جريدة الشرق
2011-12-14
رسالة صحفية إلى إدارة التطوير الإعلامي:
متى يتم دعم المؤسسات الصحفية بالعناصر الوطنية في الإدارة والتحرير؟
تدهور وتراجع تعيشها الصحافة القطرية أو الصحافة في قطر!
الصحف المحلية لا تعكس حجم التحركات التي تقوم بها قطر في الداخل والخارج!
رغم أن نسبة الإحباط المتزايدة لا يمكن تجاهلها في ساحة الصحافة القطرية، إلا أن الفرص التي تعيد الأمل في إحداث التغيير تظهر بين الفينة والأخرى وان كانت قليلة، خصوصا ونحن في زمن التغيير الجذري الذي يجتاح العالم العربي من محيطه إلى خليجه. والأمل اليوم قد يعود من جديد مع بروز إدارة التطوير الإعلامي، فهل ستكون عاملا فاعلا في إحداث النقلة النوعية في بلاط الصحافة القطرية أم مجرد إدارة تحمل لقبا له بريق السراب؟.
(1)
تدهور سريع تعيشه الصحافة القطرية أو الصحافة في قطر كمل يحلو للبعض أن يطلق عليها من تصدر قائمة الدول العربية في التقارير الدولية عن الأوضاع والحريات والتعبير إلى تراجعها الدراماتيكي لتخرج من قائمة الدول المتصدرة لأنها راوحت مكانها ولم تتحرك وفي أحسن الأحوال ظلت متفرجة ومصفقة. لم تتغير أفكارها وأطروحاتها وأسلوبها في المخاطبة والتعبير وجرأتها لم تختلف وتتبدل وتتحول وهي تشاهد الموجات والأعاصير والبراكين تتقاذف وتتطاير من حولها تضرب وتكسر وتهدم عروشا وتغيير الزعماء والقادة والرؤساء والأنظمة السلطوية والديكتاتورية والشمولية والعسكرية العربية من حولها بعد نصف قرن من القمع والتكميم والتكبيل والتنكيل. لقد تغير المشهد الإعلامي بعد ثورات الشوارع العربية من تونس ومصر وليبيا إلى اليمن وسوريا والبحرين والكويت، انكسر حاجز الخوف وتصدرت المنتديات والمواقع الاجتماعية الأحداث ونقلت الحقائق من الداخل حين عجزت وسائل الإعلام الإخبارية العالمية "سي ان ان" و"بي بي سي" و"العربية" على رأسها "الجزيرة" على القيام بذلك ولم تملك إلا أن تنقل ما يجري ويدور عن طريق كاميرا هاتف نقال يحمله مواطن في الشارع ليدشن عصر الإعلام الجديد في العالم العربي. وقد وعت العديد من الصحف ووسائل الإعلام العربية لحجم التغيرات وانتشارها وارتفع عندها السقف عاليا وتخلصت من عقدة الرقيب الإعلامي والسياسي وأخذت تقود المجتمع وتعكس وتساهم في تشكيل قراراته المصيرية. وقد جاء الدور على الصحافة في مجتمعنا أن تعكس حجم التحركات التي تقوم بها قطر في الداخل والخارج وتقوم بعلمية تغيير واسعة وجذرية تعيدها مرة أخرى لكي تتصدر الساحة الإعلامية العربية التي توارت عنها.
(2)
تستطيع إدارة التطوير الإعلامي في المؤسسة القطرية للإعلام، بمديرها الجديد الذي عاصر الوسط الإعلامي وعمل فيه أن تساهم وبقوة في دعم الصحافة بالعناصر الوطنية في الإدارة والتحرير وكتابة التحقيقات والتقارير والدراسات والبحوث والمقالات التحليلية وأعمدة الرأي. هناك خطوات بسيطة وعملية يجب أن تشكل نقطة الانطلاقة وهي لن تكلف الإدارة أيه أعباء أو مستحقات مالية أو إجراءات روتينية طويلة ومعقدة قد تستغرق سنوات عجاف دون الخروج بنتائج على ارض الواقع أهمها الاستفادة من العناصر التي تعمل في الصحف المحلية في الوقت الراهن وهي التي تملك خبرة وتجربة من العمل الطويل في الإدارة والتحرير والكتابة من خلال منحهم تفرغا كاملا من قبل عملهم دون تحمل أية مصاريف سواء من جانب إدارة التطوير الإعلامي أو جانب الصحف التي يعملون فيها وهو تدعيم لقرار مجلس الوزراء بتاريخ 3/11/2010م بتشجيع القطريين للعمل في الصحافة والذي نص على تمكين الكوادر القطرية التي تعمل حالياً في الصحف المحلية (بدوام جزئي Part Time) من التفرغ للعمل الصحفي بدوام كامل مع استمرار حصولهم على مستحقاتهم المالية من قبل الجهات والمؤسسات الحكومية المرتبطين بها في الدولة. والخطوة ستفتح المجال بشكل واسع لاستقطاب العناصر الوطنية والتي لديها رغبة في العمل الصحفي من خلال الانضمام إلى المؤسسات الصحفية المختلفة في الدولة التي تطبع وتنشر باللغة العربية أو باللغة الأجنبية. وهذا سيكون حافزا وعنصرا مشجعا كخطوة تنقلنا إلى استقطاب الجيل الجديد من الكوادر القطرية من (الجنسين) من خريجي الإعلام والصحافة (ومن مختلف التخصصات بما في ذلك الإخراج والجرافيكس) الذين يتم تخريجهم من جامعة قطر أو الجامعات والكليات والمعاهد الأجنبية داخل الدولة وخارجها سنوياً، وذلك بأن يتم توظيفهم بالدرجة والوضع الوظيفي والمالي المتبع مع الخريجين القطريين، وعلى أن يتم انتدابهم بعد ذلك للعمل في الصحافة المحلية، وبنظام تفرغ كامل يتمتع المنتدب (المتدرب) خلال العمل بكافة المزايا التي يحصل عليها الخريجون القطريون الذين يعملون في مؤسسات الدولة من ناحية (القرض/الأرض/الراتب) وأنا هنا انقل نصا عن قرار مجلس الوزراء المذكور، وثالثا كما جاء في القرار الوزاري هو تمكين عدد من الطلاب الذين يدرسون الإعلام والصحافة في جامعة قطر أو الجامعات والكليات الأجنبية في الدولة، ولم يتخرجوا بعد، وذلك بأن يحصلوا على فرصة عمل في الصحافة المحلية كمثل الطلبة القطريين من خريجى الثانوية العامة الذين يعملون في الوزارات والمؤسسات الحكومية في الدولة خلال الأعياد والإجازات وباقي أيام العام.
(3)
الصحافة في خطر حقيقي، وهناك الكثير من الصحف تراجعت إيراداتها وضربت مداخليها وأغلقت أبوابها وهناك أكثر من 65 صحيفة محلية أغلقت في بريطانيا وحدها في الأشهر الماضية نتيجة الأزمة الاقتصادية والمنافسة من قبل الوسائل الاتصالية البديلة. ولكن تكمن أبرز المشكلات في التركيبة البنيوية، إذ تغيرت عادات القراءة وتعددت مصادر المعلومة التي يحصلون عليها، مما يجعل كل المؤسسات الصحفية الإعلامية مطالبة بأن تتغير وبسرعة أو أنها سوف تجد نفسها خارج الساحة تماما. لعل ابرز المعوقات التي يجب أن تتخلص منها الصحافة في قطر هي تحولها إلى مؤسسة علاقات عامة وليس سلطة رابعة قائمة على أسس العمل الصحفي المهني. من خلال نشر الأخبار عن الوزارات والمؤسسات بطريقة الاحتفاء والتفخيم والتعظيم بدلا من الرقابة والمساءلة وتسليط الأضواء على الخلل والعيوب والسلبيات ومعالجتها وتقديم الحلول والبدائل والعلاج. ويعود ذلك إلى غياب الكوادر المحترفة في التعامل مع الأخبار والمعلومات والأرقام والإحصائيات والغريب أنها مطلوبة وبقوة في شبكة الجزيرة وملاحقاتها ولكنها غائبة ومغيبة في الصحافة المحلية وأروقتها. الأمل متوقد اليوم أن يتم تطعيم الصحافة في قطر بالعناصر الوطنية بعد أن فرغت الساحة منهم خلال عقد الثمانينيات والتسعينيات وصولا إلى القرن الحادي والعشرين في ظل غياب قانون الصحافة والإعلام، وعدم وجود مظلة أو جمعية للصحافة أو الإعلام، وغياب الحوافز المادية والمعنوية وجود ألف سبب لعدم الكتابة والعمل في الصحف المحلية مقابل رغبة حقيقية ما زالت تشغل عقل وفكر الصحفي القطري وهي المساهمة في تنمية وتقدم مجتمعه من خلال الكلمة والكتابة والتعبير بحرية وهو ما يزال ينتظر؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق