الأربعاء، 18 أبريل 2012

موزايك..العلاقة بين العرب وإيران تزداد تأزما وتعقيدا!

الشرق-الخليج-ايلاف
2012-04-18

* اشتداد الصراع بين القوى التي تمتلك زمام السلطة والنفوذ في طهران
* لماذا لا تقبل إيران الحل السلمي المباشر أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية
* معظم القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية الإيرانية مرتبطة بالمواقف الإيديولوجية الدينية

الصراع بين القوى التي تمتلك زمام السلطة والنفوذ في طهران يزداد حدة وخصوصا على المستوى الإقليمي والخارجي الذي يبدو أكثر وضوحا من الداخل المحكوم بالقبضة الحديدة لرجال الدين والسلطة العسكرية، وهو الوضع الذي قد تتحول إليه دول عربية خرجت من الاستبداد والديكتاتورية لتسقط في أيدي الجماعات التي ترفع شعارات الأيدلوجيات الدينية والأجندات الطائفية الخاصة.
(1)
زيارة استفزازية قام الرئيس الإيراني إلى جزيرة أبوموسى التي تحتلها إيران منذ عام 1971 وهي تبعد نحو 60 كيلومتراً عن مدينة الشارقة وتُقارب مساحتها العشرين كيلو متراً مربعاً. الدول العربية سارعت إلى إدانة الزيارة كما تقدمت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية رسالة احتجاج إلى منظمة الأمم المتحدة أدانت خلالها الزيارة واعتبرتها "خرقا فاضحا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي وانتهاكا صارخا لسيادة دولة عربية واستخفافا بكل المبادرات السلمية والجهود والمساعي التي بذلتها دولة الإمارات ودول مجلس التعاون من أجل إيجاد تسوية عادلة دائمة تنهي حالة الاحتلال الإيراني لهذه الجزر الثلاث بالطرق السلمية. طهران بدورها صعدت من الموقف، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي أشار الى أن مزاعم الإمارات بشأن جزيرة ابوموسى "واهية" لان هذه المنطقة هي جزء من التراب ووحدة الأراضي الإيرانية وطالب بمناقشة موضوع خفض العلاقات مع الإمارات. أما أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام زاد عليه في دعوته المسؤولين الإماراتيين الى ان يقدموا اعتذارا لإيران، وألا يتبعوا المسار الصهيوني. وهدد قائلا إن إيران اليوم أقوى بكثير من السابق وستدمر أي عدوان محتمل ضدها! أما الخطوات العملية فجاءت في إعلان شركة سياحية إيرانية عن تنظيم رحلات بحرية للجزر الثلاث. هذه التصريحات المتطرفة والعدائية وهي ليست جديدة تنسف كل الجهود الدبلوماسية المبذولة مرارا وتكرارا إلى حل مسألة الجزر عبر المفاوضات المباشرة أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية. كما تأتي هذه الخطوة في التحرك نحو تصدير الأزمة السياسية الداخلية والصراع على النفوذ والسلطة إلى الخارج بعد ان أعلن الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رافسنجاني أن على إيران إقامة أفضل العلاقات مع دول الخليج والسعودية والبدء في حوار مع الولايات المتحدة. وقال رافسنجاني «لو كانت علاقاتنا جيدة مع السعودية لما كان في وسع الغرب أن يفرض علينا عقوبات» نفطية. وأعلن رافسنجاني أنه «من الممكن إقامة علاقات جيدة مع الرياض»، منتقدا الذين يدلون بتصريحات «متشددة» حيال السعودية من دون أن يفكروا في العواقب. العلاقات بين رافسنجاني وأحمدي نجاد متوترة منذ أن شن الأخير في عام 2009 هجوما غير مسبوق عبر التلفزيون الرسمي على رافسنجاني اتهمه وأعضاء أسرته بالفساد المالي ونهب ثروات البلاد. كما تمت تمت المصادقة قبل مدة على سجن ابنة رافسنجاني لمدة 6 أشهر؛ بسبب تصريحاتها أن إيران تدار من قبل «السفلة والساقطين».
(2)
الندوة التي أقيمت في لندن في معهد للشؤون الدولية في لندن وتحاور فيها مجموعة من الاختصاصيين في الشؤون الإيرانية ركزت على موضوع وضع الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحالي وإذا كان النظام هناك قويا أو ضعيفا بعد التطورات التي حصلت في المنطقة أخيرا وفي ضوء العقوبات الدولية المستمرة والمتزايدة على طهران. الدكتور علي انصاري، مدير المعهد الدراسات الايرانية في جامعة "سانت اندروز" البريطانية ذكر ان اهم تطور سياسي في النظام الايراني حاليا هو تعاظم دور المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي، والمجموعة المحيطة به، وعودة نفوذ الرئيس الايراني السابق الهاشمي رافسنجاني الى هذه المجموعة عبر عودته الى منصب رئاسة احد المجالس الداعمة لتسهيل عمل المرشد الأعلى والدولة عموما.
وأشار إلى أن معظم القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية أصبحت إلى درجة اكبر مرتبطة بالمواقف الإيديولوجية الدينية. الدكتور شهرام تشوبن من معهد (كارنيغي) واختصاصه الشؤون الامنية والنووية نوه بأن العقوبات الدولية أثرت سلبا على الاقتصاد الايراني وقد كلفت العقوبات النفطية بما يقارب 50 مليار دولار، وعززت الاخطار الامنية ضد النظام الايراني ولكنها لم تؤثر على روح الثورة فيه، لان جميع الأنظمة الثورية لا يمكنها التخلي عن ايديولوجيتها في مثل هذه الحالات. كما ان ايران ما زالت على علاقة طيبة بحزب الله وحماس، وما زالت تستعرض قوتها العسكرية في المنطقة عموما اليمن، سورية، البحرين، السودان. اما الدكتور حسن حكيميان مدير معهد الشرق الاوسط في كلية (سواس) بجامعة لندن فقال انه ومن الخطأ الاعتقاد ان ايران على شفير السقوط الى الهاوية بسبب العقوبات والتهديدات والتطورات الناتجة عن الربيع العربي'. كما اشار الى عدم وجود احصاءات دقيقة عن الوضع الاقتصادي في البلد. ولا عن تأثير العقوبات الاقتصادية عليها. وهناك حاجة للمزيد من الشفافية في هذا المجال. واعتبر ان كل شيء ممكن في إيران، فقد تحدث مفاجآت غير منتظرة، كما حدث لدى انطلاق الربيع العربي في العالم العربي.
(3)
العلاقة بين طهران والدول العربية تزداد تأزما وتعقيدا.. الملف النووي، والتصريحات والمواقف العدائية من دول الخليج في السعودية والمناطق الجنوبية والكويت من خلال نوابها والخلايا النائمة والتجسسية، والدخول على خط الأزمة البحرينية والانتقال إلى التصعيد مع الامارات وانتهاك سيادتها، والدعم الرسمي الإيراني المباشر السياسي والعسكري والإعلامي لنظام القمع الطائفي في سوريا ووقوف إيران بالضد من ثورة الشعب السوري، بالرغم من تصريحات مسؤولين إيرانيين بدعم ثورات الشارع العربي. وتسليح الحوثيين في اليمن ومحاولة تمزيقه، والدور السلبي والتدخلات السافرة التي تقوم بها في العراق من اسنادها لسلطة الاحتلال، ودعمها للميليشيات الطائفية وتحكمها في القرار السياسي وتصفية الخصوم والمعارضين. وتغذية الانقسام في بيروت عن طريق حلفائها ومريديها، وحتى دول المغرب العربي والسودان لم تسلم من التدخلات الإيرانية السلبية وتصدير الأسلحة والأيدلوجية الدينية. متى تهتم إيران بالداخل وتصلح أوضاعها وتهتم برعاياها ومعالجة مشاكلها بعد الاعتراف بها من ارتفاع معدلات الفقر والحرمان الذين وصل عددهم إلى 14 مليونًا، إلى ارتفاع ظاهرة تعاطي المخدرات في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانويات والمعاهد والجامعات.. الشعب الإيراني بسبب الازمة المتفاقمة لنظامه ينفق 18 مليار دولار بشكل مباشر أو غير مباشر على الافيون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق