الأربعاء، 10 فبراير 2010

أين رواد الصحافة الخليجية من العنصر النسائي!!

ايلاف- الشرق
GMT 0:06:00 2010 الأربعاء 10 فبراير

(1) فريدمان في جورج تاون

تصادف في الأسبوع الماضي أن تم دعوتي إلى حضور حدثين ارتبطا بالصحافة واسترعيا اهتمامي، الأول تمثل في الدعوة إلى حضور المحاضرة التي استضافت كاتب العمود في النيويورك تايمز، والفائز بجائزة بوليتزر الصحفي توماس فريدمان (والذي يقوم بلعب دور "رسول العولمة" في الوقت الحاضر) من قبل مركز جورج تاون للدراسات الدولية والإقليمية في الدوحة، والآخر هو حضور فعاليات تكريم ورواد الصحافة الخليجية في المنامة، ونظرا لتعارض التوقيت في حضور الفعاليتين، فقد عقدت العزم أن أذهب إلى البحرين بلا تردد لمشاركة إخواننا العرس الخليجي الأول الذي بدأ بتكريم رواد الصحافة في مملكة البحرين الشقيقة لينتقل بعدها إلى الدول الخليجية الأخرى كل على حدة، ورغم ذلك حرصت على متابعة التغطية الإعلامية في الدوحة لمحاضرة فريدمان والتي بدت متواضعة وهزيلة باستثناء صحيفة واحدة؟! ولا أدري إن كان السبب يكمن في عدم اهتمام الصحف بالحدث بشكل عام، أو أن المحاضرة التي قدمها فريدمان ليس فيها جديد، أو أن هناك موقفا معينا تكرر أكثر من مرة في تغطية المحاضرات التي يقدمها مركز الدراسات في جورج تاون، أو أن كل ذلك حصل مجتمعا؟!. بالنسبة لي لم يطرح "رسول العولمة" في ما اطلعت عليه أفكارا وتصورات ورؤى جديدة مغايرة واكتفى بترديد المزامير القديمة من العهد القديم خصوصا من كتابه الذي نشرة في عام 2005 العالم مسطح (The World Is Flat) وهو نفس عنوان المحاضرة، لكن هل ستختلف الأطروحات لو كانت المحاضرة أقيمت في جورج تاون بواشنطن وليس بالدوحة؟! لقد لاحظت من بعض المحاضرين الذين يزورون المنطقة العربية، تكرير المعلومات والأفكار المستهلكة وعدم طرح رؤى جريئة ربما خوفا من ردة الفعل من قبل الجمهور في منطقة يعيش الكل فيها في وسط ألغام ولا يملك خارطة للسير؟! واذكر العام الماضي أن احد المحاضرين (صاحب اسم لامع في السوق) كان معي في الطائرة وهو في طريقة إلى بلد خليجي حيث تمت دعوته إلى مؤتمر وسألته عن سبب قبوله الدعوة وخاصة أنه سيكون في موقع المتفرج من على الكراسي وليس محاضرا على الطاولة، فصدمني بقولة أنها أشبه برحلة استجمام بالنسبة إليه فهو يزور المنطقة بتذاكر سفر درجة أولى ويسكن في فنادق خمس نجوم، ويأكل الوجبات الشرقية والمغاربية، ويتفرج على الرقص الشرقي السوري والمصري، ويركب الجمال الخليجية، فلماذا يرفض هذه الرحلة الممتعة؟!. وطبعا ليس الجميع على هذه الشاكلة فهناك المثقفون والمفكرون وأصحاب المواقف الكبيرة، ويا حبذا لو يقوم مركز جورج تاون للدراسات الدولية والإقليمية باستضافة المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي (Noam Chomsky) الذي أتمنى انه أراه يوما في دولة خليجية يعطينا قراءه جذرية تتناول واقع ومستقبل دول الخليج خلال السنوات العشر القادمة.

(2) تكريم الرواد في الخليج
كان احتفال المنامة أمسية رائعة أعادتنا إلى الزمن الجميل؟! بعد أن فقدنا الثقة في الصحافة وقدرتها على التعبير والتغيير وخصوصا في صحراء الخليج، وربما كانت الاحتفالية أشبة بصحوة ذكرتنا أن الحرية تؤخذ ولا تعطى، تطلب ولا تمنح، وجعلتنا نطلع على مسيرة جيل من الرواد الكبار الذين عاصروا سنوات الفقر والجوع والقهر التي سادت الخليج في القرن الماضي، ليقفوا بعدها في وجهة الاستعمار الذي اجتاح المنطقة متسلحين بالعلم والعمل والتعبير والكتابة وطباعة الصحف والمنشورات التحريضية مطالبين بالاستقلال والتحرير، وليعاصروا مرحلة تكوين الدولة ومؤسساتها والتنمية وتحدياتها ويواجهوا الأفكار والايدولوجيات والصراعات والحروب التي عصفت بالمنطقة من حرب تقسيم فلسطين في 48 الى هزيمة 67، إلى حرب العراق وإيران في الثمانينيات، إلى اجتياح الكويت في التسعينيات، وسقوط العراق في 2003، والى التحديات التي لا تزال تمثل هواجس وخوفا ووجعا إلى اليوم.

(3) ملف الصحافة الخليجية
بالطبع كان ملف الصحافة في الخليج مفتوحا على مصراعيه و كانت القضايا المرتبطة به حاضرا وبحدة، فقد أمطرنا الوفود من كل دول الخليج بالأسئلة المستفزة عن حقيقية الحديث عن التعديلات على قانون المطبوعات والنشر الكويتي وتقييد وسائل الإعلام بعد قضية قناة السور ، وعن تجميد قانون المطبوعات الإماراتي بعد الاعتراضات المحلية والدولية، كما تطرقنا إلى أسباب عدم إشهار جمعية الصحافة في قطر وخصوصا أنها كانت ثالثة دولة في الخليج بعد البحرين والكويت أعلنت نيتها إشهار جمعية للصحافيين منذ نهايات القرن الماضي، لتصبح الدول الخليجية والعربية الوحيدة اليوم التي لا توجد فيها جمعية للصحافة؟! ؟! و عن أسباب التراجع في التقييمات الدولية الخاصة بحرية النشر والتعبير خصوصا بعدما كانت قطر تحتل المرتبة الثانية بعد الكويت على مستوى العالم العربي، عن موعد إصدار قانون المطبوعات والنشر الجديد وكيف سيكون مختلفا عن القوانين المنظمة في دول الخليج الأخرى من حيث تعزيز حرية الرأي أو تقييدها ؟!

(4) الهموم المشتركة

ورغم ذلك كانت الأجواء بحق معطرة برائحة البخور العربية وضيافة القهوة والحلوى البحرينية الأصيلة والتجمع الخليجي المبارك تحت مظلة مجتمع مدني مقرها البحرين التي يعود إليها الفضل في احتضان اتحاد الصحافة الخليجية الذي يرأسه عميد الصحافة السعودية تركي بن عبدالله السديري، ويقوم بمهام أمينه العام عميد الصحافة القطرية ناصر العثمان، والذي أشار إلى أن تكريم رواد الصحافة البحرينية يأتي ضمن مشروع كبير كانت الأمانة العامة للاتحاد قد أقرته في اجتماع الدوحة الماضي ويقضي بالشروع في تكريم المؤسسين والرواد في الدول المنضوية تحت لواء الاتحاد وهي دول مجلس التعاون الست واليمن، وأن يكون التكريم في كل دولة على حدة بهدف تأسيس مرجعية لتاريخ مؤسسي الصحافة الخليجية وروادها وكذلك إظهار دورهم العظيم وأهميته وتوثيق أعمالهم في تأسيس العمل الصحفي في الخليج العربي.
التجمع الخليجي كان أشبه بانعقاد قمة خليجية مصغرة لكن بدون تزلف أو مجاملات، تناولنا فيها مجمل التحديات وطرحنا الهموم المشتركة التي تواجه المنطقة من الأزمة النووية والاستنفار الأمني والتهديدات العسكرية واحتمالات الضربات الاستباقية، إلى تفكيك الأزمات الاقتصادية وتبعاتها والتعليق على نموذج دبي الذي فرض نفسه بين مؤيد وحذر ورافض، إلى العملة الخليجية الموحدة وموقف أبو ظبي ومسقط، إلى تعثر الديمقراطية والبحث عن طريقتها الأفضل، إلى التمثيل والمشاركة عن طريق صناديق الاقتراع والانتخابات في الكويت والبحرين، وبالطبع كان هناك حديث موسع حول الحريات والتعبير والقوانين الخاصة بالنشر والمطبوعات وخصوصا دخول الصحافة الالكترونية وانتشارها في بعض دول الخليج وانحسارها وتراجعها وتدهورها في الدول الخليجية الأخرى؟!

نتمنى التوفيق للخطوات التي يقوم بها اتحاد الصحافة الخليجية في تكريم رواد الصحافة في الخليج والدورات القادمة كما علمت ستكون في الكويت ثم السعودية، ونحنُّ بشغف إلى معرفة من هم رواد الصحافة في الخليجية وكم عددهم، ويا حبذا لو تنطبق الشروط ونشاهد بعض الرواد من العنصر النسائي يتم تكريمهن في الدول الخليجية القادمة فقد افتقدتنا وجودهن في المنامة، وربما تكون البركة في الكويت في كسر الاحتكار الرجولي كما فعلن مع مجلس الأمة؟!.
خالد الجابر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق