الأربعاء، 13 يوليو 2011

الديكتاتورية العربية.. للذكر مثل حظ الأنثيين!

الشرق- ايلاف
2011-07-13

يحكم في العالم ما يقارب "23" ديكتاتورا ومستبدا عادلا!
التحدي الأكبر يشمل القضاء على الديكتاتورية بعد سقوط الديكتاتور
المرأة لعبت دور المحرك للنظام وأدواته من وراء الستار!

حكم خلال العقود الماضية ما يقارب (132) ديكتاتورا حوالي (169) بلدا في العالم أشهرهم موسوليني، فرنكو، هتلر، وستالين. ولكن العدد تقلص نتيجة المد الديمقراطي ونضال الشعوب نحو الحرية والتخلص من أغلال الاستبداد والعبودية. في الإحصائية الأخيرة التي نشرتها مجلة السياسة الخارجية فورين بوليسى (Foreign Policy) وصل العدد إلى (23) ديكتاتورا يقطن اغلبهم في الدول العربية والأفريقية إلى جانب حكام آخرين في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية وهم يصنفون كأسوأ أنظمة ديكتاتورية تحكم ما لا يقل عن (1.8) مليار مواطن من مختلف أنحاء العالم، كما يطلق عليهم اسم "التماسيح الليبراليين" فهم يجعلون الشعب يدفع ثمن الخسائر الاقتصادية في حين يحولون المكاسب — بشكل خفي — إلى حساباتهم في البنوك السويسرية في الخارج!

(1)
تصدر قائمة مجلة فورين بوليسي الأمريكية لطغاة لعالم رئيس كوريا الشمالية كيم يونج ايل الذي يحكم منذ أكثر من 16 عاما والذي وصفته القائمة بأنه من أسوأ حكام العالم فيما يخص ترسيخه لمبدأ عبادة الفرد والانعزالية. المرتبة الثانية احتلها رئيس زيمبابوي روبرت موجابي الذي يحكم بلاده منذ أكثر من 30 عاما، وهو بدأ كبطل للأمة للكفاح ضد الاستعمار والنضال من أجل استقلال البلاد من بريطانيا، ولكنه منذ ذلك الحين تحول إلى مستبد. والثالث هو رئيس بورما ثان شوي الذي يحكم البلاد منذ 18 عاما، ووصفته القائمة بأنه حاكم عسكري غير رحيم وانشغاله الوحيد هو البقاء في السلطة وسحق أي حركة معارضة بالاعتقالات والتعذيب، ويأتي بعد ذلك عدد من الحكام العرب في مقدمتهم الرئيس المصري السابق المحاكم حاليا، وملك ملوك أفريقيا الذي لا يزال يقتل الشعب الليبي، والسوري الذي ينشر دباباته في المدن السورية المطالبة بالإصلاح، إلى جانب الفنزويلى هوجو تشافيز والكوبى راؤول كاسترو والصينى هو جين تاو وكذلك الرئيس القرغيزى كرمان بك باكييف. والعامل المشترك بينهم جميعا وهو ما يثير الغضب والحنق، أن معظمهم كانوا من بين المحاربين للاستبداد والمطالبين بالحرية ضد أنظمة ديكتاتورية سابقة، حيث بدأوا حياتهم جميعا كمقاتلين من أجل الحرية ثم انقلبوا عليها وأصبحوا من اشد أعدائها. ومع استمرار الثورات العربية ربما يتقلص العدد بشكل اكبر إلا أن التحدي الأكبر لا يشمل فقط إسقاط الديكتاتور بل الأهم هو القضاء على الديكتاتورية ونظامها الاستبدادي في العالم العربي الذي لا يزال يحكم الرقاب من ألف سنة ونيف.

(2)
الديكتاتورية لا تقتصر على الذكور وهي تورث للأبناء بنين وبنات كما رأينا في مصر وتونس وسوريا واليمن والبقية، وان كان للذكر في التوريث حظوة تتجاوز حظ الأنثيين، فالمرأة تماهت مع الدور ببراعة وفي بعض الأحيان كانت هي المحرك الحقيقي للنظام وأدواته من وراء الستار. شخصيات نسائية ناعمة على مدار التاريخ كانت تتحكم في الطغاة بأصابع من حرير (ناديا، كلارا، ماجدالين، الينا، جيانع كينع، كاثرين، ميرا، زيزن، ايفا، ليدا وغيرهن الكثير) شاركن في صناعة الديكتاتور ونظامه حتى في السيناريو الختامي كن على خشبة المسرح يمسكن بدفة القيادة! العاشقة "ايفا براون" كما تشير الكاتبة هايكه جورتميكر في كتابها "ايفا براون.. الحياة مع هتلر" انها لم تكن أبدا المرأة الخنوع اللطيفة، ولم تكن الشقراء الغبية والسلبية على الإطلاق بل كانت مؤثرة وتتدخل في قرارات هتلر المصيرية وأنها هي من شجعت هتلر على قرار الانتحار‏ وعدم الاستسلام. وعرف عنها التجول في الأسواق الألمانية ودخول المتاجر وأخذ ما تريد من مجوهرات وذهب وملابس وأقمشة من دون أن تدفع شيئاً أو يتمكّن أحد من مطالبتها بشئ، وكانت تُبدّل ملابسها ستّ مرّات في اليوم وتُغيّر تسريحة شعرها أكثر من مرّة.

(3)
يوما بعد الآخر تظهر المزيد من الأخبار والمعلومات حول ملابسات الأيام الأخيرة قبل سقوط النظام في تونس ومصر. محمد الغنوشي، آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس "زين الهاربين" بن علي، قال انه كان لديه "انطباع" بأن ليلى الطرابلسي زوجة بن علي هي التي كانت تدير البلاد في الفترة الأخيرة. ولدت ليلى في 1957 لأب كان يعمل بائع بقول جافة، ثم تابعت تعليما مهنياً لتصبح سكرتيرة، كما عملت بشكل هامشي بائعة ورود في باريس قبل العمل في محل حلاقة. وأطلق عليها لقب "ليلى جين"، لما عرفت به من خفة وحب للحفلات. أصبحت في أواسط ثمانينيات القرن الماضي، عشيقة الجنرال، بن علي، الذي يكبرها بـ21 عاماً، وكان يتولى حينها منصب وزير الداخلية، قبل أن يتزوج بها بعد أن طلّق زوجته الأولى. كتاب «حاكمة قرطاج» الذي نشر في أواخر 2009، يتناول جوانب عديدة من حياة ليلى الطرابلسي ودورها المتنامي في السيطرة على البلاد، ويشير الكتاب الى أنها كانت تنوي أن تطرح نفسها بديلاً عن زوجها في الانتخابات المقبلة، بمساعدة أفراد عائلتها والشخصيات المنطوية تحت جناحها، وبسكوت رسمي من فرنسا، التي دعمت النظام التونسي. وهي تعد أكثر زوجات الرؤساء العرب نفوذا، إذ استطاعت أن توجه نفوذ زوجها السياسي لمصلحة أفراد عائلتها حيث سيطروا على أهم التوكيلات التجارية والمؤسسات الاقتصادية للدولة، حتى ان البعض ذهب في وصفها وحاشيتها بـ"المافيا". وتمكنت الطرابلسي من تهريب نحو 1.5 طن من الذهب بقيمة 65 مليون دولار إلى خارج الأراضي التونسية قبل هروبها مع زوجها بيوم واحد فقط، في حين جمَّدت المصارف السويسرية ملايين الدولارات باسم أفراد عائلتها.

(4)
زوجة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك اشتهرت بالمحافظة ودعمها مشاريع خيرية للأطفال لكن ظهورها الإعلامي المدروس بحرفية لم يعكس حقيقة دورها النافذ ومناوراتها السياسية ما وراء كواليس السياسة المصرية ويشاع انه كان لديها أكثر من 1000 جمعية معظمها وهمي تجمع من خلالها مئات الملايين كل عام في شكل معونات وتبرعات ومساعدات وهبات من الخارج والداخل لهذه الجمعيات ومعظم هذه الأموال في النهاية تصب في الحسابات السرية في البنوك الأجنبية. وهي أصبحت عضوة في نادي المليارديرات منذ عام 2000، حيث تجاوزت ثروتها الشخصية مليار دولار تحتفظ بأغلبها في بنوك أمريكية، كما أنها تملك عقارات في عدة عواصم أوروبية مثل لندن وفرانكفورت ومدريد وباريس وفي إمارة دبي. وتقدر ثروة قرينة الرئيس المخلوع بما يتراوح بين 3 إلى 5 مليارات دولار جنت أغلبها من التدخلات الشخصية لها لصالح مستثمرين ورجال أعمال. في ليبيا تحولت الممرضة السابقة إلى زوجة العقيد الثانية وهي صفية فركاش، صحيفة "يو إس توداي" الأمريكية قدرت ثروة صفية بنحو 30 مليار دولار، بما يجعلها تتفوق على نفوذ وثروة ليلى طرابلسي زوجة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. وتملك فركاش شركة الطيران "البراق"، بالإضافة إلى مخزون من الذهب يقدر بـ 20 طنا! بشكل عام السيطرة على مقادير السلطة لمدة طويلة تخلق الديكتاتور ولا فرق ان كان رجلا أو امرأة. هناك مقولة تنسب إلى زعيم إيطاليا الفاشية ببينيتو موسوليني (Benito Mussolini)، تبين كيف يفكر هؤلاء الديكتاتوريون بعد أن يتمكنوا من الحكم، تقول (الشعوب، كما النساء، موجودة لكي تُغتصب).

فاصلة أخيرة:
ما هو الشعر إذا لم يعلن العصيان؟
وما هو الشعر إذا لم يسقط الطغاة.. والطغيان؟
وما هو الشعر إذا لم يحدث الزلزال
في الزمان والمكان؟
وما هو الشعر إذا لم يخلع التاج الذي يلبسه
كسرى أنوشروان؟
"نزار قباني"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق