الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

ضبابية التعليم لمرحلة جديدة

2009-09-30

لا أريد أن أكون قاسياً في حكمي على تجربة المدارس المستقلة التي أصبحت الحديث رقم واحد في الشارع القطري بلا منازع، ولابد أن أؤكد منذ البداية أني لا أفضل عليها المدارس الحكومية التي أؤمن أنها تجربة استنفدت خياراتها المتبقية ولم تعد قادرة على أن تقدم الجديد أو أن تكون على مستوى التحدي المستقبلي، وربما جاء القرار الأخير بتحويل ما تبقى منها إلى مدارس مستقلة بمثابة المسمار الأخير في نعش المدارس الحكومية. وان كان البعض يصر على عدم دفنها أو يأمل أن تعود لها الحياة مرة أخرى ولو بمعجزة، فإنني توكلت على ربي وصليت على روحها صلاة الميت وحفرت لها قبرا في ذاكرتي كُتب على شاهده: هنا ترقد آخر مدرسة حكومية. ولكن غياب مراجعة حقيقية للسنوات الخمس الماضية من تجربة "تعليم لمرحلة جديدة" يجعلني استخدم وصفاً بديلاً يصف المبادرة بشكل أعمق إلى أن يثبت العكس؟؟!!.
في العام الماضي 2008 سجل التاريخ أجرأ مبادرة في الاعتذار تقع في العالم العربي، وجاءت من المغرب الشقيق حينما أعلنت لجنة التعليم والتكوين المختصة بمعالجة اختلالات التعليم بالمملكة المغربية أن الرتق اتسع على الدولة وفشلت في إصلاح المنظومة التعليمية، وقد قدم وزير التعليم الحالي دراسة متكاملة وإحصاءات صادمة تعكس حجم الاختلالات التي تنخر في جسد المدرسة المغربية، وتشير إلاحصاءات إلى " أن أكثر من 80 % لا يفهمون ما يدرس لهم، وتضيف أن 16 % فقط من تلاميذ الرابع الابتدائي يستوعبون المعارف الأولية لجميع المواد المقدمة لهم. وقد احتلت هذه الفئة من التلاميذ مراتب متأخرة في الاختبار الدولي للرياضيات ومادة العلوم، كما أن أكثر من نصف تلاميذ المرحلة الثانوية لم يحصلوا على الحد الأدنى من النقاط. وتناولت الدراسة ايضا وضعية المدرسين ومدى مسؤوليتهم، وخلص إلى أنهم "ضحايا ومسؤولون" في الوقت نفسه، مؤكدا أنهم بحاجة إلى تكوين مستمر وأن العاملين بالقطاع الخاص يدخلونه دون أي تكوين.
قبل نهاية العام نفسه نشرت بعض الصحف القطرية نتائج مدارس دولة قطر في اختبارات تيمز «TIMSS» التي بينت انها ضعيفة ودون المستوى في اختبارات الاتجاهات في الدراسة الدولية للعلوم والرياضيات. وجاءت نتائج الطلبة في المستوى الأدنى، بينما جاء في مقدمة الترتيب العالمي طلبة هونج كونج، وسنغافورة، وتايبيه الصينية، واليابان، وكازاخستان، وحل طلبة قطر في الصف ما قبل الأخير بالنسبة لاختبارات الرياضيات للصف الثامن، واختبارات العلوم والرياضيات للصف الرابع، وتقدموا على دولتين فقط في اختبار العلوم للصف الثامن، في الوقت الذي حقق فيه طلبة فلسطين مراتب لا بأس بها، وتقدموا على الكثير من الدول العربية.. المفارقة العجيبة أن طلبة قطر في نتائج اختبار رياضيات الصف الثامن حصلوا على الترتيب ما قبل الأخير متقدمين عن المغرب فقط؟؟!! وكان رد فعل المسئولين عن التعليم المطالبة بعدم القلق بل وضرورة أن تقبل النتائج بشكل ايجابي (جريدة العرب 2008 - 12 - 11).
في التجربة التعليمية المغربية كانت المصارحة والشفافية سيدة الموقف مما أدى إلى استنفار عام على جميع القطاعات وخصوصاً السياسية والتربوية والثقافية والاجتماعية فتم تناول الموضوع في البرلمان وأقيمت المحاضرات والندوات وورش العمل لتناقش وتطرح وتتساءل وتقدم أجوبة وحلولاً وترسم خطة وطنية يشترك في صياغتها الجميع، وتقدم البحوث والدراسات والتقارير والحوارات على الشبكة العنكبوتية والمدونات الالكترونية وصفحات التفاعل الاجتماعية. عكسها جاءت التجربة التعليمية عندنا في تقديم التبرير وإيجاد الأعذار وطرح المبررات، ولم يقدم شخص واحد أو تطرح جهة أيا كانت مراجعة حقيقية للتجربة التعليمية التي تعود إلى أكثر من 5 عقود وليس 5 سنوات؟؟!!
لقد تراوحت تجربة "التعليم لمرحلة جديدة" بين المد والجزر، فمنذ صياغة المبادرة بدأ الجميع يستمع للكلام المباح وفي حيرة يتساءل: هل صحيح ما يحدث في التعليم في قطر؟ وما هي هذه المرحلة الجديدة التي بدأ الترويج لها؟ هل هي مرحلة قديمة يتم تجديدها أم مرحلة جديدة مختلفة تماما عن سابقاتها؟ هل تتحدث بلسان عربي مبين أم هي أعجمية اللسان أم انها تجمع بين الاثنين في الإصلاح؟! وزفت الصحف ووسائل الإعلام لنا إعجاب وانبهار الوفود الزائرة من الدول الشقيقة والصديقة القريبة منها والبعيدة التي جاءت لتتعرف وتعاين وتقتبس من التجربة الرائدة، وأصبحت كلمة "الرائدة" شعاراً لمرحلة التعليم الجديدة يحاصرك أينما ذهبت وكيفما توجهت، وبدأت الرحلة، وحين دخل المهتمون بالتعليم ورجاله أرض المعركة للحصول على تراخيص، دخل بينهم المنتفعون والتجار وأصحاب المصالح الخاصة والذين ليست لهم دراية في التعليم ويعانون هم أنفسم من نقص في التربية- على الخط وبدأوا في تقديم طلبات وخطط لإنشاء المدارس بعدما استعانوا ببعض المكاتب والأشخاص من بعض الجاليات العربية والأجنبية، وحصل بعضهم على تراخيص سحبت منهم بعد ذلك بينما رُفض البعض الآخر لعدم توفر الشروط الموضوعية!!!. وعندما بدأت المدارس بدأت بجدية وعزم وتواضع وما لبث المشروع أن تحول ليضم مدرستين أو ثلاثا إلى أن غدا مجمعا كاملا. ولم يكن أغلبهم يستطيع أن يدير مدرسة ويساهم في انجاح المشروع الذي خلقت لأجله المبادرة. وعلى إثر ذلك تشكلت مجالس الأمناء بالتعيين ثم بالانتخاب لتنتهي بأسرع مما شكلت حين اكتشف أعضاؤها أنه لا دور لها ولا صلاحيات بل مجرد ديكور مكمل لواجهة المدرسة أو المجمع. ولم يعمر دور المستشارين طويلا، وأدت كثرة التغييرات والتبديلات في المستشارين إلى عدم نضوج العملية الإشرافية والرقابية وتراجعها، ودخلنا مرحلة الحروب من أجل الحصول على الكادر التعليمي لكي يصبح سلعة تباع وتشترى لأعلى سعر، وخصوصا من المدارس التي تحولت سريعا إلى مستقلة بعد حصول أصحابها على الترخيص. ورغم أن معظمهم تخرج حديثاً من الجامعة وحصل على دورة أو عدة دورات تدريبية؛ فإننا نجد انهم حصلوا على مناصب قيادية في أسرع عملية قفز على السلم الوظيفي التعليمي في العالم. وجاءت المفاجأة الكبرى بالتعامل مع المقررات ووضع المناهج الدراسية التي يجب أن تختارها كل مدرسة بما يتوافق مع رؤيتها، وبما أن هناك قصوراً في الرؤية وعجزاً في التصور، فقد تمت الاستعانة بالمقررات التي تدرس في مدارس ومعاهد بعض الدول العربية، وبالذات في الأردن ومصر ولبنان وسوريا والمغرب - أي من بعض الدول الشقيقة والصديقة التي تشاركنا في المراتب الأخيرة التي حصلنا عليها في الاختبارات العالمية!!! — لكي يتم نسخها وتصويرها وتوزيعها على الطلاب في المدارس على شكل أوراق ملازم وكشاكيل!!!، إلى أن جاء الهدهد من سبأ بالنبأ اليقين، والهدهد هنا هو المعاهد العالمية وسبأ هي المعايير الدولية التي يتم تطبيقها على الطلبة في جميع المدارس لتبين أين هو موضعنا الحقيقي من الإعراب.. بعدها اختفت الوفود وحل النقد مكان الثناء والمدح، وتراجعت الثقة في التعليم أكثر من السابق ورجعنا سنوات الى الوراء، حتى العلاقات العامة في التعليم تحولت من ترويج المبادرة إلى حل القضايا والرد على المشاكل والدفاع الضعيف عن المبادرة!!!
وآخر الأخبار التي تبشر بتعليم لمرحلة جديدة هي سياسة العصا والجزرة المستخدمة في التعامل مع إداريين ومدرسين حاليين وسابقين ومجموعة من العاملين في المدارس الحكومية للعودة إلى التدريس، هذا بعد تدريبهم بالطبع، ولكن ماذا لو أن بعضهم لا يرغب في التدريس هل نرغمه أو نطرده، وماذا عن البعض الآخر الذي لا يصلح للتدريس هل سيمنح وظيفة حكومية مكتبية أم نفرض عليه دورات تدريبية في البقية المتبقية من عمره؟؟!! والمشكلة في الدورات التدريبية التي يتم طرحها كما سمعت من أكثر من مصدر أنها روتينية مكررة ومملة ولا يوجد فيها تفاعل وحركة وتميز، لذا تجد المشارك غير متحمس ولا جاد وليس فاعلا أو راغبا في اكتساب المعرفة والاستفادة والتعلم.
لا نخفى أن هناك إحباطاً شديداً وخيبة أمل في المخرجات التعليمية على كل الأصعدة، ابتداء من التحصيل العلمي للطالب مرورا بوضع وصياغة المناهج الدراسية، وليس انتهاء بطريقة التدريس وكفاءة القائمين عليه. ومن الواضح ان تجربة "التعليم لمرحلة جديدة" قائمة على التجربة والخطأ!!! ففي كل سنة تطبق تجربة جديدة لا علاقة لها بسابقتها، والطلبة هم حقل التجارب والمعلمون دائما في قفص الاتهام، فهم ضعفاء ولا يمتلكون المهارات ولا يطورون من ذواتهم.. ولا يواكبون التطور والتغيير، بل يقاومونه. لكن من أين نحصل على البديل وعلى المعلم المثالي!! وفي غياب البديل نعود إلى الحلقة المفرغة والدائرة المغلقة لنصل الى نفس النتائج بأن نحصل على المراتب الأخيرة في التحصيل العلمي، حتى الدول التي ساعدناها في بناء مدارس ومعاهد تعليمية حصلت على مراتب أفضل منا!!!!
ما اخشاه من النظام التعليمي لدينا أن يعمل تحت افتراض واحد، وهو أن هناك طريقة واحدة صحيحة فقط لعمل أي شيء بما في ذلك التحصيل العلمي في المدارس ويشدد على عملية التدريس أكثر مما يركز على عملية (التعليم). فنظامنا التعليمي وخصوصا في ظل تلك النتائج المؤلمة يصلح لتخريج موظفين يعملون في الوظيفة الحكومية وليس قادة للمستقبل، والخوف أن يأتي على المبادرة زمان لا نستطيع أن نفرق فيه بين المدارس المستقلة والمدارس الحكومية، بل يصبح الأمر مجرد تغيير مسميات وتصبح ثمرة النظام التعليمي والموارد التي بذلت فيه عبارة عن خريج كان تلميذاً صغيراً يحمل حقيبة على ظهره كلَّ صباح، ويعود بها بعد الظهر، ولم يتغيَّر شيء سوى حصوله بطريقة أو بأخرى من هذه الجهة أو تلك على وريقات جرى العرف على تسميتها "شهادات" ولم يعد لأغلبها أي مدلول علمي أو مهني يذكر، لذلك أرى أن المرحلة التعليمية التي نمر بها "مرحلة ضبابية"، ولا يعود السبب فيما يبدو إلى المشروع نفسه ولكن الى تطبيقاته على أرض الواقع التي لم تستطع حتى الآن تحقيق أهدافه ولا مواكبة الرؤية التي بشر بها أصحابه في الأصل. وأتمنى أن أكون مخطئا، ويبقى الزمن وحده كفيلاً بإثبات ذلك أو نفيه..

خــــالـــد الجــابــر
Aljaberzoon@gmail.com
Aljaberzoon.blogspot.com

الجمعة، 25 سبتمبر 2009

المدونون العرب وصناعة الثقافة الجديدة

2009-09-24
هل يمهد المدونون العرب الطريق لولادة ثقافة جديدة بمدوناتهم على الإنترنت؟
ما هذه الثقافة وهل هي مختلفة عن المشهد القائم حاليا في العالم العربي؟!!
38 مليون مدونة على الشبكة العنكبوتية نسبة العربية منها 0.7%
84 مدونة تطلق كل دقيقة في العالم واليابانيون في صدارة المدونين
مصر في طليعة المدونين العرب ثم السعودية فالعراق
200 مليون دولار إيرادات المدونات العالمية من الإعلانات
المدونات العربية تحظى باهتمام 38% من مستخدمي الانترنت
مصطلح (blog) هو إدغام لعبارة (weblog) التي تعني مدونة الكترونية، أول من استخدم مصطلح (blog) هو جورن بارغر (Jorn Barger) في 1997، وكانت البدايات عبارة عن كتابات مذكرات أو مفكرات شخصية الكترونية، بحيث يقوم المستخدم بإنشاء موقع خاص به على شبكة الانترنت يسطر فيه ما يشبه المذكرات، اليوميات، الخواطر، والتعليقات المختلفة ويضع فيه صوراً أو رسوماً أو أشرطة فيديو ويحدِّثه باستمرار وتكون فيه عادة روابط لمدوّنات وعناوين لمواقع أخرى. وما لبثت ان تحولت الى وسيلة إعلامية وإخبارية تهتم بجميع الجوانب الإنسانية وتحاول ان تكون من أهم الوسائل الإعلامية متعة وفائدة وسهولة وانتشارا وإرساء لحرية التعبير عن الرأي وبأرخص التكاليف.
يقدر عدد المدونات العربية والتي أنشئ اغلبها في عام 2006م بنحو 490 ألف مدونة بنسبة لا تتعدى 0.7% من مجموع المدونات عالميا ضمن ما يزيد على 38 مليون مدونة تضمها شبكة الانترنت حاليا بما يعادل 84 مدونة يتم إطلاقها في الدقيقة الواحدة وهو ما يعنى إنشاء 1.4 مدونة كل ثانية. وتحتل اللغة اليابانية الصدارة في عالم التدوين، حيث تستحوذ على 25.9 مليون مدونة بنسبة تصل إلى 37% من مجموع المدونات العالمية، تلي ذلك المدونات التي تستخدم الإنجليزية بنسبة بلغت 36%. وقُدّر مجموع إيرادات المدونات بـ 36 مليون دولار في عام 2008 ويتوقع أن تبلغ إيرادات المدونات من الإعلانات التجارية بحلول عام 2010م حوالي 200 مليون دولار حسب شركة "بي كيو للاستشارات" الأمريكية. وقد انتشرت المدونات في الجيل الجديد من الشباب في العالم العربي أكثر من غيره، حيث اعتبرت كصحافة بديلة لجيل الانترنت ممن صارت وتيرة حياتهم أسرع وصبرهم على القراءات الطويلة قليلاً وممن اعتادوا "البلوغز" وأسلوب كتابتها غير الرسمي والمتحرر من أي قيد بجمله القصيرة وروابطه الكثيرة مع مواضيع وعناوين أخرى. والجدير بالذكر ان المدونات العربية كانت احد الأسباب الرئيسية التي دعت شركة ياهو! إنك (Yahoo! Inc). (المدرجة في سوق الأسهم المالية نازداك YHOO) بان تقوم بإبرام اتفاقية للاستحواذ على الموقع العربي مكتوب.كوم (Maktoob.com )، الذي يضم أكثر من 16.5 مليون مستخدم، وجرت الصفقة منذ عدة أشهر مضت.
في شهادة عن الدور الذي بدأت تلعبه المدونات العربية في المشهد الثقافي العربي خصصت الكاتبة باولا كاريدى في كتابها الذي يحمل عنوانا تهكميا هو «العرب المخفيون — كتالوج تحليلي للعرب الذين لا نعرفهم والذين ليسوا إرهابيين»، فصلا كاملا للحديث عن المدونين العرب.. وقد أشارت فى حوارها مع جريدة الشرق الأوسط في يناير 2008 إلى أنها خصصت فصلا كاملا عن المدونين والتدوين عبر الانترنت بوصفه موجة جديدة يعيشها العالم العربي. وقالت: حاولت أن اصف طبيعة عملهم ونشاطهم الذي يذكرني بنشاط الشباب الأوروبي في شرق أوروبا قبل عام 1989 إبان الحكم الشيوعي. ولم يكن الانترنت موجودا في العالم آنذاك. غير أن هؤلاء الشباب كانوا يستخدمون الأوراق والآلة الكاتبة في طبع ونسخ المنشورات والكتب في منازلهم ثم يقومون بتوزيعها بعد ذلك على أفراد الشعب. أعتقد أن العالم العربي يشهد ظاهرة مماثلة على اختلاف مستوياتها وأدواتها. إن المدونين العرب يستخدمون الانترنت في محاولة منهم لتغيير الواقع المعاش، كما يحاولون إظهار الوجه الإنساني للعالم العربي في مواجهة النمطية الأوروبية عن الشرق المسلم. فهؤلاء المدونون يدركون تماما كيف ينظر الغرب إليهم ويحاولون تغيير هذه الرؤية عبر استخدام لغة محتليهم السابقين، فهناك عشرات المدونات العربية التي تستخدم اللغتين الإنجليزية والفرنسية على شبكة الانترنت.
شهادة أخرى أشارت إليها صحيفة "ذي ناشونول" (The National) الإماراتية في سبتمبر 2009 في عرضها لدراسة أنجزها "مركز بيركمان للإنترنت والمجتمع" التابع لجامعة هارفارد الأمريكية حول خريطة التدوين العربي (الدراسة منشورة على موقع ميدل ايست اون لاين middle — east — online). وهدفت الدراسة إلى التعرف على الموضوعات التي تتعامل معها المدونات العربية في منطقة الشرق الأوسط، ومدى علاقتها بقضايا المنطقة السياسية والدينية والثقافية والإعلامية والشؤون الدولية، وغطت الدراسة حوالي 35 ألف مدونة، حيث استعان المركز بمجموعة من الباحثين العرب لرصد المدونات. وصنفت الدراسة المدونات حسب الدول، فوجدت أن مصر تأتي في مقدمة عدد المدونات، وتأتي السعودية في المركز الثاني حيث يهتم المدونون السعوديون بالتكنولوجيا وتطبيقاتها وتشكل نسبة النساء النسبة الأعلى في التدوين، ثم يأتي العراقيون في المرتبة الثالثة.
وكانت أكثر الموضوعات تداولا في المدونات العربية تلك التي تتعلق بالحب والعمل والعائلة، وفي المقام الثاني تأتي السياسة الوطنية، وفندت الدراسة الاعتقاد السائد بأن الانترنت يعد منبراً مهماً للتنظيمات الإرهابية، مشيرة الى أن المدونين العرب منشغلون بموضوعات أخرى يعتبرونها أكثر أهمية كالنقد لقضايا المجتمع الجوهرية والقضايا الأسرية والعاطفية ومشاكل الحب والعائلة، أما الذين يؤيدون الإرهاب فاقل من واحد بالمائة. وقال بروس إيتلينغ، وهو أحد القائمين على الدراسة "نحن أنفسنا أصبنا بالدهشة لعدم وجود مدونات تدعم الإرهاب والجهاد". ويتناول المدونون الدين بشكل شخصي بعيداً عن الإسلام السياسي، وقضايا حقوق الإنسان حيث يكثر النقد لثقافة الغرب وقيمه، والمدونون العرب يستنكرون الإرهاب بشدة، وهي إحدى النتائج الإيجابية التي كشفت عنها الدراسة، ولا يهتم المدونون العرب بالحديث عن الولايات المتحدة كثيراً، لكنهم إن تناولوها فهم دائمو النقد لها.
وفي دراسة أعدها الباحث الدكتور مصطفى سالم في (2006)، بدا ان المدونات تحظى باهتمام 38 بالمائة من مستخدمي الانترنت في الوطن العربي وان نصف هذه النسبة يتابع المدونات بشكل يومي وما يزيد بقليل على ثلث هذه النسبة يعتبرها مصدرا مهما لكن ليس وحيدا لمعلوماته. وذكر الباحث أن مدونات الخليج العربي تعد الأقل رواجا بينما تعد المدونات الأكثر رواجا بين العراقيين مرورا ببلاد الشام ومصر وليبيا والجزائر والمغرب، ويصف الباحث على مدونات المغرب ومصر والعراق والجزائر والأردن وليبيا وسوريا بالمدونات الجاذبة للقراء. ويؤكد الباحث أن مدونات المبدع سواء كانت شعرية، أو قصصية، أو فنية بمختلف الفروع والصنوف لا تشكل إلا اقل من واحد بالمائة من المدونات العربية. على الرغم من أن المدونات تنتشر بسرعة داخل القراء العرب، ولا يخضع نشر النصوص لمزاج الصحف والمجلات وسياستها. الجدير بالذكر أن الكثير من المدونات العربية بدأت تدخل في المسابقات العالمية للتدوين والعديد منها حصل على مراكز متقدمة (انظر الجدول الذي يبين أفضل عشر مدونات شخصية مستقلة في العالم العربي).
إذا، فالظاهرة التي بدأت تجتاح العالم العربي من محيطه إلى خليجه تكبر يوما بعد الآخر، إلا أن صداها الواسع ومفهومها البعيد لم يصلا بعد لقلوب وعقول الكثير في مجتمعنا، ولقد أتيحت لي الفرصة أن أتتبع بعض المدونات التي تسطر بأقلام قطرية وقارنتها باخواتها من المدونات الكويتية والبحرينية والإماراتية ووجدت أن البون شاسع واقل وصف يطلق عليها أنها غير مشجعة ومخيبة للآمال ولا تعكس حتى ربع ما يجري في المجتمع من حراك وتغيير، ولو افترضنا أن عدد سكان قطر 200.000 يعيش كل 100 شخص في مجلس وقام الأشخاص في هذا المجلس بإنشاء مدونة على الانترنت لحصلنا على 2000 مدونة، ولنكن متواضعين فلو حصلنا على عدد عشرين مدونة تسطر من قبل بعض المجالس القطرية التي لا تشبع من التنظير وإصدار الأحكام المسبقة وحل مشاكل العالم باستثناء مشاكلها هي لوجدنا العجب، ولكن أسمعت لو ناديت حيا، لذلك أرى انه من الضروري أن تعمد المؤسسات الإعلامية والصحفية في قطر إلى استيعاب هذه الظاهرة من خلال برامج تدريب وورش عمل للمهتمين بالتدوين وتوفير مساحات لنشر إنتاجهم من القصص والصور والفيديو، بل ان تقوم بإنشاء صفحات تفاعلية مع القراء وهو الأمر التي سبقتنا اليه صحف ووسائل إعلام في دول الخليج ومازالت غائبة في إعلامنا وصحافتنا. بقي أن أشير إلى أن هناك 3 مدونات قطرية رائدة أحب أن أتابعها باستمرار واعتقد جازما أنها إن استمرت متميزة وصاعدة لخمس سنوات قادمة فستغير المشهد الثقافي والإعلامي في مجتمعنا والى الأبد.
أفضل عشر مدونات شخصية مستقلة في العالم العربي :
1
مدونة الدكتور ياسر ثابت
yasser — best.blogspot.com
2
أمواج اسبانية في فرات الشام
syriangavroche.com
3
مدونة أحد
o7od.blogspot.com
4
مدونة أسامة الرمح
osamaa.com
5
مدونة سردال
serdal.com
6
مدونة رشيد
rasheed — b.com
7
مدونة ما بدا لي
mabadali.blogspot.com
8
مدونة إيجي — مصر
egymasr.com
9
مدونة مدوّنون
bloggers.dwwen.com
10
مدونة يوسف منصور
yousef.ws

السبت، 19 سبتمبر 2009

الإعلام الجديد وصحافة المواطنين في العالم العربي


2009-09-16
تساؤلات حول أزمة الثقة بين الجمهور والصحافة العربية صحافة المواطنين مولود عالمي جديد يقلب المفاهيم رأسا على عقب أباطرة الصحافة العالمية أقروا بنجاح تجربة صحافة المواطنين تعثر المحاولات وتأخرها لن يمنع بزوغ فجر جديد للصحافة هل ستنتظر الصحافة مائة عام لكي يتغير واقعها وتتفاعل مع الناس؟ تجربة الموقع الالكتروني الكوري كرست نجاح فكرة كل مواطن محرر لماذا أصيبت تجربة صحافة المواطن في قطر بعدوى الصحافة التقليدية؟ خالد الجابر: هل الصحافة ناد خاص محصور في مؤسسات معينة تنشأ بقرار وتحل بقرار، لها توجهات معينة وأجندات معلنة ومخفية ولديها أهداف بعيدة المدى وقريبة وهي تهتم بالربح وجني الأرباح أكثر من صناعة الوعي في المجتمع ومحاربة الفساد والقيام بدور الرقابة لذا يطلق عليها السلطة الرابعة؟؟!!. وهل المسؤولون في الصحيفة هم مجرد أشخاص موظفين معينين وليسوا محترفين لهم مصالحهم الخاصة ويكمن عملهم في تنفيذ الأجندات والأهداف التي وضعت لهم ومن يخرج منهم عن المسار فهو مطرود أو معزول أو مهمش؟؟!!. في العالم العربي كل الأسئلة قابلة للطرح، وكل الأجوبة التي تحمل في طياتها جانباً من نظرية المؤامرة تنتشر كالنار في الهشيم؟؟!!. ما نستطيع أن نجزم به أن هناك أزمة ثقة ما بين الجمهور والصحافة في العالم العربي، فالصحافة تشتكي من غياب العناصر الفاعلة من الجماهير التي تستطيع أن تفرض التغيير والتجديد والتطوير في المجتمع لكي يأتي دورها بعد ذلك في تغطية الأحداث ونشر المعلومات والقيام بأدوارها الأخرى، فهي أولا وأخيرا أشبه بمرآة عاكسة لوجه المجتمع. والجمهور بدوره يعتقد أن الصحافة لا تلعب الدور المنوط بها من ممارسه عملية النقد وتفعيل الجانب الرقابي والمساهمة في رفع سقف التعبير والحريات وإشاعة ثقافة الرأي والرأي الآخر المخالف في المجتمع. مرة أخرى تشتكي الصحافة من سياسة حجب المعلومات ووجود تشريعات صحفية معوقة للعمل الصحفي وفرض الرقابة بأشكالها المختلفة والاستدعاءات والاستجوابات الأمنية مما يترتب عليه حبس الصحفيين أو دفعهم لغرامات باهظة في العديد من الدول العربية، بالإضافة إلى الاعتداءات الإجرامية المسلحة التي تستهدف الصحفيين ومساعديهم بالقتل أو الخطف أو الاعتداء أو الابتزاز، هذه الحالة تعيشها الصحافة العربية وهي ما زالت مستمرة منذ انطلاقتها قبل مائة عام.... والسؤال هل سيستمر الوضع كما هو عليه دون أي تغيير إلى مائة سنة أخرى قد تأتي أو لا تأتي؟؟!!. دعونا نتفاءل... وكما يقال فإن "الماضي تاريخ والمستقبل مجهول واليوم نعمة"... ورغم أن الغد قد يحمل لنا الكثير من المفاجآت التي لم ولن تكون على البال، إلا أن اليوم أيضا يحمل في طياته الكثير من التغيير لو أحسنا التعامل معه، فهناك مولود عالمي لا يزال في طور النمو ويوماً بعد يوم تتضح ملامحه ومعالمه وتأثيراته الواسعة النطاق، والمراهنة عليه كبيرة في قلب المفاهيم والتصورات التي تعلمناها وورثناها وعرفناها عن الصحافة التقليدية، وقد أطلق عليه لقب صحافة المواطنين (Citizen Journalism )، ولا يحتاج المواطن التابع لدولة صحافة المواطنين غير الهاتف الجوال (A mobile phone 3G) ليتوجه إلى موقع الحدث ويقتنص الأخبار ويقوم بالتصوير ويعمل اللقاءات ويرسل لقطات الفيديو إلى الانترنت ويتحول إلى صحفي محترف. صحافة المواطنين تعني أن بإمكان أي شخص في أي مكان في العالم أن يكون إعلاميا ينقل ما يراه ويشاهده دون حاجة لأن يحمل شهادة في الصحافة والإعلام أو أن ينتمي لمؤسسة أو منظومة إعلامية. لقد أتاحت صحافة المواطنين الفرصة أمام كثير من الناس في أرجاء العالم لنشر الأخبار وتوضيح الحقائق ونشر المعلومات بدون أي رقابة مسبقة أو ملحقة. ولن نستشهد فقط بالغرب أو الولايات المتحدة الأمريكية التي انتشرت فيها صحافة المواطنين بشكل كبير بل سنتوجه إلى قارة آسيا التي هي جزء منا وبالتحديد إلى كوريا الجنوبية، التي يوجد بها الموقع الإخباري الإلكتروني (ohmynews.com) والذي يختتم عامه التاسع منذ انطلاقته في عام 2000، وتعتمد فكرة الموقع على إلغاء وظيفة المحررين والصحفيين، ليكون القراء هم من يحررون الأخبار ويرسلون المقالات وهم من يقرأونها ويقيمونها، وهناك مايقارب "60 ألف مواطن مراسل" تتراوح أعمارهم ما بين الـ 10 أعوام والـ 80 عاما يساهمون في الكتابة وتزويد الموقع بالأخبار، وهناك ما لا يقل عن 100 ألف شخص في كوريا الجنوبية يقرأون ما في الموقع في أي وقت من اليوم، لذلك لم يكن مستغربا أن تكتب عنه صحيفتا الـ «نيويورك تايمز» والـ «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكيتان، وأن تعد عنه قناة الـ «سي إن إن» تقريرا تلفزيونيا مطولا. وكانت الـ «نيويورك تايمز» وصفته بأنه الموقع الإخباري الأبرز خصوصا بعد تغطيته المميزة لمظاهرة «المليون شخص» عام 2004، كما كتبت عنه صحف عربية كصحيفة الشرق الأوسط. وقد وصل تألق الموقع ومؤسسه على الساحة العالمية الذروة في 2007، عندما منحت كلية ميزوري للصحافة المشهورة في الولايات المتحدة، ومؤسس الموقع (أو يون — هو) ميدالية الشرف للخدمة المُميزة في الصحافة (تقديراً لجهوده الرائدة في تحقيق انخراط المواطنين كصحفيين). ولهذه الجائزة تاريخ يفوق السبعين عاماً، وبين الذين فازوا بها بعض أشهر المؤلفين والصحفيين المرموقين في الصحف والإذاعات والتلفزيون في العالم. وقد اخترت الحديث عن هذا الموقع بالذات لان إحدى الجوائز التي يخصصها الموقع لأفضل تغطية إخبارية لعام (2009) ذهبت إلى احد مراسلي الموقع ذي الأصول المسلمة. النجاح الذي حققته صحافة المواطنين في أرجاء العالم المختلفة دفعت عددا من الصحف الأمريكية في بعض المدن والضواحي خصوصا بعد الأزمة المالية وما صاحبها من عجز في السيولة المادية ونقص في الإيرادات الإعلانية وتدهور التوزيع بالإضافة إلى الديون والالتزامات، إلى أن تتحول من الإطار التقليدي المعروف إلى إتباع نموذج صحافة المواطنين لكي تستمر، ولاشك أن صحافة المواطنين تكتسب يوماً بعد آخر موقعا جديدا يعزز من مكانتها ويقوي من مركزها في أن تصبح عنصرا فاعلا كوسيلة إعلامية سواء ارتبطت بالأطر التقليدية المتعارفة أو انقلبت عليها. في مجتمعنا القطري جرت عدة محاولات اعتبرت أشبه ببدايات لا بأس بها لتأسيس صحافة المواطنين إلا أن الكثير منها إما توقفت أو في طريقها إلى التوقف فهي لم تتطور أو ترتق مع مرور الزمن وظلت تراوح مكانها بطرح الأفكار المتواضعة والمعلومات غير الدقيقة والأخبار المستهلكة وتحولات مع الأيام لمجرد ناد خاص أو منتديات عامة مقتصرة على عدد معين من الأعضاء والمنتسبين لها أو عبارة عن مدونات شخصية والقاسم المشترك أن انتشارها في المجتمع محدود ونسبة تأثيرها قد لا تذكر. ويحضرني عدة مواقع على الشبكة الالكترونية بذلت جهودا لا بأس بها في تمهيد الأرضية لظهور صحافة المواطنين في مجتمعنا أهمها موقع شبكة الأسهم القطرية، وموقع إخبارية قطر إلا أن الأول لم ينتقل إلى مرحلة متطورة في ظل مخالفة جوهرية لمبدأ التطور والتغيير، والثاني كما علمت توقف إلى الأبد نتيجة لظروف أتصور أنها واهية. إذا لماذا نجحت المحاولات التي بذلت في الخليج والعالم العربي والدولي في الاستمرار والنمو بصحافة المواطنين بينما توقفنا نحن وراوحنا مكاننا... وهل الانتقادات التي وجهت للصحافة التقليدية من قبل بعض النخبة والجمهور ابتلي فيها أصحابها عندما أتيحت لهم الفرصة أن يؤسسوا صحافة بأنفسهم؟؟!! بقلب مؤمن أقول إن الزمن لن يتوقف هنا ورغم تأخر المحاولات الجريئة وتعثر ومغيب الأخرى إلا أن الزلزال الكبير في زمن الإعلام الجديد في العالم العربي لم ينفجر بعد وقديما قالوا إن أحلك ساعات الظلمة تلك التي تسبق بزوغ الفجر.

الاثنين، 7 سبتمبر 2009

قافلة الصحافة القطرية إلى أين؟!....

هل مازلنا نذكر المقولات الجميلة التي كنا نرددها عن الصحافة في مناسبات مختلفة على شاكلة (من قال حرية قال تعددية، هذا هو التعبير الصحفي العام)، (الصحافة حرية وأخلاق وفن، وصوت الحياة الذي يصل إلى أذن الحياة)، (الصحافة هي السلطة الأولى وليست الرابعة ) ، (كلمات الصحافة فتات يتساقط من مائدة الفكر)، و (مات الجهل بميلاد الصحافة) وكلمة توماس جيفرسون "Thomas Jefferson " الشهيرة: (لو أنني خُيرت بين أن تكون لدينا حكومة بدون صحافة أو صحافة بدون حكومة، لما ترددت لحظة في تفضيل الخيار الثاني). وهل ما زالت القناعة حاضرة بأن الصحافة في العالم العربي اليوم لا تزال تتمتع بنفس المكانة التي كانت تحظى بها في الزمن الماضي الجميل، الحقيقي منه أو المزيف؟؟!!.
اليوم لم يعد العالم كما كان قبل 20 سنه. فهناك أحداث كثيرة وقعت وأمور كثيرة تبدلت ودخلنا عصر العولمة، واجتاحتنا ثورة المعلومات، وغزت سمانا القنوات الفضائية، وجرفتنا سيول ‏الانترنت معها ولا نعرف متى وأين وكيف نقف؟!. وفي خضم تلك الأحداث الجسيمة لم يصل التغيير الجوهري إلى قلب وعقل الصحافة العربية، حتى حين تغيير شكلها وتبدل لونها، فهي لم تتمكن من الارتقاء إلى مستوى التحدي و المنافسة وفشلت في تقديم محتوى ومضمون متقدم وفاعل قادر على الإقناع والتأثير لا على المستوى القُطري ولا العالمي !!
واقع الصحافة في العالم العربي يدعو إلى الحزن، لذا أُطلق عليه البعض "زمن أحزان صاحبة الجلالة"، فقد أكد تقرير التنمية البشرية الذي يصدر عن الأمم المتحدة أن الصحافة والإعلام العربي، ووسائط النفاذ إليه وبنيته التحتية ومضمونه، "تعاني الكثير بشكل عام، مما يجعلها دون مستوى تحدي بناء مجتمع المعرفة. إذ ينخفض عدد الصحف في البلدان العربية إلى اقل من 53 لكل 1000 شخص مقارنة بـ 285 صحيفة لكل 1000 شخص في الدول المتقدمة. فالصحافة في أغلب البلدان العربية تحكمها بيئة تتسم بالتقييد الشديد لحرية الصحافة والتعبير عن الرأي، وتكشف الممارسات الفعلية في كثير من البلدان العربية عن انتهاكات مستمرة للحريات الصحفية والتضييق والعقوبات والتهديد، بالإضافة إلى الخطوط الحمراء، التي لا يجب حتى التفكير بالاقتراب منها. لقد تحولت بعض المؤسسات الصحفية في العالم العربي إلى جهاز إعلامي ليست له علاقة بتنمية الفرد وتنوير الرأي العام والكشف عن الفضائح والفساد والتجاوزات بل إلى وسيلة لإخفاء الحقائق والتبرير والتلاعب بالعقول وفبركة واقع مزيف لا علاقة له بالواقع في المجتمع.
ورغم ذلك، فقد ظلت هناك استثناءات في بعض الدول العربية تحاول في الصحف أن تكسر الدائرة المغلقة التي تطوقها لتنطلق وتلحق بركب التغيير والتجديد والتطوير، وهذا يدعونا إلى أن نلتفت لوضع الصحافة في مجتمعنا القطري بعد أكثر من ثلاثة عقود لنراجع تجربتنا ونتفحص الأرضية التي نقف عليها ونقوم بإصلاح الخلل وتقويم الاعوجاج والانطلاق بخطوات ثابتة و مدروسة نحو المستقبل، متسلحين بقناعة أن مجتمعنا الصغير يستطيع أن يكون نموذجاً يحتذى به في المنطقة. والحديث عن المراجعة يأخذنا بالضرورة لمعرفة أين نقف، وكيف نسير, والى أين نتجه، ولكي تتضح الصورة بشكل أفضل دعونا نطبق المنهج العلمي لنحدد موضع الخلل.
بيت الحرية (Freedom House) وهي منظمة مقرها مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية تم إنشاؤها عام 1941 ، مختصة بإصدار تقارير سنوية ومعلومات وإحصائيات حول واقع الحريات وخصوصا الصحافة على المستوى الدولي، وعلى المستوى الإقليمي، وتقارير تفصيلية عن كل بلد من بلدان العالم وهي تتمتع بثقة ومصداقية كبيرة. والمتابع للتقارير التي تصدرها المنظمة سيلاحظ أن الصحافة في مجتمعنا حققت مستويات متقدمة في التقارير التي تناولت تقييم الصحافة في العالم العربي من عام 1995 إلى عام 2002، وقد حصلنا على المرتبة الثالثة في 2003 على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويعود ذلك إلى عدة متغيرات أهمها رفع الرقابة الحكومية المباشرة عن الصحف اليومية، وإلغاء وزارة الإعلام، وارتفاع سقف الحرية والتعبير والانفتاح على القضايا المصيرية على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي وطبعاً إنشاء محطة الجزيرة.
إلا أن المفاجأة تأتي بعد ذلك بسنوات معدودات ليتراجع التقييم سنة بعد الأخرى وصولا إلى اليوم، ففي تقرير عام 2005 تراجع التصنيف إلى المرتبة الخامسة وبعدها بـ 3 سنوات عجاف تحول التصنيف من المرتبة الخامسة إلى السابعة في عام 2008 ، وإذا استمر الحال على ما هو عليه فمن ألمتوقع أن يتراجع التصنيف في 2009 والذي ستظهر نتيجته في نهاية السنة إلى مرتبة متأخرة، خصوصا في ظل بروز تحسن كبير في المحتوى والمضمون وسقف الحريات الذي تقدمة الصحافة في بعض الدول العربية بشكل عام، والدول الخليجية بشكل خاص، وأهمها الصحافة في مملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة. (انظر الجدول الذي يصنف الصحافة في الدول العربية حسب المنطقة الجغرافية والنسبة التي حصلت عليها كل دولة)

أشار تقرير المنظمة إلى أنه على الرغم من انتشار وسائل الإعلام وشبكة الإنترنت بصورة واسعة في دول هذه المنطقة التي منها دولتنا، إلا أن الإعلام فيها لا زال مقيداً ومستوى الحرية تراجع فيها بشكل كبير. لكن هذا ليس كل ما عرض، فالصحافة في مجتمعنا تعاني، إذ لا يوجد قانون عصري يرفع من سقف الحريات ويرسي تعددية لإصدار صحف جديدة تنافسية وينظم العمل الصحفي، فلا زال قانون المطبوعات والنشر هو المعمول به منذ أكثر من 30 سنة، و هو متمركز على العقوبات والغرامات والحبس، كما لا يوجد ميثاق للصحافة و لا دليل للعمل الصحفي يسترشد به العاملون فيها، ولا توجد مظلة للصحافيين تجمعهم تحت جمعية أو نقابة، بل أصبحت الرقابة الداخلية للمسئولين في بعض الصحف والخطوط الحمراء لا عدّ لها ولا حصر، وباتت الاستقلالية والتبعية والمصداقية تثير العديد من الأسئلة منذ حل وزارة الإعلام قبل 11 سنة.

الأمر بات يقتضي مراجعة جذرية لوضع الصحافة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، ومن هذا المنبر فإنني أدق الأجراس و أدعو إلى حوار وطني يتناول التحديات ويطرح العلل والمشاكل ويقدم حلولاً حقيقية للتغيير قابلة للتنفيذ اليوم قبل الغد، وأرى أن من الضروري طرح إستراتيجية مستقبلية وخطة عمل سنوية ترسم الدور الذي يجب أن تلعبه الصحافة في البناء والتنمية والاستقرار خلال الخمس سنوات القادمة وإلى عام 2015. وما نحتاج إليه لتحقيق ذلك هو رفع سقف حرية الإعلام بشكل عام والصحافة بشكل خاص لتكون أداة للنهوض برسالة الوطن والمواطن، ولتكون أداة في خدمة الاقتصاد الوطني، وتستخدم في الرقابة الشعبية وترفع من حرية التعبير والحوار والنقاش وتقديم المعلومات والحقائق، وتطرح الآراء والأفكار الجريئة والقضايا المصيرية بشفافية ووضوح ومسئولية، وتساهم في التنمية والتطوير والتحضر والتحديث والتقدم ومواكبة النهوض الاجتماعي والتغير الثقافي بكافة أشكاله وأنواعه... اللهم قد بلغت اللهم فاشهد....

جدول تقييم وضع الصحافة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2008
Rank (التصنيف)
Country (الدولة)
Rating (النسبة)
1
Kuwait
54
2
Lebanon
55
3
Egypt
59
4
Algeria
62
5
Jordan
63
6
Morocco
64
7
Qatar
64
8
United Arab Emirates
68
9
Iraq
69
10
Bahrain
71
11
Oman
71
12
Yemen
78
13
Saudi Arabia
81
14
Tunisia
81
15
Syria
83
16
Palestinian Authority
84
17
Iran
85
15
Libya
94

خــــالـــد الجــابــر
Aljaberzoon@gmail.com
=================================================================