الأربعاء، 11 مايو 2011

الأنظمة العربية.. حرية الحصول على العنب في مواجهة بندقية الناطور؟!

لاربعاء ١١ مايو ٢٠١١
جريدة الشرق

استمرار الرئيس سيحول اليمن إلى دول صومالية متناحرة
ضرورة الاستجابة للمطالب الشعبية في سوريا
الخيار العسكري للتعامل مع الأزمة يفقد الشرعية عن أي نظام

سأل المدرس الطالب: الثعلب يلد أم يبيض؟ قال الطالب: الثعلب مكار توقع منه أي شي؟! هذه النكتة السمجة تنطبق على تصرفات رئيس المراوغات العربية علي عبد الله صالح الذي وافق على التنحي أمس ويرفض اليوم ليوافق غدا ويرفض بعد غد وهكذا دواليك.. في محاولة مستميتة لقتل الوقت وزرع الملل والضجر والقهر واليأس من التغيير السلمي في نفوس الملايين الذين يفترشون شوارع العاصمة اليمنية وضواحيها، مطالبين برحيل نظامه بطريقة حضارية إلى الآن، في رفض كامل لاستخدام العنف واللجوء إلى خيار المواجهة المسلحة، وخصوصا أن الأسلحة تباع في الدكاكين والمحلات التجارية وموجودة في كل بيت يمني، وهو ما يذكرنا بأصالة الحكمة اليمنية التي لم تمت رغم كل المحاولات لضربها واستئصالها وطعنها خلال العقود الثلاثة الماضية من قبل النظام المنتهية صلاحيته؟! نظام علي صالح استطاع ـ وبجدارة ـ أن يحرق جميع الأوراق التي يستطيع أن يلعب بها في الساحة، ولم يَسْلَمِ الأشقاء والأصدقاء في الداخل والخارج من النيران التي يطلقها نظام صالح في تصريحاته النارية العشوائية التي مازالت مستمرة، من التضحية بالموالين، واستخدام القيادات اليمنية وزعماء القبائل ورجال الدين، إلى ضرب المبادرة الخليجية، والهجوم على قطر التي اتهمها بالمحاولة لإسقاط نظامه، واللجوء إلى المماطلة والتسويف من خلال الحديث حول التفاصيل والضمانات لتعطيل التوقيع وإنهاء الأزمة؟!
المشهد السياسي المطالِب برحيل الرئيس ونظامه وحَّد اليمنيين من الشمال إلى الجنوب، في زخم جماهيري وصدى إعلامي والتفاف شعبي منقطع النظير، ولن يتوقف إلا بعد تحقيق المطالب المشروعة التي ترفعها اليوم مسيرات مليونية من الشباب والشيوخ والنساء والأطفال.. إن لعبة المتاجرة بالمواقف لم تعد تفضي إلى شيء.. والوضع يزداد تعقيداً وتأزماً، وقد يُقبِل على انفجار لا يعرف مداه واتساعه. والاستمرار في العناد والمكابرة من قبل النظام قد يدفع البلاد إلى حرب أهلية تتحول فيها اليمن إلى دول صومالية متناحرة. وبدت البوادر في التصريحات الهجومية الأخيرة لصالح في قوله: إن المشروع الذي تتبناه المعارضة اليمنية هو "مشروع الإرهاب". ووصف المعارضين بأنهم "نفر من الخارجين على القانون، الذين يقتلون النفس المحرمة، وهم متخلفون، وقطاع طرق!!". خبراء اقتصاديون حذروا من انهيار متوقع للاقتصاد اليمني في ظل تصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام، وتوقعات تقرير معهد التمويل الدولي للنمو في العالم العربي تشير إلى أن اقتصاد اليمن سيكون الأكثر انكماشا في المنطقة العربية بنسبة 4 % مقارنة بالانكماش في الاقتصاد السوري بنسبة 3 % وفي مصر بنسبة 2،5 % وفي تونس بنسبة 1،5 %. وعلى الرغم من أن الشعب اليمني يتحلى بالحكمة في هذه الأزمة فإن الرئيس ونظامه على نقيض من ذلك، وهو ليس له خيار إلا أن يرحل بكرامة ونهاية مشرفة، ويبين أنه حريص على أمن اليمن ومستقبله واستقراره أو يزج البلاد في طريق العنف والدماء والموجة المسلحة كما يحصل من النظام الليبي المحاصر دولياً، والمطالَب بملاحق رئيسه وأتباعه ومحاكمتهم دوليا كزعماء حرب، والمجمدة أصولهم وأموالهم في البنوك العالمية. فدرءاً للدماء اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻟﺖ.. وشلالات الدماء اﻟﺘﻲ قد ﺗﺴﻴﻞ.. نطالبك اليوم بأن ترحل يا صالح فاليمن يستحق مستقبلاً أفضل بدونك.
سوريا ونقطة اللاعودة
يوماً بعد آخر تتصاعد موجة انتفاضة الشعب السوري ضد النظام في حمص وحلب ودمشق بعد درعا، ويزداد عدد الضحايا من المدنيين ورجال الجيش، فالنظام اختار المواجهة بالسلاح والقوة لتبديد المظاهرات، والخيار العسكري للتعامل مع الأزمة، وهو ما يفقد الشرعية عن أي نظام وقد يؤدي إلى الانتحار السياسي. جماعات حقوق الإنسان تشير إلى أن قوات الأمن قتلت بالرصاص 560 مدنياً على الأقل في هجمات على المحتجين، ولا يزال المئات مفقودين، ويخشى أن يكون كثيرون منهم قد قتلوا، كما ألقي القبض على الآلاف لينضموا إلى آلاف السجناء السياسيين. تقرير صحيفة "ذي غارديان" أشارت إلى أن الوضع في سورية يتماهى مع الحالة في مصر وتونس، حيث ظلت عوامل الغضب تتفاعل لسنوات بسبب البطالة والفساد والمحسوبية والقمع السياسي على أيدي قوات الأمن، التي لا تخضع للمساءلة، وارتفعت الأسعار خلال السنوات الثلاث الفائتة لتزيد من الصعوبات الاقتصادية، في ذات الوقت الذي كان جيل الشباب الواعد يشاهد الحياة خارج حدوده عبر شاشات التلفزيون والانترنت. وذكر التقرير أن سوريا دولة تضم أكثر من 20 مليون نسمة. وقد تكون فيها أعداد من الموالين للأسد مساوية لما فيها من المحتجين، وبقدرها، والذين يؤيدون الرئيس إما لما يكنونه له من إعجاب حقيقي أو خشية من البديل. وفي خضم الجمود بين المتظاهرين والحكومة، فان ما ستحمله الأيام سيعتمد على الغالبية الصامتة الكبيرة، بما فيها رجال الأعمال ورجال الدين من السنة. ويكاد الكل يُجمع على التطلعات ذاتها في الحياة بكرامة، ومن دون كبت وبأن تكون لديهم سيطرة أوسع على شؤون حياتهم ودولتهم. من جانبها حذرت صحيفة (الواشنطن بوست) من ان عملية تغيير النظام في سوريا قد تبدو أقرب إلى النموذج العراقي منها إلى النموذج المصري"، إذ إن الجيش السوري موالٍ للنظام، أي إن "سقوط النظام يعني انقسام الجيش، مما يمهد لانفجار داخلي على الطراز العراقي، حيث تسعى الغالبية للانتقام من الأقلية، بينما تسعى القوى الإقليمية لحماية مصالحها. وانهيار النظام سيشعل حرباً أهلية تنتشر في أرجاء المنطقة"، بما في ذلك لبنان والعراق والسعودية وأبعد، وهو سيناريو يوم القيامة بالنسبة للشرق الأوسط برمته. ويرى جوشوا لانديز المحاضر في جامعة اوكلاهامو ان سورية هي ميدان الصراع في المنطقة، فمن ناحية تقدم نفسها على أنها مركز العروبة والوحدة العربية والعلمانية، ومن ناحية أخرى تعتبر دولة مفككة تحكمها أقلية دينية.
هل هناك مخرج مشرف قبل فوات الأوان؟، الجميع يريد الخير لسوريا ويريدها أن تعود قوية حرة مستقلة، لكي تمارس دورها القيادي في العالم العربي، لذا على النظام السوري أن يفتح الأبواب الموصدة لأكثر من خمسة عقود من حكم حزب البعث بالقبضة الحديدية، وإطلاق مسيرة الإصلاح والتغيير في العملية السياسية، والدخول في حوار حقيقي لتلبية المطالب الوطنية الشعبية، يجب وقف إطلاق النار على المتظاهرين والسماح بالتظاهر السلمي، وخلع جميع صور الرئيس وأبيه في الشوارع، والإفراج عن جميع معتقلي الرأي، وفتح قنوات التواصل والتعبير، والسماح بالتعددية الحزبية، وتنظيم انتخابات حرة وديمقراطية بعد ستة أشهر!! من الحكايات الطريفة التي يتم تناولها في البريد الالكتروني أن المارة اكتشفوا وجود حفرة في أحد شوارع دمشق تكونت بعد هطول المطر، فقاموا بكتابة شكوى للجهات المعنية مطالبين بردم الحفرة أو وضع لوحة إرشادية، ولكن المسؤولين قاموا بإرسال ممرضة وسيارة إسعاف؟!، وحين تفاقمت الأزمة اشتكى الأهالي إلى فرع حزب البعث في دائرتهم، فتم تحويل القضية إلى حزب البعث الحاكم، وبعد مرور أعوام من الأخذ والرد قررت الحكومة بناء مستشفى يحمل اسم ابن الرئيس الراحل إلى جوار الحفرة، وعندما لم يفلح هذا الحل في امتصاص غضب الأهالي، قرر حزب البعث حفر الشارع بكاملة وهدم كل ما حوله! إن حقيقة الصراع في العالم العربي الذي تحكمه أنظمة شمولية تتمثل في الحرية للحصول على العنب، في مواجهة ناطور يحمل بندقية ويعتقد أنه يملك البستان والأرض والماء والهواء؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق