الأربعاء، 31 مارس 2010

حقوق المرأة في الخليج... صراع بين تيارين

حصول أول قطرية على منصب قاض.. خطوة مهمة في مسيرة المرأة الخليجية
2010-03-31

وضع الخليجيات تغير إلى الأبد.. وعقارب الساعة لا تعود للوراء
إدخال حقوق المرأة في المناهج الدراسية ضروري للخروج من حالة الانفصام
التمييز المنظم في المنطقة لا يزال ينزل بالمرأة إلى مكانة تابعة
البعض يسعى لتأخير التغيير وينتظر عودة المرأة إلى زمن "العلف والخلف"
حصول أول امرأة قطرية في السلطة القضائية على منصب قاض يعد خطوة مهمة في مسيرة مطالبة المرأة في الخليج والعالم العربي بالحصول على حقوقها المشروعة المستحقة. قبل عشر سنوات مضت كنا نخجل ولا يزال الكثير منا اليوم أيضا من ذكر أسماء أمهاتنا، ومنع ظهور الأخوات والبنات في الصحف ووسائل الإعلام وعدم ذكر أسمائهن، خصوصا إذا اقترنت بلقب الأسرة، العائلة، القبيلة الأمر الذي جعل البعض من الأديبات والكاتبات والمثقفات يكتفين باستخدام حروف رمزية أو جزء من الاسم وليس كله أو اختيار الأسماء المستعارة للتعريف بإنتاجهن وإبداعاتهن وإسهاماتهن في الساحة أو التوقف عن الكتابة في بعض الأحيان إذا كشف سرهن؟!.. كنا وما زال العديد منا يعيش ازدواجية وتناقضاً فاضحاً بين التاريخ والجغرافيا، الماضي والحاضر، التراث والمعاصرة، في الوقت الذي نشيد به بالمكانة التي يكفلها الدين والعقيدة للمرأة: (ألا استوصوا بالنساء خيرا)، (رفقا بالقوارير)، (اتقوا الله في نسائكم فإنما هن عوان عندكم)، والقصص والشواهد من النساء العربيات والمسلمات (بلقيس، خديجة، عائشة، فاطمة، زينب، رفيدة) وما تعكسه من مساواة وتكافل وتكامل بين الرجل والمرأة، في حين نرى في واقعنا ألوانا من التخلف والتردي والتجاهل عند الحديث عن حقوق المرأة ووضعها وحاضرها ومستقبلها والتعامل والتعاطي مع مشاكلها وهمومها وقضاياها.. لذا بات من الضروري أن يتم تدريس حقوق المرأة في المقررات الدراسية في جميع الدول العربية وخصوصا دول الخليج لكي نستطيع أن نخرج من حالة الانفصام التاريخية التي تصاحبنا وتؤرق مضاجعنا وتمنعنا من التقدم والسير إلى الأمام.
منذ ما يزيد على العقد كان من الصعب التفكير — ناهيك عن التنفيذ — في أن تكون هناك امرأة خليجية وزيرة أو وكيلة وزارة أو قاضية أو مرشحة برلمانية، كانت الرؤية السلبية المعادية التي يحملها غالبية الناس في الشارع، والكثير من المسؤولين وصناع القرار، ومن أدعياء العلم الثقافة، وأصحاب الفتوى الدينية المتشددة، والقوانين والتشريعات المجحفة، هي التي سيطرت على المشهد وتحكمت به وأمسكت برقبته، والويل والثبور وعظائم الأمور لمن يحاول حتى التفكير أو طرح الأسئلة فالتهم والأحكام جاهزة فهو إما عميل، غربي، امبريالي، شيوعي، متحرر، علماني، فاسق، منحل، أو إنسان غافل جاهل ضال خرج عن جادة الصوب وأصبح بحاجة إلى إعادة تأهيل وتذكير وتحذير واستتابه وتكفير عن الذنب (وإلا)!، لكن رغم المحاولات المستميتة التي سعت بقدر المستطاع ولا تزال إلى عرقلة خطوات الدخول في عصر التغيير، فانه لم يكن بإمكانهم أن يمنعوا نور الشمس من الدخول إلى البيت واقتحام حتى اشد الغرف المعتمة والمظلمة، فقد تغير الوضع اليوم والى الأبد وعقارب الساعة لا تعود للوراء.
في السنة الماضية (2009) تم تعيين أول امرأة سعودية في منصب وكيلة وزارة تعليم المرأة، قبلها بعام (2008) شهدت الانتخابات الكويتية حصول المرأة الكويتية على أربعة مقاعد في مجلس الأمة الكويتي، فرغم العقود الطويلة من تهميش الحقوق السياسية تمكنت المرأة الكويتية من الحصول على حقوقها السياسية المشروعة ممثلة بحق الترشيح والانتخاب للمجلس البلدي ومجلس الأمة كأعلى سلطة تشريعية في البلاد. وفي الإمارات أيضا ارتفع في عام (2008) عدد الوزيرات في الحكومة الاتحادية إلى أربع من أصل 22 وزيرا، قبلها تم تعين ثماني نساء أعضاء في الهيئة البرلمانية من النواب العشرين المعينين، ليصبح المجلس الوطني الاتحادي الحالي يضم تسع نساء من بين أربعين عضواً. وفي عمان شهد عام (2007) دخول أربع عشرة امرأة في مجلس الدولة العماني، كما تم في السنوات الخمس الأخيرة تعيين أربع نساء على المستوى الوزاري، ثلاث منهن يحملن حقائب وزارات التعليم العالي، والسياحة والتنمية الاجتماعية، وواحدة هي رئيس الهيئة العامة للصناعات الحرفية. وفي المناصب السياسية المهمة الأخرى، توجد في عُمان امرأة واحدة في منصب وكيل وزارة وهي وكيلة وزارة التربية والتعليم، كما تمثل عُمان في هولندا وفي الولايات المتحدة سفيرتان. وبشكل عام فإن النساء في عُمان يشغلن حوالي 5 % من المناصب القيادية، ويمثّلن ما نسبته 18 % تقريبا من القوى العاملة في البلاد. وفي تطور ملحوظ في السنتين الماضيتين، حصلت المرأة العمانية على حقوق مساوية للرجل، وعلى هبات من أراضي الدولة، وتم اعتبار شهادتها مساوية لشهادة الرجل حسب قانون القرائن الجديد. وفي البحرين تعزز الدور الكبير الذي تقوم به المرأة البحرينية في الحياة الاجتماعية والسياسية كوزيرة وعضو بمجلس الشورى من عام (2007)، ويحسب للحركة النسائية البحرينية من (2003 إلى 2010)، ممثلة في المجلس الأعلى للمرأة العمل المستمر بالحملة الوطنية المطالبة بمنح الجنسية لأبناء المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي، كما هو الحال مع الرجل البحريني المتزوج من أجنبية الذي يمنح أبناؤه بشكل تلقائي الجنسية كما تحصل زوجته بعد خمس سنوات بشكل تلقائي أيضا على الجنسية.
تشير التقارير الدولية المختلفة إلى أن المرأة في البحرين تتمتع بأكبر درجة من الحرية في منطقة الخليج تليها المرأة في الكويت والإمارات وقطر وسلطنة عمان؛ وتأتي المرأة السعودية بعد ذلك بفارق كبير، حيث تخضع المرأة هناك لقيود كثيرة هي من بين القيود الأشد في العالم. وتكون المرأة قادرة على ممارسة حقوقها الاقتصادية والسياسية على الأرجح، مع التحاق عدد من النساء بقوة العمل والتخرج من الجامعات والمشاركة في المجتمع. وكان تزايد الحقوق السياسية للمرأة أكبر ما يكون في الكويت والإمارات وسلطنة عمان. وأظهرت ثلاثة بلدان تحسنا في كل المجالات وهي الكويت والإمارات وقطر. ومع هذا، لا يزال التمييز المنظم في المنطقة الخليجية ينزل بالمرأة إلى مكانة تابعة.
تبين الدراسات والتقارير الدولية أيضا ان مجموعة من المعوقات والعقبات الرئيسية التي تمنع المرأة في دول الخليج والشرق الأوسط وشمال افريقيا من التمتع بكامل حقوقها القانونية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن بينها (1) التمييز القانوني الذي يضعها في منزلة أقل من الرجل: رغم أن 16 من بين الدول السبع عشرة الخاضعة للدراسة تقر مفهوم المساواة في الحقوق ضمن دساتيرها (باستثناء المملكة العربية السعودية)، كما تواجه المرأة أشكالا مختلفة من التمييز القانوني المنتظم الذي يتخلل كل مناحي الحياة. وتتعرض المرأة في بعض الدول لعقوبات أشد قسوة من العقوبات التي يتعرض لها الرجل في بعض الجرائم. (2) التمييز في قوانين الجنسية والمواطنة: لا تتمتع المرأة بنفس حقوق المواطنة والجنسية التي يتمتع بها الرجل في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا. ولا تستطيع المرأة التي تتزوج من أجنبي أن تمنح مواطنتها وجنسيتها إلى زوجها ولا تستطيع أيضا في معظم الدول أن تمنح مواطنتها إلى أبنائها. (3) العنف المنزلي: لا توجد لدى أي دولة بالإقليم قوانين تحظر بوضوح جميع أنماط العنف المنزلي. ويتم إلقاء عبء إثبات ممارسة العنف على عاتق المرأة الضحية بالكامل في حالات العنف المرتكز على النوع الاجتماعي والذي يحد من قدرة المرأة على الإبلاغ عن الجرائم. كما أن هناك قوانين تساند بعض أنواع العنف الموجه ضد المرأة مثل تلك القوانين التي تلغي العقوبة على الرجل الذي يتزوج من المرأة التي اغتصبها. (4) الافتقار إلى المعلومات وغياب الصوت: لا تكون المرأة في الإقليم على دراية بحقوقها إلى حد كبير ويرجع ذلك بصفة جزئية إلى ضعف التعليم وإخفاق الحكومات في المشاركة في حملات التوعية العامة. ولا يتم توعية الطلاب — وخاصة الفتيات — بحقوق المواطنة. وتخفق وسائل الإعلام أيضا إلى حد كبير في تغطية أوجه الظلم التي تعاني منها المرأة. وترى الاتجاهات الثقافية مطالب واحتجاجات المرأة بصفة عامة أيضا على أنها تتعارض مع دور المرأة التقليدي الخانع. (5) التمييز في قانون الأسرة الذي يضعها في منزلة أقل من الرجل: تواجه المرأة في جميع الدول العربية تقريبا تمييزا قائما على النوع الاجتماعي في قوانين الأسرة. وباستثناء بعض الدول، تحيل قوانين الأسرة المرأة إلى منزلة أدنى في إطار الزواج والحياة الأسرية. ويحظى الزوج بالسلطة على حق زوجته في العمل والسفر ويستطيع أن يطلق زوجته في أي وقت من الأوقات دون أي سبب وبدون الحاجة إلى اللجوء إلى المحاكم. ويتطلب القانون من المرأة أن تفي بشروط محددة من أجل المطالبة بالطلاق من خلال المحاكم. (6) الافتقار إلى آليات الشكوى: بخلاف مصر، لا توفر حكومات دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا آليات تتقدم المرأة من خلالها بالشكوى ضد التمييز بين الجنسين.
صراع الزمن هو الذي يحكم التغيير في الخليج اليوم ما بين التيار الذي يدفع بمسيرة التغيير ويطالب بحصول المرأة على حقوقها المشروعة التي كفلها لها الدستور والشريعة والقوانين الدولية، وبين تيار الرافض المتشدد المعارض الذي يلجأ لكل الأساليب والحيل لكي يؤخر عملية التغيير بأكبر قدر ممكن من الوقت وينتظر معجزة تعود فيها المرأة إلى زمن العصور الوسطى العربية القديمة الجديدة والي تعيد سبب خلق المرأة إلى (العلف والخلف).
Aljaberzoon@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق