الخميس، 8 أبريل 2010

الأطفال.. بين اعتداءات الأساقفة وعادات "العربان

2010-04-07
ماذا بعد اعتذارات بابا الفاتيكان.. والدعوات السعودية لحظر زواج القاصرات؟
قصة الطفلة اليمنية نجود كشفت "غسيلنا" غير النظيف أمام العالم
ما الفرق بين تغرير رجال الكنيسة بالأطفال وإخضاعهم لعقود عرفية باسم الشريعة؟
تحرير العقول.. شرط لتحرير الإنسان في العالم العربي.
بعد أن تطورت الفضيحة لتصبح مجموعة فضائح لا يمكن إخفاؤها أو التستر عليها أو تبريرها، خرج البابا بندكيت السادس عشر (Pope Benedict XVI) إلى الملأ ليعلن "أسفه الشديد" جراء فضائح الاغتصاب والتحرش الجنسي التي طالت عدداً من الأطفال في مؤسسات كنسية أو خاضعة لإدارة رجال دين، واعتذر بشدة للضحايا، قائلاً إن على رجال الدين المتورطين في هذه القضايا "تحمل مسؤولياتهم" و"التوبة." وأقر البابا، في رسالة من 18 صفحة وجهها إلى ضحايا عمليات الاغتصاب في أيرلندا (child sex abuse)، وقرر أن يصار إلى تلاوتها ضمن العظات الأسبوعية في الكنائس، بأن ما جرى لا يمكن نسيانه بسهولة، واعتبر أن تأثيرات الفضائح على الديانة المسيحية "كانت أقسى من تأثير قرون الاضطهاد" التي رافقت بداياتها؟! ووجه البابا انتقاداته للكنيسة الأيرلندية التي قيل إنها تكتمت على هذه القضايا لسنوات قائلاً: "لقد شعرت بانزعاج شديد جراء الأنباء التي أشارت إلى انتهاكات بحق أطفال وقصّر من قبل أعضاء في الكنيسة بأيرلندا، خاصة من الرهبان والكهنة، ولا يمكنني إلا أن أشارككم شعور الخيانة الذي تشعرون به جراء هذه الجرائم الشائنة والأسلوب الذي تعاملت به الكنيسة الأيرلندية." فضائح عديدة لحقت بسمعة الأتباع والمحسوبين على الديانة المسيحية لكن أبشعها تهمة استغلال الأطفال وانتهاك براءتهم والتغرير بهم وهي تهمة ليست جديدة بل قديمة بدأت بصداها المدوي في الولايات المتحدة عن طريق فضحها في وسائل الإعلام ووصولا إلى بعض الدول الأوروبية، وقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» في تعليقها على الموضوع معلومات مفادها ان البابا بنديكت السادس عشر، قد يكون غض النظر قبل توليه رئاسة الكنيسة الكاثوليكية عن ممارسات كاهن أمريكي متهم بالتحرش جنسيا بنحو 200 طفل أصم منذ عام (1996)؟!
وكما أن لكل قوم غسيلهم القذر، فلدينا نحن أيضا غسيلنا وهو بحاجة الى أن نلتفت إليه ونهتم به ونقوم بتنظيفه من الفيروسات والميكروبات والبقع والأوساخ، فمع خبر اعتذار البابا خرجت وسائل الإعلام العالمية بإعادة رواية قصة الطفلة اليمنية نجود التي طبعت في كتاب يحوي سيرتها الذاتية المروعة وكيف أُرغمت وهي في التاسعة من عمرها على الزواج من رجل عمره ثلاثة أمثال عمرها وتعرضها للاغتصاب والضرب قبل أن تصنع تاريخا في اليمن بالحصول على الطلاق. ونشرت القصة الحزينة المؤلمة في كتاب صدر باللغة الانجليزية في الولايات المتحدة تحت عنوان "أنا نجود..عمري عشرة أعوام ومطلقة" ومن المقرر نشره قريبا بالعربية حتى يتسنى للطفلة البالغة من العمر 12 عاما الآن، أن تقرأ أخيرا قصتها التي جذبت اهتماما عالميا. ولدى الناشرين خطط لنشر الكتاب الذي كتبته الصحفية الفرنسية ديلفين مينوي كما روي لها بتسع عشرة لغة بعد أن ظهر الكتاب لأول مرة في فرنسا في عام (2009).
يكشف الكتاب كيف وافق والد نجود الفقير الذي لديه أكثر من 12 طفلا على تزويجها وهي في التاسعة من العمر لرجل أكبر منها سنا. وتقول نجود ان زوجها أخرجها من المدرسة واقتادها مع عائلته إلى قرية حيث مارس الجماع معها بالإكراه في الليلة الأولى لزواجهما. وتستعيد نجود تلك الذكريات قائلة "مهما كنت أصرخ لم يأت أحد لمساعدتي. كان الأمر مؤلما بدرجة كبيرة وكنت وحيدة في مواجهة الألم." وعندما سمح لها زوجها في نهاية المطاف بزيارة عائلتها في مدينة صنعاء انطلقت مسرعة وأوقفت سيارة أجرة وطلبت من سائقها التوجه بها إلى المحكمة. وحصلت على قرار من المحكمة بتطليقها لتصبح أول طفلة عروس مطلقة في البلاد. لكن نهاية الكتاب ليست هي نهاية قصتها، بل بدايتها التي تعد واحدة من القصص المرعبة التي تجد لها شرعية دينية وقانونية واجتماعية في العالم العربي ويكون فيها الأطفال الأبرياء وخصوصا الفتيات الضحايا الأكبر في محرقة جماعية يشارك فيها المجتمع بشخوصه وطوائفه وقطاعاته المختلفة.
في الجانب الآخر من الضفة أعادت صحيفة «الرياض» السعودية منذ عدة أيام مضت طرح موضوع الطفلة ذات الـ 12 عاما (الصف الخامس الابتدائي)، والتي زوجها والدها لرجل ثمانيني وأثار ضجة إعلامية وسياسية في السعودية فارتفعت الأصوات التي ناشدت العاهل السعودي التوجيه بتحديد سن زواج الفتيات، خاصة بعد توقيع المملكة لاتفاقية حقوق الطفل، والتي نصت على أن الحد الأدنى للزواج هو سن 19 سنة". وقد نقلت صحيفة "الرياض" عن رئيسة مجلس إدارة جمعية "مودة" لقضايا الطلاق الأميرة سارة بنت مساعد بن عبدالعزيز، مناشدتها العاهل السعودي التدخل "لدراسة مشكلة زواج القاصرات وعمل دراسة مستفيضة ومن ثم إصدار فتوى بتحديد سن الزواج". واعتبرت الأميرة، أن "هذا العصر يختلف كليا عن الأزمنة الماضية وزواج القاصرات له تبعات تؤثر سلبا على الطفلة نفسها وعلى المجتمع ككل". وقالت انه "إذا تنازلت والدة الطفلة عن قضيتها (تعرض الأم إلى الترغيب أو الترهيب جعلها تتنازل عن القضية) فالمجتمع لن يتنازل عن قضايا تزويج القاصرات والمتاجرة بهن؟!
في العام الماضي طالبت من الأعضاء والمشاركين في الندوة التي ناقشت قضايا حقوق الإنسان أن نخرج ببيان يدعو كل الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج تحديد سن الزواج لحماية القاصرات حسب الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال التي وقعتها الدول الخليجية، بالإضافة لتوجيه الدعوة الى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الدكتور يوسف القرضاوي (بيته يبعد عن المؤتمر بمسافة 10 دقائق بالسيارة) إلى إصدار فتوى تؤيد ذلك، فما كان من بعض المشاركين إلى أن هاجموني وأشاروا إلى أن تحديد سن للزواج يعتبر تجاوزاً للشريعة الإسلامية، وان الرسول (صلى الله عليه وسلم) تزوج عائشة وهي ابنة تسع سنين، وزُفت إليه وبيدها لعبتها؟!. ورغم محاولتي المستميتة أن أبين لهم أن المسألة خلاف ذلك، وزواج النبي يدخل تحت تفاسير متعددة ومختلفة، والحديث يبين انه لا يجوز تزويج الفتاة القاصر وذلك ورد عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) من أن: "تستأذن البكر وتستأمر الثيب"، وأنه لا بد أن تكون الفتاة بالغة راشدة، وذلك لا ينطبق على من لم تبلغ الخمسة عشر عاما أو أكثر. إلا أن القوم كانوا أمام حديثي صما بكما عميا لا يعقلون، أيقنت حينها أن المعركة الحقيقية تبدأ هنا؟! فحتى لو وجدت القوانين والتشريعات سيتم الالتفاف والتحايل عليها وضربها كلما أتيحت الفرصة، وآمنت انه لا يمكن تحرير الأطفال والإنسان في العالم العربي من الظلم إلا بعد تحرير العقول من الأسر، والا يوجد فرق كبير في تعريف الاعتداء والاغتصاب إذا مارست الجنس مع طفل عن طريق التغرير والتحايل من بعض أساقفة الكنيسة أو العقد العرفي أو الشرعي في بلاد العربان؟!
Aljaberzoon@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق