الأربعاء، 28 أبريل 2010

شبح (المكارثية) الطراثيث والوحدة الوطنية

عالم اليوم الكويتية

حتى بعد خمسين سنة مضت، ما زال الأميركيون يتساءلون كيف استطاع جوزيف مكارثي (Joseph McCarthy) مصادرة شعار الوطنية، وحشر المجتمع في زاوية ضيقة، وتصنيف الناس وتوجيه التهم على نطاق واسع بدون أدلة، ما دفع العشرات من المثقفين والفنانين والكتاب الأميركيين إلى الهجرة أو الانزواء بعيدا عن خطر الاعتقال. والجواب هو الخوف؟! ..
بدأت المكارثية كحملة تبريرية على الشيوعية ساندها المحافظون الذين يعتقدون أنهم أبناء البلد الحقيقيون وأن غيرهم هم الدخلاء والأجانب الذين يسعون إلى سرقة ثروات البلد، ويحاولون السيطرة على الحكومة والبرلمان، ويقومون بنشر الأفكار الهدامة، لتتطور الاتهامات من الشيوعيين إلى اليساريين و الليبراليين والإصلاحيين والنقابيين وكل من يسعى إلى التغيير و إصلاح ظروف العمل وتقليل الفوارق بين الطبقات، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الولايات المتحدة ؟!. لقد نجح مكارثي في جعل الرأي العام يعتقد أن كل المشاكل التي تعاني منها الدولة تعود لهؤلاء (الهيلق والطراثيث و البياسر)؟!
انتشرت تلك الادعاءات والاتهامات كالنار في الهشيم ، وتأثر بها ملايين الناس في كل مكان، وطالت شظاياها أساتذة الجامعات والفنانين والصحفيين والإعلاميين ورجال الدين. وقامت بعض المؤسسات الحكومية والخاصة حتى تثبت ولاءها ووطنيتها (Patriotism) بوضع أسماء المتهمين من الهيئات والجماعات والشخصيات في قائمة سوداء عممت وكأنها “البيان رقم واحد”، وبسبب هذا القائمة السوداء تم طرد العديد من وظائفهم وباتوا بين عشية وضحاها ضحايا يفترشون الشوارع؟!.
دشن مكارثي عصرا جديدا من القلق والخوف والكذب الوهم والكراهية والمؤامرات أطلق عليه “المكارثية” (McCarthyism) ، وظل كالفرعون يعيث في الأرض فسادا تسانده حبال السحرة وعصيهم في غيبة عصا موسى، إلى أن انجلت الغمة، وعاد الوعي، وحضرت الفكرة، وغابت السكرة، وتمكن عدة أشخاص مازال التاريخ مدينا لهم، من إزالة شبح المكارثية الرهيبة، حين تقدموا إلى الكونغرس بقرار يوجّه له اللوم على أفعاله وألاعيبه ومؤامراته. عاش مكارثي بعدها منبوذا وحيدا معزولا إلى أن مات بسبب الإدمان؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق