الخميس، 19 يناير 2012

الانتخابات الرئاسية.. هل يرحل أوباما عن البيت الأبيض؟!

الشرق- ايلاف
2012-01-18

هل نشهد مفاجآت في الانتخابات الأمريكية القادمة
الانتخابات الرئاسية ستتمحور حول الاقتصاد بشكل رئيسي
الوقت الكافي للجمهوريين كي يعيدوا الاصطفاف خلف مرشح لا يكون مملاً

هل سنشهد مفاجآت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، من قبيل خسارة الحزب الديمقراطي ومرشحه الرئيس الحالي باراك اوباما، مقابل مرشح جمهوري آخر من المتوقع أن يكون رجل الأعمال من أتباع الطائفة المرمون ميت رومني أو المحافظ المتشدد ريك سانتوروم أو حتى الأكثر تشدداً نيوت غينغريش.
(1)
بدأ التسخين والمزايدات السياسية باكرا لكسب المؤيدين والمناصرين والداعمين، خصوصاً أصحاب اللوبيات أو جماعات الضغط في الولايات المتحدة.. فالمرشح الجمهوري نيوت غينغريش بدأها في وصف الفلسطينيين بأنهم "شعب تم اختراعه". وقال "لنتذكر أنه لم يكن هناك فلسطين كدولة، فهي كانت جزءاً من الامبراطورية العثمانية. وقد حدثت عملية اختراع الشعب الفلسطيني بينما هم في حقيقة الأمر عرب كانوا تاريخياً جزءاً من الجماعة العربية وكانت عندهم الفرصة ليرحلوا لأماكن مختلفة".. الرد السريع على افتراءات غينغريش لم يأت من الجانب العربي أو المسلم حصراً بل من نيويورك تايمز، وبالتحديد من كاتبها الأبرز توماس فريدمان، وهو يهودي - امريكي، فريدمان أشار إلى أن تصريحات غينغريش، تأتي في إطار المنافسة بينه وبين منافسه ميت رومني على كسب أصوات اليهود من خلال التعبير عن حبهما لإسرائيل.. واعتبر أن تصريح غينغريش لا يمكن أن يكون تعبيراً عن الولاء لإسرائيل؛ لأنه إذا كان اثنان ونصف مليون فلسطيني في الضفة الغربية ليسوا شعباً حقيقياً منتمياً لدولته الخاصة به، فإن ذلك يعني إعطاء إسرائيل الحق في الاحتلال الدائم للضفة الغربية، وينبغي أن يعي غينغريش أن خيارات إسرائيل عندئذ ستنحصر بالحرمان الدائم لفلسطينيي الضفة الغربية من الجنسية الإسرائيلية، وبالتالي وضع إسرائيل على طريق الفصل العنصري، أو إخلاء الضفة الغربية من الفلسطينيين من خلال التطهير العرقي، وبالتالي وضع إسرائيل على طريق المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، أو معاملة فلسطينيي الضفة كمعاملة فلسطينيي 48 بما يضع الأساس لإسرائيل كي تقيم دولة ثنائية القومية.. الرد الآخر جاء من إسرائيل ومن صحيفة "يديعوت أحرونوت" للكاتب أ.ب. يهوشع، وهو عبر عن عن أسفه إزاء تصريحات كهذه واصفاً إياها بالكلام غير المسؤول من مرشح للرئاسة في أمريكا بهدف جذب أصوات جماعات يهودية، متهماً نيوت غينغريتش بالجهل التاريخي والسطحية السياسية، متسائلاً "هل يمكن لشخص كهذا ان يرشح نفسه لمنصب زعيم العالم الحر.. المرشح الجمهوري رون بول البالغ من العمر 76، الذي تابعنا تاريخه السياسي الحافل خلال دراستنا في الولايات المتحدة هو المرشح المفضل لديّ.. ولديّ قناعة بأن أمثال هؤلاء لن يحصلوا على ثقة الحزب في الترشح في الانتخابات الرئاسية لان لديهم قدرة كبيرة على الشجاعة والمواجهة والاعتراف بالأخطاء ولوم النفس وتأنيب الضمير، وهو مرفوض على كل الأصعدة الداخلية والخارجية الأمريكية. رون بول اتهم المرشح الجمهوري المنافس له ريك سانتوروم، بانه فاسد وحصل على الكثير من المال بفضل مجموعات الضغط، أيضا اتهم نيوت جينغريتش بأنه جبان لأنه لم يخدم في الجيش.. وجميع المرشحين وجهوا اتهامات شديدة وحادة للسياسة الخارجية والاقتصادية للرئيس أوباما، فهي أدت إلى تفاقم الانكماش وجعلت الأوضاع أصعب على الشركات الصغيرة.. واتهامه بأنه يسعى إلى إنشاء نموذج اشتراكي أوروبي متشدد في أمريكا، بالإضافة إلى الخطأ الفادح الذي يشكله سحب القوات الأمريكية من العراق الدخول في حرب محتملة في أفغانستان.
(2)
لكن هل صحيح أن حظوظ الرئيس أوباما ضعيفة في الحصول على ولاية رئاسية ثانية تبقيه في البيت الأبيض.. صحيفة ديلي تلجراف البريطانية (Daily Telegraph)، في توقعاتها لمجريات أحداث 2012 أشارت إلى أن باراك أوباما لن يخسر الرئاسة رغم أن نسبة تأييده في استطلاعات الرأي قد تبدو كارثية الآن، لكن تبرز بعض المؤشرات القليلة على تعافي الاقتصاد الأمريكي، ومن المعروف أن هذه الانتخابات الرئاسية ستتمحور حول الاقتصاد بشكل رئيس، فمن الكارثي أن تبلغ فرص أي مرشح ذروتها في مرحلة مبكرة. لكن ستتراجع فرص أوباما في مرحلة مبكرة أكثر من اللزوم مقارنةً بحظوظ الجمهوريين. ونوهت الصحيفة بأنه في حال تراجع معدل البطالة (بشكل تدريجي ولكن ثابت)، وفي حال تعافى النمو الاقتصادي (بوتيرة بطيئة ولكن ثابتة)، وفي حال تم تمرير برنامج أوباما الخاص بالرعاية الصحية في المحكمة العليا، وفي حال تجاوز الرئيس أي تحديات إضافية من الكونغرس الجمهوري في مجال التخفيضات الضريبية، فسينجح أوباما في هذا الاستحقاق الانتخابي حتماً.. فلن يكون الفوز ساحقاً، ولن تسود الأجواء الاحتفالية التي طبعت فوزه الأول، ولكنه سيكسب ولاية رئاسية ثانية.. إذا تعافى الاقتصاد الأمريكي بما يكفي لإنقاذ أوباما من العودة إلى حياته الأكاديمية السابقة، فستعلن بعض الأطراف عن انتصار سياسات التحفيز الاقتصادي وفق النظرية الكينزية التي يتبعها أوباما، والتي تتعارض مع برنامج "التقشف" الأوروبي، الذي يدافع عن مشروع تخفيض العجز باعتباره على رأس الأولويات.. ستكون هذه المقاربة خاطئة بالكامل لتفسير الأحداث المرتقبة، وسينهض الاقتصاد الأمريكي من كبوته الراهنة، لكن لن يكون النهوض الاقتصادي مرتبطاً بمشاريع الإنفاق الخاصة بالحكومة الفدرالية.. بل إن التأثير الضئيل (وفق المعايير الأوروبية)، الذي تخلفه سياسة تدخل الحكومة في الولايات المتحدة هو الذي يسمح للمواطنين بتنشيط حياتهم الاقتصادية بفضل مواردهم وجهودهم الخاصة.. وختمت الصحيفة قائلة إن ولاية أوباما الثانية ستمنح الوقت الكافي للجمهوريين كي يعيدوا الاصطفاف خلف مرشح لا يكون مملاً بقدر ميت رومني، وكي يعيدوا صياغة حججهم ضد مسيرة أوباما، الذي يسعى إلى إرساء ديمقراطية اجتماعية خيالية تشبه المأزق الذي تواجهه أوروبا الآن.. لن تقل مظاهر العداء والضغينة في الخطاب السياسي داخل الولايات المتحدة.. فلن تكون المرة الأولى التي تستعمل فيها الولايات المتحدة حجة حقيقية عن حجم الدولة وقوتها، التي يجب أن تطغى على جميع النقاشات في الأنظمة الاقتصادية الغربية.
المعركة القادمة لن يكون محورها الإرهاب وصراع في الشرق الأوسط وإيران كما كانت في السابق بل ستركز على الأزمات الاقتصادية وتداعياتها منذ عام 2008، الذي يعاني من أثاره العالم بمجمله والاقتصاد الأمريكي المتدهور بشكل خاص مما سبب خروج حملة احتلال شارع ويل ستريت، إن الشعار الذي تبناه بيل كلنتون في التسعينيات "انه الاقتصاد ياغبي"، هو الذي سيحدد الفائز في السباق المارثوني للوصول إلى كرسي الرئاسة الأمريكية نهاية 2012.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق