الثلاثاء، 29 مارس 2011

المؤسسات القطرية.. معادلة الممكن والمستحيل والمطلوب

2011-03-30
جريدة الشرق
مركز الدوحة لحرية الإعلام آخر من يعلم!
أين دور المؤسسة العربية للديمقراطية؟
ضرورة أن توفر محطة الجزيرة الحماية لموظفيها في الحروب

لماذا تخصص ميزانية من الدولة تقدر بالملايين لمبنى متواضع القدرات والإمكانيات، ليس بمقدوره أن يمارس الدور المنوط به.. فهو لا يملك المعلومات لكي يزود الآخرين بها، وليست لديه قدرة على كتابة التقارير والبحوث والتعامل مع الأرقام والإحصائيات، ولا يملك أدوات ومصادر داخلية ناهيك عن الخارجية، وآخر من يتفاعل مع الأخبار والأحداث المحلية والإقليمية والدولية، ولا يملك حتى الحرية في التعليق على الأحداث ونشر التصريحات والبيانات، كما يعتبر آخر من يتحرك على الساحة الإعلامية والصحفية، وفي كثير من الأحيان يظل متفرجاً من بعيد؟! مركز الدوحة لحرية الإعلام الذي تأسس في عام (2008)، كان المأمول منه الكثير، والطموح المعلق عليه كبير، والشعار الذي رفعه المركز هو نشر ثقافة حرية الصحافة والإعلام وفي الدفاع عن الصحفيين والإعلاميين الذين يتعرضون للمضايقات والاعتقالات، وسوء المعاملة بسبب نشاطهم المهني؟! لكنه اليوم لا يمثل إلى علامة استفهام كبيرة، من الإصرار على استمراره كيافطة على مبنى، دون أي دور حقيقي لا على الساحة الإعلامية الداخلية ولا على الخارجية؟! لقد فقدنا صحفياً قطرياً سقط شهيدا في المعركة الأخيرة، وانشغلت الساحة بالعديد من المعارك والأزمات والانتفاضات والتغيرات والثورات وقعت في شهور قليلة فقط في معظم دول العالم العربي، وكأن المركز لم يسمع بها ولا يعرف عنها الكثير وربما آخر أخبار المركز رسالة بعثها إلى محطة الجزيرة، ربما عن طريق فراش أو مراسل أو سائق تاكسي، أو ربما بواسطة السكرتيرة عن طريق الفاكس أو الإيميل تدين احتجاز طاقم الجزيرة في ليبيا! والحقيقية انه لا يكاد يضاهي مركز حرية الإعلام في سمعته إلا مؤسسة أخرى لا تبتعد عنه كثيراً في المسافة والرؤية وهي المؤسسة العربية للديمقراطية، التي تعيش في زمن آخر خارج العالم العربي؟! فالمؤسسة التي تم إعدادها لمثل هذه الأوقات تمخضت فولدت فأراً مشوها؟! مشكلة هذه المراكز والمؤسسات أنها لم تكن يوماً موجات صوتية بل أشبه بانعكاسات صدى.
البون شاسع بين المراكز التابعة لنا والمراكز العالمية الأخرى، ولا استثني حتى محطة الجزيرة، وهي قصص تحتاج إلى توثيق مطول. لقد مثلت حادثة صحفيي نيويورك تايمز (New Times) الأربعة الذين احتجزهم عناصر من القوات العسكرية المؤيدة للزعيم الليبي، مدى الفارق والاهتمام في التعامل، والمقارنة بين نوع التدريبات والدورات المقدمة عندنا وعندهم؟! وقد تحدث كثير مع بعض زملاء المهنة وتوصلنا إلى أن هناك أموراً كثيرة ينبغي التنبّه إليها لدى كل من يشارك في تغطية الحروب والاشتباكات العسكرية لدى شتى وكالات الأنباء العالمية والمؤسسات الإخبارية الدولية. لقد تحولت تلك الحاجة منذ سنوات طويلة إلى دورات تدريبية نظرية وعملية تحيط المشاركين فيها علماً بكيفية التعاطي مع الأحداث وطبيعة ردود الفعل الممكنة تجاه التصرفات العدائية تجاه العاملين في مجال الإعلام. ناهيك طبعاً عن الدورات الخاصة بالعلاجات الأساسية والإسعافات الأولية التي قد تكون سبباً في منع بعض حوادث الموت التي كثيراً ما تحصل بسبب جهل أفراد الطاقم المشارك. فما هي طبيعة الدورات التي تقوم بها الجزيرة لفريقها المشارك في المعارك بمختلف أطيافه، المراسل والمصور وحتى المذيع. وما هي طبيعة التوجيهات الإدارية من الجزيرة إلى موظفيها بشأن تغطية الحروب. فهناك مسؤولية شخصية تقع على عاتق من يتطوع لتغطية الأحداث العسكرية، ولكن في المقابل هناك تساؤل عن طبيعة مسؤولية المؤسسة الإعلامية تجاه مراسليها في هذا الشأن. إذ إن تطوع الطاقم الصحفي لا يعني بحال أن المؤسسة ملزمة بالاستجابة إلى رغبة موظفيها في الدخول إلى معمعة الحرب دون أخذ أسباب الحيطة والحذر فيها. فمن يعمل في مهنة الصحافة هو على الأرجح باحثٌ عن المتاعب، ولكن ذلك لا يعفي المؤسسة التي ينتمي إليها أن تهيئ له الأسباب وتضع لها الحدود التي تضمن له السلامة.. إن موافقة المؤسسات الإعلامي على خوض طاقم إعلامي لذلك الغمار دون أخذ كافة الاحتياطات اللازمة، حتى وإن كان طوعياً، يشي بأنها حريصة على نيل قصب السبق في نقل الخبر أكثر من حرصها على سلامة ناقله.
من ناحية أخرى ماذا عن طبيعة الحماية التي ترافق طاقم العمل وهو الذي كان منعدماً في التغطية التي كان يقوم بها أخونا الشهيد - رحمه الله - علي حسن الجابر، التي يُفترض في الشبكة توفيرها لطواقمها العاملة على الأرض. فما رأيناه أثناء تغطية الجزيرة لأحداث الثورة الليبية أن أحداً من مراسلي الجزيرة العربية لم يرتد الملابس المخصصة للحماية بما يشمل الخوذة الواقية أو السترة المضادة للرصاص. هذه الملابس باتت الآن جزءاً لا يتجزأ من عمل المراسل الإعلامي في البيئات الحربية. وهي بالإضافة إلى توفير الحماية له من الناحية الجسمانية، فإنها أيضاً أداة تعريف به لدى من لا يستطيع التعرف عليه بين الجموع، باعتبارها تبيّن أنها خاصة بالعاملين في مجال الإعلام الذين تحرّم القوانين الدولية والمهنية المساس بهم أو التعرض لهم أثناء أداء مهماتهم الصحفية. والأكيد أن أحداً من طاقم الجزيرة الذي تعرض للهجوم الذي أدى إلى استشهاد أخينا علي الجابر لم يكن يرتدي شيئاً من تلك الملابس الواقية، لا قبل الحادثة ولا بعدها. والعجيب أننا رغم مرور مدة على تلك الحادثة فإننا لا نزال نرى مراسلي الجزيرة دون أيٍّ من تلك المعدات والملابس. وهذا تحديداً ما يجعلنا نتساءل إن كانت شبكة الجزيرة جادة في توفير الحماية لموظفيها قبل أن يتعرضوا لحادث سوء، لا قدّر الله، في مقابل ما تزعمه من وفاء في حق أبنائها الشهداء بعد رحيلهم. فالأصل في ذلك الوفاء تحمّل المسؤولية تجاه أولئك الأشخاص بحفظ وجودهم، لا بتسمية استوديوهات الأخبار بأسمائهم بعد استشهادهم. وما يثير الدهشة والريبة في آنٍ معاً، أن طواقم العمل التابعة للقناة الانجليزية ظهرت على الشاشة التابعة لنفس شبكة الجزيرة وهم في كامل عدتهم، ويقال إن مراسليها في ليبيا لا يتحركون إلا في معية اثنين من رجال الأمن الشخصي المسلحين والمتخصصين في حماية الشخصيات العامة والتدخل لمنع الاعتداءات على الشخصيات والرد على المعتدين.
إذا صدقت المعلومات التي يذكرها الزملاء العاملون في الجزيرة، فليس من العدل توافر كل هذه الإمكانيات للعاملين في المحطة الانجليزية في مقابل انعدامها المطلق لدى مراسلي القناة العربية (وهي الأقدم من ناحية العمر المهني والأكثر من ناحية الخبرة العملية في تغطية الحروب)، الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات عن طبيعة تعاطي إدارة شبكة الجزيرة مع موظفيها، وفي ما إذا كانت ثمة تفضيلات معينة تمليها حسابات الجنسية والانتماءات العرقية على أسلوب تعامل الإدارة مع العاملين فيها. فلو كان المراسل الذي لقي حتفه تابعاً لدولة أجنبية (غربية على وجه التحديد) لما توقف الأمر على مهرجانات الوفاء والوقفات التضامنية، بل تعداه للمساءلة القانونية عما تمّ توفيره من قبل الشبكة لحماية ذلك الشخص في بيئة لا يمكن وصفها بأقل من كونها عدائية. وما سيترتب على تلك المساءلات القانونية قد يكون مبلغاً جباراً من المال لصالح أسرة الفقيد (ذي جواز السفر الغربي غالباً) والتزامات كثيرة تجاه نظرائه في مواقع عمل كتلك لضمان عدم تكرار الحادثة مستقبلاً.
آخر كلمة: نحن نحتاج اليوم إلى مراجعة جذرية للمؤسسات والمراكز التي ندعمها بميزانياتنا ولا نحولها إلى مجرد واجهات وكلشيهات ووسائل ترويج دعائية لا تقدم ولا تضيف للمشهد المحلي والدولي شيئاً يذكر. وضرورة التعامل معها على معادلة الممكن والمستحيل والمطلوب خلال هذه المرحلة الانتقالية التي نعيشها في العالم العربي؟!

الثلاثاء، 22 مارس 2011

الجنون في ليبيا.. التعقل في البحرين.. والحكمة في اليمن!

جريدة الشرق
2011-03-23

الاستعانة بالرمضاء والنار لكي توقف المجزرة بحق الشعب الليبي
أحداث المنامة غريبة على طبيعة شعبها المسالم المتسامح
اليمن يسير نحو أزمة شاملة تهدد كيان الدولة

اضطرنا ملك ملوك الديكتاتورية والمذابح الإنسانية في افريقيا والعالم العربي، ونحن البلد العربي الصغير الذي يقع على ضفاف الخليج (قطر هي الدولة العربية الوحيدة التي تعهدت بالمشاركة في الجهود الدولية بهدف وقف سفك الدماء وحماية المدنيين في ليبيا)، أن نرسل أبناءنا ونشارك ونساند بلا تردد التدخل العسكري الذي جاء تحت غطاء دولي وبعد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبإجماع، والذي يقوم بقصف جوي وبحري لأهداف عسكرية للنظام القاتل. لقد تمت الاستعانة بالرمضاء والنار لكي نوقف المجزرة التي يقوم بها العقيد وقواته المرتزقة ضد الشعب الليبي وثورته. لولا التحالف الدولي والتدخل العسكري من كان يستطيع أن يوقف جنون العقيد الذي وعد بتطهير البلاد "زنقة زنقة"من كل من يفكر بالحرية أو حتى يحلم بها في منامه، حين بدأ في إرسال طائراته الحربية لتقتل الشعب الذي وصفه بالجرذان والمهلوسين، ولتجبرهم على حمل السلاح للدفاع عن حياتهم وعن أسرهم التي أصبحت أهدافاً لقصف قوات العقيد الليبي بعد أن كانت المطالبات سلمية ومشروعة!!.
الجيش الذي بناه العقيد استعدادا لهذا اللحظة في مواجهة الشعب خلال فتره حكمه التي تجاوزت أربعين سنة ونيف، يمتلك أحد أهم الدفاعات الجوية في الشرق الأوسط، ويضم 374 طائرة مقاتلة وأكثر من 85 طائرة نقل عسكري و136 مروحية عسكرية، ويقدر عدد قواته الجوية ما بين 18 ألفاً و22 ألف فرد، وتوجد على أراضيه 13 قاعدة جوية. ووفقاً لمؤشرات عام 2010 تمتلك القوات الجوية الليبية تسعة أسراب من المقاتلات تتضمن 15 طائرة مقاتلة من طراز “ميراج إف”، و45 مقاتلة “ميج — 21”، و75 طائرة فلوجر “ميج — 23”، و94 طائرة “ميج — 25”، وعدد كبير من أسراب الطائرات المقاتلات العسكرية السوفيتية والأوروبية، وصواريخ موجهة مضادة للدبابات محمولة على طائرات عمودية.
إن الدعم والمساندة لكفاح الشعب الليبي ضد هذا النظام الدموي والقمعي أصبح فرض عين على كل بالغ عاقل. فلم يعد هناك مجال لمسك العصا من النصف، والتذرع بالتدخل الخارجي والصليبي كما يصوره خطاب العقيد الذي اتهم القاعدة بمساندة الثورة وأعلن الحرب عليها وهو الآن يتبنى خطابها!! أو اتخاذ مواقف محايدة فهي كلها تصف في مصلحة ميزان القوى العسكرية الذي لا يزال يصب في مصلحة هذا النظام الجائر الذي قربت ساعة رحيله. ويجب أن نؤكد رفضنا أن يكون التدخل العسكري مقدمة للتحكم في ثروات الشعب الليبي الغني ووطنه بالبترول والغاز.

* البحرين "إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه"
ما وقع في البحرين في الآونة الأخيرة من أحداث مؤسفة عنيفة وغير مسبوقة في تاريخها، بل غريبة على طبيعة شعبها المسالم المتسامح، يدعو إلى الكآبة والحزن على هذا البلد العزيز على قلوبنا جميعا، فلم تكن العنصرية والطائفية والمذهبية والقبلية تتحكم في رقاب الجميع لو تم اللجوء إلى الحوار وإقرار المطالب المشروعة بطريقة حضارية وسلمية.
من الضروري العودة إلى تحكيم العقل ورجوع أصحاب المواقف الحكيمة والمعتدلة والعاقلة من جديد إلى الساحة من كل الأطراف، حتى لا ينزلق الجميع إلى حرب أهلية طائفية مثل لبنان، ولمنع التناحر والصراع والحقد والضغينة بين أبناء الشعب الواحد وان اختلفت مذاهبه بين (السنة والشيعة)، ولسد الطريق على التدخلات الأجنبية الخارجية التي تريد إشعال المنطقة من خلال صب الزيت على نار الفتنة، لكي تحقق أجنداتها الخاصة.
ندعو اخواننا ألا يلتفتوا إلى بعض الأصوات المتشنجة المتطرفة المحتقنة الطائفية التي تصدر مع شديد الأسف من بعض المنابر الإعلامية والفضائيات وبعض خطباء المساجد والجوامع والمآتم، حقيقة يفترض أن تكون هذه المنابر ودور العبادة مواقع لنشر فضيلة المحبة والتسامح والسلام بين الأنام لا أن تكون أماكن لتبادل الكراهية والتحريض والتجييش والعنف. كل أملي اليوم قبل الغد أن يعود الاستقرار إلى درة الخليج البحرين، ان أفضل مبادرة من الممكن أن تقدم للقضاء على التطرف والعنف والتهميش هي صياغة مشروع وطني يحول هذا البلد العزيز إلى نموذج يحتذى من الدول الخليجية الأخرى من خلال الانفتاح السياسي، وتفعيل نظام الملكية الدستورية، وتعزيز الدور البرلماني التشريعي، واحترام حقوق الأقلية، وتعزيز دور الوحدة الوطنية على قاعدة العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان. ما أجمل هذا الشعار لو تم الإيمان والعمل به في البحرين لتجاوز أزمة البحرين اليوم "إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه".

* اتباع الحكمة في اليمن
"زينة الرجال" هو لقب السلاح في اليمن وهي من أخطر الظواهر انتشارا في صفوف الشعب اليمني (اليمنيون الذين يمتلكون أكثر من ستين مليون قطعة سلاح)، ورغم ذلك جاءت الثورة الشعبية في اليمن سلمية، حيث حرص المشاركون فيها على عدم التجاوب مع استفزازات النظام واللجوء إلى السلاح، إلا أن المطالبات بالإصلاح السياسي ورحيل الرئيس والنظام تعرضت للتصفية بطريقة دموية من قبل قوات الأمن الحكومية. لقد تمكن الرئيس اليمني الذي يمتلك قدرة كبيرة على التغيير وتبديل المواقف والتجاوب مع مختلف الأوضاع، وقد تجاوز العديد من الأزمات والانقلابات والصراعات وحرب الانفصال منتصف التسعينيات التي هددت نظامه، مما مهد إلى استمراره في السلطة لأكثر من ثلاثين عاما (يعد ثالث أطول رئيس عربي بقاء في كرسي الحكم)، ولكن طبيعة المرحلة الحالية التي يحركها جيل جديد من خلال الثورة الشعبية الشبابية ضيقت مساحة المناورة حتى لو شهدت تنازلت وتضحيات سياسية فهي كلها تعتبر أنها تصب في صالح استمرار النظام!! المؤكد أن اليمن يدفع ثمن تأجيل الإصلاح والتوريث ومنح السلطات للأقارب وتمركز اتخاذ القرارات المصيرية جلها في أشخاص معدودين!!
يرى العديد من المحللين السياسيين أن اليمن يسير نحو أزمة خطيرة اتسع نطاقها واستحكمت حلقاتها مهددة كيان الدولة وكل مكتسبات الشعب ونضالات أحرارها، كنتيجة محتمة لممارسة السلطة خارج إطار الدستور والقانون واتباع سياسة الإقصاء والتهميش وغياب العدالة، وأن قمع المعتصمين السلميين المحتشدين في الساحات العامة في عموم محافظات الجمهورية أدى إلى دوامة من الأزمات وتصاعدها كل يوم وتزداد تعقيدا وتدفع البلاد إلى شفير هاوية العنف والحرب الأهلية. اتباع الحكمة من قبل النظام ضروري للخروج من نفق الأزمة اليمنية الذي قد يتحول إلى انهار من دماء إذا ارتفعت وتيرة المواجهة بين النظام وقيادات الثورة الشعبية، والقبول بالعرض المقدم من قبل المعارضة اليمنية وبعض علماء الدين على الرئيس اليمني الذي ينص على رحيله قبل نهاية العام 2011، يعد احد المخارج الرئيسية لنزع فتيل انفجار الأزمة.

كلمة أخيرة
العيون اليوم تتجه بنظرها نحو دول الخليج وكيف ستتعامل مع التحديات المستقبلية التي تواجهها في ظل عواصف التغيير الجذرية التي تواجه العالم العربي، خصوصاً بعد التداعيات والأحداث التي وقعت في قلب الخليج وأطرافه في البحرين واليمن وعمان وإيران، وبروز التصريحات والتحركات عن بعض قادة مجلس التعاون الخليجي في ضرورة تبني مجموعة من الإصلاحات وتوسيع المشاركة السياسية وصناعة القرار من قبل أعضاء المجتمع ومؤسساته.. الشعوب الخليجية تطمح الى المزيد من الحريات والمشاركة.. فليس بالشرهات والعطايا وحدها يحيا الإنسان!!.

Remembering Ali Al Jaber

The Peninsula Newspaper
Wednesday, 23 March 2011

My eyes well with tears and my heart grieves over the death of my dear colleague Ali; my dear friend “Bo Abdullah”. Your absence, my brother, is an enormous tragedy that has befallen us in the media -- the departure of a brother, a friend, and a fellow professional, Ali Hassan Al-Jaber, who died after he was targeted by treacherous Libyan militias. The traitors are struggling to the very last breath to feed the fires of dictatorship that have burned for over forty years.

Anyone who knew Bo Abdullah must have seen his high ethical standards, outstanding courage, sharp wit, and permanent smile even in the darkest, most bitter moments. It was no surprise to find Bo Abdullah, who was the manager of the Arabic CNBC office in Doha and director of the photography department in Al Jazeera, take his camera and travel to cover events in the most dangerous places on the face of the earth, filming battles that some may believe have nothing to do with him, and that someone else could easily be sent on his behalf! But it is not the first time that he offered his usual courage as he has done this before in Afghanistan, Pakistan, and countless places in the world that are rife with conflicts and wars.

It all lies in the secret, rare love for the profession and its troubles. It stems from the responsibility to document history, contribute to the industry, record the moment of separation, and witness points in time in all of their manifestations through the eye of his camera; his eternal love. It is a belief that the media is a weapon that makes a difference in contemporary history when all other mechanisms and mediums of change have failed in the Arab world, home to most of the world’s dictators!

The distinctive role played by the likes of Ali Al-Jaber with his brethren in Al-Jazeera, reporters, broadcasters, technicians, administrators, and officials has enabled the station to dominate the Arab media, and turned it into one of the most important channels in the world. It is one of the most followed channels by the people who have raised its slogan in a large number of demonstrations in more than one Arab country. The role played by the station is reinforced as it served most of the revolutions in Arab countries.

Therefore, Marc Lynch, a lecturer at George Washington University and a specialist in Arab media wrote, “they [Al-Jazeera] did not cause these events, but it is impossible to imagine all this happening without Al-Jazeera.” People behind the revolutions could not achieve the same success if Al-Jazeera did not embrace them and portray their movement with voices and images in the streets and in public squares. Dare we imagine what would have happened to the Arab media landscape without Al-Jazeera!

Malcolm Smart, Director of Amnesty International’s Middle East and North Africa (MENA) division, confirmed that the Al-Jazeera team led by Ali Al-Jaber was targeted in a deliberate and brutal manner.

“Coming so soon after the detention and torture by Colonel Gaddafi’s forces of three BBC staff - who were subjected to beatings and mock executions - and the detention of other journalists, this killing is most disturbing.

“It is essential that this killing and the other abuses against journalists are investigated as part of the UN Human Rights Council’s investigation into the situation in Libya. Those responsible for the killing of Ali Hassan Al-Jaber must be held accountable for their actions.”

The last report prepared by the United Nations Educational Scientific and Cultural Organization (UNESCO) points out that the killing of journalists has increased remarkably in countries that are in a state of peace because of disclosure issues relating to corruption, drug trafficking, and human rights violations, let alone the countries in a state of war and armed conflict! The international organization condemned the killings of 125 journalists and media professionals between the years 2008-2009. The Philippines tops the list of acts of violence against media personnel, while there is a significant decline in Iraq, which has known daily armed conflicts and clashes. The UNESCO report confirms that among the 28 countries where journalists were killed between 2006-2007. only 15 countries responded to the request of filing a detailed report on these crimes to the organization to investigate the backgrounds of the killings. UNESCO explains that it has developed a new draft resolution that will be discussed during the meeting of the International Council for the Development of Communication, calling for following-up on the murders of journalists and media professionals that are condemned by the organization. The organization also suggested the observation of a moment of silence in each newsroom in the world on the occasion of World Press Freedom Day on May 3rd to pay tribute to journalists who were killed while conducting their noble duties.

It is vital that we do not forget our real martyrs and heroes who sacrificed their lives to deliver the news to us. While they dedicate themselves to providing pictures of the battlefield in order for us to know what is going on in the world around us, we sit comfortably in our homes, condemning, deploring, supporting, or applauding. Society must remember these noble people and the community should recognize and honor them through naming streets after them and carrying their photos in public places and national buildings. Memorials should be erected in their memory, and their lives should be documented in films, books, and references that address the country’s history and present.

Libyan regime seeks downfall of its people

The Peninsula Newpaper
Wednesday,16 March 2011 01:24

It is ironic that the building of the station accused of attempting to overthrow Gaddafi’s regime, as stated in Gaddafi’s recent speech, is separated from the Libyan Embassy in the United Kingdom (UK) only by a wall and a parking lot across from Hyde Park. On the side closest to the park, a passerby’s attention would be drawn to daily protests by a group of Libyan expatriates, including men, women, and children, against the continuation of the regime and resorting to massacres and bloodshed to suppress the people. One would also notice that the protesters are waving flags of independence with coloured ribbons, a crescent, and a star alongside the Al-Jazeera logo. I would not be surprised if the popular slogan of the sixties after the wave of independence, “nationalism, or religion, or leftism - democracy is the solution”, were to change into a new Arabic slogan, “media is the solution” to change the totalitarian regimes in the Arab world.

Behind the park, extending across the street where Harrods is located, there are more protests, demonstrations, and banners against Arab regimes’ dictatorship, authoritarianism, inherited power, and human rights violations. Every Arab country, without exception, has its share of attacks and criticism. From the Gulf, demonstrations of the stateless (“bidoun”) in Kuwait, the poor in Bahrain, and calls for change in Yemen, to Sudan, Algeria, and Mauritania. How the general scheme of things has changed in its entirety. Even the stereotypical image associated with Arabs in British newspapers is not the same, according to my observations in the past few days in the foggy capital, London. Several months ago, the same newspapers only focused on a particular class of Arabs; their disregard for traffic rules and laws, silly behaviour, and interest in trivial matters. What is known about the industry characterizing Arabs in a general sense is that they are not occupied by any real issue.

The Libyan regime suffers from the same cancerous symptoms suffered by other totalitarian Arab regimes, hitting them one by one. The state and its institutions have disappeared and critical decision-making has been limited to the hands of a few people who’ve reaped all the money, wealth, power, land, projects, and the nation’s resources. Their assets have grown and bank accounts boast billions at home and abroad, while citizens live in poverty, deprivation, misery, ignorance, underdevelopment, and disease. In order for their iron grip to control, the regime monopolized national political, economic, military, and educational forces in order to bask in their protection. Projecting messages upon men, women, and children, the regime condemns any one of them who steps outside of the sacred teachings of the green, red, and violet books as an infidel, heretic, and hallucinating drug addict who must be crushed and eliminated like a rabid animal.

The problem is not with Gaddafi as a person, but with the “Gaddafist” mentality and its Arab audiences who championed, encouraged, sponsored, promoted and praised it in various forums. These include leaders, commanders, writers and journalists, intellectuals, artists, scholars, and theologians who did not offer any regret, ounce of remorse, or apology. Some of them are no different from chameleons and changed their skin like those who did with the former Egyptian president and his Tunisian counterpart after their fall!

They praised the Colonel’s unmatched mentality as if he were an outstanding philosopher of his time for renewing the region, resolving the Arab-Israeli conflict with the “Isratine” theory, and expelling thousands of Palestinian workers to return to their new home after the Oslo Agreement. He was accredited for the rediscovery of the concept of democracy and for people’s rule not by the people but by Revolutionary Committees, which he called “permanent chairs.”

For them, he was the Commando hero who, like a cowboy, stared down Ronald Reagan, the President of the strongest country in the world, in a public square. He was considered a staunch advocate of genuine Arabism, carrying an Arabic tent with him wherever his convoy went in the world, whether to the United Nations building in New York, Elysees Palace in Paris, or the Arab League in Cairo. He was the rebel leader who defied imperialism and fought it by supporting armed separatist groups in Europe, Asia, Africa, and Latin America, and the bombing of aircrafts such as the Lockerbie case. To them, he was a great Islamic scholar who called on hundreds of Italian women to convert to Islam, distributing copies of the Koran and the “Green Book” he wrote, referred to as “the gospel of the modern era”, along with 50 euro notes each! He was also the great social reformer, liberating women by putting his fate in their hands, and hiring some 400 guards to protect him. He required them to be virgins, not to marry, and exhibit a certain degree of beauty, strength, powerful structures much like that of men, and absolute loyalty!

During the revolutionary leader’s reign, which extends over nearly 42 years, one third of the Libyan people live below the poverty line, while his family’s wealth ranges between $80-$130 billion spread over 50 countries and concentrated mostly in Europe, some Gulf states, and US banks. The Colonel’s son manages these funds and has influence in moving the wealth, purchasing shares, and making transactions. Libya is the second largest oil producer in Africa, its reserves estimated at more than 45 billion barrels, and also has natural gas reserves estimated at 1500 billion cubic meters, occupying the fourth place in Africa. Gaddafi’s wealth, which he seized from the people, could meet the needs of the entire Arab world whose population is about 340 million people through food imports for 3 to 4 years!

While Nero’s Rome was burning in 64 AD, he was singing, playing the fiddle, and reciting poetry describing Troy. For over a week, Nero watched men, women and children as they burned. His tyranny and immorality also increased on those of them who lived, carrying out all imaginable means of torture and abuse upon them. Even so, the people rose up including his representatives against his power, leading to his death by suicide in 1968.

Considering his behavior, the Colonel is resurrecting Libya’s bloody colonial past through the bombing of Tripoli and other cities, whether by aircraft or artillery and other heavy weapons, the use of mercenaries, which include African soldiers from Chad, Niger, Somalia and pilots from Serbia and the Ukraine, against the people in a desperate attempt to stay in power. The regime threatens with death and prosecution without providing a single concession. Demands for political and economic reform, justice, equality, power sharing, and parliamentary elections have not been addressed. Nor is there any recognition of human rights fundamental to the rebels. There is no respect for human rights, freedoms of opinion, expression, and demonstration. Not even an apology for the hundreds shot dead by security forces and mercenaries! In one of his lame speeches, the Colonel said that, “the people who do not like me do not deserve to live.” The Libyan people deserve to live a decent living and the time to overthrow the autocratic regime that is rejected regionally and internationally is yesterday not today. I certainly believe that it is only a matter of days before he is cast away in the dustbin of history.

An amusing anecdote is that a Westerner asked an Arab citizen, “What are your future ambitions?” The Arab replied, “My ambition is to get a respectable job, clean housing, and a decent living.” Astonished, the Westerner responded, “It seems that you do not understand my question, sir. I asked you about your aspirations, not your rights!” Nero died and went into the dustbin of history, yet Rome has remained the capital of beauty and resilience, love, and life. The same will apply to Tripoli, which will remain the capital of the great Libyan people even after the Colonel

الأحد، 20 مارس 2011

اليابان بعيون عربية (6)

جريدة الشرق
20 مارس 2011

التنوع الياباني الفريد في التراث والعادات والتقاليد

من أشهر العادات التي تلفت الانتباه وتدعوا الزائر أن يقبل عليها ولو على سبيل التجربة وهو استخدام عيدان تناول الطعام. ورغم أن العملية ليست سهلة في الاستخدام إلا أني تشجعت واستخدمتها طول مدة الرحلة إلى أن أتقنتها بنسبة 70 بالمائة وهي نسبة جيد لشخص يستخدمها للمرة الأولى؟! وهذه العادة انتقل إلى اليابان عن طريق تأثير الثقافة الصينية، ولقد كانت عيدان تناول الطعام في الماضي محصورة في طبقة النبلاء وموائدهم واستخدموا أيضا الملاعق المعدنية خلال القرنين الثامن والتاسع، أما عموم الناس فكانت تستخدم الأيادي لتناول الطعام. حين استخدم النبلاء طاولات مطلية ذات أرجل أطلق عليها زين، استخدم العامة طاولات بدون أرجل تدعى أوشيكي. تعتمد المأكولات اليابانية على أساس الجمع بين المواد الغذائية الأساسية (شوشوكو ،主食)، عادة الأرز أو المعكرونة، مع الحساء ، وأوكازو (おかず) بالإضافة لأطباق الأسماك، واللحوم، والخضراوات، والتوفو وما شابه ذلك ، عادة ما تكون هذه الأطباق منكهة مع داشي ، ميسو، وصلصة الصويا وعادة تكون خفيفة الدسم.
المعروف عن الشعب الياباني عشقه الكبير للمأكولات البحرية. وقد قرانا في الصحف بيع سمكة تونة ذات زعنفة زرقاء بمبلغ قياسي وصل إلى أربعمائة ألف دولار في أول مزاد بسوق أسماك تسوكيجي بطوكيو في بداية العام 2011؟! كما أنشئت مجموعة من المتخصصين السريين في الأطعمة للتفتيش على أصالة الأطباق المقدمة في المطاعم اليابانية بالخارج، وتم إطلاق وصف «شرطة السوشي» على هذه المجموعة التي تقوم بالتفرقة بين الأطعمة اليابانية الأصلية من الأخرى الزائفة التي أصبحت شائعة بشكل متزايد في المطاعم اليابانية. من المعروف عن اليابانيين أيضا عشقهم الشديد للشاي الأخضر والذي يعد أحد الطقوس الأساسية على المائدة اليابانية. وهناك حركة تفاعل وتبادل روحاني بين صاحب البيت الذي يعد الشاي وبين الضيوف الذين يبحثون عن الصفاء الفكري والجسدي، والذي يقود جميع الحاضرين حول إبريق الشاي وأكوابه إلى هدوء وسكينة حتى تظن أنك تؤدي أحدى الشعائر الدينية. ولقد قام باحثون في جامعة طوكيو بتطوير روبوت يعمل على تقديم الشاي على الطريقة اليابانية، إضافة إلى إعداد الأطباق الصغيرة المرافقة للشاي. كما اتجهت مجموعة من مطاعم السوشي اليابانية نتيجة الأزمة الاقتصادية الأخيرة في التخلي عن الطهاة واستخدمت الروبوت بدل عنهم توفير للنفقات، وأيضا تم الاستغناء عن العاملين وخصوصا النادلين وحلت محلهم السيور الناقلة التي تحمل أطباق الأطعمة إلى رواد المطاعم. أسعار الأكل في اليابان غير ثابتة، فوجبة الغداء أرخص بكثير من وجبة العشاء، والعشاء بعيد المغيب أقل من عشاء الساعة التاسعة مساء. ويعود ازدهار قطاع المطاعم في اليابان إلى فترة السبعينات والثمانينات التي شهدت ارتفاع الدخول واتجاه سكان الريف إلى المدن الكبرى. وازدهر ما يسمى بمطاعم العائلات التي كانت تقدم طعاما غربيا رخيص الثمن للجماهير خلال تلك الفترة.
وفي المطاعم تجتمع العديد من العائلات خصوصا في الأعياد والعطلات ويكون فيها اللباس الوطني حاضرا وما يلفت الانتباه فعلا لباس الكيمونو الجميل ذو الألوان الزاهية هو اللباس التقليدي في اليابان، وكلمة كيمونو في اللغة اليابانية تعني "ملابس" بشكل عام، ولكن بشكل خاص تعني اللباس الياباني التقليدي الطويل الذي يلبسه الرجال والنساء والأطفال، ومن المعروف عن الكيمونو منظره الجميل وألوانه الخلابة خصوصاً للنساء. وللكيمونو غالباً أكمام واسعة قد تصل إلى نصف متر، في التقاليد والأعراف كانت النساء غير المتزوجات يلبسن الكيمونو بأكمام طويلة جداً تصل طولها إلى الأرض تقريباً، والثوب يكون ملفوفاً حول الجسم ودائماً ما يكون الجانب الأيسر على الأيمن ويحيط به حزام عريض يكون مربوطاً من الخلف ويدعى "أوبي".
وتقصد العائلات اليابانية في مواسم العطل والأعياد الأماكن الترفيهية أهمها المسارح اليابانية ، هناك خمسة أنواع من المسارح اليابانية التقليدية وهي: بوغاكو ونو وكيوغن وبونراكو (باليابانية: 文楽) وكابوكي - نو:هو من أقدم المسارح المحترفة الموجودة في العالم وهو فن مسرحي يعتمد على الرقص والموسيقى. - كيوجين: وهو فواصل مسرحية هزليه مكلمه لآدا مسرح نو ويقدم مسرح كيوجين فقرات ساخرة حول ضعف الإنسان كما كان يفعل القصاصون الآسيويون - بونراكو: وهو مسرح له مكانه فريدة في عالم المسرح الياباني حيث أن أداء الدمي تم قبوله على قدم المساوة مع الدراما التقليدية. - كابوكي: يعد واحد من أكبر موروثات المسرح الياباني التقليدي، بدا مسرح الكابوكي في بدايات القرن السابع عشر.
ثقافة السلوك الياباني فريدة من نوعها في العالم وتعتبر تحية الانحناء كما يطلق عليه باليابانية "أوجيكي" (お辞儀), في غاية الأهمية في اليابان لدرجة أنه حتى الأطفال عادة يبدؤون في تعلم كيفية تحية الانحناء من سن مبكرة جدا، وتقوم الكثير من الشركات بتدريب موظفيها على كيفية تنفيذ تحية الانحناء بشكل لائق. وتجري تحية الانحناء عادة والظهر بشكل مستقيم والأيدي على الجانبين (للفتيان والرجال) أو مشبوكة عند الحضن (للفتيات والنساء) مع إنزال النظر للأسفل. ويكون انحناء الجسم عند الخاصرتين.عموما فإن زيادة عمق قوس الانحناء يعبر عن شدة الاحترام.وتقسم تحية الانحناء عادة إلى ثلاثة أنواع رئيسية : غير رسمية، ورسمية، ورسمية للغاية. تكون تحية الانحناء غير الرسمية في نحو خمس عشرة درجة لزاوية ميل الرأس إلى الأمام، وبزاوية 30 درجة للتحيات الأكثر رسمية. بدلا من تسليم النقود مباشرة من يد الزبون إلى يد أمين الصندوق، فإنه من الممارسات الشائعة في اليابان وضع المال في صينية صغيرة وضعت خصيصا لهذا الغرض بالقرب من آلة الصراف.
وعن الفنون فقد اكتسب فن تنسيق الزهور الياباني شهرة عالمية كبيرة نظرا لما يحمله من معاني روحية مثل التناغم والتناسق وموائمة الألوان والبساطة، وتعود جذور هذا الفن إلى القرن السادس عندما كان يتم إعدادا باقات الزهور ليتم تقديمها في المعابد والمناسبات. وقد تطور هذا الفن مع مرور الزمن ليصبح أحد رموز الثقافة اليابانية، وخاصة بالنسبة لسيدات المجتمع الياباني، حيث كانت الفتيات اليابانيات يدرسن فن الإيكيبانا منذ نعومة أظافرهن ويستخدمن فنهن هذا في تزيين منازلهم والمعابد. واليوم تنتشر مدارس الإيكيبانا في معظم بلدان العالم، والسبب قلة تكلفتها وسهولة دراستها، ولكن الوصول لدرجة الاحتراف في هذا الفن قد يستغرق سنوات طويلة.
الرياضة في اليابان لها مذاقها الخاص، و تعتبر مصارعة السومو (بالـيابانية: 相撲) واحدة من ابرز الفنون الحربية اليابانية. وتحظى بشعبية كبيرة في البلاد. تدخل في اللعبة بعض الطقوس اليابانية القديمة، ويعتبرها اليابانيون أكثر من مجرد رياضة عادية، فهي تقليد وتراث يجمعون على وجوب الحفاظ عليه. و تقوم رياضة السومو على محاولة كلا المصارعين (ريكيشي) إخراج المصارع الآخر من دائرة المصارعة (دوهيو) أو جعل أي جزء من جسمه (غير أسفل قدمه) يلمس الأرض. . وهناك أنواع أخرى من الفنون الحربية مثل الجودو، والكندو (المبارزة)، والكراتيه، والأيكيدو (فن الدفاع عن النفس). ومن بين الألعاب الحديثة تعتبر البيسبول هي الأكثر شعبية . وحديثا أصبحت كرة القدم ذات شعبية كبيرة في أوساط الشباب وقد استطاعت اليابان نتيجة العمل الدؤوب والتخطيط الاستراتيجي الرؤية الثاقبة خلال السنوات الماضية أن تصبح احد أفضل الفرق العالمية بعدما كانت تحتل المراتب المتأخرة. وهي حصلت على بطولة آسيا الأخيرة التي أقيمت في الدوحة (2011) متفوقة على كل الفرق العربية التي لا تزال تسأل كيف تتقدم اليابان ولماذا تتراجع الفرق العربية.

الأربعاء، 16 مارس 2011

العين تدمع.. والقلب يحزن.. وإنا لفراقك يا "بوعبدالله" لمحزونون

2011-03-16

ان العين لتدمع يا علي وان القلب ليحزن يا بوعبدالله وإنا لفراقك يا أخي لمحزونون، إنها فاجعة عظيمة ألمت بنا وفي الساحة الإعلامية، برحيل الأخ والصديق وزميل المهنة علي حسن الجابر الذي استشهد بعد أن تعرض لطلق ناري متعمد من أيادي مليشيات الغدر والخيانة في ليبيا التي تصارع إلى آخر رمق للخروج من جحيم الديكتاتورية التي خنقتها لأكثر من أربعين سنة ونيف. كل من عرف بوعبدالله شهد له بحسن الأخلاق والعشرة، والحضور المتميز، وخفة الظل، والابتسامة الدائمة حتى في أحلك اللحظات ومرارتها. ولم يكن غريبا على بوعبدالله وهو مدير مكتب قناة CNBC عربية بالدوحة، ورئيس قسم التصوير في الجزيرة أن يحمل كاميراته ويذهب ليغطي الاحداث في أسوأ مكان حاليا على وجه الأرض، وفي معركة قد يعتقد البعض انه ليس فيها له ناقة ولا جمل، وانه بإمكانه ان يرسل أي شخص يقوم بالعمل نيابة عنه! لكنها ليست المرة الأولى التي يقدم عليها بشجاعته المعهودة، لقد فعلها من قبل في أفغانستان وباكستان وفي أكثر من مكان في العالم اشتعلت فيه الصراعات والحروب. انه سر العشق النادر للمهنة ومتاعبها، والهوس بكتابة التاريخ والمساهمة في صناعته، وتسجيل اللحظة الفاصلة، والشهادة على مرحلة زمنية بكل تجلياتها من خلال العين الثالثة وهي الكاميرا معشوقته الأبدية. انه الإيمان بسلاح الإعلام الذي يصنع الفرق في تاريخنا اليوم، في حين أخفقت كل آليات ووسائل التغيير الأخرى في العالم العربي الذي يعيش فيه معظم الديكتاتوريين في العالم!
إن الدور المميز الذي يقوم به أمثال علي الجابر مع اخوانه في الجزيرة من مراسلين ومذيعين وفنيين وإداريين ومسئولين جعلها تسيطر على الساحة الإعلامية العربية، وحولها إلى واحدة من أهم القنوات العالمية الأكثر متابعة من الشعوب، وقد رفع شعارها في عدد كبير من التظاهرات وفي أكثر من دولة عربية، وهو ما عزز من الدور الكبير الذي أدّته هذه المحطة لمصلحة معظم الثورات التي تشهدها الدول العربية. حيث كتب عنها مارك لينش، المحاضر في جامعة جورج واشنطن والمتخصّص في وسائل الإعلام العربية: «قد لا تكون الجزيرة سبب هذه الأحداث، لكن من المستحيل الاعتقاد أنّ كلّ ما حصل كان يمكنه أن يتحقق من دونها. فلم يكن يستطيع أبناء الثورات ليحققوا النجاح ذاته لو لم تحتضنهم الجزيرة وتنقل صوتهم وصورهم في الشوارع وفي الميادين العامة. ودعونا نتخيل ما الذي كان من الممكن أن يحصل على ساحة المشهد الإعلامي العربي من دون «الجزيرة».؟!
مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا في المنظمة مالكوم سمارت أكد أن فريق الجزيرة بقيادة علي الجابر قد استهدف بطريقة مقصودة ووحشية. وقد أتى الهجوم بعد فترة وجيزة من اعتقال وتعذيب قوات القذافي لفريق تابع للـ بي بي سي الذي تعرض للضرب وعمليات الإعدام الوهمية — وصحفيين آخرين، إلا أن عملية القتل هذه هي الحادثة الأكثر إثارة للقلق". ودعا سمارت إلى تحقيق أممي في الاعتداءات والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون في ليبيا وتقديم قتلة الجابر إلى العدالة لينالوا جزاءهم. وقال سمارت: من الضروري أن تكون جريمة القتل هذه والانتهاكات الأخرى بحق الصحفيين جزءا من تحقيقات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الوضع في ليبيا. إن أولئك المسؤولين عن مقتل علي حسن الجابر يجب أن ينالوا نتيجة أفعالهم.
التقرير الأخير الذي أعدته منظمة اليونيسكو، أشار الى أن جرائم قتل الصحفيين تزداد بشكل لافت للانتباه في البلدان التي تعيش في حالة سلام، بسبب الكشف عن قضايا تتعلق بالفساد والاتجار في المخدرات وانتهاك حقوق الإنسان فما بالك بالدول التي تعيش حالة حرب وصراعات مسلحة؟! وأدانت المنظمة الدولية قتل 125 صحفيا وإعلاميا ما بين سنتي 2008 و2009، واحتلت الفلبين الريادة في أعمال العنف ضد رجال الإعلام مع تراجع ملحوظ بالعراق التي تعرف نزاعات مسلحة واشتباكات يومية، وأكد تقرير منظمة اليونيسكو أنه من بين 28 دولة اغتيل فيها صحفيون بين عامي 2006 و2007 لم تستجب سوى 15 دولة لطلب رفع تقرير مفصل عن هذه الجرائم إلى المنظمة للتحقيق في خلفيات الاغتيالات، وأوضحت اليونيسكو أنها وضعت مشروع قرار جديدا سيناقش خلال اجتماع المجلس الدولي لتنمية الاتصال يطالب بمتابعة المنظمة لجرائم قتل الصحفيين والإعلاميين التي تدينها المنظمة، كما اقترحت الوقوف دقيقة صمت في كل صالات التحرير في العالم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3 مايو تحية للصحفيين الذين قتلوا في حالة القيام بمهامهم النبيلة.
من الضروري ألا ننسى شهداءنا وابطالنا الحقيقيين الذين ضحوا بأنفسهم ليحملوا لنا خبرا عاجلا أو صورة من ارض المعركة لكي نعرف ما يدور في العالم ومن حولنا ونحن نجلس في بيوتنا على الكراسي المريحة ندين ونشجب ونستنكر او نؤيد ونبارك وندعو. يجب أن يتذكر المجتمع أبناءه البررة ويكرمهم من خلال تخليد أسمائهم على يافطات الشوارع والأماكن والمباني الوطنية، وإقامة الرموز التذكرية احتفاء بمواقفهم، وتصوير حكايتهم وقصصهم في الكتب والمراجع التي تتناول تاريخ الوطن وحاضره.
إنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل في شهداء الأمة العربية الإسلامية الشرفاء واللهم ارحم ابا عبدالله، اللهم طيب ثراه وأكرم مثواه واجعل الجنة مستقره ومأواه... اللهم كن له بعد الحبيب حبيباً ولدعاء من دعا له سامعاً ومجيباً... اللهم اشرح قلب أهله وأبنائه وأحبابه إنك غفور رحيم مجيب الدعاء، اللهم آمين.

الأربعاء، 9 مارس 2011

التدوين.. رياح التغيير تدخل من النوافذ الصغيرة

2011-03-09
جريدة الشرق

المدونات القطرية تنمو وتنضج ويكثر متابعوها مع الأيام
حراك جامد وتغيير بطئ في الصحف ووسائل الإعلام في قطر
ضرورة إجراء تحولات في السياسات التحريرية والإدارية والتسويقية الإعلامية
37% من النساء ناشطات على مواقع الشبكات الاجتماعية

تغير الحال خلال الأشهر الماضية بشكل مغاير تماما.. صباحي يبدأ من لحظة النهوض من الفراش إلى الإمساك بجهاز التحكم بقنوات التلفزيون الريموت كنترول لمشاهدة المحطات الإخبارية الفضائية الأجنبية على الشاشة الفضية، والمحطات العربية على مواقع الانترنت لمتابعة ما تحمله من أخبار جديدة عن المظاهرات والاحتجاجات والأوضاع المستجدة في مختلف الدول العربية. بعدها أتصفح البريد الالكتروني ورسائله الجديدة، لأنتقل لقراء الصحف المحلية والعالمية على الانترنت، وأتابع بعدها المدونات الشخصية (Blogs) التي بدأت تنتشر كالورود اليانعة في حديقة الانترنت، ومنها المدونات القطرية وان كان عددها لا يزال محدودا، فهي تنمو وتترعرع وتنضج ويكثر متابعوها مع الأيام. وهي أصبحت عامل اهتمام واستقطاب، لان هناك العديد من المعلومات والأخبار والتقارير الصحفية والمقالات والآراء والأطروحات يتم نشرها وتناولها والتعليق عليها في المدونات ولا تستطيع الصحف ووسائل الإعلام المحلية التطرق إليها أو حتى الاقتراب منها.. من المدونات المميزة هناك مدونة د. حسن السيد، د. لولوة المسند، نورة آل سعد، عبدالعزيز الخاطر، نورة الخاطر، عبدالله العذبة، وحسن الأنصاري، ومدونة نحو مجلس تشريعي منتخب، وشباب قطر ضد التطبيع وغيرها. كما أن هناك نسبة كبيرة من القطريين يستخدمون موقع فيس بوك (Facebook) وموقع تويتر (Twitter). وحسب دراسة تناولت ظاهرة الإعلام الاجتماعي في العالم العربي الصادرة عن كلية دبي (2011)، حصلت قطر مع الدول الخليجية على المواقع الخمسة الأولى في العالم العربي فيما يخص مستخدمي الموقع الاجتماعي فيس بوك قياساً إلى عدد سكانها. الملاحظ أن نسبة البحرينيين مقارنة مع دول الخليج الذين يستخدمون موقع تويتر وصل إلى 80% خلال أيام معدودة، وذلك بعد الأحداث الأخيرة على الساحة البحرينية. واتجه عدد كبير من العمانيين إلى موقع (الفيس البوك) احتجاجا على تجاهل وسائل الإعلام المحلية تغطية التظاهرات في صحار. خبر طريف نشر في وسائل الإعلام عن تسمية مواطن مصري مولودته (فيس بوك)، التي ولدت بعد ثورة 25 يناير، امتنانا للدور الذي لعبه موقع "فيس بوك" في انتصار الثورة المصرية؟!
اريك ريموند في كتابه "الكنيسة والسوق"، يذكر أن مجتمع المدونات المفتوح عبارة عن "هدية ثقافية"، لأنه مجتمع تسوده ثقافة العطاء والمشاركة بدلاً من نظام الأوامر والسلم الوظيفي. كما أن هناك مدونين بدأوا عملهم الصحفي فقط عبر المدونات، ثم تألقوا بعد ذلك في مجال العمل الإعلامي. والكثير من المدونين يوضحون أن الهدف من مدوناتهم هو النقاش وبناء الشبكات الاجتماعية. موقع قنطرة الإعلامي يشير إلى أن المدونات العربية بدأت في الظهور بشكل تدريجي منذ سنة 2003، لكن عددها كان قليلاً، ولم تكن كلمة "مدونة" شائعة باللغة العربية. ورغم قلة عدد المدونين، إلا أن جودة المدونات كانت لافتة. وخلال السنة التالية بدأت ظاهرة التدوين في الانتشار وسط مستخدمي الإنترنت العرب، وبدأت الصحافة العربية تقارب، ولو بشكل محدود، موضوع المدونات. ثم ظهرت خدمات تدوين مجانية باللغة العربية، لتبسيط إنشاء المدونات للعرب. خلال السنوات الأولى لانتشار التدوين عربيا، كانت خدمة (Blogger) المملوكة لجوجل أفضل وأشهر خدمة تدوين مجانية، لكن بحكم أنها كانت بالانجليزية فقط، آنذاك، بقيت حكرا على فئة من مستخدمي الانترنت العرب، القادرين على التعامل مع اللغة الانجليزية وعلى الصعوبات التقنية لبلوجر. لم يكن إنشاء المدونات آنذاك سهلا، لذلك كان عددها قليلاً. لكن في وقت لاحق، ظهرت خدمات تدوين عربية أرادت تقديم خدمات شبيهة ببلوجر. كشفت دراسة قام بها موقع "يو غوف سراج" (You Gov Siraj) في عام (2010)، أن المرأة العربية تتمتّع بمهارة عالية في استخدام الانترنت، إذ تبيّن أن 71 بالمائة من النساء اللواتي شملهن الاستطلاع منتسبات إلى إحدى الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، وتتواصل 66 في المائة منهن يومياً مع أصدقائهن من خلاله.بينما تمتلك 83 في المائة خدمة إنترنت في منازلهن، وتقضي 34 بالمائة منهن ما لا يقل عن 10 ساعات أسبوعياً في استخدام شبكة الإنترنت، اتّضح أن 37 بالمائة من النساء اللواتي شملتهن الدراسة ناشطات على مواقع الشبكات الاجتماعية ويشاركن في المنتديات ومواقع التعارف (فيس بوك، تويتر، هاي 5)، بينما تقوم ما نسبته 45 بالمائة منهن بتصفح المجلات الرقمية. وجاءت نسبة حضور المرأة العربية في الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، مع تصدّر موقع "فيسبوك" المركز الأول كموقع للتواصل الاجتماعي بين النساء العربيات، بنسبة 91 بالمائة في لبنان، تليها مصر بنسبة 80 بالمائة والإمارات 78 بالمائة والأردن 70 بالمائة والكويت وقطر 68 بالمائة والبحرين 66 بالمائة والسعودية 64 بالمائة وسلطنة عُمان 55 بالمائة وسوريا 45 بالمائة.
وبين الحراك الكبير المتنامي الذي يدور في العالم الافتراضي على الانترنت نواجه الحراك الجامد والتغيير السلحفائي البطئ في الصحف ووسائل الإعلام في الساحة القطرية. ولا عجب أن الكثير لا يصدق أن الجزيرة تنطلق من قطر، ومن نفس الموقع الجغرافي بالهيئة العامة القطرية للإذاعة والتلفزيون، وللذي لا يقع بعيدا عن مباني الصحف المحلية!. زميل مهنة من مصر كان في زيارة للدوحة قبل عدة أيام بعد النصر الكبير الذي حققته ثورة اللوتس المصرية صارحني قائلا "اسمع كلامكم في الجزيرة عن الحرية أصدقكم وأشوف وسائل إعلامكم المحلية أتعجب" هناك تحديات جمة تواجهها اقتصادات صناعة الإعلام والصحافة في العالم وفي مجتمعنا الصغير أيضا، لذا يجب أن نصحو من الغفلة التي نعيش فيها معتمدين على التوجهات الرسمية في الدعم والمساندة وتقرير المصير؟ من الضروري أن يتم إجراء تحولات حادة في المنهجيات السيادية والتحريرية والإدارية والتسويقية في الصحف، تشمل دمج آليات عمل المنتجات الصحفية، المطبوعة والإلكترونية والمرئية ومحتوى الهاتف المتحرك، داخل صالة التحرير ومراكز الأخبار بطريقة ذكية ومحورية وتفاعلية بين العاملين على الوسائل، وكذلك تطوير الصحيفة بنسختيها الورقية والإلكترونية بشكل متواز، وليس متناسخا، بمعنى وجود مواد خاصة وحصرية للصحيفة الإلكترونية تتفق وجمهور شبكة الإنترنت أو الهاتف الجوال غير تلك المواد المنشورة في الورقية، ويتم تحديث الأخبار باستمرار لجذب القارئ لزيارة المواقع بشكل مستمر وليس مرة واحدة في اليوم أو في أوقات الحاجة! إن الصحافة تعد المحرك الرئيس لصناعة الأحداث وتحريكها وتغطيتها، في أمريكا على سبيل المثال تقوم الشبكات الإعلامية الأخرى مثل المحطات الإخبارية والفضائية بنقل ومعالجة ما تنشره الصحف اليومية، في حين نجد أن صحافة في مجتمعنا تقوم بنشر ما تبثه الفضائيات، وهنا الإشكالية، فالأصل أن تقوم الصحافة ببناء الأخبار وصناعتها، وتحديد أولويات واتجاهات القنوات الإخبارية، لا أن تقوم بعكس الآية؟!
العام قبل الماضي طالبت المؤسسات الإعلامية والصحفية في قطر باستيعاب التغيير واستقطاب المدونين الشباب من خلال وضع برامج تدريب وورش عمل للمهتمين بالتدوين وتوفير مساحات لنشر إنتاجهم من المقالات والآراء والصور والفيديو، وأن تقوم بإنشاء صفحات تفاعلية مع القراء على موقعها الالكتروني، وللأسف لم يتغير الحال ولم يستوعب الزملاء المهنة ماذا يجرى من تغيير حولهم وفي العالم إلى كتابة هذه السطور؟! لذا أوجه دعوة معاكسة لزملائي المدونين هذه المرة في خضم التغيرات الكبيرة التي تحدث في العالم العربي والدور الذي يلعبه الإعلام الجديد والمواقع الاجتماعية، أن يحتضنوا كتاب الصحف وينشئوا مواقع الكترونية تجمع الآراء والمقالات والأفكار والتعليقات التي لا تنشرها الجرائد المحلية ووسائل الإعلام الأخرى. وادعو كل كتاب الأعمدة والمقالات ألا يحرموا أنفسهم من الفرصة التاريخية ويضعوا بصمة لهم في العالم الافتراضي المستقبلي من خلال إنشاء مدونة شخصية على الانترنت يسطرون فيها ما يدور في خلجاتهم بلا رقباء أو رؤساء تحرير، ويتخلصون من عقدة التذمر والشكوى بحجة عدم نشر إنتاجهم.

الأحد، 6 مارس 2011

صورة العالم العربي هل تتغير بعد الثورات العربية؟!

جريدة الشرق
7 مارس 2011

اليابان بعيون عربية (5)

لم أكن ارغب في مغادرة اليابان من دون مقابلة احد أهم الشخصيات (المستعربة) اليابانية المختصة في مجال الدراسات العربية وهو (نوبوأكي نوتوهارا)، الذي أثار كتابه "العرب وجهة نظر يابانية" الكثير من الجدل والعديد من الحوارات والنقاشات على جميع المستويات، ولا يزال كذلك كلما تطرق الحديث حول صورة العرب سواء في الغرب أو الشرق؟! للأسف انه برغم المحاولات، لم يسمح الجدول المزدحم بالسفر والزيارات والمقابلات في انجاز الرغبة الدفينة وربما هي حافز للعودة مرة أخرى إلى اليابان في المستقبل القريب لتحقيقها؟! ولد نوتوهارا عام (1940) في اليابان ودرس اللغة العربية وعلومها في بجامعة طوكيو، وحصل على زمالة في جامعة القاهرة، و زار بلاد الشام، وعاش مع البدو الرّحَّل، واليمن، والمغرب وغيرها من الدول العربية. وكانت اهتماماته الأدبية منصبة إلى ترجمة القصة القصيرة العربية. وكتابه "العرب وجهة نظر يابانية يقع في مائة وإحدى وأربعين صفحة، يتناول فيها تجربته في بلاد العربان. ومن أهم الملاحظات النفسية البارزة لتي يشير لها نوتوهارا عن العرب، أنهم يعانون من عقدة الشرف، وأنها عقدة تتحكم في مجمل سلوكياتهم. فقد كانت تربية العربي على يدي الخطاب التقليدي تؤكد له أن استشعار عيوب الذات هو استشعار للعار، فتكون النتيجة أن يهرب من هذا العار إلى لغة النقائض الشعرية: تبجيل الذات، وانتقاص الآخرين، وكأن ما يحدث على مستوى الكلام، يحدث على مستوى الواقع، فالانتصار اللفظي، يعيه العربي بوصفه انتصارا فعليا.
يذكر نوتوهارا أن الهاجس الأول الذي يشغله عند زيارته لعاصمة عربية هي غياب العدالة الاجتماعية « وهذا يعني غياب المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه الناس، مما يؤدي إلى الفوضى. ففي غياب العدالة الاجتماعية وسيادة القوانين على الجميع بالتساوي يستطيع الناس أن يفعلوا كل شيء. ولذلك يكرر المواطنون دائما.. كل شيء ممكن هنا. وأضيف كل شيء ممكن لأن القانون لا يحمي الناس من الظلم. تحت ظروف غياب العدالة الاجتماعية تتعرض حقوق الإنسان للخطر. ولذلك يصبح الفرد هشا ومؤقتا وساكنا بلا فاعلية لأنه يعامل دائما بلا تقدير لقيمته كإنسان.. واستغرب باستمرار لماذا يستعملون كلمة الديمقراطية كثيرا في المجتمع العربي؟ ان ظروف الواقع العربي لا تسمح باستعمالها لأن ما يجري فعلا هو عكسها تماما». وهو يؤكد بأنه عندما تغيب الديمقراطية ينتشر القمع، وأن انتشاره هو واقع لا يحتاج إلى برهان في البلدان العربية. فالحاكم العربي حاكم مدى الحياة بالدولة كيفما كانت: على أساس ديني أو ملكي أو جمهوري أو كانت إمارة أم سلطنة. ويستنتج بأن الناس لذلك لا ينتظرون شيئاً لصالحهم. وهو يشير لمثال آخر أن معظم الصحف العربية تمنع من الدخول من بلد إلى بلد، والرقابة على الكتب والمجلات ليست بأقل من الرقابة على الصحافة. هنا مئات الكتب العربية، وغير عربية ممنوعة في معظم البلدان العربية، وخاصة الكتب التي تعالج الحقائق اليومية الملموسة للناس، والكتب التي تتعرض للدين أو الجنس أو حياة الفئات الحاكمة أو تتكلم عن واقع السجون والحريات العامة وما شابهها.. وهناك في كل سنة في معارض الكتب العربية قوائم طويلة بالكتب الممنوعة دون أن يستثنى من ذلك بلد عربي واحد.
ويسوق نوتوهارا في حديثه على انعدام الشعور بالمسئولية في الكثير في الدول العربية مثلاً على ذلك زيارته صديق له، ويقول: «عندما وصلتُ للحيّ الذي يسكنه فاجأتني القاذورات، وفضلات الطعام، وكافة أشكال النفايات، وأكياس الزبالة، كانت منشورة بعشوائية على الأرض،والشارع والزوايا...وصلتُ إلى البناية التي يسكن فيها ذلك الصديق، المدخل كان قذراً، والدرج أيضاً، ولكن لدهشتي فقد وجدتُ عالَماً آخر خلف باب صديقي. كان البيتُ نظيفاً للغاية، وكان مُرتَّباً، وأنيقاً، ومُريحاً. لقد فهمتُ أنّ كلّ ما يخص الملكية العامة يُعامله الناس كأنّه عدوّ فينتقمون منه، ولذلك نجد المقاعد في الحدائق العامّة مُكسَّرة، أو مخلوعة، ونجد معظم مصابيح الشوارع مُحطَّمة، كما أنّ دورات المياة قذرة بصورة لا توصف، وحتى المباني الحكومية فقد لحق بها كلّ أنواع التخريب الممكنة. تلك المظاهر السلبية اختفت من المجتمع الياباني. ولكنها لم تختف منذ زمن طويل. لقد استمرت إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية بسنوات. ولكننا انتصرنا عليها وتحررنا منها وعرفنا مسؤوليتنا عن الملكية العامة معرفة جيدة.
ويعقد نوتوهارا مقارنة بالاهتمام بالمواهب الطفولية واحتوائها وتنميتها وإبرازها، ويروي حكاية طفل عربي كان في السّادسة من عمره عندما قابله أوّل مرّة. " كل شيء في ذلك الطّفل كان يوحي بأنّه سيصبح كاتبًا أو شاعرًا لو كان طفلاً في اليابان. بعد عشر سنوات رمى الطفل موهبته كلّها وأصبح راعيًا نموذجيًا كما يتوقّع منه المجتمع. لقد قابلتُ فتيات وفتياناً صغاراً موهوبين ولكنّهم انتهوا إلى أفراد عاديين لأنّهم لم يجدوا أي نوع من الرّعاية لأنّ المجتمع يحتاج إلى قدرة واحدة تناسبه كراع. المجتمع العربي عامة ليس عنده استعداد ليربي المواهب ويقوّيها. الأمر مختلف عندنا في اليابان لأننا نعتبر الموهبة الفردية قدرة تحقق نجاحًا في حياتنا. ولذلك يراقب الوالدان الطفل ويدققان في قدراته في الموسيقى والعلم والرّياضة. هذه ظاهرة اجتماعيّة عامّة في اليابان. كل والدين يراقبان، يبحثان، بعدئذ يقدمان كل إمكانياتهما لدعم موهبة الطفل."
وفي موقف أخر عن تصرفات الشاذة بطلها طفل أيضا شاهده في أحدى الدول العربية يقول نوتوهارا «كنتُ أجلس في بيت العُمدة في الريف، وكنّا نرى الشارع مباشرة، ولقد شاهدتُ يومها طفلاً يلف خيطاً على عنق عصفور صغير ويجرّه وراءه، والعصفور يرفرف على التراب. كان الطفلُ وكأنه يجر حماراً أو كلباً، وكان الناس يمرون بجانب الطفل دون أن يقولوا له شيئاً! إذن كان المنظر طبيعياً بالنسبة لهم; طفل يتسلى بلعبة! لقد فهمتُ الأمر وما شابهه على النحو التالي: ضعيف تحت سيطرة قويّ، والناس يقبلون سلوك المسيطِر القويّ، ويرضخون له... وبالنسبة لي فإنّني أتساءل: إذا سمح المجتمع بهذا المنظر فإلى أين سيصل؟».
من العبارات "المهمة" التي تطرق لها نوتوهارا انه كثيرا ما واجهه هذا السؤال في البلدان العربية: لقد ضربتكم أمريكا بالقنابل الذرية فلماذا تتعاملون معها؟ وهو يشير إلى أن "العرب عموما ينتظرون من اليابانيين عداء عميقا لأمريكا. ولكن طرح المسألة على هذا النحو لا يؤدي إلى شيء. علينا نحن اليابانيين أن نعي أخطاءنا أولا ثم نصححها. المشكلة ليست في أن نكره أمريكا أم لا. المشكلة في أن نعرف دورنا بصورة صحيحة ثم نمارس نقدا ذاتيا بلا مجاملة لأنفسنا بعدئذ نختار الطريق الصحيح. ويختتم مقدمة كتاباته بعبارات بقوله" لماذا لا يستفيد العرب من تجاربهم؟ لماذا لا ينتقدون أخطاءهم؟ لماذا يكررون الأخطاء نفسها؟ نعرف أن تصحيح الأخطاء يحتاج إلى وقت، لكن السؤال هو: كم يحتاج العرب من الوقت لكي يستفيدوا من تجاربهم ويصححوا أخطاءهم ويضعوا أنفسهم على الطريق السليم؟
يورد نوتوهارا قصة جميلة معبرة على شكل حوار مع الكاتب يوسف إدريس الذي زار اليابان عدة مرات، وقال له : إنه كان يبحث عن سر نهضة اليابان التي أدهشت العالم، والأسباب العميقة التي جعلت بلدا صغيرا معزولا كاليابان يصبح قوة صناعية واقتصادية كبرى. وبعد الزيارة الثالثة سأله: هل وجدت الإجابة في اليابان ؟ قال نعم! عرفت السبب. مرة كنت عائداً إلى الفندق في وسط طوكيو حوالي منتصف الليل، ورأيت عاملاً يعمل وحيداً. فوقفت أراقبه لم يكن معه أحد. ولم يكن يراقبه أحد ومع ذلك كان يعمل بجد ومثابرة كما لو أن العمل ملكه. عندئذ عرفت سبب نهوض اليابان: شعور ذلك العامل بالمسؤولية النابعة من داخله بلا رقابة. وعندما يتصرف شعب بكامله مثل ذلك العامل فإن ذلك الشعب جدير بأن يحقق ما حققتموه في اليابان.
قد تكون مجمل الآراء والانطباعات التي خرج بها نوتوهارا عن العرب صادمة للكثيرين ولكنها صورة تمثل ملامح من الأوضاع المزرية التي يعيشها العرب في عالم تتحكم به الأنظمة الشمولية المستبدة، وربما تكون مرحلة التغير في الدول العربية التي بدأ في تونس ومصر، بداية تشكيل نماذج مغايرة تبرز ملامح أكثر إشراقا لصورة الإنسان العربي الجديد؟!

الأربعاء، 2 مارس 2011

الثورة الليبية النظام يريد إسقاط الشعب

2011-03-02
جريدة الشرق

رغم المليارات ثلث الشعب الليبي يعيش تحت خط الفقر!
الشعوب تتفاعل مع القطط.. والجرذان.. ومتعاطي المخدرات وحبوب الهلوسة؟!
أعراض مرضية سرطانية أصيبت بها الأنظمة العربية الشمولية
شهداء ليبيا سنبلة تموت اليوم لتملأُ الوادي سنابلْ غداً

من سخرية الأقدار أن يكون مبنى المحطة المتهمة في محاولة إسقاط نظام القذافي (الجزيرة) كما جاء في الخطب القذافية الأخيرة الطويلة منها والقصيرة، يفصل بينها وبين السفارة الليبية حائط وموقف في الشارع المقابل لحديقة الهيد بارك (Hyde Park) الشهيرة في لندن. أما في الجهة القريبة من زاوية الحديقة سيلفت نظر العابر هناك الاحتجاجات اليومية التي تقوم بها مجموعة من الشعب الليبي المغترب من رجال ونساء وأطفال، ضد استمرار النظام في السلطة واللجوء إلى المجازر والقمع ووقف إراقة دماء أبناء الشعب، وسيلاحظ أنهم يرفعون أعلام الاستقلال بشرائطها الملونة وهلالها ونجمتها مقابلا لشعار محطة الجزيرة؟ لن استغرب إذا تم تغير الشعار الشهير الذي انتشر في الستينيات بعد مرحلة الاستقلال من قبل "القومية، أو الدين، أو اليسارية، الديمقراطية هي الحل" إلى شعار عربي جديد وهو "الإعلام هو الحل" لتغيير الأنظمة الشمولية في العالم العربي؟! عند شارع الحديقة الخلفي أيضا وامتدادا إلى شارع المبنى التجاري (هارودز)، هناك الاحتجاجات والمظاهرات واللافتات المناهضة لديكتاتورية الأنظمة العربية المستبدة وتورث السلطة وتزوير الانتخابات وحقوق الانسان، وكل دولة عربية لها حظوة ونصيب من الهجوم والنقد دون استثناء من الخليج ومظاهرات بدون الكويت وفقراء البحرين إلى تغيير النظام اليمن وصولا إلى السودان والجزائر وموريتانيا. يالله لقد بدا المشهد العام مغايرا تماما، حتى الصورة النمطية التي ارتبطت بالعرب في تعليقات الصحف البريطانية نفسها كما تابعتها في الأيام الماضي من عاصمة الضباب لندن تحولت وتبدلت، وهي التي كانت قبل عدة أشهر فقط تركز على فئة من العرب، وعلى مخالفاتهم وكسرهم للأعراف وللقوانين المرورية، وتصرفاتهم واهتمامهم بأمور تافهة وسخيفة، فالمعروف عن صناعة الصورة التي ميزت العرب عن غيرهم بشكل عام أنه لم تكن لهم قضية حقيقية تشغلهم؟!
النظام الليبي يعاني من نفس الأعراض المرضية السرطانية التي أصيبت بها الأنظمة العربية الشمولية، والتي تقضي عليها واحدا بعد الآخر. غيبت الدولة ومؤسساتها واقتصرت صناعة القرارات المصيرية على أيدي أشخاص معدودين استحوذوا على المال والثروة والسلطة وأراضي ومشاريع ومقدرات الوطن، ونمت أرصدتهم المصرفية بالمليارات في الداخل والخارج على حد سواء، بينما يعيش المواطن على رغيف الفقر والحرمان والبؤس والجهل والتخلف والمرض، ولكي تحكم قبضتهم الحديدة جيرت المنظومة السياسية والاقتصادية والعسكرية والتعليمية لكي يسبح بحمدهم بالغدو والآصال الرجال والنساء والأطفال، ومن يخرج منهم عن التعاليم المقدسة والكتاب الأخضر والأحمر والبنفسجي هو كافر وزنديق ويستخدم حبوب المخدرات والهلوسة يجب سحقه والقضاء عليه مثل القطط والكلاب الضالة والجرذان؟!
لا تكمن المشكلة مع القذافي كشخص فقط بل مع العقلية "القذافوية" وجماهيرها العربية التي ناصرتها وشجعتها ورعتها وروجت لها ومدحتها وسوقتها في المحافل والمنتديات، منهم زعماء وقادة وأدباء وكتاب وإعلاميون ومثقفون وفنانون ومشايخ وعلماء دين، ولم يبد هؤلاء أي أسف وندم وحسرة أو اعتذار، وبعضهم لا يختلف عن الذين غيروا جلدهم كالحرباء كما فعلوا مع الرئيس المصري السابق، والتونسي من قبله بعد سقوطهما! لقد أشادوا بعقلية العقيد الفذة كفيلسوف العصر ومجدد الأمة الذي حل مشكلة الصراع العربي - الإسرائيلي في نظرية "اسراطين"، وطرده آلاف الفلسطينيين العاملين ليعودوا إلى وطنهم الجديد، بعد اتفاق أوسلو؟! وارجع إليه الفضل في إعادة اكتشاف مفهوم الديمقراطية وحكم الشعب ليس عن طريق الشعب بل عن طريق اللجان الثورية التي أطلق عليها "ديمومة الكراسي". وهو عندهم كان البطل المغوار الذي لا يشق له غبار، الذي رفض رئيس اكبر دولة في العالم (رونالد ريجان) منازلته في ساحة عامة على طريقة "الكاوبوي". وهو راعي الشهامة ورافع راية العروبة الأصيلة، الحامل خيمته العربية أينما اتجهت قافلته في العالم عند مبنى الأمم المتحدة في نيويورك أو قصر الاليزيه في باريس أو الجامعة العربية بالقاهرة. وهو الزعيم الثائر على الامبريالية وحاربها عن طريق دعم المجموعات الانفصالية المسلحة في أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وتفجير الطائرات مثل قضية لوكربي (Lockerbie). وهو الداعية الإسلامي الكبير الذي دعا مئات الفتيات الايطاليات إلى الدخول في الإسلام ووزع عليهن نسخة من القرآن الكريم و"الكتاب الأخضر" الذي ألفه، واطلق عليه إنجيل العصر الحديث، ومبلغا ماليا قدره 50 يورو! هو أيضا المصلح الاجتماعي العظيم، محرر المرأة الذي وضع مصيره في أيدي النساء دون الرجال، وعين نحو 400 حارسة خاصة له، واشترط عليهن العذرية وعدم الزواج، وتوافر قدر معين من الجمال، والقوام الفارع والبنية القوية الشبيهة ببنية الرجال، والولاء المطلق؟!
لقد حول الزعيم الثوري خلال فترة حكمه التي تمتد زهاء 42 عاماً، ثلث الشعب الليبي إلى العيش تحت خط الفقر، بينما تراوحت ثروة عائلته بين 80 و 130 مليار دولار - تتوزع حول 50 بلدا في العالم، وتتركز معظمها في أوروبا وبعض دول الخليج، وفي بنوك أمريكية، ويدير هذه الأموال المهندس نجل العقيد، الذي يتمتع بنفوذ في تحريك الثروات، وفي شراء الأسهم وعقد الصفقات. تُعتبر ليبيا ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في إفريقيا، ويقدر حجم احتياطاتها بأكثر من 45 مليار برميل، كما تمتلك احتياطات من الغاز الطبيعي تقدر بـ1500 مليار متر مكعب مما يجعلها تحتل المركز الرابع إفريقياً. وتستطيع ثروة القذافي التي استولى عليها من مال الشعب، أن تسد حاجة سكان العالم العربي، البالغ تعدادهم نحو (340 مليون نسمة) من واردات الغذاء بين 3 و4 سنوات؟!
عندما احرق نيرون روما عام (64م)، جلس يغني بأشعار هوموروس وتناول بيدية آلة للطرب وجعل يتمتم من كلمات القصائد والأغاني التي قالها الشعراء في وصف طروادة أثناء احتراقها، وظل يتفرج لأكثر من أسبوع على البشر من رجال ونساء وأطفال وهم يحترقون، كما زاد في بطشه وفجوره للأحياء منهم ولم يترك أية وسيلة لتعذيبهم والتنكيل بهم إلا وفعلها، إلا أن ثار الشعب وممثلوه على سلطته وجبروته وأعوانه، فمات منتحراً في عام 68م. تصرفات نظام العقيد تعيد أحداث الماضي الدموي الاستعماري في ليبيا، من خلال قصف طرابلس وغيرها من المدن، سواء بالطائرات أو المدافع وغيرها من الأسلحة الثقيلة، والاستعانة بقوات المرتزقة التي تضم جنودا أفارقة من التشاد والنيجر والصومال وطيارين من صربيا وأوكرانيا، ضد الشعب في محاولة مستميتة للبقاء في السلطة. النظام يهدد ويتوعد بالقتل والملاحقة ولم يقدم على تنازل واحد، فلم يتم التطرق إلى مطالب الإصلاحات السياسية والاقتصادية، العدالة اجتماعية، المشاركة السلطة، الانتخابات البرلمانية، لا اعتراف بالمطالب الحقوقية الأساسية للشعب الثائر، فلا احترام لحقوق الإنسان والحريات والرأي والتعبير والخروج والتظاهر، ولا حتى اعتذار على مقتل المئات برصاص قوات الأمن والمرتزقة! لقد قال العقيد في احدى خطبه العرجاء، إن "الشعب الذي لا يحبني لا يستحق الحياة". إن الشعب الليبي يستحق الحياة والعيش الكريم، ولقد آن الأوان أن يسقط هذا النظام الاستبدادي المنبوذ والمحاصر شعبيا وإقليميا ودوليا أمس وليس اليوم، يقينا أؤمن بأنها مسألة أيام معدودات ويرمى في مزبلة التاريخ؟!
من النوادر الطريفة انه سأل رجل غربي، مواطنا عربيا، قائلا: ما طموحاتك المستقبلية؟ فأجاب العربي: طموحي يكمن في الحصول على وظيفة محترمة، وسكن نظيف، وعيشة كريمة، فقال له الغربي: يبدو انك لم تفهم سؤالي يا سيدي؟ لقد سألتك عن طموحاتك وليس عن حقوقك؟! لقد مات نيرون وذهب إلى مزبلة التاريخ، وظلت روما عاصمة الجمال والصمود والحب والحياة، ومثلها ستظل طرابلس عاصمة الشعب الليبي العظيم بعد العقيد. رثاء لشهداء الثورة الليبية، استشهد بأبيات من قصيدة محمود درويش في أوراق الزيتون التي يقول فيها (نيرون مات، ولم تمت روما، بعينيها تقاتلْ!وحبوبُ سنبلةٍ تموت ستملأُ الوادي سنابلْ).