الأربعاء، 9 مارس 2011

التدوين.. رياح التغيير تدخل من النوافذ الصغيرة

2011-03-09
جريدة الشرق

المدونات القطرية تنمو وتنضج ويكثر متابعوها مع الأيام
حراك جامد وتغيير بطئ في الصحف ووسائل الإعلام في قطر
ضرورة إجراء تحولات في السياسات التحريرية والإدارية والتسويقية الإعلامية
37% من النساء ناشطات على مواقع الشبكات الاجتماعية

تغير الحال خلال الأشهر الماضية بشكل مغاير تماما.. صباحي يبدأ من لحظة النهوض من الفراش إلى الإمساك بجهاز التحكم بقنوات التلفزيون الريموت كنترول لمشاهدة المحطات الإخبارية الفضائية الأجنبية على الشاشة الفضية، والمحطات العربية على مواقع الانترنت لمتابعة ما تحمله من أخبار جديدة عن المظاهرات والاحتجاجات والأوضاع المستجدة في مختلف الدول العربية. بعدها أتصفح البريد الالكتروني ورسائله الجديدة، لأنتقل لقراء الصحف المحلية والعالمية على الانترنت، وأتابع بعدها المدونات الشخصية (Blogs) التي بدأت تنتشر كالورود اليانعة في حديقة الانترنت، ومنها المدونات القطرية وان كان عددها لا يزال محدودا، فهي تنمو وتترعرع وتنضج ويكثر متابعوها مع الأيام. وهي أصبحت عامل اهتمام واستقطاب، لان هناك العديد من المعلومات والأخبار والتقارير الصحفية والمقالات والآراء والأطروحات يتم نشرها وتناولها والتعليق عليها في المدونات ولا تستطيع الصحف ووسائل الإعلام المحلية التطرق إليها أو حتى الاقتراب منها.. من المدونات المميزة هناك مدونة د. حسن السيد، د. لولوة المسند، نورة آل سعد، عبدالعزيز الخاطر، نورة الخاطر، عبدالله العذبة، وحسن الأنصاري، ومدونة نحو مجلس تشريعي منتخب، وشباب قطر ضد التطبيع وغيرها. كما أن هناك نسبة كبيرة من القطريين يستخدمون موقع فيس بوك (Facebook) وموقع تويتر (Twitter). وحسب دراسة تناولت ظاهرة الإعلام الاجتماعي في العالم العربي الصادرة عن كلية دبي (2011)، حصلت قطر مع الدول الخليجية على المواقع الخمسة الأولى في العالم العربي فيما يخص مستخدمي الموقع الاجتماعي فيس بوك قياساً إلى عدد سكانها. الملاحظ أن نسبة البحرينيين مقارنة مع دول الخليج الذين يستخدمون موقع تويتر وصل إلى 80% خلال أيام معدودة، وذلك بعد الأحداث الأخيرة على الساحة البحرينية. واتجه عدد كبير من العمانيين إلى موقع (الفيس البوك) احتجاجا على تجاهل وسائل الإعلام المحلية تغطية التظاهرات في صحار. خبر طريف نشر في وسائل الإعلام عن تسمية مواطن مصري مولودته (فيس بوك)، التي ولدت بعد ثورة 25 يناير، امتنانا للدور الذي لعبه موقع "فيس بوك" في انتصار الثورة المصرية؟!
اريك ريموند في كتابه "الكنيسة والسوق"، يذكر أن مجتمع المدونات المفتوح عبارة عن "هدية ثقافية"، لأنه مجتمع تسوده ثقافة العطاء والمشاركة بدلاً من نظام الأوامر والسلم الوظيفي. كما أن هناك مدونين بدأوا عملهم الصحفي فقط عبر المدونات، ثم تألقوا بعد ذلك في مجال العمل الإعلامي. والكثير من المدونين يوضحون أن الهدف من مدوناتهم هو النقاش وبناء الشبكات الاجتماعية. موقع قنطرة الإعلامي يشير إلى أن المدونات العربية بدأت في الظهور بشكل تدريجي منذ سنة 2003، لكن عددها كان قليلاً، ولم تكن كلمة "مدونة" شائعة باللغة العربية. ورغم قلة عدد المدونين، إلا أن جودة المدونات كانت لافتة. وخلال السنة التالية بدأت ظاهرة التدوين في الانتشار وسط مستخدمي الإنترنت العرب، وبدأت الصحافة العربية تقارب، ولو بشكل محدود، موضوع المدونات. ثم ظهرت خدمات تدوين مجانية باللغة العربية، لتبسيط إنشاء المدونات للعرب. خلال السنوات الأولى لانتشار التدوين عربيا، كانت خدمة (Blogger) المملوكة لجوجل أفضل وأشهر خدمة تدوين مجانية، لكن بحكم أنها كانت بالانجليزية فقط، آنذاك، بقيت حكرا على فئة من مستخدمي الانترنت العرب، القادرين على التعامل مع اللغة الانجليزية وعلى الصعوبات التقنية لبلوجر. لم يكن إنشاء المدونات آنذاك سهلا، لذلك كان عددها قليلاً. لكن في وقت لاحق، ظهرت خدمات تدوين عربية أرادت تقديم خدمات شبيهة ببلوجر. كشفت دراسة قام بها موقع "يو غوف سراج" (You Gov Siraj) في عام (2010)، أن المرأة العربية تتمتّع بمهارة عالية في استخدام الانترنت، إذ تبيّن أن 71 بالمائة من النساء اللواتي شملهن الاستطلاع منتسبات إلى إحدى الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، وتتواصل 66 في المائة منهن يومياً مع أصدقائهن من خلاله.بينما تمتلك 83 في المائة خدمة إنترنت في منازلهن، وتقضي 34 بالمائة منهن ما لا يقل عن 10 ساعات أسبوعياً في استخدام شبكة الإنترنت، اتّضح أن 37 بالمائة من النساء اللواتي شملتهن الدراسة ناشطات على مواقع الشبكات الاجتماعية ويشاركن في المنتديات ومواقع التعارف (فيس بوك، تويتر، هاي 5)، بينما تقوم ما نسبته 45 بالمائة منهن بتصفح المجلات الرقمية. وجاءت نسبة حضور المرأة العربية في الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، مع تصدّر موقع "فيسبوك" المركز الأول كموقع للتواصل الاجتماعي بين النساء العربيات، بنسبة 91 بالمائة في لبنان، تليها مصر بنسبة 80 بالمائة والإمارات 78 بالمائة والأردن 70 بالمائة والكويت وقطر 68 بالمائة والبحرين 66 بالمائة والسعودية 64 بالمائة وسلطنة عُمان 55 بالمائة وسوريا 45 بالمائة.
وبين الحراك الكبير المتنامي الذي يدور في العالم الافتراضي على الانترنت نواجه الحراك الجامد والتغيير السلحفائي البطئ في الصحف ووسائل الإعلام في الساحة القطرية. ولا عجب أن الكثير لا يصدق أن الجزيرة تنطلق من قطر، ومن نفس الموقع الجغرافي بالهيئة العامة القطرية للإذاعة والتلفزيون، وللذي لا يقع بعيدا عن مباني الصحف المحلية!. زميل مهنة من مصر كان في زيارة للدوحة قبل عدة أيام بعد النصر الكبير الذي حققته ثورة اللوتس المصرية صارحني قائلا "اسمع كلامكم في الجزيرة عن الحرية أصدقكم وأشوف وسائل إعلامكم المحلية أتعجب" هناك تحديات جمة تواجهها اقتصادات صناعة الإعلام والصحافة في العالم وفي مجتمعنا الصغير أيضا، لذا يجب أن نصحو من الغفلة التي نعيش فيها معتمدين على التوجهات الرسمية في الدعم والمساندة وتقرير المصير؟ من الضروري أن يتم إجراء تحولات حادة في المنهجيات السيادية والتحريرية والإدارية والتسويقية في الصحف، تشمل دمج آليات عمل المنتجات الصحفية، المطبوعة والإلكترونية والمرئية ومحتوى الهاتف المتحرك، داخل صالة التحرير ومراكز الأخبار بطريقة ذكية ومحورية وتفاعلية بين العاملين على الوسائل، وكذلك تطوير الصحيفة بنسختيها الورقية والإلكترونية بشكل متواز، وليس متناسخا، بمعنى وجود مواد خاصة وحصرية للصحيفة الإلكترونية تتفق وجمهور شبكة الإنترنت أو الهاتف الجوال غير تلك المواد المنشورة في الورقية، ويتم تحديث الأخبار باستمرار لجذب القارئ لزيارة المواقع بشكل مستمر وليس مرة واحدة في اليوم أو في أوقات الحاجة! إن الصحافة تعد المحرك الرئيس لصناعة الأحداث وتحريكها وتغطيتها، في أمريكا على سبيل المثال تقوم الشبكات الإعلامية الأخرى مثل المحطات الإخبارية والفضائية بنقل ومعالجة ما تنشره الصحف اليومية، في حين نجد أن صحافة في مجتمعنا تقوم بنشر ما تبثه الفضائيات، وهنا الإشكالية، فالأصل أن تقوم الصحافة ببناء الأخبار وصناعتها، وتحديد أولويات واتجاهات القنوات الإخبارية، لا أن تقوم بعكس الآية؟!
العام قبل الماضي طالبت المؤسسات الإعلامية والصحفية في قطر باستيعاب التغيير واستقطاب المدونين الشباب من خلال وضع برامج تدريب وورش عمل للمهتمين بالتدوين وتوفير مساحات لنشر إنتاجهم من المقالات والآراء والصور والفيديو، وأن تقوم بإنشاء صفحات تفاعلية مع القراء على موقعها الالكتروني، وللأسف لم يتغير الحال ولم يستوعب الزملاء المهنة ماذا يجرى من تغيير حولهم وفي العالم إلى كتابة هذه السطور؟! لذا أوجه دعوة معاكسة لزملائي المدونين هذه المرة في خضم التغيرات الكبيرة التي تحدث في العالم العربي والدور الذي يلعبه الإعلام الجديد والمواقع الاجتماعية، أن يحتضنوا كتاب الصحف وينشئوا مواقع الكترونية تجمع الآراء والمقالات والأفكار والتعليقات التي لا تنشرها الجرائد المحلية ووسائل الإعلام الأخرى. وادعو كل كتاب الأعمدة والمقالات ألا يحرموا أنفسهم من الفرصة التاريخية ويضعوا بصمة لهم في العالم الافتراضي المستقبلي من خلال إنشاء مدونة شخصية على الانترنت يسطرون فيها ما يدور في خلجاتهم بلا رقباء أو رؤساء تحرير، ويتخلصون من عقدة التذمر والشكوى بحجة عدم نشر إنتاجهم.

هناك تعليقان (2):

  1. لقد ذكرت عينة من المدونات وليس جميعا وفي المستقبل ربما اطرق الى عدد اكبر
    تحياتي

    ردحذف
  2. مساء الخير .. اخي الفاضل خالد

    مرحبا بك في عالم التدوين ..

    المدونات .. في نظري أصبحت من أفضل الوسائل .. لتسطير مافي الخاطر ..أيا كان ..

    المشكلة في عالم التدوين بالنسبة للمدونين القطريين .. هي كيفية الوصول لمدوناتهم ..
    سواء في (بلوجر) أو (وورد بريس)..

    الكثير من المدونين المتميزين ممن ذكرت في موضوعك .. لم نستطع الوصول لهم إلا عبر .. ردود لهم في مدونات أخري .. أو من قائمة المدونات التي يختارها البعض للعرض في مدوناتهم أو مواقعهم الشخصية ..أو التعريف عن مدوناتهم بأنفسهم ..

    أتمنى أن تكون هناك وسيلة فاعلة لحصر المدونين القطريين .. ووسيلة أكثر تشجيع للتدوين ليس في المجالات التي ذكرتها في المقال فقط .. ولكن تتعدى ذلك في كل الأمور سواء محلية أو عالمية .. اجتماعية أو تراثية .. يومية أو حتى في مناسبات محددة ..

    أشكرك على المقال الطيب .. وأشكرك لتعديل خاصية الرد على مواضيعك ..

    تحياتي


    بنت سيف

    ردحذف