الأربعاء، 16 مارس 2011

العين تدمع.. والقلب يحزن.. وإنا لفراقك يا "بوعبدالله" لمحزونون

2011-03-16

ان العين لتدمع يا علي وان القلب ليحزن يا بوعبدالله وإنا لفراقك يا أخي لمحزونون، إنها فاجعة عظيمة ألمت بنا وفي الساحة الإعلامية، برحيل الأخ والصديق وزميل المهنة علي حسن الجابر الذي استشهد بعد أن تعرض لطلق ناري متعمد من أيادي مليشيات الغدر والخيانة في ليبيا التي تصارع إلى آخر رمق للخروج من جحيم الديكتاتورية التي خنقتها لأكثر من أربعين سنة ونيف. كل من عرف بوعبدالله شهد له بحسن الأخلاق والعشرة، والحضور المتميز، وخفة الظل، والابتسامة الدائمة حتى في أحلك اللحظات ومرارتها. ولم يكن غريبا على بوعبدالله وهو مدير مكتب قناة CNBC عربية بالدوحة، ورئيس قسم التصوير في الجزيرة أن يحمل كاميراته ويذهب ليغطي الاحداث في أسوأ مكان حاليا على وجه الأرض، وفي معركة قد يعتقد البعض انه ليس فيها له ناقة ولا جمل، وانه بإمكانه ان يرسل أي شخص يقوم بالعمل نيابة عنه! لكنها ليست المرة الأولى التي يقدم عليها بشجاعته المعهودة، لقد فعلها من قبل في أفغانستان وباكستان وفي أكثر من مكان في العالم اشتعلت فيه الصراعات والحروب. انه سر العشق النادر للمهنة ومتاعبها، والهوس بكتابة التاريخ والمساهمة في صناعته، وتسجيل اللحظة الفاصلة، والشهادة على مرحلة زمنية بكل تجلياتها من خلال العين الثالثة وهي الكاميرا معشوقته الأبدية. انه الإيمان بسلاح الإعلام الذي يصنع الفرق في تاريخنا اليوم، في حين أخفقت كل آليات ووسائل التغيير الأخرى في العالم العربي الذي يعيش فيه معظم الديكتاتوريين في العالم!
إن الدور المميز الذي يقوم به أمثال علي الجابر مع اخوانه في الجزيرة من مراسلين ومذيعين وفنيين وإداريين ومسئولين جعلها تسيطر على الساحة الإعلامية العربية، وحولها إلى واحدة من أهم القنوات العالمية الأكثر متابعة من الشعوب، وقد رفع شعارها في عدد كبير من التظاهرات وفي أكثر من دولة عربية، وهو ما عزز من الدور الكبير الذي أدّته هذه المحطة لمصلحة معظم الثورات التي تشهدها الدول العربية. حيث كتب عنها مارك لينش، المحاضر في جامعة جورج واشنطن والمتخصّص في وسائل الإعلام العربية: «قد لا تكون الجزيرة سبب هذه الأحداث، لكن من المستحيل الاعتقاد أنّ كلّ ما حصل كان يمكنه أن يتحقق من دونها. فلم يكن يستطيع أبناء الثورات ليحققوا النجاح ذاته لو لم تحتضنهم الجزيرة وتنقل صوتهم وصورهم في الشوارع وفي الميادين العامة. ودعونا نتخيل ما الذي كان من الممكن أن يحصل على ساحة المشهد الإعلامي العربي من دون «الجزيرة».؟!
مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا في المنظمة مالكوم سمارت أكد أن فريق الجزيرة بقيادة علي الجابر قد استهدف بطريقة مقصودة ووحشية. وقد أتى الهجوم بعد فترة وجيزة من اعتقال وتعذيب قوات القذافي لفريق تابع للـ بي بي سي الذي تعرض للضرب وعمليات الإعدام الوهمية — وصحفيين آخرين، إلا أن عملية القتل هذه هي الحادثة الأكثر إثارة للقلق". ودعا سمارت إلى تحقيق أممي في الاعتداءات والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون في ليبيا وتقديم قتلة الجابر إلى العدالة لينالوا جزاءهم. وقال سمارت: من الضروري أن تكون جريمة القتل هذه والانتهاكات الأخرى بحق الصحفيين جزءا من تحقيقات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الوضع في ليبيا. إن أولئك المسؤولين عن مقتل علي حسن الجابر يجب أن ينالوا نتيجة أفعالهم.
التقرير الأخير الذي أعدته منظمة اليونيسكو، أشار الى أن جرائم قتل الصحفيين تزداد بشكل لافت للانتباه في البلدان التي تعيش في حالة سلام، بسبب الكشف عن قضايا تتعلق بالفساد والاتجار في المخدرات وانتهاك حقوق الإنسان فما بالك بالدول التي تعيش حالة حرب وصراعات مسلحة؟! وأدانت المنظمة الدولية قتل 125 صحفيا وإعلاميا ما بين سنتي 2008 و2009، واحتلت الفلبين الريادة في أعمال العنف ضد رجال الإعلام مع تراجع ملحوظ بالعراق التي تعرف نزاعات مسلحة واشتباكات يومية، وأكد تقرير منظمة اليونيسكو أنه من بين 28 دولة اغتيل فيها صحفيون بين عامي 2006 و2007 لم تستجب سوى 15 دولة لطلب رفع تقرير مفصل عن هذه الجرائم إلى المنظمة للتحقيق في خلفيات الاغتيالات، وأوضحت اليونيسكو أنها وضعت مشروع قرار جديدا سيناقش خلال اجتماع المجلس الدولي لتنمية الاتصال يطالب بمتابعة المنظمة لجرائم قتل الصحفيين والإعلاميين التي تدينها المنظمة، كما اقترحت الوقوف دقيقة صمت في كل صالات التحرير في العالم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3 مايو تحية للصحفيين الذين قتلوا في حالة القيام بمهامهم النبيلة.
من الضروري ألا ننسى شهداءنا وابطالنا الحقيقيين الذين ضحوا بأنفسهم ليحملوا لنا خبرا عاجلا أو صورة من ارض المعركة لكي نعرف ما يدور في العالم ومن حولنا ونحن نجلس في بيوتنا على الكراسي المريحة ندين ونشجب ونستنكر او نؤيد ونبارك وندعو. يجب أن يتذكر المجتمع أبناءه البررة ويكرمهم من خلال تخليد أسمائهم على يافطات الشوارع والأماكن والمباني الوطنية، وإقامة الرموز التذكرية احتفاء بمواقفهم، وتصوير حكايتهم وقصصهم في الكتب والمراجع التي تتناول تاريخ الوطن وحاضره.
إنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل في شهداء الأمة العربية الإسلامية الشرفاء واللهم ارحم ابا عبدالله، اللهم طيب ثراه وأكرم مثواه واجعل الجنة مستقره ومأواه... اللهم كن له بعد الحبيب حبيباً ولدعاء من دعا له سامعاً ومجيباً... اللهم اشرح قلب أهله وأبنائه وأحبابه إنك غفور رحيم مجيب الدعاء، اللهم آمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق