الأحد، 1 مايو 2011

المرأة اليابانية ... السعي إلى ممارسة دور اكبر في المجتمع

01/05/2011
العالم بعيون يابانية (9)
جريدة الشرق

حملت مشارف نهاية السنة الماضية أخبار سعيدة عن المرأة اليابانية، فلقد ذكر مسح أجرته وزارة الشئون الداخلية والاتصالات اليابانية أن معدل دخل المرأة الواحدة التي يقل عمرها عن 30 عاماً ناهز 218156 يناً، أي ما يعادل 2680 دولاراً أمريكياً شهرياً في 2009 ليتجاوز دخل نظرائهن الرجال الذي يبلغ 215515 يناً (2640 دولاراً) لأول مرة. وذلك يعود إلى أن النساء في اليابان انخرطن بصورة أكبر في وظائف بمجالي الطب والتمريض التي زادت مع زيادة أعمار اليابانيين، بالإضافة إلى هذا فإن اليابانيات الأصغر ربما في النهاية يبدأن جني ثمار ما بدأه من سبقوهن من الكبار في الوظائف المكتبية مثل المالية. لقد أصبحت النساء مشهداً مألوفاً في المصانع وورش البناء ووراء مقود سيارة الأجرة. غير أنهن كن أقل حظا في الوصول إلى مناصب السلطة، التي مازالت حكراً على الموظفين الرجال أصحاب السترات الرمادية. فحسب منظمة العمل الدولية، التابعة للأمم المتحدة، لم تكن النساء اليابانيات في 1985 يشغلن سوى 6,6 في المائة من مهن التسيير والإدارة في الشركات والإدارات الحكومية اليابانية. وبحلول ،2005 ارتفع هذا الرقم إلى(10,1) في المائة فقط رغم أن نساء اليابان العاملات اللاتي يبلغ عددهن 27 مليون امرأة يشكلن نحو نصف القوة العاملة في البلاد.

تعتبر اليابان ونسائها من أكثر المجتمعات تطوراً، وتتمتع نسائها ببشرة جميلة وعمر طويل بحسب تقرير سابق لوزارة الصحة اليابانية الذي يؤكد أن اليابانيات يزيد متوسط أعمارهن على 85 عاماً بالمقارنة ببقية نساء العالم ، وذلك يرجع إلى انخفاض نسبة انتشار بعض الأمراض كالسرطان والأزمات القلبية. وتعد المرأة اليابانية من أكثر النساء تمتعاً بالشباب الدائم وقلما يتعرضن لأعراض سن اليأس، نظراً لاعتماد علي غذاء الشعب الياباني على الكثير من حبوب الصويا (Soya Beans) ومشتقاتها . المجتمع الياباني كما تنقل ليلى البلوشي عن كتاب " اليابانيون " تأليف أدوين رايشاور، هو" مجتمع أمومي "، يتميز بقيادة الأم للعائلة في طبقات المجتمع الدنيا ، وكانت " الشمس الإله " هي السلف الأسطوري للسلالة الإمبراطورية ، حيث كانت زعامة الإناث شائعة في القرن الثالث الميلادي ، وكانت هناك إمبراطورات تولين الحكم في القرن الثامن الميلادي ، وكن النسوة يرثن الممتلكات ويؤدين دورا هاما في النظام الإقطاعي .. وهنا انبثق تأثير الفلسفة الكونفوشيوسية للحد من حرية النساء لكون المرأة بعد تخطيها مرحلة التدريب ليس لها القدرة على حمل السيوف كقدرة الرجل ، ولعل هذا الحد هو الذي جعل المرأة اليابانية تستعيض عن تقلص مكانتها في المجتمع إلى دورها المهم في البيت الياباني ، هو ما جعل اليابان مجتمعا أموميا بامتياز _ وهو النظام الذي ينسب فيه الأبناء لأمهاتهم – وعليه فإن المرأة هي التي تتولى كافة شؤون البيت ، فالرجل يضع راتبه كله في يد الزوجة ، وهي التي تقضي كل حاجيات البيت وتشتري السيارة وتعطي الرجل مصروفه ، ونرى كيف أن تأثيرات هذا النظام الغريب الذي قل من شأن الرجل في المجتمع الياباني ، فالرجل أي الأب رغم أنه هو الذي ينفق على الأسرة فإنه في الواقع أقرب ما يكون إلى الرمز ، لا نفوذ له في شؤون الأسرة ، والأم هي التي تدير ميزانية الأسرة بصورة قاطعة ، والأم هي التي تعنى بشؤون الأطفال وتنشئتهم تنشئة صالحة ، والجدير بالذكر أن المرأة اليابانية المتزوجة حين تكون عاملة ، إن رزقت بطفل فإنها تستقيل من وظيفتها ؛ كي تتفرغ كليا لتربية الطفل وحين يبلغ سن المدرسة ، فإنها تعود لعملها مرة أخرى و قد لا تجد أما تعتني بتربية أبناءها مثل الأم اليابانية ؛ فهي ومنذ فترة رضاعة طفلها ، تبدأ بسرد القصص والأحاديث التي تنمي لدى طفلها الأخلاق الفاضلة ، وتغرس فيه حب الوطن والخير، وعشق البطولة ، وتمجيد الآخرين ومن هم أكبر سنا. وفي السنوات الحالية نرى كيف أن المرأة اليابانية استطاعت أن تخوض عدة تحديات ، وغدت إلى جنب الرجل تمارس دورها في داخل وخارج المجتمع الياباني الذي ينحو في اتجاه تطوري نحو اكتساب قيم ومفاهيم عدة من الآخرين ، فقد أعطى القانون الياباني المدني في عام 1946م المرأة وضعاً مساوياً للرجل في كل مظاهر الحياة على عدة أصعدة ، ولعل من أهمها منح المرأة حق الانتخاب في البرلمان والمجالس المحلية ،وتخصيص مقاعد لهن في مجلس النواب ، ومنهن من ترأس المجالس البلدية والقروية ، وفقاً لمبدأ المساواة بين الجنسين.
اليابانيات اليوم مشغولات كثيرا بإعمالهن وتعليمهن لدرجة أن معدلات زواجهن انخفضت، كما أن سن الزواج لديهن ارتفع ليصل في المتوسط الى الثلاثينات من العمر، لكن حتى اذا تزوجت اليابانيات، فان الكثير منهن يتزوجن من رجال اصغر سنا، والكثير منهن ايضا يفضلن الزواج من رجال أوروبيين او أميركيين.ولهذا انخفضت معدلات الخصوبة في اليابان، وترتب عليها ارتفاع عدد الكلاب على عدد الأطفال في بلد بدا يشيخ ويشعر بالقلق من جراء هذا. كما أشارت بعض استطلاعات الرأي أن معظم النساء اليابانيات العازبات يفضلن عدم الزواج ويعتقدن أن بوسعهن العيش سعيدات بمفردهن بقية حياتهن .وبينت أن نحو سبع من بين كل عشر نساء عازبات يابانيات، وإنهن يفضلن البقاء بلا زواج. رغم محاولات الحكومة اليابانية وقف تراجع معدل المواليد والحفاظ على عدد السكان من الانكماش. إذ تراجعت نسبة الخصوبة في اليابان أو متوسط عدد الأطفال إلى 29.1 عام 2003 ، وهو أدنى معدل خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وطبقا لسوميكو اواو مؤلفة كتاب المرأة اليابانية فان العديد من النساء اليابانيات اليوم لم يعدن ينظرن للزواج باعتباره هدفا مهما. وتشير إلى أنهن لا ينوين البقاء عازبات، إلا أنهن لم يلتقين بنوعية الشخص الذي يردن الزواج منه. ولا يشعرن بالرغبة الحادة في التحول إلى ربة بيت.إذا ما عثرت على زوج جيد فهذا أمر لطيف، وإذا لم تعثر على مثل هذا الزواج فالأمر لطيف أيضا.
كما يبدو أن المرأة اليابانية لا تعدّ أحسن حالاً من المرأة العربية وحتى الغربية التي تتعرض للعنف بصورة كبيرة خلال حياتها الزوجية والأسرية. حيث كشفت دراسة حكومية أجريت مؤخراً في اليابان، أن ثلث الزوجات اليابانيات يتعرضن لعنف جسدي أو كلامي من قبل أزواجهن وهي نسبة لم تتغير منذ الدراسة الأخيرة في 2005. وتقول 13% من النساء: إنهن ضحايا عنف ويخشين على حياتهن بحسب الدراسة التي أعدت من خلال استمارات وزعت على آلاف النساء أعطت 1675 منهن أجوبة صالحة. وبين الضحايا أعلنت 42% أنهن يفكرن في الطلاق لكنهن غيرن رأيهن أملاً منهن في توقف أعمال العنف أو لأنهن غير قادرات على إعالة أنفسهن؟!
صورة المرأة اليابانية اختلفت بالتأكيد إلا أنها تشهد صراعا داخليا في المجتمع الياباني نفسه، بين تلك الفتاة التي تشبه الجيشا (Geisha) المرأة التي كانت تهـــــــب روحها للفـــــــــن مجسدة ذروة الجمال الياباني ، ورمز الأنوثة والحب المستحيل ومنبع جمالها عذريتها وحديثها الجميل واهتمامها ببعض الفنون التقليدية على غرار الرقص، الغناء والموسيقى وصنع الشاي التقليدي وتنسيق الزهور والكتابة بخط جميل ومعرفة تدليك الجسم وارتداء الكيمونو، إلى المرأة المتزوجة وألام التي تتحكم في مصير الأسرة والجيل الجديد، إلى المرأة العاملة العصرية التي تتميز بالثقافة و التعليم العالي وتحصل على المرتبات العالية التي تفوق قرائنها من الرجال وتطالب بلعب دور اكبر في المجتمع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق