الأحد، 20 مارس 2011

اليابان بعيون عربية (6)

جريدة الشرق
20 مارس 2011

التنوع الياباني الفريد في التراث والعادات والتقاليد

من أشهر العادات التي تلفت الانتباه وتدعوا الزائر أن يقبل عليها ولو على سبيل التجربة وهو استخدام عيدان تناول الطعام. ورغم أن العملية ليست سهلة في الاستخدام إلا أني تشجعت واستخدمتها طول مدة الرحلة إلى أن أتقنتها بنسبة 70 بالمائة وهي نسبة جيد لشخص يستخدمها للمرة الأولى؟! وهذه العادة انتقل إلى اليابان عن طريق تأثير الثقافة الصينية، ولقد كانت عيدان تناول الطعام في الماضي محصورة في طبقة النبلاء وموائدهم واستخدموا أيضا الملاعق المعدنية خلال القرنين الثامن والتاسع، أما عموم الناس فكانت تستخدم الأيادي لتناول الطعام. حين استخدم النبلاء طاولات مطلية ذات أرجل أطلق عليها زين، استخدم العامة طاولات بدون أرجل تدعى أوشيكي. تعتمد المأكولات اليابانية على أساس الجمع بين المواد الغذائية الأساسية (شوشوكو ،主食)، عادة الأرز أو المعكرونة، مع الحساء ، وأوكازو (おかず) بالإضافة لأطباق الأسماك، واللحوم، والخضراوات، والتوفو وما شابه ذلك ، عادة ما تكون هذه الأطباق منكهة مع داشي ، ميسو، وصلصة الصويا وعادة تكون خفيفة الدسم.
المعروف عن الشعب الياباني عشقه الكبير للمأكولات البحرية. وقد قرانا في الصحف بيع سمكة تونة ذات زعنفة زرقاء بمبلغ قياسي وصل إلى أربعمائة ألف دولار في أول مزاد بسوق أسماك تسوكيجي بطوكيو في بداية العام 2011؟! كما أنشئت مجموعة من المتخصصين السريين في الأطعمة للتفتيش على أصالة الأطباق المقدمة في المطاعم اليابانية بالخارج، وتم إطلاق وصف «شرطة السوشي» على هذه المجموعة التي تقوم بالتفرقة بين الأطعمة اليابانية الأصلية من الأخرى الزائفة التي أصبحت شائعة بشكل متزايد في المطاعم اليابانية. من المعروف عن اليابانيين أيضا عشقهم الشديد للشاي الأخضر والذي يعد أحد الطقوس الأساسية على المائدة اليابانية. وهناك حركة تفاعل وتبادل روحاني بين صاحب البيت الذي يعد الشاي وبين الضيوف الذين يبحثون عن الصفاء الفكري والجسدي، والذي يقود جميع الحاضرين حول إبريق الشاي وأكوابه إلى هدوء وسكينة حتى تظن أنك تؤدي أحدى الشعائر الدينية. ولقد قام باحثون في جامعة طوكيو بتطوير روبوت يعمل على تقديم الشاي على الطريقة اليابانية، إضافة إلى إعداد الأطباق الصغيرة المرافقة للشاي. كما اتجهت مجموعة من مطاعم السوشي اليابانية نتيجة الأزمة الاقتصادية الأخيرة في التخلي عن الطهاة واستخدمت الروبوت بدل عنهم توفير للنفقات، وأيضا تم الاستغناء عن العاملين وخصوصا النادلين وحلت محلهم السيور الناقلة التي تحمل أطباق الأطعمة إلى رواد المطاعم. أسعار الأكل في اليابان غير ثابتة، فوجبة الغداء أرخص بكثير من وجبة العشاء، والعشاء بعيد المغيب أقل من عشاء الساعة التاسعة مساء. ويعود ازدهار قطاع المطاعم في اليابان إلى فترة السبعينات والثمانينات التي شهدت ارتفاع الدخول واتجاه سكان الريف إلى المدن الكبرى. وازدهر ما يسمى بمطاعم العائلات التي كانت تقدم طعاما غربيا رخيص الثمن للجماهير خلال تلك الفترة.
وفي المطاعم تجتمع العديد من العائلات خصوصا في الأعياد والعطلات ويكون فيها اللباس الوطني حاضرا وما يلفت الانتباه فعلا لباس الكيمونو الجميل ذو الألوان الزاهية هو اللباس التقليدي في اليابان، وكلمة كيمونو في اللغة اليابانية تعني "ملابس" بشكل عام، ولكن بشكل خاص تعني اللباس الياباني التقليدي الطويل الذي يلبسه الرجال والنساء والأطفال، ومن المعروف عن الكيمونو منظره الجميل وألوانه الخلابة خصوصاً للنساء. وللكيمونو غالباً أكمام واسعة قد تصل إلى نصف متر، في التقاليد والأعراف كانت النساء غير المتزوجات يلبسن الكيمونو بأكمام طويلة جداً تصل طولها إلى الأرض تقريباً، والثوب يكون ملفوفاً حول الجسم ودائماً ما يكون الجانب الأيسر على الأيمن ويحيط به حزام عريض يكون مربوطاً من الخلف ويدعى "أوبي".
وتقصد العائلات اليابانية في مواسم العطل والأعياد الأماكن الترفيهية أهمها المسارح اليابانية ، هناك خمسة أنواع من المسارح اليابانية التقليدية وهي: بوغاكو ونو وكيوغن وبونراكو (باليابانية: 文楽) وكابوكي - نو:هو من أقدم المسارح المحترفة الموجودة في العالم وهو فن مسرحي يعتمد على الرقص والموسيقى. - كيوجين: وهو فواصل مسرحية هزليه مكلمه لآدا مسرح نو ويقدم مسرح كيوجين فقرات ساخرة حول ضعف الإنسان كما كان يفعل القصاصون الآسيويون - بونراكو: وهو مسرح له مكانه فريدة في عالم المسرح الياباني حيث أن أداء الدمي تم قبوله على قدم المساوة مع الدراما التقليدية. - كابوكي: يعد واحد من أكبر موروثات المسرح الياباني التقليدي، بدا مسرح الكابوكي في بدايات القرن السابع عشر.
ثقافة السلوك الياباني فريدة من نوعها في العالم وتعتبر تحية الانحناء كما يطلق عليه باليابانية "أوجيكي" (お辞儀), في غاية الأهمية في اليابان لدرجة أنه حتى الأطفال عادة يبدؤون في تعلم كيفية تحية الانحناء من سن مبكرة جدا، وتقوم الكثير من الشركات بتدريب موظفيها على كيفية تنفيذ تحية الانحناء بشكل لائق. وتجري تحية الانحناء عادة والظهر بشكل مستقيم والأيدي على الجانبين (للفتيان والرجال) أو مشبوكة عند الحضن (للفتيات والنساء) مع إنزال النظر للأسفل. ويكون انحناء الجسم عند الخاصرتين.عموما فإن زيادة عمق قوس الانحناء يعبر عن شدة الاحترام.وتقسم تحية الانحناء عادة إلى ثلاثة أنواع رئيسية : غير رسمية، ورسمية، ورسمية للغاية. تكون تحية الانحناء غير الرسمية في نحو خمس عشرة درجة لزاوية ميل الرأس إلى الأمام، وبزاوية 30 درجة للتحيات الأكثر رسمية. بدلا من تسليم النقود مباشرة من يد الزبون إلى يد أمين الصندوق، فإنه من الممارسات الشائعة في اليابان وضع المال في صينية صغيرة وضعت خصيصا لهذا الغرض بالقرب من آلة الصراف.
وعن الفنون فقد اكتسب فن تنسيق الزهور الياباني شهرة عالمية كبيرة نظرا لما يحمله من معاني روحية مثل التناغم والتناسق وموائمة الألوان والبساطة، وتعود جذور هذا الفن إلى القرن السادس عندما كان يتم إعدادا باقات الزهور ليتم تقديمها في المعابد والمناسبات. وقد تطور هذا الفن مع مرور الزمن ليصبح أحد رموز الثقافة اليابانية، وخاصة بالنسبة لسيدات المجتمع الياباني، حيث كانت الفتيات اليابانيات يدرسن فن الإيكيبانا منذ نعومة أظافرهن ويستخدمن فنهن هذا في تزيين منازلهم والمعابد. واليوم تنتشر مدارس الإيكيبانا في معظم بلدان العالم، والسبب قلة تكلفتها وسهولة دراستها، ولكن الوصول لدرجة الاحتراف في هذا الفن قد يستغرق سنوات طويلة.
الرياضة في اليابان لها مذاقها الخاص، و تعتبر مصارعة السومو (بالـيابانية: 相撲) واحدة من ابرز الفنون الحربية اليابانية. وتحظى بشعبية كبيرة في البلاد. تدخل في اللعبة بعض الطقوس اليابانية القديمة، ويعتبرها اليابانيون أكثر من مجرد رياضة عادية، فهي تقليد وتراث يجمعون على وجوب الحفاظ عليه. و تقوم رياضة السومو على محاولة كلا المصارعين (ريكيشي) إخراج المصارع الآخر من دائرة المصارعة (دوهيو) أو جعل أي جزء من جسمه (غير أسفل قدمه) يلمس الأرض. . وهناك أنواع أخرى من الفنون الحربية مثل الجودو، والكندو (المبارزة)، والكراتيه، والأيكيدو (فن الدفاع عن النفس). ومن بين الألعاب الحديثة تعتبر البيسبول هي الأكثر شعبية . وحديثا أصبحت كرة القدم ذات شعبية كبيرة في أوساط الشباب وقد استطاعت اليابان نتيجة العمل الدؤوب والتخطيط الاستراتيجي الرؤية الثاقبة خلال السنوات الماضية أن تصبح احد أفضل الفرق العالمية بعدما كانت تحتل المراتب المتأخرة. وهي حصلت على بطولة آسيا الأخيرة التي أقيمت في الدوحة (2011) متفوقة على كل الفرق العربية التي لا تزال تسأل كيف تتقدم اليابان ولماذا تتراجع الفرق العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق