الأربعاء، 25 يناير 2012

خيارات التعامل مع إغلاق مضيق هرمز

جريدة الشرق/ الخليج
2012-01-25

التهديدات الإيرانية وعودة التوترات إلى منطقة الخليج
السيناريو الأبشع يكمن في إشعال المنطقة التي تعيش على بحيرات من النفط
النظام في طهران يشعر بالاختناق ولا يوجد أمامه الكثير من المخارج

التهديدات لن تتوقف من قبل الجانب الإيراني المتعلقة بإغلاق مضيق هرمز، فالسياسة المتبعة في طهران هي إمكانية اللجوء إلى تهديم المعبد على رؤوس الجميع بلا استثناء وإشعال المنطقة بالحروب والصراعات إذا تم تفعيل القرارات الدولية التي يتحكم بها الشياطين في العالم خصوصا الشيطان الأكبر والأصغر!!
(1)
التوتر يعود بقوة إلى منطقتنا الإستراتيجية الاقتصادية التي تمد العالم بالجزء الأكبر من طاقته التي تعتمد على أهم مورد في العالم وهو النفط والغاز. مياه الخليج اليوم تغلي اليوم بسبب المناورات البحرية الإيرانية، وتزدحم بحاملات الطائرات العسكرية والأساطيل والسفن الحربية الأمريكية والغربية. التهديدات الإيرانية الصريحة والضمنية الخشنة منها والناعمة تشير إلى أنها سترد بشدة على أي حظر يفرضه الاتحاد الأوروبي على النفط بمحاولة إغلاق مضيق هرمز الذي يشهد تدفق 32 % من صادرات النفط العالمية و28 % من صادرات الغاز الطبيعي المُسال. المغامرة الإيرانية قد تجرنا إلى السيناريوهات الأبشع في إشعال المنطقة التي تعيش على بحيرات من النفط يقع اغلبها في الجانب العربي من الخليج من خلال الدخول في حروب وصراعات مفتوحة لمواجهة توقف عبور النفط في بحر الخليج من قبل القوة العظمى والدول الغربية خصوصا بين الولايات المتحدة وإيران وها نحن نسمع ايضا التهديدات الإسرائيلية بشكل يومي في توجيه ضربة عسكرية محتملة ضد منشآت إيران النووية، المرشد الأعلى هدد من جهته أن إيران سترد بكل قوتها على كل عدوان أو حتى على مجرد تهديد عسكري من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل. وكما هي العادة أطلق عدد من المسؤولين الإيرانيين تصريحات استفزازية وتهديدات سافرة لدول الخليج العربية إن هي قررت القيام بضخ المزيد من النفط في السوق العالمية لتعويض إمدادات النفط الإيرانية إذا ما قررت الدول الأوروبية فرض حظر على واردات النفط الإيرانية. القادة السياسيون والعسكريون الإيرانيون ذكروا في أكثر من مرة انه إذا لم تتمكن بلادهم من إنتاج النفط، فإنهم سيمنعون المصدرين الآخرين في الشرق الأوسط من تصدير نفطهم من خلال مضيق هرمز وهي سياسة الانتحار الجماعي "علي وعلى الجميع".
(2)
السياسة الإيرانية لم تفلح في اتباع نهج الصدام مع القوى الكبرى على رأسها الولايات المتحدة والدول الغربية، حيث الإصرار الدولي على حرمان طهران من الاستمرار في تخصيب اليورانيوم مقابل تمسك طهران بالبرنامج النووي واعتباره حقا مقدسا غير قابل للتفاوض والسعي الى الحصول على إمكانية صناعة قنبلة نووية مهما كانت الخسائر. كما لم تفلح إيران رغم القنوات السرية المفتوحة من الحكومات الغربية المتعاقبة وبشكل خاص الأمريكية في تحقيق ما يشبه التسوية أو التفاهم على مجمل المواضيع والقضايا المحورية الرئيسية في المنطقة رغم التحالف المدنس في تدمير أفغانستان وتقسيم العراق والحرب على الإرهاب. لكن هل تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني سيكون فاعلا أكثر من الخيارات الأخرى. صحيفة "الفاينانشيال تايمز" البريطانية ذكرت أن لجوء الاتحاد الأوروبي إلى فرض حظر على النفط الإيراني سيعزز قوة نظام محمود أحمدي نجاد في زمنٍ يواجه فيه أصلاً ضغوطاً شديدة، ولا سيما مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، فلا تزال نسبة البطالة مرتفعة وينطبق الأمر نفسه على معدل التضخم الذي تأزم بسبب رفع الدعم عن سلع أساسية كثيرة خلال الفترة الماضية، ولقد تدهورت قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار بشكل دراماتيكي. حيث، بلغت نسبة تدهور العملة 30 %، قبل أن تعود وتتعافى نسبياً، ما أدى إلى تراجع مصداقية النظام ويجازف هذا الوضع بتأجيج مشكلة التضخم. نظراً إلى الدور الحاسم الذي يلعبه النفط لتحديد “الحمض النووي” السياسي في إيران، سيؤدي حظر الاتحاد الأوروبي إلى اصطفاف الشعب وراء النظام الراهن. بعض المراقبين أشاروا الى انه حتى لو تم إغلاق المضيق فلن يستمر لفترة طويلة لان إيران ليس بوسعها أكثر من أن تزرعه بالألغام البحرية، وهذه من الممكن إزالتها في غضون أيام أو أسابيع على اكبر تقدير، كما قامت معظم الدول الغربية بوضع خطة طوارئ إستراتيجية في الاستعانة بالمخزون النفطي ليسد حاجتها لفترة محدودة في حال أقدمت طهران على تنفيذ تهديداتها في هذا الخصوص.
(3)
النظام في إيران يشعر بالاختناق ولا توجد أمامه الكثير من المخارج من المأزق التاريخي الذي يعيشه فيه، السيناريوهات القادمة اغلبها يعرج على الدخول في المواجهة العسكرية المفتوحة بين المجتمع الدولي والنظام الإيراني. والتصورات تتمحور حول ثلاثة احتمالات (1) عمل عسكري واسع المدى تشترك فيه قوات برية،‏ وهو يتسم بحظوظ محدودة نسبيا، (2) القيام بحملة جوية واسعة المدى تهدف إلى الإضرار بالمنشآت النووية الإيرانية،‏ وشل القدرات العسكرية الإيرانية، منها نظم القيادة والتحكم والقدرات الصاروخية والطيران والقدرات البحرية،‏ (3) توجيه ضربة مباشرة للمنشآت النووية‏،‏ تحول دون قيام إيران بأي رد عسكري مضاد بشكل واسع. اما السيناريوهات المحتملة من قبل الجانب الإيراني الذي يتم تسريبه كلما اشتد الخناق على النظام فسيكون من خلال توجيه الصواريخ إلى آبار النفط الخليجية واستهداف مدن خليجية تتمركز في البحرين أو قطر أو الكويت أو عمان بحجة التواجد العسكري الأمريكي أو الغربي فيها، أو اللجوء إلى الخلايا الإرهابية لزعزعة الأوضاع وتفجيرها في الدول العربية والغربية. لكن ما هو السيناريو المحتمل لشعوب دول الخليج، الأرجح هو الوقوف بصمت والفرجة على الصواريخ التي ستطلق فوق رؤوسهم أو بالقرب منهم فهم لا حول لهم ولا قوة ولا يملكون أي خيارات في المعركة التي لا ناقة لعم فيها ولا بعير؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق