السبت، 19 سبتمبر 2009

الإعلام الجديد وصحافة المواطنين في العالم العربي


2009-09-16
تساؤلات حول أزمة الثقة بين الجمهور والصحافة العربية صحافة المواطنين مولود عالمي جديد يقلب المفاهيم رأسا على عقب أباطرة الصحافة العالمية أقروا بنجاح تجربة صحافة المواطنين تعثر المحاولات وتأخرها لن يمنع بزوغ فجر جديد للصحافة هل ستنتظر الصحافة مائة عام لكي يتغير واقعها وتتفاعل مع الناس؟ تجربة الموقع الالكتروني الكوري كرست نجاح فكرة كل مواطن محرر لماذا أصيبت تجربة صحافة المواطن في قطر بعدوى الصحافة التقليدية؟ خالد الجابر: هل الصحافة ناد خاص محصور في مؤسسات معينة تنشأ بقرار وتحل بقرار، لها توجهات معينة وأجندات معلنة ومخفية ولديها أهداف بعيدة المدى وقريبة وهي تهتم بالربح وجني الأرباح أكثر من صناعة الوعي في المجتمع ومحاربة الفساد والقيام بدور الرقابة لذا يطلق عليها السلطة الرابعة؟؟!!. وهل المسؤولون في الصحيفة هم مجرد أشخاص موظفين معينين وليسوا محترفين لهم مصالحهم الخاصة ويكمن عملهم في تنفيذ الأجندات والأهداف التي وضعت لهم ومن يخرج منهم عن المسار فهو مطرود أو معزول أو مهمش؟؟!!. في العالم العربي كل الأسئلة قابلة للطرح، وكل الأجوبة التي تحمل في طياتها جانباً من نظرية المؤامرة تنتشر كالنار في الهشيم؟؟!!. ما نستطيع أن نجزم به أن هناك أزمة ثقة ما بين الجمهور والصحافة في العالم العربي، فالصحافة تشتكي من غياب العناصر الفاعلة من الجماهير التي تستطيع أن تفرض التغيير والتجديد والتطوير في المجتمع لكي يأتي دورها بعد ذلك في تغطية الأحداث ونشر المعلومات والقيام بأدوارها الأخرى، فهي أولا وأخيرا أشبه بمرآة عاكسة لوجه المجتمع. والجمهور بدوره يعتقد أن الصحافة لا تلعب الدور المنوط بها من ممارسه عملية النقد وتفعيل الجانب الرقابي والمساهمة في رفع سقف التعبير والحريات وإشاعة ثقافة الرأي والرأي الآخر المخالف في المجتمع. مرة أخرى تشتكي الصحافة من سياسة حجب المعلومات ووجود تشريعات صحفية معوقة للعمل الصحفي وفرض الرقابة بأشكالها المختلفة والاستدعاءات والاستجوابات الأمنية مما يترتب عليه حبس الصحفيين أو دفعهم لغرامات باهظة في العديد من الدول العربية، بالإضافة إلى الاعتداءات الإجرامية المسلحة التي تستهدف الصحفيين ومساعديهم بالقتل أو الخطف أو الاعتداء أو الابتزاز، هذه الحالة تعيشها الصحافة العربية وهي ما زالت مستمرة منذ انطلاقتها قبل مائة عام.... والسؤال هل سيستمر الوضع كما هو عليه دون أي تغيير إلى مائة سنة أخرى قد تأتي أو لا تأتي؟؟!!. دعونا نتفاءل... وكما يقال فإن "الماضي تاريخ والمستقبل مجهول واليوم نعمة"... ورغم أن الغد قد يحمل لنا الكثير من المفاجآت التي لم ولن تكون على البال، إلا أن اليوم أيضا يحمل في طياته الكثير من التغيير لو أحسنا التعامل معه، فهناك مولود عالمي لا يزال في طور النمو ويوماً بعد يوم تتضح ملامحه ومعالمه وتأثيراته الواسعة النطاق، والمراهنة عليه كبيرة في قلب المفاهيم والتصورات التي تعلمناها وورثناها وعرفناها عن الصحافة التقليدية، وقد أطلق عليه لقب صحافة المواطنين (Citizen Journalism )، ولا يحتاج المواطن التابع لدولة صحافة المواطنين غير الهاتف الجوال (A mobile phone 3G) ليتوجه إلى موقع الحدث ويقتنص الأخبار ويقوم بالتصوير ويعمل اللقاءات ويرسل لقطات الفيديو إلى الانترنت ويتحول إلى صحفي محترف. صحافة المواطنين تعني أن بإمكان أي شخص في أي مكان في العالم أن يكون إعلاميا ينقل ما يراه ويشاهده دون حاجة لأن يحمل شهادة في الصحافة والإعلام أو أن ينتمي لمؤسسة أو منظومة إعلامية. لقد أتاحت صحافة المواطنين الفرصة أمام كثير من الناس في أرجاء العالم لنشر الأخبار وتوضيح الحقائق ونشر المعلومات بدون أي رقابة مسبقة أو ملحقة. ولن نستشهد فقط بالغرب أو الولايات المتحدة الأمريكية التي انتشرت فيها صحافة المواطنين بشكل كبير بل سنتوجه إلى قارة آسيا التي هي جزء منا وبالتحديد إلى كوريا الجنوبية، التي يوجد بها الموقع الإخباري الإلكتروني (ohmynews.com) والذي يختتم عامه التاسع منذ انطلاقته في عام 2000، وتعتمد فكرة الموقع على إلغاء وظيفة المحررين والصحفيين، ليكون القراء هم من يحررون الأخبار ويرسلون المقالات وهم من يقرأونها ويقيمونها، وهناك مايقارب "60 ألف مواطن مراسل" تتراوح أعمارهم ما بين الـ 10 أعوام والـ 80 عاما يساهمون في الكتابة وتزويد الموقع بالأخبار، وهناك ما لا يقل عن 100 ألف شخص في كوريا الجنوبية يقرأون ما في الموقع في أي وقت من اليوم، لذلك لم يكن مستغربا أن تكتب عنه صحيفتا الـ «نيويورك تايمز» والـ «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكيتان، وأن تعد عنه قناة الـ «سي إن إن» تقريرا تلفزيونيا مطولا. وكانت الـ «نيويورك تايمز» وصفته بأنه الموقع الإخباري الأبرز خصوصا بعد تغطيته المميزة لمظاهرة «المليون شخص» عام 2004، كما كتبت عنه صحف عربية كصحيفة الشرق الأوسط. وقد وصل تألق الموقع ومؤسسه على الساحة العالمية الذروة في 2007، عندما منحت كلية ميزوري للصحافة المشهورة في الولايات المتحدة، ومؤسس الموقع (أو يون — هو) ميدالية الشرف للخدمة المُميزة في الصحافة (تقديراً لجهوده الرائدة في تحقيق انخراط المواطنين كصحفيين). ولهذه الجائزة تاريخ يفوق السبعين عاماً، وبين الذين فازوا بها بعض أشهر المؤلفين والصحفيين المرموقين في الصحف والإذاعات والتلفزيون في العالم. وقد اخترت الحديث عن هذا الموقع بالذات لان إحدى الجوائز التي يخصصها الموقع لأفضل تغطية إخبارية لعام (2009) ذهبت إلى احد مراسلي الموقع ذي الأصول المسلمة. النجاح الذي حققته صحافة المواطنين في أرجاء العالم المختلفة دفعت عددا من الصحف الأمريكية في بعض المدن والضواحي خصوصا بعد الأزمة المالية وما صاحبها من عجز في السيولة المادية ونقص في الإيرادات الإعلانية وتدهور التوزيع بالإضافة إلى الديون والالتزامات، إلى أن تتحول من الإطار التقليدي المعروف إلى إتباع نموذج صحافة المواطنين لكي تستمر، ولاشك أن صحافة المواطنين تكتسب يوماً بعد آخر موقعا جديدا يعزز من مكانتها ويقوي من مركزها في أن تصبح عنصرا فاعلا كوسيلة إعلامية سواء ارتبطت بالأطر التقليدية المتعارفة أو انقلبت عليها. في مجتمعنا القطري جرت عدة محاولات اعتبرت أشبه ببدايات لا بأس بها لتأسيس صحافة المواطنين إلا أن الكثير منها إما توقفت أو في طريقها إلى التوقف فهي لم تتطور أو ترتق مع مرور الزمن وظلت تراوح مكانها بطرح الأفكار المتواضعة والمعلومات غير الدقيقة والأخبار المستهلكة وتحولات مع الأيام لمجرد ناد خاص أو منتديات عامة مقتصرة على عدد معين من الأعضاء والمنتسبين لها أو عبارة عن مدونات شخصية والقاسم المشترك أن انتشارها في المجتمع محدود ونسبة تأثيرها قد لا تذكر. ويحضرني عدة مواقع على الشبكة الالكترونية بذلت جهودا لا بأس بها في تمهيد الأرضية لظهور صحافة المواطنين في مجتمعنا أهمها موقع شبكة الأسهم القطرية، وموقع إخبارية قطر إلا أن الأول لم ينتقل إلى مرحلة متطورة في ظل مخالفة جوهرية لمبدأ التطور والتغيير، والثاني كما علمت توقف إلى الأبد نتيجة لظروف أتصور أنها واهية. إذا لماذا نجحت المحاولات التي بذلت في الخليج والعالم العربي والدولي في الاستمرار والنمو بصحافة المواطنين بينما توقفنا نحن وراوحنا مكاننا... وهل الانتقادات التي وجهت للصحافة التقليدية من قبل بعض النخبة والجمهور ابتلي فيها أصحابها عندما أتيحت لهم الفرصة أن يؤسسوا صحافة بأنفسهم؟؟!! بقلب مؤمن أقول إن الزمن لن يتوقف هنا ورغم تأخر المحاولات الجريئة وتعثر ومغيب الأخرى إلا أن الزلزال الكبير في زمن الإعلام الجديد في العالم العربي لم ينفجر بعد وقديما قالوا إن أحلك ساعات الظلمة تلك التي تسبق بزوغ الفجر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق