الأربعاء، 8 فبراير 2012

مرحلة فاصلة في مسيرة العملية الديمقراطية الكويتية!

الشرق/ الخليج
2012-02-08

المعارضة تحصل على الأغلبية في انتخابات مجلس الأمة 2012
الناخب الكويتي خرج من عباءة القبيلة وهو مؤشر على الوعي ونضج التجربة
خسارة المرأة ارتبطت بموالاة معظم النائبات السابقات للحكومة

مرحلة جديدة يمر بها المسار الديمقراطي الكويتي حيث اكتسحت المعارضة الأغلبية في انتخابات مجلس الأمة 2012. ورغم التواتر وارتفاع النبرة والهجوم والتجريح الشخصي من قبل بعض المرشحين، وحرق خيمة أحد المرشحين قبل الانتخابات الذي استخدم تعابير مسيئة لانتقاد مرشح آخر، ومحاولة الاعتداء على مرشح بسبب لقاء تلفزيوني، إلا أن كل هذه المظاهر تلاشت يوم الاقتراع ولم تسجل حوادث عنف واعتداءات وهو ما يميز التجربة الكويتية واستقرارها ويفصلها عن غيرها من الدول العربية التي لم تستقر بها الأوضاع حتى بعد رحيل الأنظمة الاستبدادية وانتهاء الانتخابات.
(1)
الانتخابات التشريعية الكويتية 2012 تميزت بكثرة عدد المرشحين حيث بلغوا 398 مرشحا من بينهم 28 امرأة، موزعون على خمس دوائر انتخابية، بلغ عدد الناخبين فيها حوالي 400 ألف ناخب أكثر من نصفهم نساء، كما تميزت وللمرة الأولى منذ انطلاق المسار الديمقراطي مع دستور 1962 في السماح بمشاركة المراقبين المحليين والدوليين من هيئات إقليمية ودولية للرقابة على سير الانتخابات في كل مراحلها لتشمل الجوانب الإدارية لضمان حيادية أعضاء اللجان والجهاز الأمني، وكذلك مراقبة أداء المرشحين ووسائل الإعلام والناخبين. الانتصار الساحق حققه الإسلاميون السنة المعارضون من تيار الإخوان المسلمين والتيار السلفي وأصبحوا يسيطرون على 23 مقعدا مقارنة بتسعة مقاعد في البرلمان السابق. وبالتحالف مع التيارات الأخرى ومع 34 مقعدا في البرلمان مقارنة بعشرين في البرلمان السابق، باتت المعارضة تسيطر بشكل كامل على قرار المجلس، إذ انها باتت قادرة على تجاوز تأثير تصويت الوزراء غير المنتخبين البالغ عددهم 15 وزيرا عموما والذين يتمتعون بموجب الدستور بحق التصويت في مجلس الأمة شأنهم شأن النواب. كما اثبت المرشحون من أبناء القبائل خصوصا في الدوائر الرابعة والخامسة أنهم القوة الأكبر في المعارضة والتيار الإسلامي.. أما الليبراليون الذين كانوا يعدون من المعارضة واخذوا خطا مختلفا خلال الحملة الانتخابية، ففازوا بمقعدين فقط في البرلمان الجديد بعد ان كانوا يسيطرون على خمسة مقاعد. شهد الشيعة الذين يشكلون ثلث المواطنين في الكويت بحسب تقديرات غير رسمية، تقلص حصتهم في البرلمان من تسعة نواب إلى سبعة نواب بينهم خمسة نواب إسلاميين شيعة. ولم تفز اي مرشحة في الاستحقاق بعد أن سجلت المرأة دخولا تاريخيا إلى مجلس الأمة بأربع نائبات خلال الانتخابات الأخيرة في 2009. المرأة دفعت ثمن موالاة معظم النائبات السابقات للحكومة فضلا عن اقصائها أو عدم تشجيعها من قبل مكونات التيارات الأخرى على رأسها التيارات الإسلامية السنية والشيعية. وكل هذه المشاهد المختلفة والمتنوعة تأتي في أعقاب الحراك الشبابي الشعبي غير المسبوق الذي شهدته الكويت وأطاح بحكومة الرئيس السابق والموالين لها.
(2)
أكثر من مؤشر كشفت عنه نتائج الانتخابات الكويتية كما يذكر خالد السليمان منها أن فوز المعارضة بغالبية مقاعد المجلس يؤكد وزنها في الشارع الكويتي، وارتكازها على شريحة واسعة من المجتمع تدحض نظرية الأغلبية الصامتة التي روجت لتحجيمها قبل حل المجلس السابق. واعتبر فوز مرشحين قبليين في دوائر قبلية دون خوض الانتخابات الفرعية يؤكد أن الناخب الكويتي خرج من عباءة القبيلة وهو مؤشر على الوعي السياسي الذي أنضجته التجربة بالإضافة إلى تبدل المناخ السياسي. وان السبب في فشل المرأة في الوصول إلى مجلس الأمة يعكس خيبة الأمل من تجربة أدائها في المجلس السابق، وربما تخلت عنها بعض القوى التي دعمت وصولها في المرة السابقة. كما يتوقع بعض المراقبين أن يكون عمر المجلس الجديد قصيرا عطفا على النتائج المخيبة لآمال الحكومة، فالحكومة لن تتحمل سيطرة المعارضة على الغالبية التي تمكنها من تمرير استجواباتها، المهم أن يقيم النظام السياسي نتائج الانتخابات جيدا، فالتعايش مع النتائج هو تعايش مع الواقع الذي بات يمثل المشهد السياسي في الكويت ويعكس حقيقة اتجاهات الرأي العام التي حان الوقت لأخذها بعين الاعتبار. البعض يرى أن مجلس الامة الجديد هو (مجلس الخمسات)، حيث فاز فيه 5 من حدس و5 من السلف و5 من التكتل الشعبي و5 من العجمان و5 من العوازم و5 من مطير و5 من الرشايدة و5 من القوى الوطنية رغم، ولن يبقى أكثر من 5 أشهر قبل حله! الدكتور غانم النجار في تعليقه على ذلك أشار الى أن مقولة ان المجلس القادم لن يبقى أكثر من عدة أشهر قد تكون واردة. هناك معركة محتدمة مازالت دائرة بين بعض أركان الأسرة من خارج الحكومة، وعنوانها إفشال الحكومة القادمة ومعها البرلمان، وتلبيس ذلك لـ”المعارضة”، خصوصاً أن هناك خلطاً في المفاهيم، فغير واضح المقصود بالمعارضة، فليس لها برنامج معلن، وقد نرى قريباً من كان معروفاً بموالاته سابقاً وقد تحول فجأة إلى معارض، ففي حين أن لدينا أفراداً معارضين باتساق إلا أنه لا يمكن إطلاق وصف المعارضة عليها بالصورة التي يتم بها تداول المصطلح الملتبس. وزير النفط السابق عادل الصبيح ذكر في تعليقه على الانتخابات أن الأزمات السياسية المتكررة ناشئة عن عجز السلطة، اي الأسرة الحاكمة، والحكومة، عن ملء الفراغ السياسي في البلد. وأشار الى أن جميع الخيوط السياسية في الكويت تنتهي بيد الأسرة الحاكمة، فإدارتها يجب أن تكون بالعدل والمساواة والحق.. وما نراه في الساحة هو غياب السلطة عن دورها الحقيقي. وفي كل الأحوال، قد لا يؤدي الفوز الكبير للمعارضة وحصولها على قدرة حسم التصويت في مجلس الأمة إلى نهاية التأزم السياسي.
(3)
النتائج المهمة في الانتخابات البرلمانية الكويتية يمكن الاستفادة منها من قبل الدول الخليجية المقبلة على انتخابات تشريعية مثل قطر والبحرين والإمارات تمثلت في تقرير جمعية الشفافية الكويتية التي أوصت بمجموعة من التشريعات والسياسات لإدارة العملية الانتخابية بغية تطويرها وتحسينها. أهمها مراجعة نظام الدوائر بما يحقق مزيدا من العدالة والمواطنة، ومراجعة نظام الترشيح الفردي بما يعزز دور البرامج السياسية والاقتصادية بدلا من العلاقات الاجتماعية وأهمية إصدار قانون إنشاء هيئة عامة لتعزيز الديمقراطية تختص بإدارة الانتخابات العامة ومراقبة الإنفاق الانتخابي والدعاية والإعلام الانتخابيين، وعمليات الفرز ومشاركة المجتمع ونشر الثقافة وتعزيز المواطنة الصالحة. والعمل على إصدار قانون الجمعيات السياسية الذي ينظم عملها وفق شروط وضوابط تأسيس الجمعية، وضرورة تنظيم العملية في القطاعين العام والخاص. والعمل على تغيير التشريعات الخاصة بظاهرة شراء الأصوات وقوانين حماية المبلغين وتحديد مكافأة مالية لمن يكشف عن هذه الجريمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق