الخميس، 4 فبراير 2010

يوتيوب الزبد.. وما ينفع الناس

2010-02-03

الفكرة بدأت في أذهان 3 شبان يدرسون في الجامعة ويعملون نصف دوام في موقع بي بال (Paypal) الشهير (يا حسرة على الجامعات العربية المدجنة)، ففي وقت الفراغ كانوا يتناقشون في أفكار تجارية واقعية وخيالية صغيرة وكبيرة وكان اغلبها اشبه بأحلام لا يمكنهم تحقيقها لعدم وجود المال اللازم للتنفيذ، ومع ذلك ظلوا يحلمون ويعملون بجهد وعزيمة لا تتوقف مستفيدين من عامل الوقت والزمن في تنمية قدراتهم وامكانياتهم وجاءت اللحظة المنتظرة. عندما قررت ebay شراء لـ Paypal بـ 1،54 مليار دولار، واستلم الثلاثة مكافأة كبيرة لأنهم كانوا السبب في نمو هذه الشركة المبتدئة. لكنهم في قرار تاريخي قرروا الرحيل عن الشركة وفتح مشروع خاص بهم وفي غضون سنوات معدودة استطاع هذا المشروع ان ينمو بشكل غير متوقع يتصدّر المواقع الامريكية ثم العالمية ويبث خدماته بكل اللغات الحية مما جعل وسائل الاعلام المختلفة واهمها مجلة "تايم" و"فوربز" تكتب قصص العدد الرئيسية عن "ثورة" محلّلة هذه الظاهرة المميزة في عالم الانترنت والتي اطلقت عليها (ثورة اليوتيوب).
والثلاثة هم، ستيف شان (Steve Chen)، الذي ولد في عام 1978 في تايوان، وشاد هارلي (Chad Hurley)، ولد عام 1977 من عائلة بيضاء أمريكية، وجواد كريم (Jawed Karim)، ولد عام 1972 في ألمانيا، من أب بنجلاديشي وأم أمريكية، وحصل على الماجستير في علوم الكمبيوتر من ستانفورد ويدرس حاليا في الجامعة للحصول على الدكتوراه. وقصتهم التاريخية تبدأ في 2005 حين حضر الثلاثة حفلة عشاء في سان فرانسيسكو لأحد الأصدقاء. وفي الحفلة قرروا ان يأخذوا لقطات فيديو وصور، وأرادوا تبادلها مع بعضهم البعض في الأسبوع التالي، لكن لم يجدوا الطريقة التي تمكنهم من فعل ذلك. فالملفات كانت كبيرة جدا ولا يمكن ارسالها عن طريق البريد الالكتروني، كما ان ارسالها عن طريق المسنجر يمكن أن يتأخر لساعات وساعات وهنا جاءت الفكرة بإنشاء موقع يمكنهم من تحميل ملفات الفيديو خصوصا ذات الاحجام الكبيرة واطلقوا عليه (Youtube).
ومع النجاح الكبير في استقطاب الجماهير اشتراه موقع جوجل بحوالي 65.1 مليار دولار، وقدر عدد مشاهدي مقاطعه في فبراير 2008 فقط بحوالي 875 مليون مستخدم استعرضوا أكثر من 3 بلايين مقطع فيديو اغلبها في الولايات المتحدة. وقد قام الموقع برفع الحد الأقصى لحجم ملفات الفيديو التي يمكن رفعها إلى واحد جيجابايت لكل ملف مع الإبقاء على الزمن الأقصى للملف الواحد في نطاق العشر دقائق، بعد أن كان الحد الأقصى لحجم الملف المرفوع 100MB مما يعني أنه قد تمت زيادته بمعدل عشرة أضعاف مما يفتح الطريق أمام تحميل ملفات فيديو ذات جودة أعلى وأوضح. كما أطلق الموقع عددا من التطويرات على خدمته في جانب رفع ملفات الفيديو ومشاركتها حيث تم إطلاق برنامج Multi — Video Upload وهو برنامج صغير يمكن استخدامه مع أنظمة Windows وتقوم وظيفته على تمكين المستخدم من رفع أكثر من ملف فيديو في نفس الوقت. ومع دخول الموقع فى معركة الانتخابات الأمريكية 2008 ازدادت أهميته حيث ظهر مرشحو الرئاسة في الولايات المتحدة على شاشة محطة CNN للإجابة على أسئلة تلقائية لناخبين تم تسجيلها عبر موقع يوتيوب. وقد استطاع موقع "يوتيوب" الاطاحة بموقع "هوتميل" من المركز الثالث فى قائمة أفضل المواقع على الإنترنت، فيما حافظ "ياهو" على تصدره القائمة التى احتلها منذ فترة ليست قصيرة، وجاء محرك البحث جوجل فى الترتيب الثاني، وفقاً لأحدث الاحصائيات في الربع الاخير من 2009.
يستطيع مرتادو الموقع: «تحميل، وتبادل مقاطع الفيديو وتسميتها في جميع أنحاء العالم، وتصفح ملايين المقاطع الأصلية التي قام بتحميلها المستخدمون الأعضاء، والعثور على جماعات فيديو والالتحاق بها وتسهيل الاتصال مع من لديهم الاهتمامات نفسها، كذلك تخصيص التجربة عن طريق الاشتراك في خدمة تبادل مقاطع الفيديو المقصورة على الأعضاء، وحفظ المقاطع المفضلة، ووضع قوائم تشغيل المقاطع، ودمج مقاطع الفيديو الخاصة بيوتيوب مع مواقع الشبكة التي تستخدم تقنيات حديثة مثل أي بي آي، وأيضاً جعل مقاطع الفيديو عامة أو خاصة — حيث يستطيع المستخدمون اختيار عرض مقاطعهم بشكل عام أو بمشاركة أصدقائهم وعائلاتهم فيها بصورة خاصة عند التحميل. ويحتوي الموقع على المقاطع الأحدث، والحاصلة على أعلى تقييم، والتي تحظى بأكبر قدر من النقاش، والأكثر تفضيلاً، والأكثر اتصالاً بمواقع أخرى، والتي عرضت مؤخراً ثم أضيفت مباشرة إلى الموقع، كما تصنف مقاطع الفيديو أيضاً إلى أبواب مختلفة من الكوميديا والفن والرسوم المتحركة إلى العلوم والتكنولوجيا. ومن الحكايات الطريفة التي دلت على شهرة يوتيوب تلك التي جاءت من النمسا حيث ساعد عرض مادة فيلمية موجودة على الموقع في القبض على لص بعدما سرق كاميرا إنترنت من أحد المحلات، حيث قام صاحب المحل ببث المادة المصورة التي التقطت للص وهو يسرق على يوتيوب، وتلقى العديد من التعليقات كما أن الشرطة أسرعت في القبض على اللص حتى لا تتهم بالتسيب وتفتضح على مستوى العالم.
الموقع ينمو ويتوسع يوما بعد الاخر، وأحدث المشاريع وليس آخرها هو تأسيس موقع يوتيوب التعليمي (YOU TUBE EDU) وهو مختص بتحميل المواد التعليمية من اكبر الجامعات في العالم، كما يمكن أن تجد في موقع i — TUNES — U، الذي يشبه الجامعة المفتوحة، محاضرات لكبار اساتذة جامعات اكسفورد وكامبريدج وييل وستانفورد ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا وغيرها الكثير. وتحمل لنا الاخبار ان عدد المحاضرات والاعمال الاكاديمية، التي حمّلتها جامعة اكسفورد على مدى اكثر من عام تتجاوز المليون. ويمكن تحميل المحاضرات على جهاز اي بود (iPod) لكي تتم مشاهدتها في اي مكان في العالم، كما قام يوتيوب منذ فترة قصيرة بتأسيس موقع خاص بالأطفال واطلق عليه «زوي تيوب» (ZuiTube) بهدف أن يصبح نسخة «يوتيوب» النظيفة، وفيه تمسح جميع الفيديوهات غير الأخلاقية قبل أن يدخل عليها الصغار.
لكن على الرغم من قصة النجاح العظيمة التي جاءت بالموقع الا ان المطلع على اغلب الملفات التي يتم ارسالها او تحميلها الى الموقع العالمي من قبل المتحدثين باللغة العربية يشعر بالخزي والعار، فهي ما بين مقاطع وفضائح جنسية أو تفجيرات ارهابية وتخريب ودمار وشتم وسب وتصفية حسابات ونشر ثقافة الكراهية والمقاطع التحريضية في الاستهزاء والانتقاص من الاديان والمذاهب والملل والنحل والضرب في التوجهات والافكار والتيارات السياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية وكل ما يثير الصراعات، والفرقة، والخلافات والحروب المعلنة منها والمخفية وما اكثر الفيديوهات التي تبث الحقد والكراهية بين المسلمين والمسيحيين واليهود والسنة والشيعة والاسلاميين والليبراليين والعكس، بالاضافة الى نشر الغسيل القذر وعرض صور بنات الناس وفضحهم على الانترنت، ويبقى القليل الذي يستثمر الموقع في نشر الثقافة والتعليم والامور النافعة والسلوكيات الصالحة. وتمثلت الحادثة الاكبر ضد الموقع في العالم العربي في شكل حملة اقامتها دول خليجية تطالب بحظر الموقع الإلكتروني بالاضافة الى موقع الفيس بوك وعلى الرغم ان التبريرات التى ساقتها تحت حجة خطورة ما يعرض على الموقع لاحتوائه على مشاهد جنسية، الا ان المراقبين ارجعوها لانتشار عدد من الفيديوهات عن الوضع الداخلي وعرض اسرار عن شخصيات كبيرة ومؤثرة ارتبطت بقضايا تنتهك حقوق الإنسان؟؟!! ومع ذلك فإننا نردد عن قناعة ذاتية أن الموقع تتغلب فيه فوائده وحسناته على سلبياته وسيئاته التي ينشرها البعض من الخاسرين والفاشلين والمفلسين، ونؤمن بقوله بيقين "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".
خــــالـــد الجــابــر
Aljaberzoon@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق