الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

الرأي الآخر.. الالتفات إلى هموم الداخل2011-09-07


هموم الحديث حول الحاضر والمستقبل والحراك الاجتماعي
ضرورة دعم الجهود والمبادرات التي تنطلق من رحم المجتمع
الانتظار والتردد لا يجعلنا نتقدم إلى الأمام

في الآونة الأخيرة لفتت انتباهي مشاهد على الساحة المحلية التي تحمل الكثير من الشجون والقليل من الاحتفاءات وخيبة أمل في تحقيق العديد من الرغبات والأمنيات وطرح المبادرات. عندما نطرح أوضاعنا الحالية والحديث حول الحاضر والمستقبل والحراك السياسي والثقافي والاجتماعي في مجتمعنا يتبين حجم الهوة الواسعة التي تفصلنا عن بعضنا البعض في التوافق والاختلاف والتأييد والرفض وما بين التفرج أو الانتظار أو الإقدام والتحرك إلى الإمام!
(1)
نحن لا نجتمع، لا نتحاور، لا نناقش ولا نشاهد ونستمع ونلتقي مع بعضنا البعض إلا في المناسبات النادرة، ربما تجمعنا تحت خيمة أعراس أو في مجلس عزاء بعد أداء الواجب ودفن الميت في مقبرة ابوهامور! غياب تام لمؤسسات المجتمع المدني بكل أطيافها وتنوعاتها حتى النوادي الاجتماعية فرغت من محتواها وأهدافها وأدوارها التي كان يشاد بها في السابق (هل نطلق عليه الزمن الجميل) لتغدو اليوم خاوية على عروشها ولنا في نادي "الجسرة" الثقافي لعبرة لِأُوْلِي الأَلْبَابِ ان كنتم تعلمون! المبادرات جميعها في قائمة الانتظار أو تم إجهاضها في المهد من التقديم على الجمعيات التعاونية وجمعية حماية المستهلك، ومرورا بالمؤسسات الاقتصادية والاكاديمية والاجتماعية والتعليمية والفكرية والإعلامية من جمعية الصحفيين والإعلاميين إلى الكتاب والأدباء والمثقفين، وليس انتهاء بالجمعيات التخصصية التي تركز على المبادرات الفردية التي تهتم بالرجل والمرأة والطفل!
(2)
حديث الزميلة الفاضلة وكاتبتنا القديرة مريم آل سعد في حوارها مع جريدة الشرق أشبه بتغريدة البجعة التي يعتقد السامع أنها تعزف الألحان العذبة، لكن كل ما تحمله في داخل قلبها هو الأنين والآهات. أشارات أم غسان إلى تجربتها في السبعينيات وتشكيل الوعي الذي انعكس على كتاباتها ورواياتها وبلور من مجلة العروبة القطرية إلى كتابة صحافة الحائط في جامعة القاهرة بمشاركة د. محمد كافود ود. جاسم النصر ود. مرزوق بشير ود. زكية مال الله وحصة العوضي والعديد من النخب الوطنية (أين هؤلاء اليوم!) وكان نشاطهم الثقافي مرتبطا بنادي قطر وهو احد الاتحادات والنوادي الطلابية الخليجية الفاعلة الذي برز في تلك الفترة وهي مفارقة مخجلة أن يستطيع المثقف القطري أن يطلق ناديا أو تجمعا خارج مجتمعه وينجح في قيادته ويشار إليه بالبنان ومنذ بداية تشكيل الوعي في منتصف القرن الماضي ولا يستطيع إلى اليوم في نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين أن يحصل على موافقة تأسيس جمعية ثقافية أو نادٍ ثقافي في بلده!. أم غسان وصفت المشهد الفكري والحراك الثقافي القطري بأنه قاحل وأجرد ويعاني الخواء والذبول، والاهتمام بالثقافة مظهري ورسمي وموجه للخارج ومستقطب له وبعيد جدا عن الداخل وهو الحال الذي لم تطرأ عليه تغيرات جوهرية حتى في عصر الثورات العربية! أما وزارة الثقافة فتدير أجندتها الرسمية التي لم تتغير منذ سنوات ومنذ وجودها وإرثها السابق، ولم تنتج ما يضيف للحياة الثقافية ويحركها ويبث الحماسة والتدفق فيها. ومعظم الكتاب والأدباء خارج تخطيطها، لا يشاركون ولا يتواجدون ومغيبون عن المشهد، أما اللقاءات والمهرجانات مثل مهرجان الدوحة عاصمة للثقافة، فقد كان بهرجة دعائية لم تسمن ولم تغن من جوع! كما أشارات إلى المشوار الطويل مع الصحافة والرقيب ومنع العديد من المقالات من النشر. وللأسف أن الرقيب لا يزال يتنفس الصعداء وهو يقتحم دارنا ويدخل علينا من الشباك رغم خروجه من الباب عندما حلت وزارة الإعلام. كما أن منع وحجز المؤلفات والكتب والروايات لبعض الكتاب القطريين (د. احمد عبدالملك ونورة آل سعد) لا يزال مستمرا فقط لأنهم قطريون ولو كانوا أجانب لما كانت هناك اشكالية! ولا غرابة أن نرى المقالات الجريئة والإنتاج الفكري يتداول على الانترنت والمواقع الاجتماعية والمنتديات ولا يوجد له مكان في أي محفل داخلي ولا على أي رف في مكتبة محلية أو احتفالية ثقافية شهرية أو موسمية أو حتى سنوية مثل معرض الكتاب!
(3)
مراكز البحوث والدراسات المستقلة عن مؤسسات الدولة من أهم المعالم التي تميز المجتمعات الحديثة وتعرف بأنها تلك المؤسسات أو المعاهد التي تهدف إلى إجراء بحوث مركزة ومكثفة وتقدم الحلول والمقترحات للمشاكل بصورة عامة وخاصة في المجالات والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والاستراتيجية والتكنولوجية أو ما يتعلق بالشؤون العسكرية والأمنية. وتكمن نشاطاتها العلمية والبحثية عبر عقد الندوات والمؤتمرات وتحرير الإصدارات الدورية والكتب والمنشورات. ورغم ان هناك بعض المراكز البحثية التي تحمل أسماء رنانة مدعومة من ميزانيتنا الخاصة والعامة مثل مؤسسة راند (Rand Corporation) ومعهد بروكنجز (Brookings Institute) فإن حجم التأثير في المجتمع على المستوى الشعبي لا يذكر ونسبة الحضور لأي من الندوات والمحاضرات التي تعقد من قبل هؤلاء معدودة على الأصابع وهي لها أجنداتها وأهدافها الخاصة بسياستها ومموليها. إلا انه قبل مدة انطلق موقع الجماعة العربية للديمقراطية الذي يعد رائدا في الدراسات الديمقراطية في الخليج والعالم العربي والذي يشرف عليه الباحث والأكاديمي القطري الدكتور علي خليفة الكواري، وهو مسعى أكاديمي مستقل ويساهم في وقفية دراسات الشورى والديمقراطية شخصيات ورموز قطرية وخليجية وعربية ولولا نشر أسماء هؤلاء الشخصيات المميزة في الموقع لما عرفنا عنهم وخاصة من قبل جيلنا! ونأمل أن تتحول هذه المبادرات إلى عامل دفع ايجابي يساهم في حراك المجتمع الثقافي والاجتماعي. لقد نشر الموقع دراسة قام بها الباحث القطري محمد الخليفي بعنوان الخلل السكاني من يوقف كرة الثلج؟ ويستحق بكل جدارة أن يكون موضوع البحث ندوة خليجية مفتوحة أو مؤتمرا يتناول مسألة خلل التركيبة السكانية والهيكل الديمغرافي ليس في قطر فقط بل كل دول الخليج بلا استثناء.
(4)
ما أحوجنا في هذه المرحلة بالذات إلى الجهود والمبادرات التي تنطلق من رحم المجتمع القطري ومن رموزه الفكرية والثقافية ولا ننتظر أن تأتي المبادرات من قمة الهرم أو من الخارج. لقد آن الأوان ان نتحدث إلى بعضنا البعض بصوت عال ونستمع ونطرح الأسئلة والقضايا والإشكاليات الغائبة والمغيبة ونتناولها بالبحث والدراسة بالأرقام والإحصائيات بعقد الندوات والمحاضرات حولها، والمنتديات الاجتماعية والمواقع الشخصية والمجالس والديوانيات والاستفادة من النتائج والتوصيات والحلول ونشرها في المجتمع. لقد دخلنا عصر الربيع العربي بكل الإشكاليات والتحديات والمتغيرات التي يطرحها ومن يقف متفرجا، منتظرا، مترددا، خائفا ومتوجسا، فهو لا يتحرك ولا يتقدم ويرجع إلى الوراء يوما بعد الآخر، القطار لا ينتظر احدا، إما أن تتغير أو يتم تغييرك.
فاصلة أخيرة:
* منذ منذ سنين،
يترنح رقاص الساعة،
يضرب هامته بيسار، يضرب هامته بيمين،
والمسكين، لا أحد يسكن أوجاعه،
لو يدرك رقاص الساعة، أن الباعة
يعتقدون بأن الدمع رنين،
وبأن استمرار الرقص دليل الطاعة،
لتوقف في أول ساعة.
* احمد مطر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق