الأربعاء، 2 مايو 2012

الصورة النمطية.. التحرك المتأخر خير من عدم التحرك إطلاقاً؟!

الشرق - الخليج 2-5-2012 الصورة المشوهة للعرب والمسلمين في الكثير من وسائل الإعلام الغربية يشارك في صناعتها العديد من الجاليات العربية والمسلمة نتيجة الانعزال والانغلاق على الذات وعدم الانفتاح على الآخر، كما يشارك فيها الكثير من السائحين من الدول الخليجية باتباعهم منهج الصرف الفاحش والبذخ ومخالفة القوانين وعدم احترام الأنظمة والقواعد المتعارف عليها في المجتمعات الغربية. (1) في بريطانيا مازالت قضية اعتقال خمسة مسلمين في مدينة داربي مشتعلة، بسبب توزيعهم منشورات تدعو لإنزال عقوبة الإعدام بالمثليين. وقد ألقي القبض عليهم بعدما اتصل عدد من السكان بالشرطة شاكين من ان منشورات بعنوان "عقوبة الإعدام؟" دُست عبر فتحات البريد في أبواب منازلهم. تصريحات وزير الداخلية البريطاني الأسبق وعضو في البرلمان جاك سترو (Jack Straw)، التي أطلقها منذ مدة أثارت الكثير من اللغط ليس في منطقة ديربي (Derby) فقط بل اغلب المدن التي يعيش فيها جاليات من أصول آسيوية مسلمة ومنها المدينة التي اعيش فيها وتبعد بضعة أميال من ديربي. سترو أشار في تصريحاته واهتمت بها وسائل الإعلام وخصوصا بي بي سي (BBC) الى أن بعض الشباب الباكستانيين ينظرون إلى الفتيات الشقراوات على أنهن أهداف سهلة للتحرش الجنسي، قائلا: هؤلاء في مجتمع غربي وهم يعانون من فورة في هرمون التستوسيترون، ويريدون منفذا لذلك، فالفتيات الباكستانيات محظورات، وكالعادة يتوقع منهم الزواج من فتاة باكستانية؛ من باكستان تحديدا وهم يسعون لإيجاد منفذ آخر يرونه في النساء الصغيرات؛ الفتيات البيض الضعيفات، ويعتقدون أنه (لحم سهل) (Easy Meat)». التصريحات جاءت بعد الحكم بالسجن على شابين من أصول آسيوية، بتهم التحرش الجنسي واغتصاب ضد فتيات تراوحت أعمارهن بين سن 12 و18 عاما. وهما ضمن عصابة مكونة من 11 فردا، متهمة بارتكاب 70 تهمة جنسية ضد 26 ضحية، تجرى محاكمتهم حاليا معظمهم من أصول آسيوية مسلمة. ورغم الإدانة التي تعرض لها ستروا لتصريحاته التي ربطت الواقعة الجنائية بثقافة محددة، والجريمة بالعرق أو الجنس، إلا أن الدراسة التي نشرت بعدها قامت بها (جامعة لندن كوليدج) أشارت الى انه منذ عام 1997، أدين 56 شخصا بجرائم جنسية. من بينهم 53 آسيويا و50 منهم مسلمون؟! استطلاع "اليوغوف" YouGov الاخير كشف أن واحداً من كل بريطانيين اثنين يربط الإسلام في ذهنه بالتطرف والإرهاب. ويعتقـد 6 % فقط أن الإسـلام يشجـّع العدالـة، و67 % يرون أن الإسلام يشجّع ظلم المرأة، ولا يوافق 41 %، أو "لا يوافقون بشدة" على فكرة أن للمسلمين أثراً إيجابيّاً على المجتمع البريطاني. وقد تولت المنظمة الخيرية الجديدة. وللأسف ان هذه التصريحات والدراسات والاستطلاعات لا تؤخذ على محمل الجد من الجاليات المهاجرة المسلمة بل وتعتبرها تهما ومؤامرات تلصق بها عنوة لذلك تتخذ مواقف تبريرية ودفاعية جماعية وطرح الحجج الواهية الضعيفة في مواجهة الرأي العام ووسائل الإعلام مما يزيد الأزمة ويعمقها بدل التعامل معها واحتوائها؟! (2) أما في برلين كانت الظاهرة التي بدأت تسلط عليها الأضواء في وسائل الإعلام تتمثل في انتشار ترويج المخدرات من قبل قاصرين من جنسيات عربية في محطات المترو، ورغم القاء القبض عليهم يعرفون أن الشرطة ستطلق سراحهم لأنهم قصر، ويرجعون مرة أخرى إلى بيع المخدرات. كتبت كريستين هايسيغ القاضية السابقة في محكمة القاصرين ببرلين، كتاباً وصفت فيه كيف تهرب العائلات العربية الكبيرة خاصة في لبنان وبالأخص العائلات الفلسطينية أولادها القاصرين (دون 14 سنة) إلى ألمانيا لتتسلمهم عصابات بهدف تدريبهم على بيع المخدرات.الدراسة التي نشرت في ألمانيا بينت أن موجة من العداء للمسلمين وللإسلام نتيجة الأخبار والتصريحات والممارسات وتشمل مفكرين ورؤساء تحرير صحف في البلاد وأن هذا التوجه أدى إلى أن أكثر من نصف الشعب الألماني يخافون من الإسلام ويرفضونه. وتشير الدراسة الى أن ألمانيا مثل هولندا تكونت فيها حركة جيدة التنظيم تقاوم الإسلام وتكن لها العداء وحققت (الحركة) نجاحا معتبرا في حشد وسائل الإعلام لمراميها وأهدافها. يبلغ عدد المسلمين في ألمانيا نحو 4.3 مليون شخص يشكلون نحو 5 في المائة من إجمالي سكان ألمانيا، يعيش نحو 98 بالمائة منهم في الولايات الغربية إضافة إلى العاصمة برلين، فيما يسكن نحو 2 في المائة فقط منهم في ولايات شرق ألمانيا. المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كانت قد صرحت ان محاولة ألمانيا خلق مجتمع متعدد الثقافات فشلت تماما، وإشارت الى انه يتعين على المسلمين أن يطيعوا الدستور لا الشريعة إذا أرادوا أن يعيشوا في ألمانيا.وقالت "انه لدينا أيضا مسلمون في ألمانيا. ولكن من المهم فيما يتعلق بالإسلام أن تتطابق القيم التي يمثلها الإسلام مع دستورنا". وتشير استطلاعات الرأي إلى تعاطف كثير من الألمان مع آراء تيلوسارازين عضو مجلس إدارة البنك المركزي الألماني (البوندسبنك) في اتهامه المسلمين بامتصاص برامج المساعدات الاجتماعية ورفض الاندماج وتحقيق مستويات متدنية من التعليم. وخشية الشرطة الدخول إلى أحياء المهاجرين، ويزعم السياسيون المناهضون للمهاجرين أن الأتراك والأقليات المسلمة الأخرى رفضوا الاندماج في المجتمع الألماني، في حين تقوقعوا داخل مجمعات خاصة، ولم يبذلوا أدنى جهد لتعلم اللغة الألمانية. وهم يستغلون سياسة الدولة في ما يخص الخدمات الاجتماعية، وأحياناً يحرضون على التطرف. يذكر أن الأقليات في ألمانيا تسجل في الجريمة والرسوب في المدارس معدلات أعلى بكثير من المعدل الوطني، ما يعطي الانطباع بأن فئة المهاجرين طبقة سفلى. كما يرى 40 % على الأقل من الألمان والفرنسيين، أن الإسلام يشكل "تهديداً على الأرجح"، كما أفاد استطلاع نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، ففى فرنسا، اعتبر 42 % من المستجوبين أن المسلمين يشكلون "تهديداً على الأرجح"، في حين رأى 22 % أن المسلمين "عامل إثراء ثقافي"، بينما قال 38 % إنهم "ليسوا تهديداً ولا عنصر إثراء ثقافي".ويعتبر 68 % من الفرنسيين و75 % من الألمان أن المسلمين والأشخاص من أصول مسلمة لم يندمجوا اندماجاً جيداً فى مجتمعيهما، ويعيش ما بين خمسة وستة ملايين مسلم في فرنسا التي تقيم فيها أكبر جالية مسلمة في أوروبا. (3) الأمل في إحداث التغيير لا يزال موجودا رغم بشاعة الصورة. وكما استطاع اليهود في أوروبا والسود في أمريكا أن يخرجوا من شرنقتهم ويطالبوا بحقوقهم ويندمجوا مع الآخرين كمواطنين وليست كمجموعة عرقية تعيش في انعزال مع دينها وعاداتها وتقاليدها، يستطيع العرب والمسلمون من القيام بذلك واكثر من خلال الانفتاح والتسامح وتقديم المبادرات الايجابية والحضارية عن دينهم وثقافتهم. وخير مثال على ذلك ما تقوم به مؤسسة دراسة الإسلام (Exploring Islam Foundation)، والتي تأسست من قبل مجموعة من المهنيين البريطانيين الشباب المهتمين بتعميق المنظور العام لدينهم، وهي قامت بأول حملة إعلامية لها وعنوانها "ألهمَني محمد" في يونيو 2010، حيث نظمت المبادرة حملة توعية تغطي ثلاثة مواضيع حمل لواءها الإسلام وهدي النبي من حقوق المرأة، والعدالة الاجتماعية، وحماية البيئة. وقد تم وضع صور لمسلمين مرتبطين بكل واحدة من هذه القيم في نظام المواصلات البريطاني: في شبكة مواصلات الأنفاق ومواقف الحافلات (الباصات) وأسطول سيارات التاكسي المعروفة في لندن. واستقطبت الحملة تجاوبا محليّاً وعالميّاً، وجرت تغطيتها في وسائل الإعلام المختلفة، في بريطانيا وأوروبا والشرق الأوسط والمكسيك ومن نيويورك، لتصل إلى ملايين الناس. وسجل الموقع مئات آلاف من الزيارات منذ إطلاقه حيث زاره أشخاص من 180 دولة، وجرى رصده في مدونات وعلى "التويتر" ومواقع المنتديات الإلكترونية. وانهالت الرسائل حتى من المسلمين أنفسهم في إشادة كبيرة بالحملة. فهل تنجح مثل هذه الحملات الإعلامية؟ الإجابة نعم ربما لبعض الوقت ولكن بالتأكيد المطلوب عمل اكبر من ذلك بكثير وقد تكون لعقود قادمة فربما تحسنت الصورة قليلا لكن المؤكد أن التحرك المتأخر خير من عدم التحرك إطلاقا؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق