليد".
الناقد محمود عبد الرحيم أيضا يشير إلى أن أغلب الأعمال العربية المعروضة على الشاشات ليست سوى "إعادة إنتاج واستنساخ لأعمال سابقة لذات المؤلف أو لآخرين، مع تغييرات شكلية غير جوهرية، لا تخرج عن الفكرة السالف طرحها، وذات المعالجة الدرامية المفتقرة للجاذبية والجدة، والمضمون الهزيل المحمل غالبا بقيم سلبية، فضلا عن غياب رؤية ذات أبعاد فكرية وجمالية، والدوران في فلك الأفكار المستهلكة، من دون عمق، أو اقتراب حقيقي وجدي من الواقع المعاش أو تعبير صادق عن الجماهير، وهمومها وتطلعاتها، بطريقة مبتكرة، وعلى نحو يثير الوعي العام، أو حتى يحقق متعة للمشاهد". ويؤكد في مقال له بصحيفة "القدس" أن مؤلفي ومخرجي الدراما التلفزيونية المصرية يتعاطون مع المسلسلات الرمضانية بمنطق "بائعي البضاعة المغشوشة، التي يظنون أن أحدا لن يلتفت إلى جودتها، ولن يريدها مهما كانت سيئة، وسط زحام العروض، بعد أن تحول رمضان لسوق مكتظ بالبرامج والمسلسلات، وموسم لطرح الكثير من الغث والقليل من السمين، خاصة مع التزايد المطرد في عدد المحطات التلفزيونية، وامتداد البث الملتهم لكل شيء وأي شيء على مدار الساعة".
بالرغم من الانتقادات الحادة التي توجه للاعمال المعروضة منذ سنوات، فلا يوجد هناك تغيير حقيقي في الشكل والمضمون والكمية التي يتجرعها المشاهد العربي في رمضان، والحقيقة انه لا توجد للمواطن العربي خيارات عديدة، فلا مشاركة سياسية في أحزاب وجمعيات مدنية لها قدرة على التغيير وطرح بديل، ولا انتخابات ديمقراطية حقيقية، وفي ظل وجود قوانين الطوارئ، احتكار السلطة، سياسة التوريث، الاحتقانات الطائفية، الفساد، والتقهقر السياسي والقيمي والوطني، تبقى المسلسلات هي العالم الافتراضي الذي ينفس فيه عن خياله وهواجسه وعقده وربما هرطقته. في النهاية هو يعيش في العالم العربي الذي لا يزال يعتقد إن الشمس والكواكب الأخرى تدور من حوله؟! ورحم الله عصر برونو وجاليليو الذي قال عنه شكسبير (ليس المهرطق من يحترق بالنار، بل المهرطق من يشعل المحرقة)؟!
مبروك عليكم عيد الفطر وكل عام وانتم بخير

الخميس، 2 سبتمبر 2010

كاتب قطري يقترح تحويل مسجد "جراوند زيرو" إلى مقر لجميع الأديان

تاريخ النشر :2/9/2010 3:37 PM

واشنطن- منصور الحاج - خاص

اقترح كاتب قطري بتحويل ما بات يُعرف بمسجد "جراوند زيرو" القريب من المبنى الذي دمره إرهابيون مسلمون في أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى مقر يجمع جميع الأديان والملل. وتمنى خالد الجابر أن يقبل الامام فيصل عبد الرؤوف القائم على مشروع بيت قرطبة هذا الاقتراح "إن كان فعلا يؤمن أن التوتر بين الغرب والمسلمين يمكن إنهاؤه في 10 أعوام".

وقال الجابر في مقال بعنوان "هل يتحول مشروع المركز الإسلامي في أمريكا إلى مقر يجمع كل الديانات؟!" نشرته صحيفة "الشرق" القطرية إن اقتراحه سيساهم في تعزيز صورة الإسلام وإرساء ثقافة التسامح وسيحول الامام فيصل عبد الرؤوف إلى زعيم روحي عالمي يشار إليه بالبنان كالدالاي لاما والأم تريزا.


وجاء في المقال "لديَّ اقتراح أعرضه على الإمام عبدالرؤوف وربما هو في زيارته إلى الدوحة حاليا يسمعني عن قرب، (..) وهو أن يحول مشروع المركز إلى مقر ومسمى ومحفل عالمي، يجمع كل الديانات والعقائد والملل والأعراق اليهودية، والمسيحية، والإسلام، البوذية والكونفوشية والهندوسية والشنتو والطاوية وأصحاب الفلسفات والمناهج الفكرية المعتبرة وغيرها".


وأضاف "مشروع لا تتحكم فيه رؤية واحدة وأيديولوجيات ضيقة وقضايا سياسية وحزبية. مشروع يحمل نوايا صادقة تؤمن بالحوار الحضاري والتسامح والقبول بالآخر والتعايش السلمي المشترك وثقافة التنوع. إذا كان الإمام عبدالرؤوف فعلا مؤمن أن التوتر بين الغرب والمسلمين يمكن إنهاؤه في 10 أعوام كما تشير تصريحاته فهذا أفضل مشروع يبدأ فيه و"من هنا نبدأ" تيمنا بعنوان كتاب خالد محمد خالد".
والسؤال الآن هل سيقبل الإمام فيصل عبد الرؤوف بهذا الاقتراح؟

كاتب قطري يقترح تحويل مسجد "جراوند زيرو" إلى مقر لجميع الأديان

تاريخ النشر :2/9/2010 3:37 PM

واشنطن- منصور الحاج - خاص

اقترح كاتب قطري بتحويل ما بات يُعرف بمسجد "جراوند زيرو" القريب من المبنى الذي دمره إرهابيون مسلمون في أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى مقر يجمع جميع الأديان والملل. وتمنى خالد الجابر أن يقبل الامام فيصل عبد الرؤوف القائم على مشروع بيت قرطبة هذا الاقتراح "إن كان فعلا يؤمن أن التوتر بين الغرب والمسلمين يمكن إنهاؤه في 10 أعوام".

وقال الجابر في مقال بعنوان "هل يتحول مشروع المركز الإسلامي في أمريكا إلى مقر يجمع كل الديانات؟!" نشرته صحيفة "الشرق" القطرية إن اقتراحه سيساهم في تعزيز صورة الإسلام وإرساء ثقافة التسامح وسيحول الامام فيصل عبد الرؤوف إلى زعيم روحي عالمي يشار إليه بالبنان كالدالاي لاما والأم تريزا.


وجاء في المقال "لديَّ اقتراح أعرضه على الإمام عبدالرؤوف وربما هو في زيارته إلى الدوحة حاليا يسمعني عن قرب، (..) وهو أن يحول مشروع المركز إلى مقر ومسمى ومحفل عالمي، يجمع كل الديانات والعقائد والملل والأعراق اليهودية، والمسيحية، والإسلام، البوذية والكونفوشية والهندوسية والشنتو والطاوية وأصحاب الفلسفات والمناهج الفكرية المعتبرة وغيرها".


وأضاف "مشروع لا تتحكم فيه رؤية واحدة وأيديولوجيات ضيقة وقضايا سياسية وحزبية. مشروع يحمل نوايا صادقة تؤمن بالحوار الحضاري والتسامح والقبول بالآخر والتعايش السلمي المشترك وثقافة التنوع. إذا كان الإمام عبدالرؤوف فعلا مؤمن أن التوتر بين الغرب والمسلمين يمكن إنهاؤه في 10 أعوام كما تشير تصريحاته فهذا أفضل مشروع يبدأ فيه و"من هنا نبدأ" تيمنا بعنوان كتاب خالد محمد خالد".
والسؤال الآن هل سيقبل الإمام فيصل عبد الرؤوف بهذا الاقتراح؟

الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

مشروع المركز الإسلامي في أمريكا مقر يجمع كل الديانات؟!

2010-09-01
جريدة الشرق

استطلاعات الرأي مازالت تشير إلى تزايد التحيز ضد المسلمين
هل يمكن إنهاء التوتر بين الغرب والمسلمين في 10 أعوام؟

في العام الماضي دعوت مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان إلى الخروج من عقلية قاعة الفنادق الخمس نجوم، والتوجه إلى الناس في الشوارع والأماكن العامة والمحافل والتجمعات ودور العبادة، والمساهمة قي نشر ثقافة التسامح والقبول والتعايش والتراحم عمليا وليس نظريا بين مختلف الأديان والقوميات والأعراق. ولكن الحوار كان أشبه بشرح عملية التحليق في الفضاء، لأشخاص مهتمون بإعادة صناعة العجلة؟!
حوارات الأديان لم تأتي بالنتائج والثمار المرجوة منها لا في الدوحة ولا دول الخليج ولا حتى الدول الغربية والولايات المتحدة، هي ظلت محصورة في وسط نخب تتحدث مع نفسها في غرف محكمة ومغلقة ذات جدران عالية، وهاهي الاستطلاعات الأخيرة التي نشرت تدل على الخوف والرهبة والنظرة السلبية اتجاه العقائد الأخرى وغالبا ما يكون الضحية الكبرى في الحديث عن الأديان هو "الإسلام" الذي يحتل المكانة الأبرز في وسائل الإعلام العالمية ويضع بين قوسين؟! أن رئيس أكبر دولة في العالم يفقد جزءا كبيرا من شعبيته إذا تم ربط اسمه بالإسلام، وبحسب الاستطلاع الذي أجراه "منتدى بيو للأديان والحياة العامة" (Pew Research Centre)، فإن واحدا من كل خمسة أمريكيين يعتقدون أن الرئيس باراك أوباما يعتنق الدين الإسلامي، مقارنة بنتائج استطلاع آخر جرى العام الماضي، أظهر أن شخصاً من كل عشرة أمريكيين يعتقدون أن أوباما مسلماً. ومع أن الأمر ينفيه أوباما في كل مرة ويؤكد انه مسيحى ويواظب على أداء الصلوات اليومية، مع ذلك أشارت الأرقام إلى أن "36 %" من الأمريكيين الأفارقة لا يعرفون الديانة التي يعتنقها أول رئيس أمريكي من أصل أفريقي؟!
انقسام حاد أحدثته الضجة حول مشروع بناء مسجد ومركز ثقافي إسلامي على مقربة من الموقع الذي ارتكبت فيه اعتداءات 11سبتمبر 2001 في نيويورك مما يخشى من وقوع أعمال إرهابية جديدة أو أعمال عنف مستجدة؟ وهي تزامنت مع محاولة أميركي مسلم من أصل باكستاني تفجير سيارة مفخخة في تايمز سكوير، وشروع أعضاء في الكونغرس على اقتراح قانون جديد لإسقاط الجنسية الأميركية عن كل شخص يشتبه في انه على علاقة بمنظمات إرهابية وهي سابقة سببها "مسلم". الاستطلاع الذي أجرته مجلة تايم أشار إلى أن ما يقارب سبعة من كل عشرة أمريكيين يتابعون عن كثب هذه الضجة، وأن "61 %" من المستطلعة آراؤهم يعارضون بناء المسجد، كما أن "43 %" من الأميركيين لديهم آراء سلبية عن المسلمين. وزاد عليه استطلاع محطة "سي ان ان" في أن "68 %" من الأميركيين يعارضون هذا المشروع بينما يؤيده "29 %". مركز جالوب "Gallup" في دراسة استطلاعية منهجية عن الإسلام ذكر أن "63 %" من الأمريكيين يقولون إن معرفتهم بالإسلام قليلة جدا أو منعدمة، وان "43 %" من الشعب الأمريكي يعترفون بالتحيز ضد المسلمين، في حين جاء تحيزهم ضد الديانة المسيحية بنسبة "18 %" واليهودية بنسبة "%15" والبوذية بنسبة "%14". في تعليق على الاستطلاعات الصادمة وردود الأفعال السلبية أشار أحد الباحثين المسلمين إلى أن الحال الآن أسوأ بكثير جدا عنه بعد "11" سبتمبر أيلول 2001.
التحركات بعد الاستطلاعات جاءت في دعوة كنيسة متطرفة وهي دوف ورلد اوتريتش سنتر،"Dove World Outreach Center"، في ولاية فلوريدا "التي درسنا فيها مرحلة الماجستير وتتميز بالتنوع العرقي"، إلى إحراق المصاحف في الذكرى التاسعة لهجمات سبتمبر المقبل، أثناء الاحتفال بالذكرى السنوية التاسعة. وقالت إنها تسعى إلى أن تجعل من تلك الذكرى حملة كبيرة ومستمرة لوقف أسلمة أميركا. ولبى الدعوة كما يبدوا منظمة تطلق على نفسها «أوقفوا أسلمة أميركا» وهي دعت من جانبها إلى مؤتمر حاشد بنيويورك يوم 11 سبتمبر للتنديد "بالإسلام المتطرف" بالتعاون مع أنصار وناشطي حملات «حزب حفلات الشاي» "Tea Parties". الرئيس السابق لمجلس الشيوخ الأميركي نيوت غنغرتش وهو جمهوري في تعليق له على الأحداث رفض السماح ببناء المركز الإسلامي المذكور وطالب السعودية بالسماح ببناء معبد يهودي وكنيسة بجوار الحرم في مكة في المقابل. أما أبرز الحوادث جاءت في اتهام شاب "21 عاماً" بالشروع في قتل وارتكاب جرائم بدافع الكراهية ضد سائق سيارة أجرة مسلم. وهو أجرى نقاشاً هادئاً مع السائق عن الإسلام قبل أن يضربه بسكين من الخلف؟ الغريب في الأمر أن الشاب المتهم سافر أخيراً إلى أفغانستان بينما كان يعد فيلماً وثائقياً عن الجنود الأميركيين، وعمل أيضاً متطوعاً مع مجموعة في نيويورك تروج للتفاهم بين الثقافات؟! صحيفة الغارديان علقت "أن هذا الحادث نتاج طبيعي للجدل الدائر في نيويورك حول الإسلام حالياً" ، وتساءلت الصحيفة «هل اندهش أي منكم لدى سماعه بتعرض مسلم للطعن في نيويورك؟» وتضيف «من يندهش لمثل هذا الأمر كأنما كان يمشي أثناء نومه خلال الأسبوعين الماضيين».
ردود الأفعال المضادة جاءت قوية وحاسمة وهي ما يميز أمريكا عن غيرها في أوروبا وبقية والعالم فعمدة رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ رفض الهجوم وأدانه بشدة وقال هذا الهجوم يتعارض مع كل ما يؤمن به أهل نيويورك أيا كان الإله الذي نصلي له. كما دعم كل من عمدة نيويورك مايكل بلومبيرغ وديفيد باترسون حاكم ولاية نيويورك الديمقراطي، مشروع بناء المركز الثقافي الإسلامي بالإضافة إلى تصريح الرئيس الأمريكي الذي أكد حرية المعتقد التي يضمنها الدستور الأميركي عن الحق في بناء مسجد قرب موقع اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك.
مسألة أثارت الاستغراب أشارت إلى أن ديفيد باترسون قدم قطعة أرض يملكها في حي مانهاتن في نيويورك الى مشرف مشروع تشييد المركز الإسلامي الإمام فيصل عبدالرؤوف ولكن الأخير رفض العرض و"أصر" أو "الح" كما يقول الإمام العادل أقصد "عادل إمام"، على بناء المركز الإسلامي والمسجد على بعد عدة أمتار من موقع غراوند زيرو؟! وهو لو وافق لا انتهت الضجة وما تعرض أحد لطعن وجرائم عنصرية بسبب هذه الأزمة المصطنعة التي قد تسيل في سبيلها الكثير من الدماء؟! الإمام عبدالرؤوف يقوم بجولة على حساب الخارجية الأمريكية في بعض الدول العربية والخليجية منها البحرين وقطر والإمارات تهدف إلى تعزيز التفاهم بين أتباع كل الأديان في العالم لمواجهة التطرف. وهو يسعى أيضا لترويج لمشروعه والسؤال "المشروع" لو نجح مشروع بناء المركز الذي سيكلف المتبرعين ما تبلغ كلفتها الإجمالية نحو مائة مليون دولار، هل يضمن عدم إقدام أحد المتطرفين على رمي عبوة ناسفه تفجر المركز وكل ما بداخله بواسطة قنينة "كوكا كولا" ملغمة من سوبر ماركت؟! أو أن يتم اطلاق النار بشكل عشوائية من قبل متطرف يحصل على السلاح المتوفر في المتجر المجاور للمركز الإسلامي المزمع إقامته "انها نيويورك يا سيدي"؟! لماذا لم يأخذ الإمام عبدالرؤوف بقول الرسول "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" ويقوم ببناء المركز في أماكن أخرى ويجنب المسلمين خصوصا الامريكيين منهم شر المعركة التي ليس لهم فيها ناقة ولا جمل؟!
لديَّ اقتراح أعرضه على الإمام عبدالرؤوف وربما هو في زيارته إلى الدوحة حاليا يسمعني عن قرب، الأمر لو تم فعلا ستكون معركة رابحة تعزز من صورة الإسلام وترسي ثقافة التسامح ويتحول فيها هو شخصيا إلى زعيم روحي عالمي يشار إليه بالبنان أشبه الدالاي لاما والأم تريزا، وهو أن يحول مشروع المركز إلى مقر ومسمى ومحفل عالمي، يجمع كل الديانات والعقائد والملل والأعراق اليهودية، والمسيحية، والإسلام، البوذية والكونفوشية والهندوسية والشنتو والطاوية وأصحاب الفلسفات والمناهج الفكرية المعتبرة وغيرها. مشروع لا تتحكم فيه رؤية واحدة وأيديولوجيات ضيقة وقضايا سياسية وحزبية. مشروع يحمل نوايا صادقة تؤمن بالحوار الحضاري والتسامح والقبول بالآخر والتعايش السلمي المشترك وثقافة التنوع. إذا كان الإمام عبدالرؤوف فعلا مؤمن أن التوتر بين الغرب والمسلمين يمكن إنهاؤه في 10 أعوام كما تشير تصريحاته فهذا أفضل مشروع يبدأ فيه و"من هنا نبدأ" تيمنا بعنوان كتاب خالد محمد خالد.
من الأخبار التي أثلجت الصدر وأتمنى أن تحقق هذه السنة جاء بيان للمشروع الإسلامي لرصد الأهلة حول عيد الفطر، الذي حدد يوم الجمعة الموافق 10 أيلول "سبتمبر" وليس التاسع، فلا نحبذ ان يتصادف عيد الفطر هذا العام مع الذكرى السنوية التاسعة للهجوم الذي نفذه 19 شخصاً من أصول إسلامية، في 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على برجي التجارة العالميين في نيويورك. وهو الأمر الذي أثار القلق لدى المسلمين في أمريكا بشأن إقامة الاحتفالات بهذه المناسبة الدينية، تزامناً مع حزن ذوي الضحايا الذين قضوا نحبهم في تلك الحادثة المفجعة. وأتمنى من كل قلبي أن تمر هذه الذكرى بسلام دون وقوع حوادث أو ضحايا اللهم آمين.
احد الزملاء سألني لماذا كل هذا الاهتمام المستمر الذي أوليه لحوار الأديان وهو مضيعة للوقت والجهد؟! تذكرت حينها المقولة التي أشرت إليها سابقا وسأحيكها هذه المرة على شكل قصة لأختم بها. يحكى أن أحد الضفادع قذفته العاصفة بعيدا عن البحر الذي يعيش فيه. وهو يسير رأى بئر، فذهب ليشرب منها، وهناك شاهد ضفدعا آخر. سأله الضفدع في البئر من أين أتيت. فقال من البحر. فسأله وما هو البحر. فقال البحر عبارة عن مكان كبير وماء كثير. ويحلق الضفدع المولود في قاع البئر بإصبعه حلقة صغيرة في قلب البئر ويقول هكذا كبير، ويرد عليه لا أكبر بكثير. فيقوم بالتمدد قليلاً ويقول هكذا، فيرد عليه لا أكبر أكبر. فيقوم بمد جسمه كله مستخدما إصبعه على حواف عالمه وحدوده، ويسأل أهو هكذا إذاً. فيقول ضفدع البحر قلت لك إنه أكبر من ذلك وأكثر. فيجيب ضفدع البئر باستغراب ما هذا وهل أكبر وأكثر من هذا يكون؟! فيترك الضفدع البئر بدون أن يروي ظمأه وهو يصرخ قائلا "لا تتكلم عن البحر مع ضفدع يعيش في بئر ".