الأربعاء، 14 مارس 2012

ما سر انتعاش سوق بيع الشهادات العلمية والجامعات الوهمية؟

الشرق - الخليج
2012-03-14

أصحاب الشهادات الوهمية ينافسون أصحاب الشهادات الحقيقية في سوق العمل
الشهادات المضروبة تنوعت بين شهادات جامعية وشهادات خبرة وشهادات اختصاص
إقرار نظام يحمي الأفراد والمجتمع من الاستغلال والنفوذ والوجاهة الكاذبة

الحديث حول سرطان الشهادات الوهمية وانتشاره في المجتمع أثار العديد من ردود الأفعال لدى القراء والزملاء الذين أرسلوا بتعليقاتهم وتجربتهم الشخصية. وما شد انتباهي هو ذكر احد المعارف عن تجربته مع بعض المكاتب المتخصصة التي تعمل داخل البلد في استهداف المواطنين للحصول على هذه الشهادات خصوصا في الماجستير والدكتوراة.
(1)
المسألة ليست مقتصرة على مكاتب بل تعددت إلى الترويج لها من قبل أشخاص محسوبين على المجتمع ويحملون جنسيته ويقدمون أنفسهم بصفات أكاديمية ومنهم المدعو (ع.ع) وهو احد الذين أثاروا الكثير من الجدل وكانت عليه الكثير من القضايا المثارة واتهامات ولغط لا يزال مستمرا حول شهاداته وعمله وتحركاته. وهو يستغل علاقاته الخاصة لتسهيل الانتساب للجامعات غير المعترف بها، وبعضها في دول خليجية وعربية وحتى أجنبية ويقوم بإقناع العديد بعد الاكتراث للتصديق على الشهادات أو الاعتراف بها من قبل وزارة التعليم والتعليم العالي والمؤسسات التعليمية الأخرى أو قطاع الدولة العام والخاص، المهم هو الحصول على اللقب وإضافة الدرجة العلمية لشهادة السيرة الذاتية وخصوصا حرف الدال (د) قبل الاسم. احد القراء أشار الى أن الموضوع ليس جديدا وتم طرحه في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي ولكن هناك صمتاً وسكوناً من قبل المعنيين في الدولة من وزارة التعليم والتعليم العالي، إلى المؤسسات الحكومية والخاصة ولا يكاد يمر يوم أو يومان إلا ونرى خبراً عن فلان، حصل على شهادة كذا من جامعة كذا. وكان قبل مدة أعلن مدير إدارة التراخيص الطبية بالمجلس الأعلى القطري بعد أن نشر الخبر في احدى الصحف المحلية عن اكتشاف ما يقارب 60 حالة تزوير شهادات لممارسين في القطاع الطبي. حيث يتم اكتشاف ما بين شهادتين إلى ثلاث شهادات مزورة لأشخاص يزاولون مهنة الطب أو التمريض أو المهن الفنية الطبية الأخرى قدموا من جميع أنحاء العالم، والشهادات الوهمية تنوعت بين شهادات جامعية وشهادات خبرة وشهادات اختصاص وتَركّز أكثرها على شهادات التمريض. أما في السعودية كمثال على انتشار هذه الظاهرة السرطانية في المجتمعات الخليجية فقد تم ضبط 1073 شهادة مزورة لعاملين في المهن الصحية ومنع 16 ألف شخص من العمل بالقطاع الخاص. وأوقفت الكويت الاعتراف بشهادة آلاف الحاصلين على درجات علمية وهمية في كل من الفلبين والهند وبعض الدول الخليجية والعربية وشرق أوروبا. وفد تقييم الجامعات الكويتي العائد من زيارة بعض الدول الاجنبية والعربية أشار إلى أن 10 من أصل 13 جامعة خاصة جرى تقييمها تبين أنها «مضروبة»، ولا تتوافر فيها إمكانات ومقومات الحصول على الشهادة الجامعية او شهادات الدراسات العليا كالماجستير او الدكتوراة.
(2)
منظمة اليونسكو أشارت إلى وجود فساد في التعليم وخصوصا في العالم العربي، ومن ضمن ذلك وجود سوق لبيع الشهادات، والجامعات الوهمية، وحذرت من تأثير ذلك على التعليم والتنمية والاقتصاد. في السعودية كشفت دراسة انتشرت في وسائل الإعلام عن استنزاف خمسمائة مليون ريال من اقتصاد البلد جراء بيع الشهادات الوهمية أو المزيفة. منطقة الخليج بالذات نتيجة الطفرة المالية وخصوصا في السعودية والكويت وقطر والإمارات، تواجه هجمة مركزة من معاهد وجامعات تقع في دول خليجية وعربية وأجنبية غير معترف بها، ويتركز دورها على منح شهادات وهمية مقابل رسوم مالية عالية، وتفشت تلك المظاهر في المجتمع حتى أصبح كثير ممن يحملون شهادات عليا مشتبها بأهلية مصادرها. وتنشر تلك الجامعات على مواقعها في الانترنت قوائم بأسماء من منحتهم شهادات جامعية وماجستير ودكتوراة، حتى أصبح مألوفاً أن تقابل عدداً من صغار وكبار موظفي الدولة وقد قدموا لأسمائهم بحرف "الدال" كما إشارات اللجنة التعليمية في مجلس الشورى السعودي. مجلس الشورى القطري وغيرهما من المجالس والمؤسسات التشريعية في دول الخليج مطالبة بالقيام بدورها في طرح موضوع الشهادات الوهمية للمناقشة بين الأعضاء بكل شفافية وبمشاركة وزير التعليم والتعليم العالي واقتراح مشروع للحماية من الشهادات الوهمية. مجلس الشورى السعودي من جانبه قدم مشروعا مماثلا يهدف إلى حماية المواطن من مزاحمة حملة تلك الشهادات من المواطنين والوافدين له في سوق العمل، وحماية المصادر المالية لمؤسسات المجتمع المالية، كالمؤسسة العامة للتقاعد ومؤسسة التأمينات، وحماية ومصادر المعرفة المحلية ومؤسسات نشر الناتج الفكري من حملة الشهادات الوهمية. القانون يسعى الى إقرار نظام يحمي الأفراد والمجتمع من تسلم أصحاب الشهادات الوهمية مناصب حساسة تضر بمصالحهم أو يستغلون من خلالها نفوذهم ووجاهتهم. فالذين يمارسون منهم أنشطة فردية كالمستشارين الاجتماعيين أو المدربين ممن يتعاملون مع الأفراد، سواء في تطوير الذات أو تطوير القدرات أو المهارات، قد يقدمون تدريباً خاطئاً ومعلومات غير دقيقة. ان أصحاب الشهادات الوهمية كما يشير أصحاب المشروع أصبحوا ينافسون أصحاب الشهادات الحقيقية في سوق العمل، في ظل غياب نظام يحد من الأضرار التي قد يلحقونها بالاقتصاد الوطني. فالقطاع الحكومي "محمي" بأنظمة وزارة الخدمة المدنية، بينما يتطفل كثير من حملة تلك الشهادات على القطاع الخاص. وما دام لا يوجد نظام بشأن الشهادات المزورة والوهمية فإنه لا جدوى من تدخل الهيئات والمؤسسات الرقابية، حيث إن أي دعوى في هذا الإطار سترد لعدم وجود نص قانوني يشير إليها، عندما يقر نظام يجرد حاملها أو من أعطاه أو من شغّله من كل الامتيازات والمناصب، فستتم حينها حماية المجتمع.
(3)
لمواجهة هذه الآفات السرطانية تدرس وزارة التعليم العالي السعودية تطبيق مقترح جديد لمواجهة ظاهرة الشهادات الوهمية يتمثل في إصدار بطاقة أكاديمية معتمدة لأعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم من أصحاب الشهادات العليا المعتمدة. المقترح يهدف إلى التعريف بالحاصلين على درجة الدكتوراة من الجامعات المحلية والخليجية والجامعات العربية والأجنبية المعترف بها لدى وزارة التعليم العالي بناءً على إصدار بطاقة تعريفية للتعريف بالحاصلين على درجة الدكتوراة، مما يفقد الشهادات الوهمية الهدف من الحصول عليها. ويتصدى لظاهرة الجامعات والأكاديميات الوهمية التي تبيع الشهادات المزيفة، مستغلة مجال التعليم عن بعد أو بالمراسلة لتمرير غاياتها من الحصول على الأموال مقابل منح هذه الشـهادات الوهمية. على المستوى العام أرسل لي احد الزملاء رابط الحملة الإلكترونية ضد الشهادات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) والتي بدأها عضو مجلس الشورى الدكتور وصاحب الاقتراح موافق فواز الرويلي في السعودية مع تنامي ظاهرة الشهادات العلمية المزورة وغير المعتمدة واستقطبت عددا من أبناء الخليج والدول العربية. وتفاعل مع الحملة أعداد كبيرة من الأعضاء الذين وصلوا إلى أكثر من 1600 عضو يطالبون الوزارات بأن تقوم بالتحقق من صحة شهادات منسوبيها. وقال الدكتور موافق الرويلي على صفحة الحملة إن هناك دولا كثيرة وجامعات معينة تعمل على السعوديين والخليجيين وحدهم، وتسلب منهم الملايين كل عام لتصديرهم شهادات غير معتمدة. ولكن لماذا لم تتحول مسألة الشهادات الوهمية إلى قضية رأي عام في المجتمع القطري حتى لو كانت على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) ولماذا لم ولا يتخذ إجراء قانوني نحوها؟ أو يصدر مشروع لتجريمها؟ ومن المستفيد من استمرارها وانتشارها والترزق والتكسب منها؟! انها أسئلة محيرة عجزنا نحن والقراء عن إيجاد أجوبة مقنعة حولها؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق