الأربعاء، 4 أبريل 2012

الإخوان المسلمون يسيطرون على الخليج!

الشرق- الخليج
2012-04-04

هل هناك خوف خليجي من تأثير الجماعات الإسلامية؟
ما هو حجم التيار الديني وتنوعه وانتشاره في الدول الخليجية؟
كيف سيغدو الحال لو هيمن الإسلاميون على مقدرات دول المنطقة؟

تصريحات قائد شرطة دبي عن اتهام جماعة الإخوان المسلمين بالتآمر على دول الخليج لتسلم الحكم، وان "البداية ستكون من الكويت عام 2013 وفي بقية الخليج عام 2016"، أثارت العديد من ردود الأفعال في الوسط السياسي والإعلامي والجماهيري، وهي تشكل بداية مواجهة مفتوحة مع وصول التيارات التي تحمل الصبغة الدينية على برامجها وأجنداتها إلى الحكم في الدول التي شهدت تغير الأنظمة القمعية، وأدت إلى بسط سيطرتها على السلطة التشريعية والتنفيذية وأبرزها جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي.
(1)
بما أن جماعة الإخوان في الخليج وخصوصا في الكويت ذكرت تصريحا لا تلميحا فلقد كانت ردود الأفعال متباينة ومختلفة بين متسائل ومؤيد ومعارض ورافض وناقد. النائب جمعان الحربش وهو احد ابرز نواب الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) التي تمثل جماعة الإخوان المسلمين في الكويت تقدم بطرح سؤال لوزيري الخارجية والداخلية الكويتيين حول تلك التصريحات مطالبا الحكومة الكويتية بتوضيح موقفها خاصة أن قائد شرطة دبي قال إن تلك المعلومات جاءت استنادا لتقارير استخبارات غربية. وفي مقال صحفي أشار مبارك الدويلة النائب السابق عن جماعة الإخوان في مجلس الأمة الكويتي الى أن مشروع الإخوان في الخليج أساسه إصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدعوية، وقال «وهذا الأمر معلن عنه وليس بسر، هو إصلاح نطمح إليه من خلال القنوات القانونية والدستورية المعمول بها في دول الخليج». ونفى الدويلة أن يكون للإخوان مشروع سياسي هدفه الاستيلاء على الحكم في الخليج، وقال: «من يتحدث عن هذا المشروع لا يعرف أبجديات عمل الإخوان ولا يدرك خصوصية دول الخليج، التي لديها ميزة خاصة تتمثل في علاقة المودة والاحترام بين الحاكم والمحكوم». وأكد الدويلة أن المجتمع الخليجي لم يُعلّق على الأنباء التي تحدثت عن رغبة الإخوان في الاستيلاء على الحكم بالمنطقة لأنه يدرك تماما أنها بعيدة عن الواقع، وقال: «هذه الأنباء لم تلق ردات فعل في الخليج لأنها بعيدة عن الواقع وعارية عن الصحة، فهدفنا الإصلاح ولا شيء غيره». الهجوم الأعنف شن من قبل الداعية الإسلامي المعروف عائض القرني الذي وصف التصريحات بأنها ترتبط بخدمة جهات خارجية (وهي سياسية عربية بارعة في الرد على الترويج لنظرية المؤامرة بربطها بمؤامرة أخرى) حصرها في ثلاث جهات هي "إيران وفلول النظام المصري السابق والموساد الإسرائيلي"، بحسب ما أفاد موقع "بوابة الأهرام". وقد تكون الاستخبارات الإسرائيلية هي التي تدفع للإدلاء بتصريحات من هذا النوع، بهدف إثارة أزمة في الخليج العربي، من أجل تحقيق هدف يتمثل بالحيلولة دون ان تقدم الدول الغربية المساعدة لدول الربيع العربي.
(2)
هل الخوف من تيار الإخوان مبرر أكثر من الخوف من السلفيين والتيارات السنية أو الشيعية أو التيارات السياسية الأخرى الليبرالية والعلمانية. وهل تستطيع جماعة الإخوان السيطرة على دول الخليج وتبديل الأنظمة والقبض على مفاصل السلطة كما فعلت في الدول العربية الأخرى؟ الدراسات والتقارير العلمية والأكاديمية العميقة عن حجم التيار الديني وتنوعه وتأثيره وأجنداته وانتشاره بالأرقام والإحصائيات في دول الخليج ما زالت محدودة وغير دقيقة ولا تعطي صورة شاملة مفصلة. وباستثناء قطر حيث حلت الجماعة نفسها بنفسها، فان جماعة الإخوان المسلمين في الخليج ما زالت فاعلة ولها إسهاماتها وتحركاتها على الساحة ولها جماهيرها ومناصروها. الزميل عبدالعزيز المحمود تطرق إلى الجانب الأمني من قرار حل الجماعة في قطر، وأشار إلى انه في نهاية التسعينيات بدأت مجموعة داخل الجماعة في التفكير جدياً في حل الجماعة وتفكيكها، ومع أن هذه الجماعة لم تكن تنظيماً بالمفهوم المتعارف عليه، فان فكرة وجودها متأثرة بفكر الإخوان كان يؤرق البعض خوفاً مما قد يحصل، خصوصاً أن بعض حكومات دول الخليج بدأت حملة اعتقالات في أوساط الشباب المتأثرين بفكر الإخوان ومطاردتهم في أرزاقهم وإبعادهم عن وظائفهم، بسبب وجود بعض الضباط الأمنيين من مصر، الذين تم تعيينهم تحت مسميات مستشارين أمنيين، وظهر تأثيرهم في تصريحات بعض القادة الخليجيين الذين ما فتئوا يرمون التهم جزافاً على الإخوان بدون إبراز أي دليل على توجسهم هذا. فكان أن اتخذ البعض قرار إلغاء الجماعة وتفكيكها في عام 2003. الدكتور عبدالله النفيسي في مقاله الحالة الإسلامية في قطر تناول الجانب الفكري والتنظيري حيث أشار الى انه في منتصف الثمانينيات بدأت الأسئلة الجدّية تطرح داخل المجموعة: من نحن؟ وإلى اين نسير؟ وهل هناك مشروع نحمله ونتحمّل حمله؟ هل هذا ما نريد؟ ما هي مصلحة المجتمع في كل ذلك؟ هل لفكرة (الدوجما) (dogma) الحزبية تبعات في المستقبل؟ هل هذا الثوب مناسب ارتداؤه في قطر؟ واللافت للنظر أن المجموعة تعاملت مع هذه التساؤلات بكل رصانة وجدّية وحزم وقررت تفويض أفراد منها للقيام بدراسة هذه الأسئلة دراسة تفصيلية واستحضار فكر المؤسس وبعد كل هذا الجهد المبذول في الدراسة توصّلوا إلى قرار 1999 بحل التنظيم وتم تبليغ (التنظيم الدولي) بهذا القرار. النفيسي قال إن أكثر ما يميّز التجربة الإخوانية القطرية أنها لم تكن (عادية) إذ لم تتحكم بها العاطفة الإسلامية أو اليوتوبيا السياسية ولم تتحكم بها (لوائح تنفيذية) أو قوانين أو رسميات formalities كشأن تجربة الإخوان في الإمارات أو الكويت أو ربّما إلى حدّ ما تجارب الإخوان في المملكة العربية السعودية أو سلطنة عمان والبحرين. ولكن رغم ذلك الإعجاب لم يحدثنا النفيسي عن تجارب الإخوان في الدول الخليجية ولم يتطرق إلى مقارنتها مع تجاربها وتجارب شقيقاتها وذكرها عرضا كما لم يتطرق إلى الحركات والتيارات والتنظيمات الإسلامية الأخرى في دول الخليج.
(3)
العديد من الباحثين قللوا من قدرة سيطرة الإخوان المسلمين على مقاليد الأمور في الخليج بشكل عام والكويت بشكل خاص. الباحث الكويتي خليل علي حيدر المتخصص في التيارات الإسلامية ذكر أن العائق الأكبر أمام الإخوان هو الدستور والتراث الديمقراطي وتعدد الجماعات الإسلامية والتنوع المذهبي. حيدر قال "ان الإخوان لا يلعبون الدور نفسه في كل دول الخليج الست، فهم في عُمان نوع من المعارضة السرية، وفي الكويت قوة توازن بين الحضر وقبائل ومعارضة غير صدامية، وفي البحرين الجماعة العازلة بين السلف والشيعة، وفي السعودية خليط من المعارضة السياسية والتوجه الإخواني، وفي دولة الإمارات التيار الذي يحاول أن يحقق بعض المكاسب التي حققها الإخوان في أماكن أخرى". واستبعد حيدر أن يستطيع الإخوان كجماعة أو حزب "إحكام السيطرة" على الكويت أو البحرين أو السعودية وربما حتى غيرها، بسبب الطبيعة المحافظة والدينية لهذه الدول وأنظمتها، ولوجود قوى منافسة لهم كالسلفيين وبسبب مستوى الدخل والتعليم والانفتاح الاجتماعي. كما أن الإخوان حتى في البلد الواحد تيارات وأجنحة وقيادات وثقافات مختلفة، موضحاً انه لا تماثل بين الإخوان السوريين ولا الأردنيين والمصريين والتونسيين. وأوضح الباحث أن مشكلة جماعة الإخوان المسلمين أنها حركة سرية على الصعيد السياسي والثقافي وهم يدخلون مرحلة ويخرجون من مرحلة دون أثر من تفسير او نقد ذاتي أو تعليل، وقد أيد الإخوان المسلمون في سوريا "اشتراكية الإسلام" بينما وقف إخوان مصر ضدها. وحول مستقبل عمل الإخوان المسلمين في الخليج العربي قال ان مستقبل عمل الإخوان غير متماثل بسبب اختلاف الأطر السياسية وهامش الحريات وخبرة هذه الحركات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق