الأربعاء، 17 فبراير 2010

مركز الدوحة لحرية الإعلام وشجون الصحافة القطرية


2010-02-17
* أحاديثنا حول الإعلام القطري أشبه بحفلات التأبين المصرية والكربلائيات العراقية
* نريد استراتيجية شاملة تجمع الجسد الإعلامي المشتت بعد 12 سنة من حل وزارة الإعلام

أثارت دعوة مركز الدوحة لحرية الإعلام الشجون من جديد عن وضعية وسائل الإعلام في قطر والصعوبات والإشكاليات التي تواجهها وتتفاقم يوما بعد الآخر، ومن الواضح أن الوعي بخطورة التحديات وضرورة الحراك وأهمية التغيير الجذري لم تستوعب بعد من قبل المسؤولين وصناع القرار الإعلامي في الدولة، بدليل عدم تواجدهم في المنصة أو بين الجمهور، فهناك غياب كامل ـ ممن يعنيهم الأمرـ عن المشاركة في أهم ملف يتناول حاضر ومستقبل الإعلام في قطر وعلى رأسه الصحافة وحرية التعبير والنشر؟!
لا أريد أن أخفيكم علما أن المنتديات والمؤتمرات والمحاضرات التي تتطرق إلى الحديث حول الصحافة أو تتناول الإعلام في قطر بشكل عام، تتحول إلى حفلة تأبين مصرية، أو أشبه بكربلائية عراقية، أو أقرب إلى حائط مبكى يهودي، في تذكر أمجاد الفقيد في الماضي، ومقارنة الوضع المزري في الحاضر عن الأيام السابقة، ومن التحسر والشكوى، ومن القهر والظلم والتهميش الذي يتعرض له الصحفي والإعلامي، ومن العمل المضني تحت قانون الجزاءات ( العقوبات ) القديم المقيد للحريات والتعبير، وعن غياب جمعية خاصة بالإعلاميين والصحفيين تجمعهم تحت مظلة واحدة، وعن هروب الصحافيين القطريين والكتاب من الجنسين من بلاط الصحافة، وعن المرجعيات، والتشريعات الأخلاقية المغيبة التي تحكم المهنة، وعن الرقيب و الرقابة التي تمارس من الجميع بعدما كانت محصورة في جهة واحدة، وهلم جرا؟!
لكن ما يميز المبادرة التي دعا إليها مركز الدوحة لحرية الإعلام هو الجهد الكبير المبذول في صياغة التحليل العصابي الذي شارك في تدشينه معظم الزملاء الكتاب الإعلاميين والقانونين في الصحافة في قطر، والتحليل يرصد أهم المعضلات والأوجاع والألم التي يعاني منها الجسد الإعلامي المريض، خلال أكثر من عقد من الزمن، أي بعد حل وزارة الإعلام في 1998، كما أنه يضع وصفة و( روشتة ) طبية شاملة، من أهمها المطالبة بإلغاء قانون المطبوعات والنشر رقم (8) لعام 1979، وهو الذي مر عليه أكثر من 30 عاما، وأصبح لا يتوافق مع الروح الحديثة للدستور، ولا يساير تزايد وتنوع وسائل الإعلام من فضائيات ومواقع انترنت، وتوسع في انتشار الصحف والمطبوعات، واحتواؤه على بنود رجعية مقيدة للتعبير والحريات كالحبس والحجز والغرامة، وضرورة التعجيل بصدور قانون عصري حضاري للنشر والمطبوعات بالإضافة إلى المرئي والمسموع يعزز مبدأ الحريات و يرفع من سقف التعبير ليس في قطر فحسب بل في المنطقة العربية بمجملها. والدعوة إلى تفعيل القرارات التي من شأنها أن تحدث تقدما في البلاد، حيث تعد قطر من الدول السباقة في إلغاء وزارة الإعلام وتوزيع الاختصاصات وإنشاء قناة الجزيرة وأخواتها، ومركز الدوحة لحرية الإعلام، والمؤسسة العربية للديمقراطية، والصرح الكبير مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ومع ذلك لم يكن هناك انفتاح مماثل وحراك وتغيير حقيقي ينعكس على وضعية الصحافة والإعلام، وظلت المؤسسات المحسوبة على هذا القطاع خارج التاريخ، تعيش وتتنفس لغة القرن الثامن عشر، ويتحدث غيرها بلغة عصر القرن الحادي والعشرين؟! بالإضافة إلى المطالبة بصياغة ميثاق شرف صحفي عربي موحد يشمل التضامن مع الصحفيين الذين يتعرضون لأي نوع من أنواع الانتهاكات.
عند حساب مبدأ الربح والخسارة نجد أن لدينا مكتسبات أخذت وقتا، وجهدا، وعملا طويلا، لكي تنضج وتثمر وتؤتي أكلها في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومن الضروري المحافظة على هذه المكتسبات من خلال تعزيز القدرات والوسائل والآليات الأخرى المتزامنة التي تسهم وتدفع في استمرارية هذه المكتسبات، التي تعتبر في عالم اليوم هي الملف الذي يتم النظر إليه عند الحكم والتصنيف للدول ووضعية الإنسان، الذي يعيش على أرضها، وتعتبر وسائل الإعلام في مقدمة الآليات والوسائل التي تسهم في الحفاظ على المكتسبات والتعبير عنها دون إفراط أو تفريط!! فالمبالغة والتمجيد والترويج، تحولها إلى أداة دعائية جوفاء (Propaganda Tool)، سرعان ما تنكشف في أول اختبار حقيقي يواجهها. أما الإهمال والعزل والتهميش والرجوع إليها عند بروز الحاجة لخدمة أغراض مرحلية، فيفقدها جميع عناصر القوة و التمكين والإقناع وهي الأداة الرئيسية التي تجعلها قابلة للحياة!!.. إن وسائل الإعلام القطرية اليوم ينعدم فيها التكامل والاندماج، وتفتقد وجود استراتيجية متكاملة تحدد الرؤية والأهداف والأدوار التي يجب أن تلعبها على صعيد محلي أو إقليمي أو دولي، ورغما عن أن مساحة مجتمعنا صغير نسبيا ونعيش في شبه جزيرة على شاطئ الخليج، إلا أن وسائل إعلامنا المختلفة تعيش في جزر أصغر معزولة بعضها عن البعض ومنغلقة، و تفصل بينها مسافات زمنية ومكانية، ولا يكاد السكان الذين يعيشون فيها يرى بعضهم البعض إلا في المناسبات التي تقدم فيها الإطراءات و المجاملات، والكل يمضي إلى حال سبيله بعد انتهاء الاحتفالية، والتحديات الكبيرة غائبة ومغيبة في الحوارات التي تجمع الأطراف المختلفة إن حدثت!! وهذا ما لحظناه في الندوات والمؤتمرات والمنتديات التي تجمع ما بين الصحافة، والتلفزيون، والإذاعة، وقناة الجزيرة وأخواتها، ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع وجامعتها وخصوصا جورج تاون (Georgetown)، ونورث وسترن (Northwestern)، بالإضافة إلى المؤسسات الأخرى التي لا توجد لدينا الكثير من المعلومات عنها! والسؤال المطروح هو لماذا، وإلى متى سيستمر هذا الوضع؟!.. إن لدينا جميع الإمكانات والطاقات لنصبح أنموذجا متميزا في المنطقة تلعب فيها وسائل الإعلام الدور القيادي والرائد، لذا فإن الاهتمام بوضع الصحافة والإعلام في قطر يجب أن يحتل رأس الأولويات الوطنية، وتكون البداية من خلال إصدار القوانين، والتشريعات التي طال انتظارها لأكثر من 30 سنة، ووضع استراتيجية شاملة تجمع الجسد الإعلامي المشتت والممزق الأوصال بعد 12 سنة من حل وزارة الإعلام، نريد أن نعود من المراتب الدولية والإقليمية المتأخرة التي تتناول الحريات والتعبير، بعدما كنا في مقدمتها، كما نريد أن تكون لنا مرجعية ومظلة تجمعنا في ظلها بعد عقود طويلة من تقديم الطلبات المناشدات حتى أصبحنا آخر المعاقل في العالم؟!
خــــالـــد الجــابــر
Aljaberzoon@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق