الخميس، 17 مايو 2012

الصناديق الاستثمارية في البلدان العربية!

الشرق - الخليج مايو 16- 2012 التجربة التي تدخلها دولة الإمارات في الاستثمار في أوروبا وخصوصا في ألمانيا جديرة بالمتابعة وهي تكمل المسيرة التي بدأتها الدول الخليجية الأخرى في استخدام العوائد المالية من ارتفاع أسعار النفط والاستثمار في الشركات الصناعية والقطاعات العقارية والمالية والاقتصادية والرياضية أيضا. لكن المخاوف تكمن في الترحيب من قبل الجانب الغربي في بداية الأزمة كالغريق الذي يطلب المساعدة من ركاب السفينة، ليقوم بمحاولة حرقها بعد أن يتم مد يد العون إليه، ولنا في تجربة موانئ دبي العالمية في الولايات المتحدة بالأمس والاستثمارات القطرية في فرنسا اليوم لعبرة يجب التوقف عندها طويلا. الدراسات والإحصائيات الأخيرة قدرت رصيد الصناديق السيادية الخليجية بـ 2 تريليون دولار، معهد التمويل الدولي الأمريكي أكد أن 36 % من الإجمالي التراكمي لحجم الأصول الخليجية تمّ ضخّه في الأسواق العالمية خلال السنوات الخمس الأخيرة، وأن أوروبا استقطبت 55 % من التدفقات المالية من الدول الخليجية، فيما استحوذت دول الشرق الأوسط بما فيها الدول العربية على 11 % من هذه التدفقات. النشاط الاستثماري للصناديق الخليجية أثمر في زيادة المدخرات وأدى إلى زيادة السيولة الدولية بنسبة فاقت 44 % لتساهم في تحريك الاقتصاد العالمي وإنقاذ البنوك الغربية المتعثرة نتيجة تورطها في سندات الرهن العقاري. من الملاحظ أن الإعلام الاقتصادي والصحف الألمانية تتسابق في توزيع الألقاب على الاستثمارات العربية وخصوصا من الإمارات، فهي أطلقت عليه "الحصان الابيض" و"المنقذ المحتمل" و"الملاك الحارس". لقد تنوعت الاستثمارات الإماراتية، من شراء شركات مجمع "مان" وأصبحت أول مساهم في مجموعة "دايملر" لصناعة السيارات واستثمرت أيضا في مصنع مختص بالطاقة الشمسية. الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن الإمارات تمثل الشريك التجاري الأول لألمانيا بين الدول العربية، حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 11 مليار دولار عام 2011. هاينو فييسي المستشار المالي المتخصص أشار إلى أن الكثير من صغار المستثمرين في أوروبا وخصوصا ألمانيا الذين لم يعودوا يحصلون على قروض من البنوك يحاولون الحصول على أموال من العرب أو الروس. فهم الوحيدون الذين لا يزالون يملكون أموالا وسيولة نقدية. الخوف من التقلبات المفاجئة أن تحدث في برلين مع ابوظبي كما حدثت في باريس مع الدوحة، فالاستثمارات القطرية بعد الترحيب والإشادة وفرش السجاد الأحمر في الطريق المؤدي إلى قصر الاليزيه تعرضت إلى العديد من الانتقادات بسبب ما أسمته وسائل الإعلام الفرنسية بـ"الهيمنة" و"التوسع" و"الغزو" والسيطرة وبقية المصطلحات السلبية والمستهجنة؟! وأصبح اسم قطر وليس فقط جهاز الاستثمار يثير العديد من التساؤلات المخيفة لدى رجل الشارع الفرنسي حتى في الأحياء الشعبية التي تسكنها العائلات الفقيرة التي حاولت قطر أن تساهم في تقديم الدعم والمساندة الإنسانية لها من خلال تخصيص صندوق للتنمية والمساعدة. (2) لكن هل الاستثمار في أوروبا مجد، وهل هي أفضل من الولايات المتحدة أو الدول الآسيوية مثل الصين والهند أو حتى البرازيل، وهل يساعد ذلك على تحسين الصورة النمطية وتغيير النظرة السلبية، التي تحولت إلى بعبع مخيف مرتبط بمصطلح (الاسلموفوبيا والعربفوبيا) هي التي تحتل مساحة كبيرة من عقلية المجتمع الغربي. الانتقادات الأخيرة جاءت على لسان الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أشار إلى أن أوروبا لا تزال تعاني تداعيات أزمة المال، لأنها لم تتبنّ إجراءات للنهوض على غرار الولايات المتحدة. أحدث البيانات الصادرة عن المفوضية الأوروبية، أشارت الى أن أكبر شركاء ألمانيا في منطقة اليورو، فرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، سيعجزون عن الوفاء بمستهدفات الاتحاد الأوروبي، لعجز الموازنة للعام المقبل، إذ كان يفترض في عام 2013 أن تخفض فرنسا وإسبانيا عجز موازنتيهما إلى ما دون حاجز 3 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تتعهد إيطاليا بتحقيق موازنة منضبطة بحلول العام ذاته. صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية أكدت أن فوز الاشتراكي "فرانسوا هولاند" بالرئاسة في فرنسا، والهزيمة القاسية لأنصار خطط التقشف والانقاذ المالى لأوروبا فى كل من فرنسا واليونان، تؤكد ان اوروبا ستظل غارقة فى مشاكلها المالية التى تعصف بالقارة منذ شهور عديدة. واوضحت الصحيفة ان أوروبا التى أقامت نهضتها ورفاهيتها على أكتاف القطاع الخاص، رفضت تخفيف الأعباء عن هذا القطاع، الذي يمكن أن يولد فرص نمو كبيرة، وذلك نتيجة رفض الساسة الأوروبيين التخلي عن فكرة السيطرة، وهو ما أدى في نهاية الأمر إلى انكماش الاقتصادات وارتفاع معدلات البطالة. ان المشكلة الأساسية في أوروبا خاصة فى بلدان مثل ايطاليا واسبانيا وايرلندا واليونان والبرتغال، أنه لا يمكن الاقتراض للخروج من أزمة الديون. وأوضحت الصحيفة انه باستثناء ألمانيا وهولندا اللتين سجلتا علامات نمو محدودة، فإن كل دول الاتحاد الأوروبية تعانى وحتى إذا تمكنت هذه الدول من الخروج نسبيا من دوامة الركود والانحدار الاقتصادي، فإنها ستظل تواجه العجز الهيكلي الضخم. (3) وفقا لمعهد صناديق الثروة السيادية يوجد هناك 55 صندوقاً سيادياً على مستوى العالم. أربعة عشر منها تتمركز في دول مجلس التعاون الخليجي، وبحسب تقديرات معهد الصناديق السيادية يملك عدد من الدول العربية صناديق استثمار سيادية بتقديرات ضخمة فتقدر قيمة أموال سلطة أبو ظبي الاستثمارية مثلاً بنحو 627 مليار دولار، وتبلغ قيمة الصندوق السيادي السعودي نحو 440 مليار دولار، وتملك سلطة الاستثمار الكويتية أكثر من 200 مليار دولار، وسلطة الاستثمار القطرية أكثر من 85 مليار دولار، ويوجد في "صندوق إدارة العوائد" الجزائري نحو 57 مليار دولار. على القائمين على الصناديق الاستثمارية أن يفكروا خارج الإطار التقليدي ويستثمروا في مجالات مختلفة وإماكن جديدة. وزير التجارة والصناعة في رواندا فرانسوا كانيمبا قال امام المنتدى الدولي للاستثمارات الذي نظم بالتزامن مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في الدوحة قبل فترة "لقد انشأنا بيئة جيدة لكننا لم نشهد اي تدفق للاستثمارات المباشرة". كما أن البلدان العربية بعد الثورات بحاجة إلى الاستثمار الداخلي في المنطقة والنهوض بقطاعات التعليم والصحة والزراعة والصناعة والقضاء على البطالة والفقر والأمراض، فلماذا يتم استثمار العرب في بلدان غير بلدانهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق