الأربعاء، 1 فبراير 2012

النظام السوري.. من قَتَلَ بالسيف بالسيف يُقتَل

جريدة الشرق
2012-02-01
ضرورة تجنب دخول سوريا في حرب أهلية وطائفية
المواقف الروسية تبيع الوهم لنظام البعث البائد!
هل تفرض الشرعية الدولية ويتدخل مجلس الأمن لحل الأزمة؟

العنف لا يولد إلا العنف ومن قَتَلَ بالسيف بالسيف يُقتَل، وها هو القتل والعنف يصبح الخبز اليومي في سوريا بين النظام الدموي والشعب الأعزل والثائرين والضباط والجنود الذين رفضوا تنفيذ أوامر قتل المدنيين ومهاجمة المدن والقرى والمتظاهرين في الشوارع وتحولوا إلى المقاومة والتصدي للسلاح بالسلاح والرصاصة بالرصاصات، وها هي الانتفاضة السلمية البسيطة المتواضعة، التي خرجت في بداياتها بأعداد تعد على الأصابع تتحول إلى عمليات عسكرية وحرب عصابات منظمة في طريقها إلى الحرب الأهلية والطائفية إذا لم تنفرج الأزمة.

(1)
الخيارات في التعامل مع الأزمة السورية تضيق ومرشحة إلى الدخول في حرب أهلية وطائفية إن لم تكن هناك وقفة حقيقية من المجتمع الدولي. الحرب الأهلية قد تتفاقم في المنطقة وتنتقل شرارتها إلى لبنان والعراق وتدخل إيران على الخط وإسرائيل أيضا وربما تمتد إلى دول الخليج، التي حذر النظام البعثي في سوريا من انه سيحرك الخلايا النائمة التابعة له لنشر الخراب والدمار في كل دول المنطقة. جهود الجامعة العربية عمقت من الوحل وفاقمت الأزمة ومنحت النظام الوقت لكي يزيد من البطش والتنكيل بدلا من وقف آلة القتل اليومية ويزداد عدد القتلى والضحايا وها هو الرقم يصل إلى عشرة آلاف قتيل، والضغط الدولي وفرض العقوبات والمقاطعة لم تؤت أكلها ولم يتضرر منها إلا الشعب الضحية، وحالة الفوضى التي تعيشها المعارضة في الداخل والخارج لا تعطي أي انطباع ايجابي، المواجهة المسلحة في تصاعد بين فلول الجيش الحر الذي يقود حرب عصابات شرسة ضد القوات السورية، مما انعكس بشكل كبير على امن وسلامة المواطنين العزل، ناهيك عن الآثار الاقتصادية والنفسية التي نجمت عن ذلك مما جعل البلاد تنزلق نحو صراع دام وطويل ومزر والخروج منه مستعص. الناشط السوري المعارض ميشيل كيلو الذي قضى ست سنوات في السجن لمعارضته القيادة السورية قال لصحيفة لو فيجارو ان الاسد بات "يائسا" ويحاول تحويل الصراع الى صراع اقليمي. كما أن تصريح رئيس وزراء تركيا عن بوادر ظهور الحرب الأهلية مبني على معلومات ترد إلى تركيا من احتقان واضح في أماكن الأثنيات الطائفية (كما في حمص واللاذقية) والاثنيات القومية كما في الحسكة بين الأكراد والعرب الذين ساهم النظام بتوطينهم في أماكن الأكراد كحزام عربي.

(2)
يبيع الروس الوهم لنظام البعث البائد القمعي من خلال التصريحات والمواقف في الوقوف بجانبه لدعم عملية القتل السوري التي يمارسها بشكل مستمر وبلا توقف أو سكينة. روسيا حليفة القمع والقتل تنوي أن تبيع النظام السوري القاتل (36) طائرة تدريب عسكرية من (طراز ياك — 130). وبحسب مركز أبحاث (سيايهاستي) في موسكو، يعتبر النظام البعثي من المشترين الرئيسيين للأسلحة الروسية، حيث حصل على نحو 7 % من إجمالي مبيعات الأسلحة الروسية للخارج، خلال عام 2010 والتي بلغت قيمتها عشرة مليارات دولار. الحكومة الروسية تروج لعبة الروليت في المنطقة لحلفائها وان أدى ذلك إلى هلاكهم جميعا. الروليت الروسي لعبة حظ نشأت في روسيا. يقوم الشخص فيها بوضع رصاصة واحدة في المسدس، ثم يقوم بتدوير الاسطوانة التي يمكن أن تحمل عدة رصاصات عدة مرات بحيث لا يعرف ما إذا كانت الرصاصة ستطلق أم لا، ومن ثم يوجه المسدس نحو رأسه ويسحب الزند. فإذا وضع رصاصة واحدة فإن احتمال موته هو 1 من 6، أي 16.667 %. تستخدم اللعبة لعدة أسباب، منها الانتحار أو إثبات الشجاعة المزيفة، وهو ما يمارسه النظام السوري بامتياز مع تعديل طفيف وهو مرة يطلق الرصاصة على شعبه ومرة يطلقها على رأسه بينما يتفرج على ذلك الحكومة الروسية بنشوة وسط إدانة كل العالم. لعبة الموت الروسية التي تروج لها سوريا لن تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى التهلكة فمن يلعب بالنار لابد أن يصاب من شرارها فما بالك من يلعب بالرصاص والأسلحة النارية والدبابات ويقصف المدن والقرى بالطائرات ويستعمل الشبيحة لإرهاب الناس وقتل المتظاهرين في الشوارع. في النهاية سيترك الروس النظام السوري لمصيره المشؤوم وتصريحات ميخائيل مارجيلوف أحد ابرز المقربين للرئيس ذكر فيها ان روسيا لا تستطيع أن تفعل لنظام الأسد أكثر مما فعلته؟! حتى الزعيم الروسي فلاديمير بوتين وجّه تهديدات مبطنة للأسد بقوله "اما أن تبدأ بإصلاحات حقيقية أو ترحل".

(3)
كان من المفروض أن يتم فرض الشرعية الدولية ويتدخل مجلس الأمن منذ بدء الأزمة في المواجهة المفتوحة مع الشعب الذي يطالب بالحرية والكرامة وعدم إضاعة كل هذا الوقت والضغط على روسيا والصين لتغيير مواقفهما وعدم إعطاء الفرصة للنظام لممارسة كل هذه الجرائم وسحب الشرعية منه وفرض حماية للمدنيين من تطبيق حظر جوي وإقامة "مناطق آمنة" من القتل والقصف المستمر. ولابد من الإشادة بالبيان الذي أصدره عدد من أبناء الطائفة العلوية في سوريا وأكدوا فيه دعمهم لمطالب الثورة السورية، مستنكرين محاولات ربط العلويين خصوصاً والأقليات عموماً به في عمليات القمع والقتل التي يقوم بها النظام السوري، الذي يحسب على الطائفة العلوية. وطالب الموقعون الجيش السوري بالتوقف عن تنفيذ أوامر القتل ضد المتظاهرين السلميين، مستنكرين بشدة أعمال القمع الوحشية التي يقوم بها أزلام النظام أيا كانوا ولأي من الجماعات الدينية أو القومية ينتمون. كما أكدوا على وحدة الشعب السوري بكل أطيافه الدينية والقومية، والعمل على بناء دولة حرة ديمقراطية تحفظ حقوق مواطنيها بالتساوي، وهذا لا يتم إلا بإسقاط النظام الاستبدادي الحالي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق