الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

صفعة الجامعة العربية للنظام في سوريا!

جريدة الشرق
2011-11-16

مطالبة مجلس التعاون الخليجي بتنفيذ قرار الجامعة العربية
سقوط رموز النظام البعثي أشبه بتحطيم الأصنام حول الكعبة!
تهديدات النظام السوري وأزلامه مجرد فقاعات إعلامية

الضربات الموجعة تتوالى على النظام البعثي البائد في دولة الممانعة في وقف المجازر ونزيف شلال الدماء اليومي، والصامدة في سير على جثث الشعب الأعزل الذي يطالب بالتغيير والإصلاحات. إن المهمة الأكبر في رسم مستقبل جديد في المنطقة تتجسد في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية وأجهزتها وأزلامها التي يمثلها النظامي السوري بأبشع صورها. إن دخول الحرية والديمقراطية في دول الممانعة والصمود هو أشبه بدخول رسالة التوحيد إلى مكة، وسقوط رموز النظام هو اقرب إلى تحطيم الأصنام حول الكعبة!
(1)
قرار الجامعة العربية لم يزل ورقة التوت الأخيرة التي تستر عورة النظام البعثي السوري، بل أحرق جل أوراق اللعبة السياسية القذرة التي يتداولها حلفاء النظام في لبنان وإيران وروسيا والصين للتغطية على القتل والمذابح المستمرة. لقد انتظرت الجامعة العربية فترة طويلة تجاوزت الثمانية أشهر لتكشف أن كل الوعود في الإصلاحات والتغيير كانت حملاً كاذباً بعد آلاف القتلى من الأبرياء والضحايا والأطفال، وعشرات الألوف من السجناء والمشرّدين والمهجّرين، وتأجيج العصبيّات الدينية والمذهبية والطائفية، وتدمير البلدات والقرى والمدن الآمنة وسحل أبنائها في الشوارع، ولكن عزاءنا أن تأتي المبادرة متأخرة خير من أن تطول أو لا تأتي أبدا أو تأتي مفروضة من الخارج.. قرار جامعة الدول العربية تعليق عضوية سورية قرار تاريخي بامتياز، وهو يعتبر نقلة نوعية وموقفا جماعيا يتماهى مع الأوضاع التغييرية التي تجتاح المنطقة بشعوبها وأنظمتها. ونأمل أن تكون رسالة جريئة إلى الدول العربية الأخرى المتفجرة مثل اليمن أو القابلة للانفجار في الجزائر من أن الزمن قد تغير وان التستر واللف والدوران ورفض الإصلاحات مرفوض بل وقابل للدخول في التدويل وفرض عقوبات اقتصادية عربية قبل الدولية. وحسنا فعل قرار الجامعة بالتوجه مباشرة لمخاطبة الجيش السوري ومحاولة عزله عن النظام (رغم أن الكثير من قادته قد تمت تنشئتهم بطريقة عقائدية) ومطالبته بالاضطلاع بدوره في حماية المدنيين، وهو ما قد يساعد وقف القتل واللجوء إلى الانشقاقات والدخول في العصيان المدني كما حصل في رومانيا وأدى إلى سقوط نظام الديكتاتور نيكولاي تشاوشيسكو من قبل الشعب الثائر. إن البعد الإيجابي في إقناع الفئات المترددة والخائفة والتي لم تحسم خيارها من الشعب السوري، لاسيما في دمشق وحلب من أن تنضم للحركة الشعبية السلمية فالنظام آيل للسقوط والحلفاء والأصدقاء والدول العربية بدأوا يتخلون عنه ويترجلون عن قطار النظام المتجه إلى الهاوية وهو لا يستطيع أن يتوقف أو يغير اتجاهه.
(2)
لم يتمالك النظام السوري نفسه ولجأ كالعادة إلى اللعبة التي يجيدها خلال 50 عاما من حكم الأحذية العسكرية بالحديد والنار في إطلاق التهديدات الجوفاء والسباب والتخوين التي تمثلت في تصريحات السفير السوري الرعناء الذي تهجم بوقاحة على الدول العربية التي حاولت أن تخرجهم من أزمتهم ولكنهم في طغيانهم يعمهون. كما فتحت القنوات والمحطات السورية والإيرانية التحريضية حفلات الردح والشتائم والسباب ضد الدول العربية والخليجية وخاصة السعودية وقطر والكويت، وتمت استضافة خبراء المتاجرة بالقضايا العربية والمحللين الشبيحة للدفاع عن دكتور العيون الذي يريد أن يعود إلى عيادته لمزاولة طبابة العيون بعد انتهاء عملية الإصلاحات كما يقول مفتي سورية "حسون"، أو بقراءة آخر القضاء على كل من يطالب بها، أو فقء عيونهم وتحويلهم إلى عميان وصم وبكم على أيدي الدكتور؟! النظام السوري يثبت عجزه وفشله ولا يملك الأسد المحاصر والمعزول عربياً ودولياً إلا أن يطلق التهديدات الفارقة يميناً ويساراً كما فعلت الأصنام الهاوية التي سبقته (صدام، مبارك، القذافي وصالح في الطريق) الأسد أشار في مقابلة مع صحيفة ذي صنداي تلغراف البريطانية الى أن سوريا مختلفة كل الاختلاف عن مصر وتونس واليمن وما تشهده سوريا هو "صراع القوميين العرب (العلمانيين)"، وبين الإسلاميين ومنهم الإخوان المسلمون منذ خمسينيات القرن الماضي والى اليوم، والدخول في الحرب الأهلية الداخلية وإمكانية ظهور دويلات يمكن أن تكرر نموذج طالبان في أفغانستان، (وهي نفس التصريحات السابقة مع تعديل يناسب كل دولة)، كما أنه لم يكتف بإشعال المحرقة في الداخل بل نقلها إلى الخارج في تحولها الى "زلزال" من شأنه ان "يحرق المنطقة بأسرها" وكالة الانباء الإيرانية نقلت عن الاسد قوله انه سيطلب من حزب الله اللبناني فتح قوة نيرانية على إسرائيل لا تتوقعها كل أجهزة الاستخبارات، خلال الثلاث الساعات الأولى من الساعات الست، وبالساعات الثلاث الأخرى ستتولى إيران ضرب بوارج أمريكية ضخمة راسية بمياه الخليج، فيما سيتحرك الشيعة الخليجيون لضرب أهداف غربية كبرى، وقتل أمريكيين وأوروبيين حول العالم، إذ سيتحول الشيعة بالعالم العربي إلى مجموعة فدائيين انتحاريين صوب كل هدف يرونه سانحاً، وسيخطفون طائرات شرق أوسطية.
(3)
نطالب مجلس التعاون الخليجي بعقد اجتماع طارئ لمطالبة الدول الأعضاء بتنفيذ قرار الجامعة العربية بسحب السفراء من سوريا وترحيل السفراء في الدول الخليجية الست أو تخييرهم في طلب اللجوء السياسي، والاعتراف بالمجلس الانتقالي ممثلاً شرعياً لسوريا، والتقدم بطلب تحويل ملف الأزمة السورية إلى مجلس الأمن وأروقة الأمم المتحدة والمنظمات المعنية لفرض العقوبات الاقتصادية وتأمين حماية المدنيين ودعوة المنظمات العربية المماثلة للقيام بما تستطيعه لحماية السوريين من البطش والقمع.

فاصلة أخيرة
قرأت في القرآن: "تبت يدا أبي لهب"،
فأعلنت وسائل الإذعان:
"إن السكوت من ذهب"
أحببت فقري، لم أزل أتلو: "وتب"،
"ما أغنى عنه ماله وما كسب"
فصودرت حنجرتي بجرم قلة الأدب،
وصودر القرآن، لأنه حرضني على الشغب.
* احمد مطر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق