الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

الرسائل والطرود المرسلة من أراضينا؟

2010-11-10

مشاهد الخوف والترويع تعود كلما اعتقدنا أنها الماضي؟!
الحوادث المفجعة تضطرنا إلى الدخول في معركة الدفاع عن ديننا وقيمنا
شمعات مضيئة وإن كانت قليلة تنير الطريق

تعود مشاهد الخوف والترويع كلما اعتقدنا أننا تجاوزناها، وأصبحت من الماضي؟ وهي في كل مرة يتم تغيير شكلها وطريقتها لكي تصل إلى هدفها من قتل وتفجير الضحايا والأبرياء، وللأسف أنها تدمغ منتجاتها وبضاعتها بختم الإسلام؟! الساحة لم تهدأ أبدا، وكلما انخفضت وتيرة الأصوات المعادية للعرب والمسلمين في الغرب، أعادها الخطاب المتطرف المتشدد الإرهابي من جديد. فالندوات والمؤتمرات وحوارات الأديان والتسامح وقبول الآخر كلها تتراجع إلى الخلف وتفقد تأثيرها وفعاليتها في رسالة واحدها تبثها محطة الجزيرة لأحد المحسوبين على تنظيم القاعدة. الرسائل جميعها تشير إلى التهديد والوعيد والويل والثبور وعظائم الأمور، والتكفير والعداء والقتل والدماء والتدمير ولا يكاد يقابلها في الجانب الآخر مواجهة مماثلة ومفتوحة وشاملة من الأراضي التي تنطلق منها وبالتحديد الأراضي الخليجية والعربية قبل الإسلامية. ولكن رغم المشهد الكئيب هناك بصيص أمل لا يتوقف أيضا وهناك شمعات مضيئة، وان كانت قليلة تنير الطريق وتقف في وجه التطرف والغلو ولا تخاف لومة لائم في الحق، نراها في بعض الصحف ووسائل الإعلام متمثلة في صحفيين ومثقفين وكتاب رأي وفكر أتابعهم بشغف خصوصا في السعودية والكويت وقطر والبحرين ولبنان ومصر والمغرب العربي.
معظم الرسائل التي تم توجيهها في الأيام الماضية احتوت على أفكار هدامة وعبوات ناسفة تبعتها الطرود المفخخة وانطلقت من دول خليجية وكادت أن تصل إلى أهدافها، وسلطت وسائل الإعلام العالمية أخبارها على المنطقة الملتهبة وخصوصا الوضع في اليمن، وعن المسئول الجديد في تنظيم القاعدة الذي كان وراء صنع عبوة الأحذية في صنعاء، والمتفجرات التي حملها النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، والقنبلة التي حملها في طريقه إلى أمريكا. ودرب الانتحاري خلال محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الأمنية في الرياض. انه درس الكيمياء في جامعات خليجية وتنقل في أكثر من عاصمة عربية لكي يروج للفكر المتطرف ويدخل مناظرات على الانترنت ليجند الشباب ومن بينهم شقيقه الذي فجر نفسه، إلى أن اشتد عوده وتحول إلى إرهابي يشار إليه بالبنان ويدخل قائمة المطلوبين دوليا؟! رسائل وطرود فشلت في استهداف معبد يهودي في شيكاغو، ونجحت في الهجوم على كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد وقتل 53 شخصا بينهم 44 مصليا مسيحيا غالبيتهم من النساء والأطفال والتهديد باستهداف الكنائس المصرية بعد العراقية. بالإضافة إلى تفجير مسجدين في باكستان خلال صلاة الجمعة مما أسفر عن مقتل 65 شخصا على الأقل.
ومع هذه الحوادث المفجعة نضطر في كل مرة إلى الدخول في معركة جديدة نحاول أن ندافع فيها عن ديننا وقيمنا باستماتة ونحاول أن نبين أن دين الإسلام لا يمثله هؤلاء ولا غيرهم من المتطرفين، وبقدر المستطاع نحاول مد جسور السلام والتواصل والحوار مع الآخرين في أراضينا وبقية العالم. لقد وجدت في بريدي الالكتروني عددا من الرسائل بعثها أخوة وزملاء أكثر من مرة تدعو إلى التفاؤل ومنها واحدة سطرها شيخ دين والآخر طالب علم؟! الشيخ هو عائض القرني ومقالته تتناول التطرق إلى تجربة عاشها في أمريكا والطالب هو هاني باحويرث وقصته تتناول الحديث عن تجربة الابتعاث في بريطانيا. الشيخ القرني يقول لقد طفت مع بعض زملائي إحدى وعشرين ولاية أمريكية، فكلما رأينا الدقة والحسن في نظام السير والمرور وحماية البيئة والذوق العام وترتيب شؤون الحياة، تذكرنا النصوص التي قرأناها في الكتاب والسنة. وقد جاء ذلك في مقال مميز تحت عنوان: «أمريكا تنصر امرأة سعودية» في صحيفة الشرق الأوسط قبل بضعة أشهر وقد تمنى في مقاله لو أنه كان امرأة أمريكية؟! الطالب المبتعث باحويرث، تناول المحطات التي شهدها في بريطانيا وجاء فيها قوله " شكرا بريطانيا لأني بدأت أتمتع بشعور الإنسان...لا أحمل معي سوى وجعي إذا زرت المركز الصحي فهم لا يعرفون ديني ولا جنسيتي ولا مذهبي ولا لوني ولا كفيلي ولكن يعرفوا أهم من هذا كله أني إنسان وإنسان فقط. شكرا لجاري العزيز ذو الاخلاق الرائعة والذي يأخذ البريد من باب العمارة ليضعه أمام باب شقتي يومياً وبل يعرض علي أن اترك ابني عنده ان أردت أن أتعشى أنا وزوجتي في الخارج. شكرا لأني تعلمت ديني الذي فقدته وأنا طفل وأنا شاب، وكتب الله لي أن أتعلمه ليس من بطون الكتب ولا الدورات الشرعية ولا الجلسات العلمية ولا برامج التلفاز، بل من واقع يفرضه المجتمع والجميع بداية من مدرس الروضة لسائق الباص وعامل الشارع لرئيس الوزراء، هذا ما شهدته شخصيا...قد تتفق معي يا أخي أو تختلف فأنا أعرف أن أصابع يديك ليست سواء ولكن هذه الحقيقة رأيتها بأم عيني، شكرا بريطانيا، لا تخافوا علي، فمازلت مسلما وعربيا أكثر ومن أمة محمد وسأكون كذلك أبد الآبدين إن شاء الله".
مع الرسائل المتشددة المتطرفة والمفخخة هناك رسائل محبة وسلام تحاول أن توصل القيم التي زرعها الإسلام في نفوس أتباعه من تسامح وتعايش وقبول الآخر فهل تنتصر رسائل السلام على رسائل التطرف "آمين"؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق