الأربعاء، 1 فبراير 2012

مشهد الانتخابات التشريعية في الكويت.. المطالبة بإصلاح النظام الانتخابي وتعديل الدوائر الانتخابية

جريدة الشرق
13-1-2012

الدوائر الخمس لا تقوم على التمثيل المنصف والعادل لكل شرائح المجتمع
هل نظام الدائر الواحدة هو الحل الأفضل في المرحلة القادمة
الأنظمة الديمقراطية في العالم تنقسم إلى قسمين نظام الفردي والنظام الآخر هو نظام النسبي

على الرغم أن المجتمع الكويتي صغير نسبيا عند مقارنته بالدول العربية الأخرى ذات الحجم والمساحة الكبيرة والنسبة العالية من السكان، إلا انه يتمتع بحيوية وحراك سياسي واجتماعي يلفت الأنظار خصوصا من الدول الخليجية المجاورة له والتي تتابع عن قرب الأحداث وردود أفعالها أكثر من تتابع المشهد السياسي والإعلامي والثقافي في مجتمعاتها والذي يتسم إيقاعها بالبطء النسبي و يعتمد على التراكم المجتمعي البطيء. كان من الملاحظ في زياراتنا المقرات الانتخابية وحضور الندوات والمحاضرات المختلفة أن معظم الانتقادات تتركز في تناول إصلاح النظام الانتخابي وتعديل الدوائر الانتخابية. هناك شبه إجماع من قبل المرشحين والنخب السياسية والفكرية ومعظم الناخبين الذين التقينا بهم من أن توزيع المقرات الانتخابية على خمس دوائر سببت العديد من الإشكاليات ولم تسهم في إثراء التجربة السياسية الكويتية فهي لم يقض على سلبيات العملية الانتخابية، خصوصاً بالنسبة إلى مسألة التمثيل المنصف والعادل لكل شرائح المجتمع كما انه لم يحد من استمرار ظاهرة شراء الأصوات وتعزيز العنصرية والتفرقة بين فئات المجتمع.
يذكر تقرير وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن قانون الدوائر الانتخابية لعب دورا أساسيا في مخرجات الحياة السياسية منذ انطلاق الحياة البرلمانية في البلاد عام 1962 حيث كان النظام المعتمد هو الدوائر العشر ما يعطي الناخب الحق في التصويت لخمسة مرشحين وهو الأمر الذي أدى إلى تأسيس نواة لقوائم سياسية وتكوينات أولية في العملية السياسية. واستمر العمل بهذا النظام حتى عام 1981 عندما أجريت انتخابات مجلس الأمة بعد تغييب طويل للحياة البرلمانية وفق نظام انتخابي آخر حيث عمدت السلطة إلى إجراء تعديل الدوائر في الكويت ليصبح عددها 25 دائرة انتخابية ما أنتج مجموعة كبيرة من السلبيات على حد قول المهتمين بالشأن السياسي أهمها ظهور نواب الخدمات وانتشار ظاهرة شراء الأصوات والانتخابات الفرعية. وتعد انتخابات مجلس أمة 2008 كما يشير التقرير أنها كانت أول تجربة برلمانية تجرى ضمن التعديل الأخير المتمثل في (نظام الخمس دوائر) الذي أقر بعد مطالبات مكثفة بضرورة إعادة النظر بنظام ال25 دائرة في محاولة جادة لتفادي السلبيات التي أضرت بالدرجة الأولى بنزاهة وفاعلية مخرجات العملية الديمقراطية في البلاد. ومن سلبيات نظام الدوائر الخمس كما نوه التقرير هو بروز التحالفات القبلية بصورة أكبر من السابق لإدراك القبيلة الواحدة مدى صعوبة إيصال مرشحيها للبرلمان دون ترتيبات مسبقة مع قبائل أخرى علاوة على أن الساحة السياسية ستشهد حركة مكثفة في نقل الأصوات بين الدوائر الخمس بصورة أكبر من السابق وذلك على ضوء نتائج الانتخابات القادمة ما قد يسهم في تعميق ظاهرة التجمعات الطائفية والقبلية.
ولكن هل نظام الدائر الواحدة هو الحل الأفضل في المرحلة القادمة. المصادر الحكومية تدرس الرد على المقترحات النيابية الداعية إلى اعتماد الدائرة الواحدة في الانتخابات، وهي لم تتخذ قراراً حاسماً بعد الا انها تدعم خيار الدوائر العشر على أن يملك الناخب حق اختيار مرشحين عند التصويت كا ذكرت صحيفة القبس عن مصدر حكومي. النائب المخضرم أحمد السعدون كان له اقتراح تقدم به بشأن إعادة تحديد الدوائر الانتخابية، وهو يبقي على الدوائر الخمس مع السماح باختيار ثلاثة مرشحين من خارج دائرة الناخب سيحقق العدالة، ويزيل أي جدل قد يثار على الاقتراح بتحويل الكويت إلى دائرة انتخابية واحدة. السعدون يقول إن «الصوت الحر» هو ما وضعناه في القانون المقدم سينتفي معه الجدل القانوني والدستوري بشأن دستورية الدائرة الواحدة، إضافة إلى من يرى ضرورة وجود الأحزاب السياسية في ظل اقتراح الدائرة الواحدة.وبين أن القانون الجديد سيخفف من حدة الطرح القبلي والطائفي، لاسيما أن المرشحين الناجحين في الانتخابات سيحصلون على المراكز الخمسين الأولى على مستوى الكويت قاطبة. الا ان النائب السابق والمرشح في الدائرة الثالثة د.وليد الطبطبائي يؤكد على عدم قناعته بالأصوات التي تنادي وتدعو إلى الدائرة الواحدة فهي ليست الحل للإصلاح، مبينا أنها ستجعل النائب تحت ضغط ومن المستحيل أن يتواصل النائب مع جميع الناخبين في حال الاتجاه إلى الدائرة الواحدة. أما النائبة السابقة والمرشحة الحالية أسيل العوضي تشير إلى أن الدائرة الواحدة غير مجدية من غير أحزاب أو قوائم انتخابية، فهي لن تنفع رغم ما وصلت اليه من مرحلة متقدمة في نظامها السياسي الذي يحتاج إلى تغيير، فالفرد لا يمكن ان يقر قوانين لوحده، والصوت بدون كتلة ضائع، خصوصا ان النائب لديه سلطة يشرع لكن لا ينفذ، ورغم ات هناك تخوف من الأحزاب، لكن إقرارها يجب أن يتم بقانون ينظم عملها على أساس وطني للرقابة، ومنها مراقبة تمويل الحزب، فالأحزاب إن كانت تملك برامج واضحة ستساهم في حل كثير من القضايا، كما أن وجود الأحزاب سيخفف من توتر العلاقة بين الحكومة والمجلس، لأن رئيس الوزراء سيختار حكومته من الأحزاب القوية في البرلمان، وبذلك تعطى الأحزاب فرصة لتنفيذ برامجها وليس التشريع فقط"، مؤكدة انه "في حال وجود الأحزاب في الحكومة فلن تجدون من يهدد الحكومة".
د عبدالله النيباري من جهته يشير إلى أن النظام الانتخابي هو جزء من العملية الديمقراطية، وكثير من الأنظمة الديمقراطية قد يكون تصميمها جيداً ولكن يمر النظام الديمقراطي بالعراقيل في تطبيق هذه الديمقراطية ولبنان هي مثال حي على ذلك نتيجة للانتخابات التي تكون مختلفة في النظام الديمقراطي ونجاحه. ويبين النيباري ان الأنظمة الديمقراطية في العالم تنقسم إلى قسمين نظام الفردي والنظام الآخر هو نظام النسبي ، ويطبق هذا النظام في 81 دولة مضيفاً أن النظام النسبي أن النائب يمثل مصالح الجميع والناخب ينظر الى هذا المرشح على أساس برنامجه الانتخابي وعلى أساس وطنه خالص وتفكير المواطن ينطلق رأسا على أساس مصلحة الشعب الوطنية وهذا الأمر يحدث نقلة نوعية في أساس التفكير في المجتمع الديمقراطي. ويذكر النيباري أن الانتخاب النسبي يميل الى تحديد الكتل لأن المرشح ينزل إلى الانتخابات وفق قائمة او حزب بأكمله ويرشح بناء على برنامجه وكذلك تكون من نتائجه تعدد الأحزاب السياسية والكتل في البلد بعكس النظام الفردي والذي يميل الى إفراز أغلبية أو أقلية . والكويت لم تصل إلى الآن لتشكيل حكومة برلمانية، أما سلبيات وايجابيات النظام الانتخابي في الكويت ينوه النيباري انها لا تزال تواجه أزمة ركود الحياة السياسية نتيجة عدم الاستقرار السياسي على مستوى البرلمان وهناك بحاجة للتفكير في النظام الانتخابي الحالي لكي ينتشل الحياة السياسية في الكويت من مستنقع الركود. وان كانت هناك محاولات من خلال الدوائر الخمس في حل مشكلات عديدة ومنها القبلية والطائفية والمال السياسي وربما هذا النظام خفف بعض المسائل ومنها نقل الأصوات التي ظهرت وكانت مركز ثقل في دوائر الـ25 ولكن لم يتمكن الموضوع من حل قضية المال السياسي والرشوة والانحياز القبلي والطائفي. وينوه النيباري أن الحياة السياسية الكويتية هي نزعة فكرية حيث نجد أن المجلس مشكل من أفراد والقليل منهم من يأتي ولديه أحاطه فكرية لتطوير البلد ورعاية مصالحه ومن الصعب ان يكون الفرد لوحده ملماً وان كانت لديه تلك الرؤية وان النزعة الفردية قد تفوق على المصلحة العامة. ويؤكد النيباري أن الدائرة الانتخابية في النظام النسبي ستسهل تشكيل الحكومات وتكون عامل استقرار لأنه ستكون هناك تجمعات سياسية تضبط العملية السياسية وتتيح عملية التفاهم داخل البرلمان ومعالجة قضايا البلد في مستوى مختلف كليا عما هو حاصل الآن وهو نظام قد يفتح لنا بابا لتجاوز كثير من الأزمات والصراعات التي تعرض العمل السياسي في البلد وخطورتها أن تبعد الناس عن المساهمة في تطوير البلد.
هناك مقترحان مقدمان إلى مجلس الأمة، الأول أن تكون الكويت دائرة واحدة، ويجيز للناخب أن ينتخب أربعة او خمسة مرشحين، على ان يكون أحدهم من المنطقة المسجل فيها نفسها. وهذا النظام، في حالة الأخذ به كما يرى النيباري، ستكون له نتائج وخيمة، إذ انه سيكرس، بل سيعمق الانقسامات الاجتماعية، وسيحول التنافس السياسي الى صراع اجتماعي، ولن يعالج الاختلال الذي يعتري النظام الحالي، ووفق علمي لم تأخذ بهكذا نظام أي دولة. أما النظام الآخر للدائرة الواحدة والذي يدعوا إليه النيباري وغيره من النخب الفكرية، فهو النظام النسبي الذي يكون فيه الترشيح لعضوية مجلس الأمة بقوائم يتراوح عدد المرشحين في كل قائمة من واحد إلى خمسين مرشحا كحد أقصى، وهو العدد المطلوب انتخابه. وتحصل كل قائمة على نسبة من إجمالي المقاعد بقدر نسبة ما تحصل عليه من أصوات الناخبين. ويعلن فوز المرشحين في كل قائمة وفقا لأسبقية تسلسل أسمائهم في القائمة. ويتطلب ان يحصل المرشح الفائز على العدد المطلوب للفوز، وذلك بقسمة جميع الأصوات الصحيحة التي أعطيت، على عدد الاعضاء المطلوب انتخابهم، فاذا كان عدد الأصوات الصحيحة 400 الف وعدد الاعضاء المطلوب انتخابهم 50 فيكون النصاب المطلوب للفوز 400000÷ 50 = 8000 صوت، فإذا كانت القائمة من مرشح واحد يعد فائزا اذا حصل على 8000 صوت او اكثر، أما القائمة التي تضم اكثر من مرشح واحد فتحصل على عدد من المقاعد بقسمة ما حصلت عليه من اصوات 8000. فلو افترضنا ان القائمة حصلت على 40000 صوت، بقسمتها على 8000 يكون نصيبها 5 مقاعد. هذا النظام يطبق في 72 دولة، ومعمول به في بريطانيا والولايات المتحدة والهند واستراليا، وهو النظام الذي يعتمد الدائرة الفردية. ومن بين الدول العربية التي أخذت بالنظام النسبي العراق والمغرب وتونس ومصر. ومن مميزات نظام الانتخاب النسبي انه يحقق نسبة أكثر من العدالة بين الفئات الاجتماعية والجماعات السياسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق