الأربعاء، 22 فبراير 2012

مواقع التواصل الاجتماعي بين المواجهة والتحريم والاحتواء!

الشرق - الخليج
2012-02-22

المواقع الاجتماعية أثبتت فعالية وساهمت في إسقاط أنظمة قمعية
فيس بوك كان أحد أهم الأدوات التي اعتمد عليها الشباب الثائر في الدول العربية
تويتر فرض طرقاً ووسائل جديدة لتواصل الأفكار والمفاهيم والقيم في العالم

من العبارات التي قيل انها انطلقت من بعض الدول العربية في بداية انفجار الشوارع العربية أن (الدولة التي نشأت بالسيف لن تسقط عن طريق الفيس) والمقصود بالسيف منهج الحكم الذي اعتمد على الشد والحزم والصرامة في بناء الدولة وحرمان الناس من حقوقهم السياسية في المشاركة وصناعة القرار، والاقتصادية في التوزيع العادل للثروة، والاجتماعية من مساوئ وتكافؤ الفرص، لن تسقط عن طريق المواقع الاجتماعية مثل (الفيس البوك) وهو كان احدى أهم الأدوات التي اعتمد عليها الشباب الثائر في الدول العربية التي غيرت نظامها الاستبدادي الديكتاتوري العسكري بعد ما يقارب نصف قرن من القمع والتنكيل.
الخوف من مواقع التواصل الاجتماعية وتأثيرها لا يقتصر على الدول العربية وأنظمتها بل يتعداها إلى دول أخرى وهي تقف اليوم صفا واحدا في منع المد ان ينتشر. المواقع الاجتماعية أثبتت فعالية ساهمت في إسقاط الأنظمة في تونس ومصر وليبيا واليمن والمعركة ما زلت محتدمة في سوريا ولبنان والجزائر ودول عربية أخرى والمد يواجه من دول قوية مثل روسيا والصين اللتين تدعمان النظام الاستبدادي السوري الدموي. الفيس بوك لا يزال محظورا في الصين ويمنع من الدخول إليه حوالي نصف مليار مستخدم صيني للانترنت. وحسب آخر إحصاء، لدى الشبكة 800 مليون مستخدم فعال على مستوى العالم. من المتوقع أن يبلغ عدد الفيس بوك قريبا مليار مستخدم، الأمر الذي يعني أن نسبة 14 في المائة من سكان العالم سوف يزورون الموقع مرة واحدة في الشهر على الأقل. كما تهدف شبكة ''فيس بوك'' إلى تنمية وتطوير أمور جديدة ينجزها الناس على الموقع، من شأنها أن تبقيهم يعودون إليه، ويشتركون بالمزيد من الأنشطة. ولقد تحول أحدث مهمة لها زاوية من صفحة ملف الشخص، إلى سجل قصاصات على الإنترنت، حيث يمكنهم التسجيل ببعض نقرات مع كل طبق يأكلونه، أو أغنية يستمعون إليها. أما موقع تويتر فقد تجاوز عدد المستخدمين فيه ثلاثمائة مليون مستخدم وقد بلغت قيمة الشركة 8،4 مليار دولار، واستثمر الأمير السعودي الوليد بن طلال نهاية 2011 ثلاثمائة مليون دولار فيها. وقد أدى التوسع في استخدام وانتشار موقع «تويتر» إلى زيادة هائلة في حجم المعلومات المتوافرة وقضاء وقت طويل في البحث الذي لا يؤدي دائما إلى النتيجة المطلوبة، خاصة إذا علمنا أن هناك ما يزيد على 200 مليون تغريدة يوميا، وهو ما دفع بعض مواقع التطوير إلى التوصل إلى حل لهذه المشكلة. من بين هذه المواقع موقع تويتر لغرفة الأخبار التي تسمح للعاملين في غرف الأخبار بالبحث عما يرغبون فيه بالقدر الذي يحتاجونه وبسرعة. لقد اصبح البحث في «تويتر» وسيلة سريعة وسهلة للحصول على كثير من المعلومات حول قضايا وأشخاص وقت حدوث الخبر. لقد انضمت صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية في إذابة آخر الحواجز بين الصحفي — المحرر والصحفي — المستخدم عبر السماح للقراء بالتواصل مع المراسلين وتزويدهم بالمعلومات لانهاء فكرة تلقين القارئ بموضوع من وجهة نظر الصحفي أو إدارة الصحيفة نفسها. وقررت الصحيفة البريطانية أن تنشر على موقعها الإلكتروني لائحة أخبار تتضمن المقالات التي يعمل عليها الصحفيون بهدف السماح لقرائها بمساعدتهم من خلال التواصل معهم على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". صحيفة "واشنطن بوست" انهت الصورة التقليدية للصحفي في مكتبه وأمام كمبيوتره المحمول، وسمحت للمستخدمين والقراء بإعادة كتابة تقاريرها المنشورة على موقعها الالكتروني وتصحيح المعلومات الواردة فيها، مذيبة في ذلك فارقاً آخر بين الصحفي والقارئ. ويضم موقع الصحيفة الإلكتروني رابطا يسمح للمستخدمين بزيارة حسابات الصحفيين الشخصية على "تويتر" لتقديم الملاحظات أو الاقتراحات إليهم.

(2)
هل دخلنا مرحلة المواجهة من خلال المنع التام أو عن طريق الاحتواء وتقديم البدائل للحد من نفوذ وتأثير وانتشار المعلومة والخبر بلا حواجز وموانع عن طريق المواقع الاجتماعية؟ لقد تم تحريم وتجريم بعض المواقع الاجتماعية وهناك فتاوى تدعو الناس إلى عدم المشاركة في هذه المواقع والترفع عنها. هذه المبررات لم تقنع الكثيرين وتدفع إلى التساؤل عن السبب الحقيقي وراء إطلاق مثل هذه التحذيرات من «تويتر» والفيس بوك دون غيرهما من المواقع أو المنتديات. من جانب اخر اعلنت مجموعة من رجال الأعمال في عدد من الدول الإسلامية تأسيس موقع الكتروني للتواصل الاجتماعي خاص بالمسلمين منافس لشبكات التواصل الاجتماعي. ويقول القائمون على الموقع الجديد إنه سيكون بديلا شاملا لشبكات التواصل الاجتماعي التقليدية، اسم الموقع "سلام ورلد" أي عالم السلام الاجتماعي ومقره سيكون في مدينة اسطنبول التركية. ويشير القائمون على المشروع إلى ان الموقع الاجتماعي الجديد سيعمل على كسر الحواجز الأيديولوجية واللغوية والجغرافية بين المسلمين، وسيتيح الفرصة للشباب المسلم أن يتعرف على هويته ويكتشف ذاته، وسيثري الثقافة العالمية بتراث وانجازات الحضارة الإسلامية، وسيساهم في دعم وتنمية السوق الحلال. ووفق المعلومات المتاحة عن المشروع، فإن هناك نحو ثلاثمائة مليون مسلم يستخدمون الانترنت. ويهدف مؤسسو "الفيسبوك الإسلامي" إلى الوصول إلى خمسين مليون مستخدم في السنوات الثلاث الأولى من انطلاق المشروع. هناك محاولات عديدة سبقت هذا الإعلام وكان منها إنشاء مواقع بحث تحمل أسماء عربية وإسلامية تكون بديلة للمواقع العالمية ولكن جميعها فشل وأفلس لأنها لم تجد من يدعمها أو حتى يزورها وظل الجمهور مرتبطا بالوسائل والنوافذ العالمية. لكن لو استمرت هذه المحاولات ونجحت في استقطاب الجمهور كما فعلت مواقع التواصل الاجتماعي والدور الكبير الذي قامت به في تسهيل التواصل أثناء الثورات العربية، هل سيسمح لها بأن تقوم بالدور نفسه أم ستكون هناك محاذير وأعذار وتبريرات من قبل محاربة العدوان الداخلي المدعوم من الخارجي وضرورة الوحدة وعدم شق الصف ودرء الفتنة وغيرها من المصطلحات التي تظهر عندما يكون هناك اختبارات حقيقية للشعارات والمبادئ المرفوعة وهي أهم الإشكاليات التي جعلت الكثير لا يعتمدون على المواقع الاجتماعية العربية وما أكثرها في الخليج والعالم العربي ويتجهون إلى المواقع العالمية عوضا عن ذلك. كل خطوة لزيادة مساحة الحرية وتعزيز الحوار الحضاري مطلوبة وكل محاولة لحصرها والتضييق عليها وضربها لن تفلح وهو أهم درس تعلمناه من وسائل التواصل الاجتماعي العالمية في خضم الثورات العربية فهل تتعلم وسائل التواصل الاجتماعي العربية الدرس وتنجح في تقديم أفضل من ذلك؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق