الأربعاء، 28 أبريل 2010

شبح (المكارثية) الطراثيث والوحدة الوطنية

عالم اليوم الكويتية

حتى بعد خمسين سنة مضت، ما زال الأميركيون يتساءلون كيف استطاع جوزيف مكارثي (Joseph McCarthy) مصادرة شعار الوطنية، وحشر المجتمع في زاوية ضيقة، وتصنيف الناس وتوجيه التهم على نطاق واسع بدون أدلة، ما دفع العشرات من المثقفين والفنانين والكتاب الأميركيين إلى الهجرة أو الانزواء بعيدا عن خطر الاعتقال. والجواب هو الخوف؟! ..
بدأت المكارثية كحملة تبريرية على الشيوعية ساندها المحافظون الذين يعتقدون أنهم أبناء البلد الحقيقيون وأن غيرهم هم الدخلاء والأجانب الذين يسعون إلى سرقة ثروات البلد، ويحاولون السيطرة على الحكومة والبرلمان، ويقومون بنشر الأفكار الهدامة، لتتطور الاتهامات من الشيوعيين إلى اليساريين و الليبراليين والإصلاحيين والنقابيين وكل من يسعى إلى التغيير و إصلاح ظروف العمل وتقليل الفوارق بين الطبقات، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الولايات المتحدة ؟!. لقد نجح مكارثي في جعل الرأي العام يعتقد أن كل المشاكل التي تعاني منها الدولة تعود لهؤلاء (الهيلق والطراثيث و البياسر)؟!
انتشرت تلك الادعاءات والاتهامات كالنار في الهشيم ، وتأثر بها ملايين الناس في كل مكان، وطالت شظاياها أساتذة الجامعات والفنانين والصحفيين والإعلاميين ورجال الدين. وقامت بعض المؤسسات الحكومية والخاصة حتى تثبت ولاءها ووطنيتها (Patriotism) بوضع أسماء المتهمين من الهيئات والجماعات والشخصيات في قائمة سوداء عممت وكأنها “البيان رقم واحد”، وبسبب هذا القائمة السوداء تم طرد العديد من وظائفهم وباتوا بين عشية وضحاها ضحايا يفترشون الشوارع؟!.
دشن مكارثي عصرا جديدا من القلق والخوف والكذب الوهم والكراهية والمؤامرات أطلق عليه “المكارثية” (McCarthyism) ، وظل كالفرعون يعيث في الأرض فسادا تسانده حبال السحرة وعصيهم في غيبة عصا موسى، إلى أن انجلت الغمة، وعاد الوعي، وحضرت الفكرة، وغابت السكرة، وتمكن عدة أشخاص مازال التاريخ مدينا لهم، من إزالة شبح المكارثية الرهيبة، حين تقدموا إلى الكونغرس بقرار يوجّه له اللوم على أفعاله وألاعيبه ومؤامراته. عاش مكارثي بعدها منبوذا وحيدا معزولا إلى أن مات بسبب الإدمان؟!.

قوانيننا بين المواطن والمواطنة في حق منح الجنسية للأبناء

2010-04-28

الشرق القطرية

الجنسية تمنح لابن المواطن المتزوج من أجنبية دون شرط.. ولا ينالها ابن المواطنة إلا في حالات استثنائية
القانون لا يقف في صف المواطنة المتزوجة من أجنبي ولا يساعدها في حضانة أبنائها!
81 % يؤيدون حصول أبناء القطرية على كامل حقوقهم
مصر والإمارات تسمحان لأبناء المواطنات بالحصول على الجنسية فهل تفعل الدول العربية الأخرى؟
لا يوجد مفهوم مدني وديمقراطي واضح لمفهوم المواطنة في دول الخليج!
من الضروري صياغة عقد اجتماعي جديد للمواطنة يقوم على مبادئ حقوق الإنسان.

لا نعرف السبب في تأخير بعض الدول العربية تبني التغيير والإصلاح في منظوماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية خصوصا رغم المطالبات الداخلية، والتحديات الخارجية المتسارعة، والتوقيع على الاتفاقيات الدولية الخاصة بهذه الجوانب وموافقتها على الالتزامات الواردة فيها. في الندوة التي عقدت بجامعة قطر الأسبوع الماضي، أشار رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى أن قطر قد انضمت لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز، والاتفاقية الدولية لمعاقبة جريمة الفصل العنصري والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والبروتوكول الاختياري الأول الملحق باتفاقية الطفل وغيرها من الاتفاقيات وهي معلومات يجهلها الكثير، ربما أن المشكلة لم تكن في الانضمام إلى الاتفاقيات بل في ترجمتها إلى سياسات تنفيذية على أرض الواقع وهو الدور الذي يجب أن تقوم عليه مؤسسات المجتمع المدني والتي نراها شبه معدومة في حالة المشهد القطري؟!.
رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أشار إلى أن قطر تدرس في الوقت الراهن الانضمام إلى العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وارجو أن يتحول ذلك التفكير إلى قرار استراتيجي بأسرع وقت ممكن فهو التحدي الأكبر ولنطلق عليه (الجهاد الأكبر) الذي قد يحدث نقلة نوعية في بنية المجتمع القطري نحو المستقبل، والمفارقة أن المجتمع القطري بدأ بالتحرك منذ عدة سنوات قبل غيره، سابقا العديد من دول الخليج ودول الجوار ولكنه لم يتقدم إلى الأمام وظل يراوح مكانه في تقديم خطوة وتأخير أخرى؟!. وحسنا فعلت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في التعامل مع ملف أبناء القطرية، حيث صرح رئيس اللجنة بأن الموضوع يتم التعامل معه بجدية لإعطاء المزيد من الحقوق لأبناء القطرية وصولا إلى المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات للجميع، موضحا أن هناك دراسة قامت بها اللجنة بالتعاون مع المجلس الأعلى للأسرة سوف ترفع إلى مجلس الوزراء لاتخاذ التوصيات اللازمة بشأنها، وكم نتمنى أن تتم مشاركة الرأي العام في هذه المواضيع لصناعة الوعي الوطني وبناء الإجماع حولها وعدم الاعتماد فقط على حصرها على قرارات تفرض من قمة الهرم، فالوعي والإدراك للواقع وتحدياته هو الذي يصنع المجتمع القادر على تحمل مسؤوليته والقيام بواجباته، علينا أن نطلع على هذه الدراسات والتقارير ونعرف بالتحديد أهم الإشكاليات التي تحيط بها، وكيفية التعامل معها، وأعداد الحالات التي أفرزتها هذه الظاهرة، وما هي أهم التوصيات المقترحة لحلها.
في الاستبيان الذي قامت به الزميلة (الوطن) قبل مدة قصيرة وسألت فيه المشاركين عن مدى تأييدهم لاعتبار أبناء القطرية، قطريين، مع منحهم كامل الحقوق التي تتمتع بها أمهم إذا حافظت على جنسيتها القطرية، أعرب 81 % عن موافقتهم وتأييدهم في إجماع مميز أثار انتباهي وخاصة إذا قارنا ذلك باستطلاعات مماثلة حدثت في بعض دول الخليج حيث لعبت الحزازيات الاجتماعية، والنعرات العصبية الطائفية والمذهبية والقبلية دورا كبيرا في ارتفاع نسبة الرفض وعدم التأييد والموافقة. وعلى الرغم من أن المواد الدستورية في الدول الخليجية تشير إلى أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين، إلا أن المشّرع القانوني قد ميز بين الرجل والمرأة في مجال حق الجنسية فهو يقرر الجنسية لمن يولد لأب متزوج من أجنبية دون قيد أو شرط، أما من يولد لأم فهو لا يكتسب الجنسية إلا في حالات ضيقة واستثناءات أشبه بولوج الجمل في سم الخياط؟! وهو الأمر الذي التفت إليه وتعاملت معه بموقف حضاري وإنساني دول عربية أخرى مثل مصر حيث نص قانون الجنسية المصرية المعدل رقم 154 لسنة 2004 — على انه "يكون مصريا من ولد لأب مصري أو أم مصرية". الأدهى والأمر أن المواطنة الخليجية تحرم أحيانا من أبنائها من أب غير مواطن أو أجنبي في حالة الطلاق لان القانون لا يقف بصفها ويساعدها في ضمان حضانة أبنائها لها؟! الخبر السعيد الذي ينتظر أن يعلن بشكل رسمي جاء من دولة الإمارات في تعديل القانون الخاص بالجنسية والذي سيسمح لأبناء المواطنات المتزوجات من الأجانب بالحصول على الجنسية الإماراتية وهي خطوة ريادية سيكون على الدول الخليجية الأخرى التأسي بها.
هناك إشكاليات في فهم المواطنة في الدول العربية وخصوصا دول الخليج إذا ما قسناها وفق المفاهيم العالمية المتعارف عليه، ولا يوجد مفهوم مدني وديمقراطي واضح ودقيق لمفهوم المواطنة، كما يشير إلى ذلك د. فارس الوقيان في دراسة أعدها عن المواطنة، واهم اشكالياتها أنها تتجسد على هيئة ثنائيات الواحدة منها أعلى مرتبة والأخرى أقل مرتبة، فمنها مواطنة نوعية تمنح للرجل حقوقاً أكثر من المرأة، مواطنة قانونية تمنح مواليد التأسيس حقوقاً أكثر من مواليد التجنيس، ومواطنة دينية تفتح أبواب التجنيس لبعض الفئات والمذاهب وتغلق الأبواب بوجه الآخرين، ومواطنة مدنية إقصائية تعترف بحقوق مواليد في المجتمع في حين تجرد شريحة أخرى تكون مستحقة للتجنيس والمقيمة مع مواليد منذ عقود طويلة من أبسط حقوقها المدنية والقانونية؟! وللأسف ليست هناك رؤية مؤسساتية واستراتيجية لما يعرف بالاندماج المجتمعي والوطني، فالحصول على المواطنة الكاملة لا يرتبط بمفهوم الانتماء للأمة والوعي بتاريخها وثقافتها، كما أنها غير مرتبطة بالتضحية لأجل الوطن أو باحترام القانون وقيم المجتمع الدستورية، بل تبنى على روابط علائقية ومصلحية صرفة في إطار سياسي محض، كما لا توجد هناك مؤسسات ووسائل فاعلة (إعلامية، تربوية، تشريعية) لتكريس مفهوم الاندماج المجتمعي على أرض الواقع. وأي جهود من أجل مواطنة مدنية ومتساوية وفاعلة، لن يكتب لها النجاح ما لم تعمل على توحيد وتلاحم التشريعات والأنظمة والقوانين التي تعتبر بمثابة (موزاييك) تشريعي يحكمه التعارض، فقوانين الجنسية، والإقامة، وقانون الانتخاب، والموقف القانوني من الاتفاقيات الدولية، كل منها يبني توجهاً متناقضاً مع بنود الدستور التي تدعو إلى مواطنة لا تميز فيها، لذا بات من الضروري العمل على صياغة عقد اجتماعي جديد للمواطنة والاندماج المجتمعي والمدني يقوم على تشكيل مجتمع مواطنين مدنيين يتبنى قيم ومبادئ حقوق الإنسان، وتقدير الكرامة البشرية، والتعلق بالمساواة والحرية، وبهذا فإن مجتمع المواطنين يختلف عن مجتمع الطوائف والفئات، ومن أجل تحقيق هذا التحول المدني لابد من الفهم بأن الانتماء والولاء الوطني والقناعة بالمواطنة المتساوية ليس حالة بيولوجية أو فطرية بل هي مقرونة بمطلبي التربية والتدريب بصورة مكثفة عبر مراكز التأهيل والتعليم والمعرفة، كما أنها تسعى لإشراك المواطنين في اتخاذ القرارات.
الخطوات الأساسية التي من الضروري تبنيها والمطالبة بتنفيذها لتعزيز المواقف الوطنية والإنسانية في هذا الملف الذي تم تأجيل حسمه لسنوات طويلة وبدأ يكبر ويتفاقم يوما بعد الآخر، هي منح الأم القطرية المواطنة حق كفالة أبنائها من زوجها غير المواطن لحين إيجاد وظيفة لهم دون تحديد لعمر الأبناء، ومنح الموظفة المواطنة المتزوجة من أجنبي العلاوات الوظيفة التي تمنح لغيرها من الموظفين المواطنين وأهمها العلاوة الاجتماعية في كفالة الأولاد، ومنح زوج المواطنة من غير محددي الجنسية أو أصحاب الوثائق جواز سفر لمرافقة زوجته في العلاج أو الدراسة بالخارج، ومنح أبناء المواطنة المتزوجة من أجنبي حق التملك والعلاج على نفقة الدولة والتعليم المجاني حتى بعد المرحلة الثانوية والجامعية والدراسات العليا، بالإضافة إلى التأكيد على أحقية أولوية العمل والتوظيف لأبناء المواطنة على الأجانب.

الأربعاء، 21 أبريل 2010

قطر خالية من التدخين... حلم جميل وشعار تم وأده في المهد

2010-04-21

لماذا نتجرأ على كسر قرار الحظر في الأماكن العامة وحتى في حمامات الطائرات؟
المدخنون في تزايد.. والمدخنات يكتسحن المقاهي والأسواق والمجمعات..
"المعسّل" حول سوق واقف من واحة نقية عطرة إلى بيئة ملوثة قاتلة
هل يرد الاعتبار للقانون بتفعيل دور فرق التفتيش التابعة للمجلس الأعلى للصحة؟
نسبة التدخين في قطر وصلت إلى 40 % بين البالغين و22 % بين الشباب
(التدخين ممنوع في الطائرة)
طلبت من القائم على الخدمة أن أتحدث مع الشخص المسؤول عن المقهى، وبعد غياب طويل جاء متعذرا عن التأخير، فقلت له اعرف انك من جنسية غير جنسية هذا البلد، لكن هذا لا يمنع معرفتك بالقوانين، فهل تعرف أن التدخين ممنوع في الأماكن المغلقة وبالذات المجمعات التجارية بقرار صادر من مجلس الوزراء، وإذا كنت تعرف ذلك كيف تسمح بالتدخين لهؤلاء الأشخاص في كل زاوية من زوايا المحل الذي يكاد يختنق كل من فيه؟! فأطرق برأسه إلى الأرض خجلا وقال بنبرة منخفضة نعم أعرف أن التدخين ممنوع يا سيدي، وفي كل مرة يأتي إلينا الزبائن المدخنون ونخبرهم بأن التدخين ممنوع وهناك لافته تشير إلى ذلك، يقول معظمهم إننا مواطنون ولا يسري علينا القانون، أو أن "عندهم واسطة"، وحتى إذا تم تطبيق القانون عليهم في يوم ما فسيقومون بدفع الغرامة، أما الأجانب فيحتجون قائلين: لماذا يسمح للمواطن أو الذي يلبس الزى الرسمي بالتدخين، رغم قرار المنع، ولا يسمح لنا، فعندما يتم تطبيق القانون عليهم سنتوقف نحن عن التدخين في الأماكن المغلقة؟!.. وقبل أن نغادر قلت له بغضب يالها من وقاحة وقلة أدب ونقص في الحياء، ليس فقط في عدم مراعاة الآخرين غير المدخنين والتأثير السلبي على صحتهم (Secondhand smoke)، بل في كسر القانون وتجاوزه والاستهزاء به، وقديما قالوا من أمن العقوبة أساء الأدب، والقضية مسؤولية مشتركة بينكما، فذاك يكسر القانون بالتدخين وأنتم كذلك حين تتسترون عليه ولا تتخذون موقفا بل وتقدمون له خدماتكم وكأن ذلك تكريم له على فعلته، فهل يأتي رد الاعتبار للقانون المطعون في ظهره عن طريق تفعيل دور فرق التفتيش التابعة للمجلس الأعلى للصحة للمجمعات التجارية بالدولة في إطار حملة مكافحة التبغ ومشتقاته بدولة قطر.. أرجو ذلك، وأشد بدوري على أيدي القائمين على هذه الحملة وعلى رأسهم وزير الصحة مع أننا لا نزال ننتظر منه (الاستراتيجية الخاصة بوزارته)، ونطالب بتكثيف الحملات وزيادة التوعية في وسائل الإعلام والشوارع والأماكن العامة فربما نعيد ذاك الشعار الذي اغتيل في مهده "قطر خالية من التدخين في عام (2000)" وهو أشبه بالفيلم الذي يتناول أحداث يوم القيامة ونهاية العالم (2012) الذي كان شعاره لقد تم تحذيركم؟!. المفارقة أن قطر كانت حديث الساعة في وسائل الإعلام العالمية خلال الأيام الماضية والسبب هو (التدخين) في حمام الطائرة الأمريكية حيث أطلق بعد ذلك نظام الإنذار الوطني لكل طائرات المسافرين، وتم استدعاء طائرات مقاتلة، وتحذير من قبل الرئيس الأمريكي بشأن تهديد إرهابي محتمل.
(أعداد المدخنين في ازدياد)
برغم الفتاوى الدينية التي دخلت على خط المواجهة وحرمت التدخين بشكل قطعي، ومنها فتوى الدكتور يوسف القرضاوي، إلا أن أعداد المدخنين في ازدياد وليس في تناقص، ورغم أن الظاهرة غالبا ما كانت مقتصرة على الرجال والشباب وخصوصا المراهقين منهم، إلا أن أفواجا من النساء والفتيات والبنات بدأن بغزوات مماثلة على المقاهي والأسواق والمجمعات التجارية والنوادي العامة وصالات الفنادق المغلقة في السنوات الأخيرة، وتفاقمت الظاهرة أيضا بسبب اجتياح الأجانب والزوار والسياح الأماكن ذاتها، وتحولت التحفة الفنية المتمثلة بسوق واقف الذي يعيدنا إلى زمن الماضي الجميل وذكرياته العطرة وتاريخ الآباء والأجداد، إلى بيئة ملوثة قاتلة، ومصنع لانبعاث السموم والغازات السامة في الهواء، والدخان الضار الذي يزيد من ضبابية المكان، ويرفع نسبة الاحتباس الحراري، بسبب انتشار المقاهي التي تقدم (الشيشة والمعسل) والذي تحول بقدرة قادر كنوع من البرستيج، وأحد "أعمدة الأصالة والتراث" في المجتمع، وبات التفنن في طلب أنواع النكهات هو عامل الموضة والتقدم سواء بنكهة التفاح أو العنب أو الشمام، أو الكوكتيل الفرنسي أو الأمريكي، أو بالخلطة السرية الخاصة.
(نسبة التدخين في دولة قطر)
التقارير الصحية تشير إلى أن التدخين يعد أهم عوامل الخطر على الصحة في دول مجلس التعاون الخليجي في الفئة العمرية (25 — 65)، ويمثل نسبة 16 — 46 %، يأتي بعده ارتفاع ضغط الدم 15 — 35 %، والدهون والشحوم 20 — 45 %، والخمول البدني 80 — 90 %، والسكري 12 — 25 %، وزيادة الوزن والبدانة 40 — 70 % وهي عوامل يساهم التدخين أيضا في حدوثها أو تفاقمها، وفي تقرير نشرته صحيفة (العرب) القطرية عن دراسة إحصائية لمرضى الأزمات القلبية الحادة في الخليج، شملت عينة من 8200 مريض خلال 6 أشهر شملت كل الدول الخليجية أشارت الى أن مرضى القلب يعانون من حالات أهمها التدخين، حيث تبلغ نسبة المدخنين منهم 45 %، قياسا بالمرضى في أوروبا وأمريكا، حيث لا تتعدى نسبة مرضى القلب المدخنين 20 %، أما آخر إحصائية لدي نشرت عام 2008 م، واعرف أنها قديمة ولا تعكس الوضع الصحي المتردي بسبب التدخين فهي تشير إلى أن نسبة التدخين في دولة قطر وصلت إلى 40 % بين البالغين و22 % بين الشباب، وهي نسبة مرتفعة، وتبلغ ضعف نسبة التدخين في أوروبا. الدراسات الطبية الأخيرة التي قام بها عدد من الأطباء والخبراء في مجال الأمراض الصدرية والقلبية في مختلف أنحاء العالم تشير إلى ضرورة التعامل مع آفة التدخين على أنها مرض وبالتالي معاملة المدخنين على أنهم مرضى مطالبون بوضع آلية واضحة لمعالجته لمدى الخطورة الكامنة في التدخين وتخطي مرحلة النظر إليه على انه عادة اجتماعية فقط.
(التدخين من ميزانية الدولة )
خطوة طيبة أقدمت عليها لجنة الخدمات والمرافق العامة بالمجلس البلدي في رفع توصياتها لعدد من الجهات الحكومية بخصوص اقتراح بشأن تشديد الرقابة على التدخين في المحلات التجارية والأماكن العامة، فالوضع بات خطيرا ولا يمكن السكوت عليه وهذه هي المعركة القادمة التي يجب ان نخوضها على جميع الأصعدة. إن النجاح الذي حققته بريطانيا في خفض معدلات أضرار التدخين السلبية من خلال حظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة في عام (2007 )، جعلها تخوض معركة أخرى اليوم في محاولة إصدار قانون منع التدخين في جميع السيارات الخاصة في إطار قوانين أكثر صرامة لحماية الأطفال من التدخين السلبي أسوة بالولايات المتحدة وكندا واستراليا، كما يشمل القانون أيضا المنتزهات والشواطئ والفنادق والسجون والنزل والساحات الرياضية المفتوحة أو أماكن إقامة الحفلات. إن التدخين في بريطانيا يكلف هيئة الخدمات الصحية الوطنية أكثر من 23 مليون جنيه إسترليني سنويا ويؤدي إلى 300 ألف زيارة إضافية للأطباء من أجل أمراض مثل التهابات الصدر والربو. والسؤال: كم كلف التدخين عندنا ميزانية الدولة خلال السنوات العشر الماضية؟.. ومن يستطيع أن يزودنا بالمعلومة الصحيحة.. هل هو وزير المالية أم وزير الصحة أم المجلس البلدي؟.. وبمناسبة الحديث عن الوزراء، فهل يقوم الوزراء المدخنون بالتدخين داخل مباني وزاراتهم أم خارجها؟ فنحن لم نر أي وزير مدخن أو حتى مسؤول كبير في الوزارة يقوم بالخروج من مبنى الوزارة ليشعل سيجارته وبعد أن ينتهي يعود إلى مكتبه عملا بقانون مجلس الوزراء! قبل عدة أيام تم تغريم وزير كرواتي لمخالفته قانون حظر التدخين في الأمكنة المغلقة حيث التقطت له صور وهو يدخن خلال اجتماع، فكم من مسؤول مواطن أو مقيم مدخن تم تغريمه خلال السنوات الماضية من عمر القانون الذي صدر عام 2002م.؟
(قطر خالية من التدخين)
التجربة التي أقدمت عليها ولاية كاليفورنيا في محاربة آفة التدخين تعد من ابرز التجارب العالمية وما زالت، فعلى عكس البرامج الكثيرة التي تركز على المراهقين فإن برنامج كاليفورنيا يركز على جهود مكافحة التدخين بين البالغين من خلال حملة إعلامية نشطة وتغييرات في السياسة العامة منها الترويج لبيئات خالية من التدخين. وحسب التقارير المنشورة فان البرنامج حال دون بيع 3.6 مليار رزمة من السجائر تقدر قيمتها بحوالي 9.2 مليار دولار، وذلك بين عامي 1989 و2004، وقد وفرت هذه البرامج ما قيمته 86 مليار دولار من نفقات الرعاية الصحية في أعوامها الخمسة عشر الأولى. وبدورنا ننتظر من التحركات والبرامج التي بدأت هيئة الصحة في تنفيذها أن تؤتي ثمارها اليوم قبل الغد ونطالب الجميع بأن يساهم فيها ولو بكلمة (لا) للتدخين فربما نستطيع أن نحقق جزءا من الشعار الذي رفعناه من عشر سنوات مضت "قطر خالية من التدخين" قبل نهاية العالم؟!

الثلاثاء، 20 أبريل 2010

(لا) للاستغلال الجنسي للأطفال

21/04/2010
العالم اليوم-الكويت
انتشرت مقالة نجود.. البابا.. وممارسة الجنس مع الأطفال في بعض المنتديات، وكالعادة كان أسلوب الهجوم والتخوين والإخراج من الملة هو الذي يحكم غالبية التعقيبات، لقد اعتقد البعض إني قمت بمحاولة تشبيهية بين اعتداء بعض أساقفة الكنيسة الكاثوليكية على الأطفال أو تزويج الأطفال من خلال العقد الشرعي في بلاد العربان, والحقيقة أني ذهبت إلى ابعد من ذلك فالذي حدث عند الأساقفة خزي وعار وجريمة يحاول الكل أن يتنصل منها، في مقدمتهم البابا بندكيت السادس عشر والذي مازالت تلاحقه التقارير والاتهامات عن علمه بمسألة الاعتداءات وتستره عليها، بينما نرى الاعتداءات على الأطفال في بلاد العربان بشكل مستمر وبزفة شرعية يباركها الجميع الأب والأم والعائلة والقبيلة وبعض مشايخ الدين والمحاكم الشرعية والمدنية والقوانين الحكومية والتشريعات البرلمانية والسلطة التنفيذية وأصحاب القرار وأفراد المجتمع؟! الأمر الذي يدعونا إلى المطالبة بمراجعة مواقفنا التشريعية والقانونية والفقهية والدينية والإنسانية من القضية برمتها، التي يكون فيها الأطفال الضحايا والقرابين غير المقدسة وكبش الفداء في هذه المحرقة الجماعية (The Holocaust).
عدة أخبار جارحة لكل ذرة في مشاعرنا الإنسانية وردت إلينا في الأسبوع الماضي، منها قبض السلطات المصرية على شبكة تخصصت في تزويج القاصرات من أثرياء خليجيين، وضبط 60 مأذونا زوجوا فتيات قاصرات لم يبلغن السن القانونية، وعن عجوز يبلغ من العمر 65 عاماً أجرى فحص اختبار الزواج في أحد مستشفيات السعودية رغبة في اقترانه بطفلة لم تكمل عامها الـ11 وطلب أهلها بإنهاء إجراءات الزوج المنتظر وأبديا رغبتهما الملحة في إنهاء كل أوراقه دون تأخير حتى حين تبيّن بعد إجراء الفحص أن «العريس» يعاني من التهاب الكبد الوبائي (B)، وعن وفاة صبية يمنية في الثالثة عشرة من عمرها متأثرة بنزيف داخلي بعد زواجها بثلاثة أيام، وأشار التقرير الطبي أنها عانت من تمزق في أعضائها التناسلية، وقبله أيضا خبر وفاة فتاة صبية يمنية في الثانية عشرة من عمرها إثر إصابتها بنزيف وهي تضع مولودا. أما أغرب الأخبار وأفظعها فقد وردت عن فتاة زوجها والدها طلبا للمال حين كان عمرها سنتين فقط؟!
العجيب أن التبرير دائما ما يكون جاهزا، عوضا عن الاعتراف بالذنب والإقرار بالتوبة وعدم الرجوع إلى الخطيئة مرة أخرى، في حادثة فضائح الاعتداء على أطفال أشار بعض الرهبان أنها ناجمة عن “إغواء شيطاني” تعرض له رجال الدين الذين تورطوا فيها، وأن الشيطان يحاول اختراق الفاتيكان وإغواء الذين يعملون فيه؟! أما في حالة العربان فالتبرير بالنصوص المجترئة من سياقها والاستعانة بالحوادث التاريخية، مثل زواج الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعائشة وهي ابنة تسع سنين، وهي حادثة انبرى الكثير من الباحثين المعاصرين لتحقيقها تحقيقاً علمياً وأثبت أن عمرها وقت زواجها لم يكن يقل عن 17عاماً، منهم المفكر عباس محمود العقاد في كتابه الصديقة بنت الصديق والداعية خالد الجندي والدكتورة السعودية سهيلة زين العابدين عضوة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والشيخ عدنان ابراهيم والباحث إسلام بحيري وغيرهم. وقد اعتمدت هذه الدراسات على كتب السيرة (الكامل تاريخ دمشق سير أعلام النبلاء تاريخ الطبري تاريخ بغداد وفيات الأعيان).
نحن لا نبحث مخارج شرعية وعن فتوى دينية وهي موجودة وبكثرة ويمكن الرجوع إلى فتاوى (العثيمين، القرضاوي، النفيس) بل نطالب بسن قوانين دولية صارمة توقف هذا العبث والاستهتار والجريمة التي تعصف بمصير ومستقبل الأطفال الأبرياء في العالم العربي.

الأربعاء، 14 أبريل 2010

إلى متى التستر على اغتيال البراءة والطفولة في عالمنا العربي؟

الاربعاء ١٤ ابريل ٢٠١٠
الشرق القطرية
فتيات في عمر الزهور.. يتساقطن في "محرقة" العادات والتقاليد!!
فتاوى صريحة ومستنيرة في القضية للعثيمين والقرضاوي والنجيمي والنفيس.. وآخرين
قراء رفضوا مقال الأسبوع الماضي.. وآخرون عززوه بالدليل الشرعي
"عريس" في الـ 65 أجرى الفحص للزواج من طفلة لم تكمل عامها الـ11!!
جب للعروس الغالية مرجيحة
ومربية تبلش بها وألعاب
وحلوى وعلك وبكله ومزليحة
ونعول أبولمبة وخمس ثياب
أنثى والأنثى جسم دون رويحة
في عالمٍ يحيا بفكر الغاب
تصيح ما به من يهب لصيحة
من طفلة ينهش بها الشياب
هذه الأبيات وردت على لسان الشاعرة حصة هلال "ريمية" التي حصلت على المركز الثالث في مسابقة "شاعر المليون"، (التي نعتذر لعدم تصويت الجمهور لها ومثلنا لا يعتذر، فرحم صحراء الجزيرة العربية لم ينضج بعد لإنجاب خنساء أخرى في القرن الحادي والعشرين؟!) الأبيات الشعرية الأربعة خصت بها الشاعرة الحملة التي تبنتها جمعيات خيرية في السعودية ومصر واليمن تحت شعار: «لا.. لزواج القاصرات»، وذلك استجابة لنداء مجلة «سيدتي» التي أطلقت هذه الحملة بهدف إيقاف زواج القاصرات في كافة بلاد الشرق الأوسط، وعبرت الشاعرة فيها عن رفضها القاطع لزواج الصغيرات، الذي يعد اغتيالا للبراءة والطفولة.
لقد سعدت كثيرا بالتجاوب الذي أثارته مقالتي في الأسبوع الماضي تحت عنوان (الأطفال.. بين اعتداءات الأساقفة وعادات العربان)، التي انتشرت في بعض المنتديات والمواقع الالكترونية المحلية والعربية، ورغم إن الانقسام كان واضحا بين الرافضين بكثرة والمؤيدين بقلة للأفكار المطروحة، فإن الوعي بخطورة القضية وتبعاتها لم يكن بالإمكان تجاهله أو تهمشيه أو القفز عليه، خصوصا أن البعد المحلي والإقليمي والدولي يفرض نفسه بقوة من خلالها، الأمر الذي يدعونا إلى مراجعة مواقفنا التشريعية والقانونية والفقهية والدينية من القضية برمتها، التي يكون فيها الأطفال الضحايا والقرابين غير المقدسة وكبش الفداء؟!
بعد مقالي مباشرة أعادت صحيفة "الرياض" السعودية الحديث عن المواقف المخزية من جديد حين ذكرت أن عجوزاً يبلغ من العمر 65 عاماً أجرى فحص اختبار الزواج في أحد المستشفيات رغبة في اقترانه بطفلة لم تكمل عامها الـ11، وأوضحت الصحيفة أن الدهشة بلغت حد الحيرة لدى البعض حين حضر والد الطفلة ووالدتها يسألان عن إنهاء إجراءات الزوج المنتظر وأبديا رغبتهما الملحة في إنهاء كل أوراقه دون تأخير، وتبيّن بعد إجراء الفحص أن "العريس العتيد" يعاني من التهاب الكبد الوبائي (B)، وفي هذه الحالة لابد من موافقة الطرف الآخر، ولكن الطرف الآخر قاصر لا يدرك مثل هذه الأمور وقراره ليس بيده بل بيد (الوليّ)؟!. قبلها بعدة أيام توفيت صبية يمنية في الثالثة عشرة من عمرها متأثرة بنزيف داخلي بعد زواجها بثلاثة أيام، وأشار التقرير الطبي الصادر عن المستشفى الذي نقلت إليه الصبية للعلاج، أنها عانت من تمزق في أعضائها التناسلية. قبلها بمدة قصيرة أيضا حملت الأخبار وفاة فتاة يمنية في الثانية عشرة من عمرها إثر إصابتها بنزيف وهي تضع مولودا. أما أغرب القضايا التي وردت عن هذه المحرقة الجماعية التي يشارك فيها المجتمع العربي والمسلم بشخوصه المختلفة فقد وردت عن فتاة زوجها والدها طلبا للمال حين كان عمرها سنتين فقط؟!.
لكن رغم كل تلك المآسي التي تحدث في بلاد العربان من قبل العامة والجهلاء، والداعمين لهم بآراء تناهض مقاصد الدين والشريعة، فإن التغيير الكبير قادم لا محالة، قد يتأخر قليلا لكنه في الطريق، وهو بدأ بالحملات الإعلامية ومنها "لا لزواج القاصرات"، التي انطلقت من مصر - السعودية - الإمارات - اليمن - الكويت - لبنان، وشاركت في دعمها وتأييدها شخصيات كبيرة من مسؤولين ومشايخ، مرورا بقرار النائب العام المصري إحالة 5 من عائلة واحدة، لمحاكمة جنائية عاجلة في محكمة الجنايات مع ثري خليجي في واقعة "زواج قاصر"، بتهم الاستغلال وتسهيل الاستغلال الجنسي لطفلة عمرها ١٤ سنة، مقابل مبالغ مالية، وجاء قرار النائب العام المصري بعد حملة واسعة شنتها السلطات المصرية للقبض على شبكة تخصصت في تزويج القاصرات في قرى محافظة 6 أكتوبر، التي عرفت بأنها مصدر رئيسي لتزويج القاصرات من أثرياء خليجيين. وأسفرت حملة أمنية مصرية عن ضبط 60 مأذونا زوجوا فتيات قاصرات لم يبلغن السن القانونية، وكانت وزيرة الدولة للأسرة والسكان المصرية كشفت عن دراسة حديثة أجريت على 3 مراكز، أظهرت أن نسبة زواج القاصرات بهذه المراكز بلغت 74 %. ومن جهتها أصدرت وزارة الصحة السعودية بيانا رسميا أعربت فيه عن رفضها لزواج القاصرات، محذرة من تداعياته. وجاء في البيان أن زواج القاصرات، له آثار صحية ونفسية سيئة على الفتيات الصغيرات، مثل اضطرابات الدورة الشهرية، وتأخر الحمل، وتمزق المهبل، والأعضاء المجاورة له، وازدياد نسبة الإصابة بمرض هشاشة العظام في سن مبكرة، وتزايد معدلات الإجهاض، والولادة المبكرة، إضافة إلى احتمالية الإصابة بأمراض ضغط الدم المرتفع، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالفشل الكلوي، وظهور تشوهات عظمية في الحوض، وعدم اقتصار الأمر على ذلك، بل تعديه إلى الإصابة ببعض الأمراض النفسية، التي تنتج عن الحرمان العاطفي، الذي تعاني منه الفتاة بعد افتقادها لحنان الوالدين، عقب زواجها، ومنها الهيستريا، والفصام، والاكتئاب، والقلق، واضطرابات الشخصية، وقد تتجه القاصرات إلى الإدمان، كوسيلة للهرب، وما ينتج عن ذلك من آثار سلبية تطول أطفال القاصرات، ومنها تأخر النمو العقلي، بسبب عدم قدرتها على رعاية أطفالها الرعاية التربوية الصحيحة".
لقد تكلمت عن صحوة الضمير والوعي الذي بدأ ينتشر في وسط الغابة الغوغائية التي نعيشها، فحين طالبني البعض في الرسائل التي بعثت إليّ، بالدليل الشرعي في عدم صحة زواج القاصرات بحجة أنني لست شيخ دين كي أقرر ما هو المباح وما هو المحرم، جاءتني رسائل أخرى مؤيدة تحمل الردود والأدلة الشرعية، حيث يؤكد الشيخ محمد بن صالح العثيمين شرعية منع هذا الزواج ولو كان مباحاً فيقول" ولا مانع من أن نمنع الناس من تزويج النساء اللاتي دون البلوغ مطلقا، فيما يرى الدكتور الشيخ القرضاوي أن سن 16 عاما هي الأنسب لزواج الفتاة، و18 عاما أنسب لزواج الفتى. ويؤكد عضو المجمع الفقهي د. محمد النجيمي: أنه لا يجوز تزويج الفتاة القاصرة التي تكون دون سن الخامسة عشرة، وأنه لابد أن تكون الفتاة بالغة راشدة، وهذا لا ينطبق على من لم تبلغ الخمسة عشر عاما. أما الدكتور سعود النفيس العميد السابق في كلية الشريعة بجامعه أم القرى، فيطالب بضرورة سن قوانين تحدد عمر 18 سنة كحد أدنى لزواج الفتيات، مشيرا إلى أن اتخاذ مثل هذه الخطوة جائز شرعا. وفي ما يتعلق باعتبار البعض البلوغ مقياسا للزواج يشير النفيس إلى"أن مجرد حصول البلوغ غير كافٍ لتزويج الفتاة"، مشددا على وجوب أن يكون الزواج مرهونا بالوصول إلى سن الرشد. أما عن قصة زواج الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعائشة وهي ابنة تسع سنين فقد انبرى الكثير من الباحثين المعاصرين لتحقيقها تحقيقاً علمياً أثبت أن عمرها وقت زواجها لم يكن يقل عن 17عاماً وكان عدد من الباحثين في الفكر الإسلامي توصلوا إلى ذات النتيجة منهم المفكر عباس محمود العقاد في كتابه الصديقة بنت الصديق والشيخ الداعية خالد الجندي والدكتورة السعودية سهيلة زين العابدين عضوة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والشيخ عدنان ابراهيم والباحث إسلام بحيري وغيرهم. وقد اعتمدت هذه الدراسات على كتب السيرة (الكامل تاريخ دمشق سير أعلام النبلاء تاريخ الطبري تاريخ بغداد وفيات الأعيان).
تغير الحال وتبدّل الأوضاع في المجتمعات لا يأتيان بين عشية وضحاها، وحتى لو تبين للقوم أن ما يقومون به جريمة وخطيئة لا تغتفر، فحسبهم أن يقولوا (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون)، ونقول بدورنا (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع، أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون).

أم «البدون».. تطلق النار على «كرو»

14/04/2010
العالم اليوم
كان انتصارا تاريخيا دشن عصرا جديدا، فيه حرية الإنسان تأتي أولا وأخيرا، رغم أن الثمن كان باهظا من حروب ودماء بين الأخوة والأشقاء وأبناء العم والخوال، والأصدقاء والفرقاء والخصوم، بين من يملك ولا يملك، بين الحالمين والمحبطين، بين أنصار الحقوق، العدل، المساواة، والباحثين عن المصالح والمنافع والرغبات، بين من يعيشون وهم الماضي وخرافاته، والذين ينظرون إلى المستقبل ويصنعون التاريخ؟! إلا أن ثمارها أينعت في إعلان انتهاء العبودية للإنسان الذي يعيش فوق ارض العالم الجديد والى الأبد.
المعركة لم تنته ساعتها، بل كانت بدايتها الحقيقة في الداخل بعد الانتصار في اكبر جولاتها في الخارج! هُزم الجنوبيون في أمريكا، لكنهم لم يستسلموا ولم يتعلموا من دروس التاريخ، فبعد عام 1890 تبنت سياساتهم بعد انتهاء نظام العبودية المقيت قوانين التمييز والفصل العنصري (Racial Segregation)، التي تفرض فصل العرقين الأبيض والأسود في المجتمع الواحد، واستمر إلى ما يقارب 100 سنة. فصل في المعاهد والمدارس والجامعات، في الباصات والحافلات وعربات القطار، في المطاعم والفنادق والمكتبات العامة، وحتى في شراب الماء صنعت نوافير مياه منفصلة! أطلق على هذا النظام جيم كرو (Jim Crow)، وهي عبارة مأخوذة من أغنية ظهرت عام (1828) في عرض موسيقي وتقول “اقفز يا جيم كرو” (Jump Jim Crow)، وكان يؤديها عادة ممثلون ذوو بشرة بيضاء يظهرون على المسرح بطلاء أسود على وجوههم بشكل تهريجي تمثل شخصية الإنسان الأسود (Negro) الذي كان يمثل الآخر، العبد، الغريب، المختلف، غير الأصيل، الأعجمي، البيسري، الصلخ، المجهول الهوية، غير المعروف النسب، البدون، صاحب العرق الأدنى، والدرجة السفلى، الخادم، الصبي، العالة، الجاهل، المتخلف، المنبوذ!
الكل كان يشارك في حفلة (الزار العنصرية) بدرجات متفاوتة، من عازف، ومطبل، ومزمر، ومردد، وراقص، في (السلطة التنفيذية) متمثلة في القوانين والأنظمة الحكومية، و(التشريعية) في النواب والمشرعين، و(القضائية) في المحاكم ودور القضاء، ولعبت (السلطة الرابعة) “الصحافة” الدور الأبرز في الترويج، والتهليل، والتصفيق، وحرق البخور، والدفاع عن الشياطين والتبرير لهم، وتغييب المعلومات، وتزييف الحقائق، وضرب حقوق الإنسان ومبادئ العدل والمساواة والحرية بعرض الحائط؟!
ووسط هذا الأجواء الموبوءة، الملوثة، المتطرفة، الهمجية، العنصرية، الغوغائية، كان هناك بضعة نفر (وهم الشموع المضيئة في كل أمة) لا يملكون الحول والقوة، ولا يكاد يساندهم احد أو يقف بجانبهم، وتخلى عنهم وأنكرهم حتى اقرب الناس، وتعرضوا للظلم والقهر، والعدوان، والضرب، والتشريد، والتهجير من ديارهم، كما تعرض بعضهم إلى الطعن في الظهر والقتل عن طريق إطلاق النار عليهم في وضح النهار في الشوارع العامة، لكنهم لم ينكسروا، يستسلموا، ييأسوا ولم يتوقفوا، من أبرزهم تشارلز هاملتون هيوستون (Charles Hamilton Houston)، الذي أطلق عليه الرجل الذي قتل نظام جيم كرو (The Man Who Killed Jim Crow)، وهو من مواليد عام (1895)، وكانت الإستراتيجية التي اتبعها وأطلق عليها إستراتيجية المساواة (Equalization Strategy)، آتت ثمارها في عام (1935) وبدايته كانت عبارة عن القيام بجولة في الجنوب، مسلحاً بآلة تصوير وآلة طباعة محمولة، يصور ويكتب وينشر عن غياب المودة والرحمة والعدل والحق والإنصاف والمساواة (للآخر) الذي يعيش محروما من حقوقه الإنسانية الأساسية، والدور الذي قام به (هيوستن) في الأمس، يعيدني إلى الدور الذي تلعبه الشيخة أوراد جابر الأحمد الصباح وغيرها من مناصري حقوق الإنسان في الكويت والخليج والعالم العربي اليوم في الدفاع عن الإنسان في مجتمعاتنا الذي جعله نظام (كرو العربي) يعيش كمواطن درجة سفلى. والله لا اعرف هذه السيدة الجليلة التي أُطلق عليها (أم البدون) بشكل شخصي ولم التقيها يوما، واجزم أنها لم تسمع بي ولا تعرفني، ومسافة الأميال التي تفصلنا عن بعضنا واسعة، رغم ذلك يجمعنا معها ومع كل من يحمل القضايا الإنسانية على كاهله، ويحاول بكل ما أوتي من عزم وقوة وإيمان بالقضية أن يطلق النار على (كرو) ويسقطه أرضا رباط لا ينفصم.

الخميس، 8 أبريل 2010

الأطفال.. بين اعتداءات الأساقفة وعادات "العربان

2010-04-07
ماذا بعد اعتذارات بابا الفاتيكان.. والدعوات السعودية لحظر زواج القاصرات؟
قصة الطفلة اليمنية نجود كشفت "غسيلنا" غير النظيف أمام العالم
ما الفرق بين تغرير رجال الكنيسة بالأطفال وإخضاعهم لعقود عرفية باسم الشريعة؟
تحرير العقول.. شرط لتحرير الإنسان في العالم العربي.
بعد أن تطورت الفضيحة لتصبح مجموعة فضائح لا يمكن إخفاؤها أو التستر عليها أو تبريرها، خرج البابا بندكيت السادس عشر (Pope Benedict XVI) إلى الملأ ليعلن "أسفه الشديد" جراء فضائح الاغتصاب والتحرش الجنسي التي طالت عدداً من الأطفال في مؤسسات كنسية أو خاضعة لإدارة رجال دين، واعتذر بشدة للضحايا، قائلاً إن على رجال الدين المتورطين في هذه القضايا "تحمل مسؤولياتهم" و"التوبة." وأقر البابا، في رسالة من 18 صفحة وجهها إلى ضحايا عمليات الاغتصاب في أيرلندا (child sex abuse)، وقرر أن يصار إلى تلاوتها ضمن العظات الأسبوعية في الكنائس، بأن ما جرى لا يمكن نسيانه بسهولة، واعتبر أن تأثيرات الفضائح على الديانة المسيحية "كانت أقسى من تأثير قرون الاضطهاد" التي رافقت بداياتها؟! ووجه البابا انتقاداته للكنيسة الأيرلندية التي قيل إنها تكتمت على هذه القضايا لسنوات قائلاً: "لقد شعرت بانزعاج شديد جراء الأنباء التي أشارت إلى انتهاكات بحق أطفال وقصّر من قبل أعضاء في الكنيسة بأيرلندا، خاصة من الرهبان والكهنة، ولا يمكنني إلا أن أشارككم شعور الخيانة الذي تشعرون به جراء هذه الجرائم الشائنة والأسلوب الذي تعاملت به الكنيسة الأيرلندية." فضائح عديدة لحقت بسمعة الأتباع والمحسوبين على الديانة المسيحية لكن أبشعها تهمة استغلال الأطفال وانتهاك براءتهم والتغرير بهم وهي تهمة ليست جديدة بل قديمة بدأت بصداها المدوي في الولايات المتحدة عن طريق فضحها في وسائل الإعلام ووصولا إلى بعض الدول الأوروبية، وقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» في تعليقها على الموضوع معلومات مفادها ان البابا بنديكت السادس عشر، قد يكون غض النظر قبل توليه رئاسة الكنيسة الكاثوليكية عن ممارسات كاهن أمريكي متهم بالتحرش جنسيا بنحو 200 طفل أصم منذ عام (1996)؟!
وكما أن لكل قوم غسيلهم القذر، فلدينا نحن أيضا غسيلنا وهو بحاجة الى أن نلتفت إليه ونهتم به ونقوم بتنظيفه من الفيروسات والميكروبات والبقع والأوساخ، فمع خبر اعتذار البابا خرجت وسائل الإعلام العالمية بإعادة رواية قصة الطفلة اليمنية نجود التي طبعت في كتاب يحوي سيرتها الذاتية المروعة وكيف أُرغمت وهي في التاسعة من عمرها على الزواج من رجل عمره ثلاثة أمثال عمرها وتعرضها للاغتصاب والضرب قبل أن تصنع تاريخا في اليمن بالحصول على الطلاق. ونشرت القصة الحزينة المؤلمة في كتاب صدر باللغة الانجليزية في الولايات المتحدة تحت عنوان "أنا نجود..عمري عشرة أعوام ومطلقة" ومن المقرر نشره قريبا بالعربية حتى يتسنى للطفلة البالغة من العمر 12 عاما الآن، أن تقرأ أخيرا قصتها التي جذبت اهتماما عالميا. ولدى الناشرين خطط لنشر الكتاب الذي كتبته الصحفية الفرنسية ديلفين مينوي كما روي لها بتسع عشرة لغة بعد أن ظهر الكتاب لأول مرة في فرنسا في عام (2009).
يكشف الكتاب كيف وافق والد نجود الفقير الذي لديه أكثر من 12 طفلا على تزويجها وهي في التاسعة من العمر لرجل أكبر منها سنا. وتقول نجود ان زوجها أخرجها من المدرسة واقتادها مع عائلته إلى قرية حيث مارس الجماع معها بالإكراه في الليلة الأولى لزواجهما. وتستعيد نجود تلك الذكريات قائلة "مهما كنت أصرخ لم يأت أحد لمساعدتي. كان الأمر مؤلما بدرجة كبيرة وكنت وحيدة في مواجهة الألم." وعندما سمح لها زوجها في نهاية المطاف بزيارة عائلتها في مدينة صنعاء انطلقت مسرعة وأوقفت سيارة أجرة وطلبت من سائقها التوجه بها إلى المحكمة. وحصلت على قرار من المحكمة بتطليقها لتصبح أول طفلة عروس مطلقة في البلاد. لكن نهاية الكتاب ليست هي نهاية قصتها، بل بدايتها التي تعد واحدة من القصص المرعبة التي تجد لها شرعية دينية وقانونية واجتماعية في العالم العربي ويكون فيها الأطفال الأبرياء وخصوصا الفتيات الضحايا الأكبر في محرقة جماعية يشارك فيها المجتمع بشخوصه وطوائفه وقطاعاته المختلفة.
في الجانب الآخر من الضفة أعادت صحيفة «الرياض» السعودية منذ عدة أيام مضت طرح موضوع الطفلة ذات الـ 12 عاما (الصف الخامس الابتدائي)، والتي زوجها والدها لرجل ثمانيني وأثار ضجة إعلامية وسياسية في السعودية فارتفعت الأصوات التي ناشدت العاهل السعودي التوجيه بتحديد سن زواج الفتيات، خاصة بعد توقيع المملكة لاتفاقية حقوق الطفل، والتي نصت على أن الحد الأدنى للزواج هو سن 19 سنة". وقد نقلت صحيفة "الرياض" عن رئيسة مجلس إدارة جمعية "مودة" لقضايا الطلاق الأميرة سارة بنت مساعد بن عبدالعزيز، مناشدتها العاهل السعودي التدخل "لدراسة مشكلة زواج القاصرات وعمل دراسة مستفيضة ومن ثم إصدار فتوى بتحديد سن الزواج". واعتبرت الأميرة، أن "هذا العصر يختلف كليا عن الأزمنة الماضية وزواج القاصرات له تبعات تؤثر سلبا على الطفلة نفسها وعلى المجتمع ككل". وقالت انه "إذا تنازلت والدة الطفلة عن قضيتها (تعرض الأم إلى الترغيب أو الترهيب جعلها تتنازل عن القضية) فالمجتمع لن يتنازل عن قضايا تزويج القاصرات والمتاجرة بهن؟!
في العام الماضي طالبت من الأعضاء والمشاركين في الندوة التي ناقشت قضايا حقوق الإنسان أن نخرج ببيان يدعو كل الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج تحديد سن الزواج لحماية القاصرات حسب الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الأطفال التي وقعتها الدول الخليجية، بالإضافة لتوجيه الدعوة الى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الدكتور يوسف القرضاوي (بيته يبعد عن المؤتمر بمسافة 10 دقائق بالسيارة) إلى إصدار فتوى تؤيد ذلك، فما كان من بعض المشاركين إلى أن هاجموني وأشاروا إلى أن تحديد سن للزواج يعتبر تجاوزاً للشريعة الإسلامية، وان الرسول (صلى الله عليه وسلم) تزوج عائشة وهي ابنة تسع سنين، وزُفت إليه وبيدها لعبتها؟!. ورغم محاولتي المستميتة أن أبين لهم أن المسألة خلاف ذلك، وزواج النبي يدخل تحت تفاسير متعددة ومختلفة، والحديث يبين انه لا يجوز تزويج الفتاة القاصر وذلك ورد عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) من أن: "تستأذن البكر وتستأمر الثيب"، وأنه لا بد أن تكون الفتاة بالغة راشدة، وذلك لا ينطبق على من لم تبلغ الخمسة عشر عاما أو أكثر. إلا أن القوم كانوا أمام حديثي صما بكما عميا لا يعقلون، أيقنت حينها أن المعركة الحقيقية تبدأ هنا؟! فحتى لو وجدت القوانين والتشريعات سيتم الالتفاف والتحايل عليها وضربها كلما أتيحت الفرصة، وآمنت انه لا يمكن تحرير الأطفال والإنسان في العالم العربي من الظلم إلا بعد تحرير العقول من الأسر، والا يوجد فرق كبير في تعريف الاعتداء والاغتصاب إذا مارست الجنس مع طفل عن طريق التغرير والتحايل من بعض أساقفة الكنيسة أو العقد العرفي أو الشرعي في بلاد العربان؟!
Aljaberzoon@gmail.com