الأربعاء، 10 مارس 2010

المشايخ..الكنيسة.. وفوضى الفتاوى الدينية

عالم اليوم - الكويت - 10 مارس , 2010

ما يميز شخصيه فولتير (Voltaire)، منذ طفولته القدرة على طرح الأسئلة واستخدام العقل في التفكير وعدم الاعتماد على الإجابات الجاهزة والمعلبة، ويذكر في حادثة انه كان يستمع بإنصات لدروس في عقيدة التثليث على يد أحد القساوسة الذي كان يشرح لتلاميذ الصف الذي يدرس فيه أن الثلاثة هي واحد، وعندما ينتهي مدرس الدين من درسه يأتي الدور على مدرس الحساب ، الذي يبدأ بتدربهم على جمع الأعداد وطرحها، ثم يقوم باختبارهم من خلال طرح الأسئلة، ولما جاء الدور على فولتير سأله المدرس، ما هو حاصل جمع واحد زائد واحد، فأجاب فولتير: إنهما اثنان، فقال الأستاذ حسنا فإذا أضفنا إليهما ثالثا، أجاب فولتير: يصبح الثلاثة واحدا.. ويستغرب الأستاذ من الإجابة ويكرر السؤال عليه مستعينا بوسائل الإيضاح، فلا يغير فولتير من جوابه، وحينئذ لم يجد المدرس بدا من توبيخه، فصرخ فيه قائلا: أنت يا حمار ألا تفهم!، ولكن فولتير الصغير رد بقوة: الحمار هو مدرس الدين يا أستاذ فهو الذي أرادنا أن نؤمن بأن مجموع الثلاثة واحد؟! ليكبر فولتير ويدشن مقولته المشهورة (ان أومن بوجود إله واحد مبني على العقل) وان (إن الذين يجعلونك تعتقد بما هو مخالف للعقل، قادرون على جعلك ترتكب الفظائع)؟!
إنها الفظائع نفسها التي نعاني منها في عالمنا اليوم من تكفير وهرطقة وإخراج من الملة وفتوى تخالف مقاصد الدين ومفاهيم العقل وتحظ على التطرف والعنف، وتبيح القتل وإهدار دم الإنسان، مرورا من فتوى زواج الرضيعة، إلى رضاع الكبير، وتحريم تعلم اللغة الانكليزية، وجواز الكذب وشهادة الزور، وجواز نهب أموال العلمانيين وانتهاك حرماتهم وسبي نسائهم، وجواز الدسيسة ضد الشيعة وأصحاب الأفكار المنحرفة لإبعادهم عن التأثير على المسلمين، وقتل أصحاب القنوات الفضائية، وقتل من يبيح الاختلاط في ميادين العمل والتعليم؟!
لفد حدثت صرخة فولتير دويها الكبير في رسائله المشهورة (اسحقوا العار)، ودفعت الكنيسة في القرن الثامن عشر إلى إتباع منهج الإصلاح والتغيير (بروستريكا)، وفتحت الباب لمراجعة 4500 وثيقة من أقبية الفاتيكان تعود إلى عصر محاكم التفتيش، ونفي وقتل الأخر (كوبرنيكوس، جيوردانو برونو)، ومن إصدار (صكوك الغفران) والحكم على الناس من هو الهالك في النار ومن هو الناجي في الجنة (الفرقة الناجية)، وحرق الكتب والمخطوطات بتهمة الهرطقة (الكفر)، وتغيير الفتاوى الدينية في محاربة العلم والفكر مثل دوران الشمس حول الأرض؟! فهل جاء الدور على ديار العربان في القرن الواحد والعشرين أن يراجعوا أنفسهم ويتعلموا من الدرس و(يسحقوا العار).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق