الأربعاء، 28 يوليو 2010

الإعلام القاتل

2010-07-28
جريدة الشرق

الإنترنت السبب الأساسي لنجاح تنظيم الجماعات الإرهابية
المواقع الإلكترونية والمنتديات تشكل لاعباً رئيساً في معركة التطرف
الواقع الذي نشاهده يشير إلى أنّ معظم الإرهابيين مسلمون
رفض استخدام العنف والتطرف والتعصب الديني باسم الإسلام

اصدر مركز الفجر وهو أحد الأجهزة الإعلامية لتنظيم القاعدة على شبكة الانترنت مجلة "انسباير" (Inspire) وتعني الإلهام، التي تعتبر المجلة الالكترونية الأولى باللغة الانجليزية للتنظيم. وتتناول المجلة في صفحاتها الرئيسية كيفية تعلم المجاهدين المبتدئين ما يجب أن يصطحبوا معهم في حقيبتهم خلال الجهاد، فضلا عن تحضير القنابل في المطابخ. وتحتوي صفحة كيفية صناعة القنبلة في مطبخ الوالدة (Make A Bomb In The Kitchen Of Your Mum)، شرح الطريقة التي يتم فيها تحضير قنبلة في يوم أو يومين لتقتل أكثر من عشرة أشخاص، بينما وصفة القنبلة التي تستغرق شهرا كاملا فيمكن أن تودي بحياة العشرات. أما "مكونات" الوصفة فهي: السكر وأعواد الكبريت وأشرطة الأضواء الكهربائية والبطاريات والساعات وهي أدوات يمكن الحصول عليها من اقرب بقالة أو محل "سوبرماركت؟! وتعرض المجلة أيضا النصائح "العملية" للمجاهدين في صفحة ماذا ينتظرك في الجهاد، ومنها التمكن من التحدث بطلاقة باللغة المحلية، ومعرفة التقاليد المحلية. وتذهب النصائح إلى تفاصيل دقيقة منها انه خلال الجهاد عليك تسافر مع اقل قدر ممكن من الأمتعة، ومع حقيبة ظهر، وعدة أزواج أحذية مناسبة ولينة، دون نسيان جل الاستحمام. وطبعا يبقى أساسيا اصطحاب كتابات دينية، ولكن لا ضرر من جلب جهاز "ام بي 3" او كمبيوتر محمول. إلا أن المجلة تحذر من استخدام هاتف جوال مع شريحة كانت حيز الخدمة مسبقا، ومن مخاطر التواصل عبر البريد الالكتروني. وهي توصي باستخدام برنامج معلومات خاص تحت اسم "أسرار المجاهدين"؟!
إن المجلة وغيرها من الإعلام القاتل الموجه من أشخاص محسوبين علينا عرب ومسلمين افتراء، تستخدم أدوات العلم والسلوكيات والمعرفة الحديثة كسلاح لتفجر المواقع والأماكن والمناطق والبلدان التي قامت بإنتاجها؟! وهي لا تخفي هدفها الواضح في استهدافها الجيل الجديد من "أبناء المسلمين" الذي يعيش ويدرس في الغرب ويتلقى العلوم والمعارف في معاهده وجامعاته، وغالبا ما تكون خلفياته الدينية ليست متعمقة ومن السهل الوصول إليه عن طريق وسائل الاتصال الحديثة والانترنت ليتم تجنيده وتحويله إلى انتحاري باسم الإسلام؟ صحيفة "التليجراف" أشارت في تعليقها على لسان بروس ريدل، الباحث بمعهد بروكينجز، إن الصحيفة تهدف بشكل واضح إلى الدعوة للجهاد في الولايات المتحدة وبريطانيا التي يمكن أن تحتضن قاتل فورت هود القادم أو انتحاري تايمز سكوير. ويرى الخبراء أن المنتديات تشكل لاعبا رئيسا في المعركة، وكانت 11 سبتمبر 2001، نقطة تحول فظهر مصطلح "المنتديات الجهادية" للإشارة لهذا النوع من المواقع الذي تشبه الكهوف في انغلاقها والقدرة على السيطرة عليها. وانطلقت المنتديات الجهادية كنافذة لنشر أفكار القاعدة وللهروب من الرقابة والحظر الأمني، ومن أخطر سماتها أنها زهيدة الثمن فببضعة دولارات قليلة يمكن لأي ناشط في أي مكان بالعالم أن ينشئ منتداه الخاص به ويبث من خلاله أية مادة، وفنيا لا يحتاج الأمر سوى شراء برنامج المنتدى ثم إطلاقه عبر إحدى شركات الاستضافة المتوافرة وبالتالي يفتح المجال أمام المتعاطفين. ويضيفون انه من المنتديات التي لعبت دورا كبيرا في نشر أفكار القاعدة منتدى "الحسبة" وتعرض القائمون عليه لحملات اعتقال مكثفة مما دفعهم إلى إغلاقه، وهناك ضمن غابة المنتديات التي تقدر بأكثر من 6 آلاف: "شموخ الإسلام" و"البراق" و"الفردوس"، و"شبكة الليوث الإسلامية"، و"الفلوجة" التي تقوم بنشر إصدارات مؤسسة الفرقان الإعلامية التابعة لما يعرف بدولة العراق الإسلامية. وذكر جابريل ويمان الباحث بمعهد السلام الأمريكي في كتابه "الإرهاب على الإنترنت: ساحة جيدة، تحدٍّ جديد" أن عدد المواقع الأصولية زاد من نحو 12 موقعا عام 1998 إلى أكثر من 4800 موقع الى اليوم؟!
ومن النتائج التي حصدتها المواقع الالكترونية تجنيد مجموعة جديدة من الإرهابيين مثل (فيصل شاه زاد) الذي يحمل شهادة دراسات عليا ووالداه باكستانيان من الأعيان وهو يتقن الإنجليزية إتقانا تاما ويبلغ من العمر (30) عاما، وأمضى عشر سنوات في الولايات المتحدة، حيث عمل خصوصا لمدة ست سنوات كمسؤول محاسبة، ثم مسؤولا ماليا في المجموعة الأمريكية لمستحضرات التجميل "إليزابيث آردن، وهو متزوج من شابة أمريكية من أصول باكستانية ورُزق منها بـ"ولدين". وقد حاول شاه زاد تفجير سيارة مفخخة في ميدان "تايم سكوير"بنيويورك منذ عدة أسابيع مضت، لكن القنبلة لم تنفجر وتمكنت عناصر الشرطة من تفكيكها". ولاذ شاه زاد بالفرار لكنه سقط في قبضة عملاء مكتب التحقيقات الاتحادية (إف. بي. آي).
وقد أشارت صحيفة الواشنطن في تقرير لها اثأر الكثير من الجدل (Washington Times) إلى أحد أكبر مستشاري الرئيس في شؤون مكافحة الإرهاب والأمن الوطني بقوله إنّ عشرات الأمريكيين انضمّوا إلى الجماعات الإرهابية وأصبحوا يشكّلون خطراً فعلياً على الولايات المتحدة ومصالحها في الخارج. وتناولت احدث دراسة أجرتها مؤسسة راند عن التطرف الأمريكي 'المحلي' والذي شهد ارتفاعاً ملحوظاً في الاتهامات الموجّهة إلى أمريكيين دُرّبوا على تنفيذ أعمال عنف جهادية خلال السنتين الأخيرتين. ويقول التقرير إنّ 81 شخصاً اتُّهموا بجرائم إرهابية بين عامي 2002 و2008. كذلك، اتُّهم 42 شخصاً بجرائم مماثلة عام 2009، وشخصان إضافيان عام 2010. واستنتجت الدراسة أنّ شخصاً من أصل 30 ألف مسلم أمريكي يميل نحو التطرّف، وهو واقع يشير إلى الشعب الأمريكي المسلم الذي يعارض الإيديولوجيا الجهادية ودعوتها إلى العنف، وإشارت الدراسة أيضا إلى أنّ وكالات تنفيذ القوانين الأمريكية تملك الوسائل اللازمة لمراقبة المنتديات الإلكترونية التابعة للقاعدة، التي أثبتت في الماضي أنها بوابة لتجنيد العناصر في المنظمة الإرهابية. يذكر جيل كيبل في كتابه "حرب العقول المسلمة: الإسلام والغرب"، أن الانترنت هو السبب الأساسي لنجاح تنظيم القاعدة في القيام بأحداث سبتمبر 2001، بل ويجزم بأن أحداث "11 - 9 تمثل نتاجا للانترنت"! يقترب من هذه الفكرة خبير الإرهاب الدولي غابريل ويمان، في تقريره حول استخدام الإرهاب لشبكة الانترنت، حيث يؤكد أن أعضاء منظمة القاعدة البارزين "اعتمدوا بشكل مكثف على الانترنت في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر.
في ظل الهجمة الشرسة التي تحول اختطاف الدين ولبس عباءته والتحدث باسمه، يحب أن تكون المواجهة رافضة وبقوة استخدام العنف والتطرف والتعصب الديني وتبرير القتل والذبح والدم والتحلل من الضوابط الأخلاقية والإنسانية والشرعية باسم الإسلام. يجب أن نغير المقولة التي تزعم انه ليس كلّ المسلمين إرهابيين، لكنّ الواقع الذي نشاهده يشير إلى أنّ معظم الإرهابيين مسلمون؟! المعركة وساحتها هي الانترنت وفرسانها كل من يستطيع الدخول إليها والمشاركة في تغيرها إلى الأفضل ورسم صورة ايجابية عن الإسلام الحضاري.

Corruption in the Arab world

Wednesday, 28 July 2010 03:39
THE PENINSULA

Conditions of corruption referred to by reports on the political, economic, and social environment in the Arab world do not bode well. They raise many fears and concerns about the present and the future, which are liable to explode at any moment spontaneously, like a fiery volcano erupting without warning and shooting lava in everyone’s faces without exception. The difference is that the situation has knowingly become a growing one and intractable to solution. It is as though we, in the Arab world, knew the cancer existed, but it is unresponsive to painkillers. The situation will explode sooner or later, but we do not know when, where, or how, and which Arab country will be destroyed by the disaster first.
A report prepared by Al Ahram Center of the Political and Strategic Studies in collaboration with Oxfam rang alarm bells once again, especially since it comes from a historical Arab location in the region. The report indicates that although there are a set of laws and agencies fighting corruption, the problem of corruption is still one of the most dangerous phenomena in various Arab countries. Not only that, but corruption is a phenomenon no longer confined to specific economic sectors, services, or levels. It ranges from the involvement of junior staff to the involvement of ministers and board members and boards of electoral and parliamentary bodies.
As for the causes of the spreading corruption, the report states that they are mainly the absence of regulatory laws, dominance of the executive branch over political life, weakness of the legislature and the growing trend of interplay between money and power. This is especially the case after the entry of a significant number of players in the business arena into political action: gaining access to membership of various electoral boards and going on to use membership privileges for economic and financial privileges outside of the existing laws. The majority of Arab countries suffer from political corruption and the influence of money on ballot boxes, thus affecting the electoral process, forging a gap between the ruler and the ruled, and creating a weakened state that has lost its ability to resolve problems.
Is the Arab world alone plagued by bribery and corruption? The answer is: of course not. Corruption and abuse also exist in the western and eastern countries. The difference is that the latter two contain processes to reveal, expose, prosecute and eradicate the problem. Participating in these processes are political and economic parties as well as the media and parliamentary elections, which act as a security barrier. These processes protect western and eastern communities from slipping and falling into the abyss, as is happening in many Arab countries. Sometime ago, the British press launched an information campaign on Tony Blair, the former British prime minister. More specifically, the cost borne by British taxpayers, reaching a quarter of a million pounds per year, due to the security guards accompanying Blair, who spends most of his time abroad for his work. His security team consists of five bodyguards from a protection unit in the British police that is responsible for providing armed protection for ministers and government officials and visiting foreign dignitaries. The team is backed by protection from police officers. They accompanied Blair on more than 21 international flights during the first four months of 2010 to destinations including Abu Dhabi, Jordan, Liberia, China, Israel, Singapore, Malaysia, and the United States.
This campaign resulted in Attorney Richard Bacon for the Conservative Party, participant in the coalition government and a member of the parliamentary committee on public accounts, saying that it was time for former British prime ministers to contribute to the hefty costs of protecting them by paying from some of their huge accumulation of profits. This was at a time when the government announced a dramatic reduction in public spending. He also noted that former British prime minister Tony Blair had hidden £20m that he allegedly earned by facilitating tasks of international oil companies in Iraq after the occupation in 2003. In addition, the newspaper, Daily Mail, noted in a report that the former prime minister Blair concealed accepting £1m in exchange for consulting several GCC sheikhs on his efforts in the occupation of Iraq, which was described by observers at the time as” bribery “ in recognition of his efforts in the occupation of Iraq. The paper also described the secret deals which Blair fell into under the “revolving door policy” to gain illegal occupation of Iraq, forgetting the previously announced rationale of saving the world from weapons of mass destruction allegedly possessed by Iraq. The newspaper highlighted the amounts received by Blair as envoy to the Middle East, through his participation in dinner parties, consultations provided by banks, foreign governments, as well as salaries and benefits he obtained as a former prime minister. The newspaper accused Blair of building a complex network of shell companies that allowed him to avoid publication of detailed accounts of the funds he collected. The MP Douglas Carswell described Blair’s dealings as “foul”, stating that he acted poorly and greedily. The paper, Mail on Sunday, revealed that Blair, as a result of exploiting his influence, received about £90,000 to visit a methanol production plant in Azerbaijan owned by a wealthy resident businessman with interests in Syria, Iran, and Afghanistan. The newspaper pointed out that the commercial interest of former British prime minister Blair, who has built a fortune estimated at £15m since his resignation from his post in June 2007, were subject to the scrutiny of the people and the lower house of parliament. Here lies the vast difference in the application of the principles of transparency, responsibility and accountability between this part of the world and that one.
It is said the remnants of a board left over from the Indian civilisation of about 300 BC had the following words written upon it: “It is impossible for a man not to taste honey or poison that is spread on his tongue, and therefore it is also impossible for those administering governmental funds not to taste the wealth of the king if only a little bit”.
In the Arab world, all seem to be trying to come to power just for a taste of the king’s wealth, yet in infinite amounts.

الأربعاء، 21 يوليو 2010

صورة العرب والمسلمين من الخليج الشرقي إلى المحيط الغربي؟!

2010-07-21

لماذا يفشل الخطاب الحضاري في الوصول إلى الآخر؟!
الاعتداءات وخطاباتها تلوث صورة الإسلام المشرقة بالمشاهد الدموية المرعبة
هناك من يبرر الهجمات البشعة ويحاول الدفاع عنها من خلال ربطها بقضايا عادلة
غياب واضح للناصحين الحقيقيين والنزهاء في القضايا المسكوت عنها؟!

"نصيحتي إلى إخواني المسلمين في الغرب هي التسلح وتعلم القتال" هذه النصيحة قدمها زعيم تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب يدعو فيها إلى شن هجمات دفاعا عن النبي محمد، وبعدما أشاد بالأمريكي نضال حسن الذي قتل 13 جنديا العام 2009 في قاعدة فورت هود العسكرية وبالنيجيري فاروق عبد المطلب الذي حاول تفجير طائرة أمريكية يوم عيد الميلاد في العام 2009، وأضاف أمير قاعدة الجهاد أن "الأخوة المسلمين في الغرب يقيمون في أمكنة يمكنهم منها تكبيد العدو خسائر كبيرة". من أجل الدفاع عن رسالة الله، لا تكفي المشاركة في تظاهرات لان هذه الوسائل لن توقف الغرب. إن الوسائل الملائمة هي العبوات الناسفة والأرواح المستعدة للتضحية". وقال أيضا "أيها المسلمون، قوموا للدفاع عن نبيكم: كل رجل يمكنه ان يستل سكينه وسلاحه وبندقيته وقنبلته. ويمكنه ان يتعلم صنع قنابل واحراق غابات ومبان والإطاحة بها بواسطة سيارته أو شاحنته. إن وسائل تحقيق ذلك عديدة، إذاً اطلبوا العون من الله، لا تكونوا ضعفاء وستجدون طريقا. ولقد جاء ذلك في مقابلة نشرتها مجلة "اينسباير" الالكترونية التي تصدرها "مؤسسة الملاحم" التي تتولى الأنشطة الإعلامية لتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب هي "دول الخليج".
ومن دول الخليج العربي إلى كل المنطقة، في إعلان جماعة "جند الله" السنية الإيرانية مسئوليتها عن الانفجارين اللذين استهدفا الخميس مسجدا شيعيا في مدينة زهدان جنوب شرق إيران، والذي أسفر عن حوالي 27 قتيلا وأكثر من 270 جريحا. ووقع الهجومان أثناء احتفال بمولد الإمام الحسين. وقد قام تنظيم جند الله بالهجوم، انتقاما لزعيمه عبد الملك ريغي الذي أعدم في إيران بعد إدانته بالمسؤولية عن تفجيرات مماثلة.
ومن الخليج إلى أفريقيا حيث شكر زعيم حركة الشباب المجاهدين الصومالية التي أعلنت مسؤوليتها عن اعتداءات أوغندا، منفذي هذه الاعتداءات متوعداً باعتداءات أخرى في المستقبل؟! ونفذت الحركة المرتبطة بالقاعدة هجمات استهدفت مطعماً مكتظاً وناديا للرجبي في العاصمة الأوغندية أثناء مشاهدة المشجعين للمباراة النهائية لبطولة كأس العالم لكرة القدم على شاشات التلفزيون، وأسفرت عن مقتل 76 شخصاً، وإصابة عشرات آخرين. وكانت الحركة تتوعد بالتهديدات الكلامية بشن هجمات خارج الصومال، وتكتفي بشن هجمات شبه يومية على مواقع الحكومة الصومالية المضعضعة والمشرفة على الانهيار، وقد حققت وعيدها في اعتداءات أوغندا، وهي تهدد إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك في دول أخرى لم تحددها وربما تشير بذلك إلى بعض الدول الإفريقية أو الغربية والولايات المتحدة؟!
ومن أفريقيا إلى آسيا وبالتحديد في باكستان حيث أقدم شخصان على تفجير نفسيهما وسط حشد من الزائرين في الساحة الرئيسية لمزار لطائفة الصوفية الذي يقصده مئات الآلاف من السنة والشيعة في لاهور عاصمة البنجاب، ووقع الانفجار الثالث في الدور السفلي حيث كان الزائرون نياما بينما كان يستعد البعض الآخر للصلاة وأدى إلى 42 قتيلا ونحو 200 مصاب. ولاهور بالذات شهدت سلسلة من الانفجارات في السنوات الأخيرة أدت إلى قتل المئات من الأشخاص منها انفجاريان استهدفا مساجد ومصليات ومزارات دينية منها "مسجدان" للطائفة الأحمدية في وسط المدينة.
ومن آسيا إلى أوروبا وبالتحديد بريطانيا فقد صدرت أحكام بالسجن لفترات لا تقل عن 20 سنة على ثلاثة بريطانيين تم تجنيدهم للقيام بدور مفجرين انتحاريين في مؤامرة بإيعاز من تنظيم «القاعدة» لنسف طائرات في الجو خلال رحلات عبر جانبي الأطلسي باستخدام متفجرات سائلة. وصور المتآمرون شرائط فيديو كان مزمعاً نشرها لأجهزة الإعلام بعد وفاتهم تهدد بشن هجمات على "أعداء الإسلام".
ومن بريطانيا إلى الولايات المتحدة حيث كشفت قناة العربية عن شريط فيديو لفيصل شاهزاد، المتهم بالتخطيط لتفجير سيارة مفخخة في تايمز سكوير بمدينة نيويورك الأمريكية، وهو يعلن فيه عزمه شن هجمات ضد الولايات المتحدة الأمريكية. واشار شاهزاد الأمريكي الباكستاني الأصل في الشريط الذي بثته قناة العربية إلى أنه "يقوم بهجومه على الولايات المتحدة انتقاما لجميع المجاهدين والمسلمين المظلومين والشهداء؟!
خطاب وراء الآخر يسعى إلى الوصول إلى الضفة الأخرى بالتحديد الغرب، وينطلق من أناس تعود أصولهم إلى الدول العربية والإسلامية، نظريا يسمع عن الإسلام ومبادئه الإنسانية من قبيل العدل والرحمة والتعددية والتسامح والتعايش. وعمليا يشاهد ويرى في الصحف ووسائل الإعلام وشبكة الانترنت مدى وحشية هؤلاء الناس الذين ينتمون إليه، من ذبح وقتل، وتكفير وكراهية وحقد ليس ضدهم بل إن بعضهم البعض أيضا؟! وهي مواقف ينطبق عليها القول الشعبي المصري "اسمع كلامك أصدقك، أشوف أفعالك استعجب"؟! الأمر المفجع أن هناك من يبرر هذه الاعتداءات والهجمات البشعة ويحاول الدفاع عنها في خلط فاضح للأوراق من خلال ربطها بقضايا عادلة بدل إدانتها ومحاربتها على جميع الأصعدة السياسية والفكرية والاجتماعية والدينية؟!
إن أخطر تحد تحمله هذه الاعتداءات وخطاباتها كما يشير مرسل الكسيبي لا يكمن فقط في تلويث صورة الإسلام المشرقة بالمشاهد الدموية المرعبة، ولكنه يكمن في تعطيل مسارات التنمية العلمية والتقنية والاقتصادية والسياسية في بلدان المنطقة نتيجة قلب الاهتمامات من التحديات التعليمية والصحية والاعمارية وغيرها الى التحديات الأمنية والعسكرية في ظل حرص أنظمة المنطقة على إثبات هيبتها وتعزيز منعة حكامها بعيدا عن تحقيق مراجعات إصلاحية كبرى واستراتيجية في مجالات السياسة والثقافة والفنون والإعلام، حيث تكمن في هذه المجالات أسباب مباشرة ودوافع احتقان، تشكل تغذية فكرية ونفسية وذرائعية ساهمت في تيئيس أجيال وإشاعة الإحباط وسط شرائح أخرى، في ظل إخفاق محاولات الإصلاح والانفتاح والتداول والحد من الفساد وضمان توزيع عادل للثروات مع تفاعل معقول ومنطقي في حده الأدنى مع قضايا الأمة في مناطق الاحتلال. إن أمام تلكؤ المراجعات الجذرية في هذه الموضوعات المسكوت عنها قصدا وغفلة في ظل غياب الناصحين الحقيقيين والنزهاء أو في ظل استشراء ظواهر الاستفراد بالقرار المركزي ستظل البلاد العربية والإسلامية مزرعة أو مفرخة لظواهر العنف الأعمى سواء صدرت هذه الظواهر عن جماعات التعصب الديني الدموي أو جماعات الحكم النظامي المتسلط، وستظل صورة العرب والمسلمين مشوهة ومغلوطة وسلبية في العالم وعند الآخر؟!

Turkish influencing Arab culture and politics

Wednesday, 21 July 2010 02:43

Culture within a community varies from place to place. In the Arab world, and the GCC in particular, culture has a distinctly private and isolated nature consisting of habits, traditions and historical legacies that control the intellect and mind. These traditions command respect and demand sanctity – even those that violate norms, laws and perhaps even some religious teachings relating to justice, equality, acceptance, coexistence, citizenship, and partnership. Evolution of societies’ structure is often a long and complicated process with unidentifiable consequences. Thus, good governance of implications of cultural changes is unachievable until after the evolution has seceded to other generations. In recent years, a different culture has emerged, sweeping down from the north. More specifically, it began in Turkey and gained acceptance and spread widely in the structure of Arab society in an unprecedented manner compared to other cultural influences across the world. Turkish soap operas, movies, and songs dubbed in Arabic are storming GCC homes uninvited. Such media content is dominating public viewership as it is gaining popularity and is watched by millions from across the Atlantic to the Gulf and across continents by Arab expatriates living in Europe and the USA. It is sweeping across online forums and blogs, recording the highest rates of viewership and commentary. So popular is Turkish pop culture amongst Arabs that Turkish productions have surpassed those from Arab and Western countries.

The Turkish newspaper Hurriyet recently published a report on Turkish dramas and soap operas over the past few years. The report indicates that 22 countries are currently importing Turkish dramatic television series. Since Turkey started to export such productions in 2006, they have achieved record sales in the Arab world, Greece and Brazil. Further, the proceeds of Turkish TV production sales exceed $3m annually. Eighteen Turkish series are now airing in North Africa, Greece and Iran, and are among the most widely circulated productions in Egypt, the UAE, Syria, Iraq, Jordan and Lebanon. The Turkish soap opera titled “Noor” has attracted over 85 million Arab viewers over the age of 15 years, consisting of nearly 50 million women, the equivalent of more than half of the adult Arab female viewers of any TV drama in the Arab world in recent years. As for the second most popular Turkish dramatic series in the Arab world, the show “Years Gone Past” has totalled 67 million viewers, including nearly 39 million women.

It would not be an exaggeration to state that there is a significant cultural impact wrought by these TV programmes on the cultural structure of Arab societies. The shared historical and religious circumstances between Turks and Arabs may have played a large role in endearing Turkish culture to Arabs more than to others, and made the impact of its media much stronger. There are several media reports on incidences of jealousy spurred by the stars of Turkish soap operas dubbed into Arabic. Among these incidences are divorce cases in the Arab world where women request that their husbands treat them more romantically, along the lines of what they see on the TV series “Noor”, or show them greater emotion, such as displayed by the star Yahya in the series “Years Gone Past”. One of the most amusing news stories in this regard is that of a Bahraini family that arranged a marriage between a Bahraini young woman named Noor and their son, Mohammed. To the family’s surprise, the reason for a delay in the response to their arrangement was the prospective bride’s desire for Mohammed to change his name to “Mohannad” (similar to the hero’s name on the Turkish series “Noor”).

Religious edicts have also surfaced regarding the influence of Turkish broadcasting. Some Sunni and Shia clerics have declared fatwas prohibiting watching of Turkish sitcoms due to the alleged corruption and destruction of ethics. An Imam and cleric in the Syrian city of Halab issued a fatwa stating that worship in t-shirts bearing portraits of Turkish soap opera stars is impermissible.

Another way of looking at this subject is that such TV shows have managed to accomplish what governments have not, in bridging the gap between people, disseminating culture, reviving the economy, travel and tourism. An Egyptian newspaper cited a Turkish publication as stating that “Egyptians are the largest consumers in Istanbul” and noting that “Istanbul has become a destination for some Arabs thanks to Turkish soap operas, which have gained popularity in the Arab world, where 400-500 Arabs flock to Istanbul per week for weddings on the banks of the River Bosphorus”. It added that tourism in Turkey during 2009 increased in an unprecedented manner, with 21 percent of the tourists coming from the United Arab Emirates, and 50 percent from Morocco. Some clerics have even called for a visit to Turkey this summer in order to support Arab issues.

Also, Turkey’s success has ignited the jealousy of others who wish to win the hearts and minds of those living in the Arab and Muslim world. The magazine Foreign Policy has published a report pointing out that Ankara managed to achieve what the US failed to accomplish in nearly seven decades of attempting to initiate a formal relationship with Arabs. The magazine stated that Turkish drama series have succeeded in dealing with many subjects that Arab television is afraid of dealing with, such as gender equality, dealing with treason and love affairs, and discussing the subject of illegitimate children born outside of marriage. Ultimately, the magazine said that the drama series come from a Muslim country, Turkey, which is what made it easy for them to penetrate the thick walls of conservatism in the Arab world in discussing intolerance and inequality without attempting to hide or deny ethical issues within the community. In its commentary, the report concludes that the phenomenon “has proved that a simple television production can be used as a tool for effective social change and win millions of hearts and minds in the region.”

This phenomenon should be considered from a deeper and broader perspective than a simple newspaper article, especially with a focus on the social effect, whether positive or negative, and the durability of that influence on the Arab citizen, whether living at home or abroad as an immigrant.
THE PENINSULA

الأربعاء، 7 يوليو 2010

انتهاء عصر الصحافة الورقية.. يوم يرونه بعيدا ونراه قريب

2010-07-07
الصحف العربية تعيش أزمة متفاقمة وسيخرج بعضها من الساحة قريبا
إما أن تتغير الصحف الورقية أو تواجه خطر الفناء
الوضع في الخليج هو الاسوأ في التعامل مع وسائل الإعلام وتحدياتها
نفوذ الصحفي "كحارس بوابة" حول ما يعرفه أو لا يعرفه الناس أخذ في التقلص

ربما كانت مفارقة لكنها درس بليغ الأثر في النظر إلى المستقبل والتعامل مع تحدياته بدل الازدراء والتهكم والتقليل من تداعياته، من ابرز الذين انتقدوا الصحافة الالكترونية في الخليج هو رئيس تحرير صحيفة "أوان" الكويتية والتي وصفها بقوله إن صحافة الانترنت ما هي الا وجبات سريعة، لا طعم فيها، ولا نكهة، وان الصحافة الورقية هي صاحبة الوجبات الدسمة. وبعد اقل من 3 سنوات يعلن توقف الصحيفة. لتسجل الآن المرتبة الثانية في الانسحاب من ساحة التنافس الإعلامية الكويتية بعدما سبقتها إلى ذلك صحيفة الصوت التي لم تستمر في صدورها إلا أقل من أربعة أشهر بعد أزمة مالية عصفت بشركة دار الاستثمار مالكة امتيازها. ومن الكويت إلى البحرين التي أعلنت صحيفة الوقت البحرينية توقفها عن الصدور لأسباب عديدة أهمها السيولة و"الحصار الإعلاني والإعلامي"، وقد نشرت الصحيفة إعلانا في صفحتها الأولى يقول: "لسنا أول صحيفة ولسنا آخر صحيفة أيضا تتوقف عن الصدور. حاولنا أن لا نكون صحيفة حزب ما.. أو صحيفة تكتل مصالح.. أو صحيفة حكومية.. أو صحيفة طوائف أو مذاهب أو إثنيات. حاولنا أن تكون لدينا استقلاليتنا وتحملنا عبء غضب العيون الحمراء، وتحملنا عبء أولئك الذين فرضوا علينا حصارا إعلانيا وإعلاميا."، أما آخر الأخبار، إعلان مؤسسة دبي للإعلام تحويل النسخة الورقية من صحيفة (ايمرتس بزنس) اليومية التي تصدر باللغة الإنكليزية إلى صحيفة الكترونية شاملة.
الصحف العربية الورقية تعيش أزمة متفاقمة والبعض منها سيخرج من الساحة قريبا نتيجة التحديات التي تطرحها الوسائل الالكترونية وهي ليست بعيدة عما حدث لأكبر المؤسسات الصحفية في العالم. فصحيفة "نيويورك تايمز" أجرت الكثير من التضحيات والاستقالات منذ الأزمة الاقتصادية إلى اليوم. وتراجع المحررون فيها من 1330 إلى 1250 شخصا. وخفضت الصحيفة أيضا رواتب معظم موظفيها هذه السنة بنسبة 5 %. وأعلنت أنها قررت في نهاية المطاف ألا تبيع يومية بوسطن غلوب لعدم توافر العروض الكافية على ما يبدو لشراء هذه المنشورة التي تواجه عجزا، وأبرمت إيجارا تمويليا لجزء من مقرها في مانهاتن بنيويورك لتعويم ديونها، واستفادت الصحيفة أيضا من قرض قيمته 250 مليون دولار من الملياردير المكسيكي كارلوس سليم. كما أعلنت صحيفة "واشنطن بوست" من جانبها إلغاء وظائف 100 صحفي قبل نهاية السنة، أي 8 % من عناصرها في التحرير.
المرحلة التي نشهدها تعتبر انتقالية من الحديث والتساؤل حول مدى خطورة التهديد الذي تواجهه الصحافة الورقية في ظل العولمة والانفتاح الفضائي، إلى التعامل بجدية لمواجهة التحديات التي أثارتها الصحافة الالكترونية وعلى جميع الأصعدة. وتفاقم التحديات لتتحول إلى أزمة يصل صداها قاعة الشيوخ والنواب في واشنطن بالولايات المتحدة، الأمر الذي دفعهما إلى تخصيص جلسات للاستماع إلى مسببات الأزمة وطرق معالجتها ومنها أسباب تقليص هيئات التحرير، وغلق مكاتب المراسلين، وتوقف عشرات الصحف المحلية عن الإصدار. كما عقدت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية اجتماعات لدراسة الأوضاع الصعبة التي تعيشها الصحافة الورقية وحاولت بدورها تقديم افكار ومقترحات تهدف إلى مساعدة مهنة الصحافة كي تتمكن من تحقيق أرباح مجددا. ومن الأفكار المطروحة، تخفيف القيود في لوائح مكافحة الاحتكار بهدف السماح للمؤسسات الإخبارية بفرض رسوم على المحتوى الإلكتروني، فرض ضريبة على أجهزة "آي باد" وغيرها من الأجهزة الإلكترونية لدعم تكلفة التقارير الصحافية، تأسيس صندوق عام على غرار "أميريكوبربس" لدفع رواتب للصحافيين الصغار. وقد أثارت المقترحات تهكم وسائل الإعلام المختلفة حيث انتقدت صفحة التحرير في "واشنطن تايمز" المقترحات التي ذكرت في التقرير، وجاء في مقال افتتاحي نشرته صحيفة "الشرق الاوسط": "عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام، سيخسر المستهلكون بدرجة كبيرة عندما تقمع الحكومة الإبداع تحت مسمى (إنقاذ) قوالب العمل التجاري القديم". وسخِرت الصحيفة من مقترح يسمح للمؤسسات الإخبارية بفرض رسوم على مواقع تجميع الأخبار على شبكة الإنترنت مقابل استخدام المحتوى الموجود. وركز انتقاد آخر على ما يعتبره الكثير من الصحافيين مخالفة صارخة، وهو السماح للحكومة بلعب دور في العمل الصحافي الحر؟! كما كتب جيف جارفيس، الأستاذ المشارك في كلية الدراسات العليا في الصحافة لجامعة مدينة نيويورك، مقالا في "نيويورك بوست" وصف فيه تدخل الحكومة بأنه غير مناسب وغير ضروري للحفاظ على مستقبل الصحافة. وأضاف: "أعتقد أن المستقبل يرتبط بالجانب التجاري لا الجانب المؤسسي، ولا يحتاج رجال الأعمال إلى مساعدة حكومية، بل يحتاجون إلى تركهم وحدهم مع طمأنتهم بأن لجنة التجارة الفيدرالية لن تتدخل".
التقارير الدولية المختلفة التي نشرت في الصحافة العالمية تشير إلى التراجع الحاد للصحافة الورقية بعد انتشار الانترنت حيث شرعت المؤسسات الصحفية في التخلي عن محرريها واغلاق مكاتبها والاقتصار على عدد صغير بالاعتماد على تكنولوجيا الاتصالات السريعة. ووفرت محركات الأبحاث مثل "ياهو" و"غوغل" الجهد على الصحفيين بشكل خيالي، وقلص الاعتماد على المراسلين والمندوبين بشكل أضحى "مجزرة وظائف. لقد قام الإنترنت بكسر النموذج التجاري للصحافة، وبات الناس لا يدفعون مالاً مقابل شراء الصحيفة الورقية، بينما في وسعهم الحصول على ما يريدون مجانا عبر المواقع الالكترونية. بدأ العصر الرقمي لوسائل الإعلام بانطلاقة هائلة لا رجعة فيها. وباتت القيّم التجارية لم تعد تسير لتوفر للمستهلك ما يكفي من الجودة مع الصحافة الورقية. وبدت كأنها مضيعة للوقت في طبخ الأخبار بشكل متأخر وتوزيعها بصحف ورقية؟! وكشف تقرير عن حالة وسائل الإعلام الإخبارية في الولايات المتحدة، إعلان شهادة وفاة للصحف الورقية. ونقل التقرير عن توم جولدستين العميد السابق لكلية الصحافة بجامعة كولومبيا قوله "إذا لم تتفاعل وتتغير الصحف حسب الأجواء المتبدلة فأنها سوف تواجه خطر الفناء.
وضعنا في الخليج هو الاسوأ مقارنه بالآخرين، من رقابة على التعبير والنشر، والتضييق على التغيير والحراك والحصول على المعلومات وتداولها، محاربة الكتاب والمثقفين والمدونين (محمد عبدالقادر الجاسم، خالد الفضالة) وزجهم في السجون والمعتقلات، إصدار القوانين والتشريعات المعرقلة للحريات الصحافية والإعلامية في عصر الانفتاح الفضائي والمعلوماتي والانترنت، ومن تكميم وتكبيل ونفي ومصادرة المؤسسات والجمعيات المدنية الوطنية ومنعها من ممارسها أدورها التي من المفروض أن تقوم بها في كل مجمع حتى يتقدم ويتطور؟!
أهم المطالبات في علاج الأزمة التي تعيشها الصحافة الورقية تمثلت في مطالبة المتابعين والخبراء لجنة الاتصالات الفيدرالية والكونغرس بالتوقف عن إلقاء اللوم على الإنترنت وحده، والبدء في التفكير بكيفية دعم مستنير يمكنه أن يعيد تنشيط الصحافة التي تخدم الصالح العام في ظل تغيير الأدوار في الحصول على المعلومات ونشرها وإرسالها، إن دور أو نفوذ الصحفي "كحارس بوابة" حول ما يعرفه أو لا يعرفه الناس أخذ في التقلص. كما أن القارئ للمادة الإعلامية يريد أن يلعب دوراً أكثر فاعلية في تجميع وتحرير واختيار وأحيانا خلق تلك الأخبار، والأهم أن الجمهور يبتعد عما يمكن تسميته بالميديا القديمة مثل التلفزيون والصحف متوجها إلى الميديا الجديدة أي الانترنيت، ومن هنا تأتي ضرورة وأهمية أن يقوم الصحفي بتطوير وتحديث أدواته وتحديد تلك المبادئ والقيّم التي يريد أن يدافع عنها ويحميها في المستقبل. والسؤال هل سيكون عامل الزمن هو الفيصل في انتهاء عصر الصحافة الورقية أو توقفها عن الصدور، بعدما حصلت على نسختي من جهاز ابل الآيباد 2010 (iPad)، آمنت انه يوم يرونه بعيدا ونراه قريبا؟!

لتأثير التركي من المسلسلات إلى الثقافة والسياسة العربية

2010-06-30

المسلسلات والأفلام والأغاني التركية المدبلجة تقتحم البيوت وتسيطر على المشهد العام
التغيير في بنية المجتمع غالباً ما يكون طويلاً ومعقداً وله آثار جانبية
أنقرة نجحت في تحقيق ما أخفقت فيه أمريكا مع العرب على مدى 7 عقود
القناة العربية تسعى إلى ترسيخ التغلغل التركي في المنطقة

هشة أنا مثل نتفة ثلج، مكسورة مثل جناح طير، حرام ان يمس الغريب جلد حبيبي، في الارض دفنت قلبي، اشجار الزيزفون ذرفت دمعها من اجلي دما، آلامي ستطاردك في الدنيا والآخرة. هذه بعض مقتطفات اغنية تركية من مسلسل (سنوات الضياع) ارسلها لي صديق عن طريق رسالة الكترونية مترجمة باللغة العربية وشاهدها على اليوتيوب ما يتجاوز (مليون وستمائة الف)؟!
الثقافة في المجتمع تختلف من مكان الى آخر، وهي في العالم العربي والخليجي بشكل خاص لها طابع خصوصية مغلفة بعادات وتقاليد وارث تاريخي يسيطر على الفكر والعقل وله احترام وقدسية وان خالف الاعراف والقوانين وربما بعض تعاليم الدين المرتبطة بالعدل والمساواة والقبول والتعايش والمواطنة والشراكة؟! والتغيير في بنية المجتمع غالبا ما يكون طويلا ومعقداً وله آثار جانبية لا يمكن التعرف عليها والحكم السليم على آثارها الى بعد تعاقب اجيال. وفي السنوات الاخيرة برزت ثقافة مغايرة قادمة من الشمال وبالتحديد من تركيا ولاقت قبولا وانتشارا في بنية المجتمع العربي بطريقة ليس لها مثيل مقارنة مع الثقافات العالمية الاخرى، وجاءت المسلسلات والافلام والاغاني التركية المدبلجة لتقتحم البيوت دون استئذان وتسيطر على المشهد العام، ويتابعها ملايين المشاهدين من المحيط الى الخليج، والمغتربون العرب في الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية، لتنتقل الى الانترنت والمنتديات والمواقع التفاعلية وتسجل اعلى النسب في المتابعة والمشاهدة والتعليق وتتفوق حتى على الانتاج الذي يأتي من الدول العربية والغربية؟!
صحيفة حرييت التركية اشارت في تقرير نشرته عن الدراما التركية خلال السنوات الماضية إلى أن عدد الدول المستوردة للمسلسلات التركية بلغ 22 دولة منذ أن بدأت تركيا تصدير مسلسلاتها في عام 2006، مشيرة إلى أن هذه المسلسلات تحطم الأرقام القياسية في نسبة المشاهدة في العالم العربي واليونان والبرازيل، وان حصيلة بيع المسلسلات التركية بلغت 3 ملايين دولار سنويا، وأشار التقرير إلى أن هناك 18 مسلسلا يعرض حاليا في شمال إفريقيا واليونان وإيران، ومعظمها يلقى رواجا كبيرا في مصر والإمارات وسوريا والعراق والأردن ولبنان وإيران. واشارت احصائيات عربية إلى أن عدد مشاهدي مسلسل (نور) بلغ 85 مليون مشاهد عربي ممن تجاوزت أعمارهم 15 عاماً بينهم نحو 50 مليوناً من الإناث أي ما يعادل أكثر من نصف عدد النساء العربيات البالغات محققاً نسبة مشاهدة تفوق أي عمل درامي عرض على شاشات التلفزيون في العالم العربي خلال السنوات الماضية. وفيما يتعلق بنسب مشاهدة مسلسل (سنوات الضياع) فبلغت ما مجموعه 67 مليون مشاهد منهم نحو 39 مليوناً من الإناث وبذلك ينال المسلسل ثاني أعلى نسبة مشاهدة بعد (نور).
ولا نبالغ اذا قلنا ان هناك تأثيرا كبيرا احدثته الثقافة القادمة بادواتها في بنية المجتمعات العربية، والتأثير الاجتماعي كان له صدى واسع في الاعلام العربي، وربما لعبت الصلة الكبيرة بين الأتراك والعرب والظروف التاريخية والديانة الإسلامية دورا في جعل هذه الثقافة أقرب إلى قلوب العرب من غيرها وجعلت تأثيرها أقوى. لقد اشارت التقارير الاعلامية إلى ان حالات الغيرة من أبطال المسلسلات التركية المدبلجة تسببت في وقوع حوادث الطلاق في العالم العربي، بعد أن طلبت نساء عربيات من أزواجهن أن تتم معاملتهن برومانسية على غرار ما يفعل ابطال مسلسل "نور"، أو أن يبدوا عواطف جياشة كالتي يطلقها يحيى في مسلسل "سنوات الضياع". ومن طريف الاخبار ان أسرة بحرينية كانت قد تقدمت لطلب يد فتاة للزواج تدعى (نور) لابنها الشاب (محمد)، قد فوجئت بأن سبب التأخير في الرد هو رغبة عروس المستقبل تغيير اسم الزوج من محمد إلى (مهند)؟!، ودخلت الفتاوى الدينية على الخط فقد نشر بعض مشايخ السنة والشيعة فتاوى تفيد بتحريم مشاهدة المسلسلات التركية، لما فيها من الشر والبلاء وهدم الأخلاق، ووصفوها بالهادمة للأخلاق والداعية إلى الرذيلة. كما أفتى داعية وإمام مسجد في مدينة (حلب) بعدم جواز الصلاة بلباس قمصان طبعت عليها صور أبطال الأعمال التركية المدبلجة - مثل (لميس ويحيى) (سنوات الضياع) ونور ومهند (نور) - قائلا: إنها صور تطرد الملائكة من مكان العبادة.
في النصف الآخر في النظر الى الكأس، سنلاحظ ان مسلسلا واحدا استطاع أن يفعل ما لا تستطيع أن تفعله الحكومات من تقريب بين الشعوب ونشر للثقافات وانعاش للاقتصاد والسفر وللسياحة، نقلت صحيفة اليوم السابع المصرية عن صحيفة تركية قولها "المصريون الأكثر تسوقا فى أسطنبول"، وأشارت "أصبحت اسطنبول المقصد الأول لإقامة حفلات الزفاف لبعض العرب، وذلك بفضل المسلسلات التركية التى حققت شعبية كبيرة فى العالم العربى، حيث يتوافد لاسطنبول أسبوعيا حوالى 400 - 450 عربيا لإقامة حفلات الزفاف على ضفاف نهر البوسفور، كما شهدت السياحة إلى تركيا خلال عام 2009 زيادة غير مسبوقة، منها 21 % من الإمارات العربية المتحدة، و50 % قدموا من المغرب.. حتى ان بعض مشايخ الدين دعوا لزيارة تركيا في هذا الصيف لدعمها القضايا العربية؟!.
كما اثارت نجاحاتها غيرة الآخرين الذين يريدون كسب قلوب وعقول من يعيش في العالم العربي والإسلامي، ولقد نشرت منذ مدة مجلة فورين بوليسي المرموقة (Foreign Policy)، تقريرا اشارت فيه الى أن أنقرة نجحت في تحقيق ما أخفقت الولايات المتحدة في إنجازه على مدى نحو 7 عقود من بدء علاقتها رسمياً مع العرب. وقالت المجلة ان الدراما التركية قد نجحت في التعامل مع العديد من المواضيع التي تخشى الدراما العربية التعامل معها، مثل المساواة بين الجنسين، والتعامل مع الخيانة، وكذلك إقامة علاقة حب مع شخص معين، والتعامل مع موضوع الأطفال الذين يولدون خارج علاقة الزواج الشرعية. وهي دراما جاءت في النهاية من بلد مسلم هو تركيا، وهو "ما جعل من السهل اختراق جدران سميكة وضعها المحافظون في العالم العربي، تمثلت في التعصب وكراهية النساء ومحاولة إخفاء أو التنكر لفكرة وجود القضايا الأخلاقية داخل المجتمع". وقالت المجلة ان تمتع المسلسلات التركية برصيد كبير داخل المجتمع العربي، دعا تركيا إلى، أمر لم تكن أنقرة تفكر فيه لو تركت الأمور دون عرض المسلسل التركي. المجلة أضافت في تعليقها على الظاهرة "لقد ثبت أن إنتاجا تلفزيونيا بسيطا يمكن أن يستخدم كأداة اجتماعية فعالة لإحداث تغييرات في التفكير والتأثير، والفوز بملايين العقول والقلوب في المنطقة".
لم تتح لي الفرصة للتعرف على الثقافة التركية عن قرب ولم اتابع اي مسلسل تركي منذ انطلاقته في العالم العربي، والحقيقة انها ظاهرة بحاجة الى دراسة اوسع من مقال في صحيفة، خصوصا في التركيز على آثار التغييرات، سواء الايجابية او السلبية، ومدى استمرارية نجاحها وانتشارها عند المواطن العربي، سواء الذي يعيش في الداخل او المهاجر الى الخارج؟!