الأربعاء، 8 يونيو 2011

"لا" لمحطات الطاقة النووية على ضفاف الخليج!

WEDNESDAY ٨ JUNE ٢٠١١

النووي أكبر المخاطر التى تواجه دول مجلس التعاون
ألمانيا تغلق آخر مفاعلاتها النووية عام 2022 فهل تتعظ الدول الخليجية؟
إشعاعات "بوشهر" تصل إلى الكويت وقطر والبحرين وبقية دول المنطقة

إذا كان هناك من انجاز نريد ان نذكر به فى المستقبل بعد مرور 30 سنة على تأسيسه، قد تمحى صورة خروج الأمين العام والسفراء الخليجيين من السفارة الاماراتية باليمن عن طريق طائرة الهليكوبتر، هو أن يقف المجلس اليوم فى وجه اكبر المخاطر التى تحاول بعض دول الاعضاء فى التعاون الخليجى الاقدام عليها التى قد تعصف بالمنطقة برمتها وتحرق الاخضر واليابس. لا اتحدث عن تأثير الثورات العربية التى ما زالت بعيدة عن الشواطىء الخليجية، ولا التحديات السياسية المجمدة، ولا الاقتصادية التى لا تزال تعتمد على مصدر واحد وهو النفط، ولا حتى الصراعات الايديولوجيات الدينية والمذهبية السنية والشيعية، بل عن بناء المحطات النووية التى ستمدد على ضفاف بحر الخليج وصولا الى الأردن المرشح لدخول النادى الخليجى مع المغرب. الاعلان الاخير منذ عدة ايام اكد قبول وكالة الطاقة الذرية على طلب الاردن والامارات دخول النادى النووي. المندوب الدائم للامارات لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى فيينا، اشارالى انه من المتوقع أن تبدأ المحطة الأولى عملياتها التشغيلية فى عام 2017، ومن ثم استكمال وبدء تشغيل المحطات الثلاث الأخرى بحلول عام 2020. الكويت اعلنت عن عزمها بناء أربعة مفاعلات للطاقة النووية بحلول عام 2022، كل منها بطاقة ألف ميغاوات فى الساعة، ويجرى حاليا الاعداد لطرح العقود، والمواقع المحتملة لبناء المنشآت. السعودية وقعت اتفاقا للتعاون النووى مع فرنسا لتوفير الخبرة النووية للمملكة التى تتجه الى اعتماد الطاقة النووية كمصدر بديل للنفط. البحرين تخطط لاستخدام الطاقة النووية بحلول عام 2017. عمان وقعت مذكرة تفاهم مع موسكو حول التعاون فى مجال الطاقة الذرية. قطر ما زالت تفكر فى الموضوع لم تحسم مواقفها بعد وهو قرار تم تأجيله الى نهاية العام الحالى 2011.
من سخرية الاقدار ان الزمن المقرر فيه انطلاق العمليات التشغيلية للمحطات النووية الخليجية، يقابله زمن اخر تتخلى فيه احدى الدول الصناعية العظمى وهى المانيا عن آخر مفاعلاتها النووية عام 2022. وقد قامت بقرار شجاع اتخذ الشهر الماضى بالتضحية بما يقدر بحوالى (22 %) فى المائة لتلبية حاجاتها الى الكهرباء التى تؤمِّنها حالياً محطاتُها الذرية فى سبيل رفض الخيار النووي. المركز الاستشارى لمفوضية التنمية المستدامة التابع للحكومة البريطانية قام ايضا برفض حاسم وقاطع لبناء جيل جديد من المفاعلات النووية على الرغم من الدعم الكبير الذى قدمته الحكومة لكى يتم تسويق الفكرة وتنفيذها وتمويلها باسرع وقت. المركز اشار الى ان برنامجا جديدا من هذا النوع لن يكون الرد المناسب للتواؤم مع التحديات التى افرزها التغيير فى المناخ والاغراض الامنية. وان هناك مجموعة من السلبيات رئيسية للطاقة النووية اهمها (1) عدم وجود استراتيجية طويلة الامد للتعامل مع التلوث الذى سينتج عن استخدام الغاز النووى السام. (2) عدم التيقن من مدى كلفة بناء محطات نووية جديدة ومقدار المخاطرة التى سيتعرض لها دافعو الضرائب. (3) الخطر المحدق بالمملكة نتيجة استخدام هذه الاستراتيجية النووية، الذى قد يضعها فى مواجهة نظام مركزى لتوزيع الطاقة المخصصة للخمسين سنة القادمة. (4) الخطر الذى يتهدد الجهود المبذولة لتطوير كفاءة اداء الطاقة القائمة بسبب البرنامج النووى الجديد. (5) الخوف من الهجمات الارهابية والتعرض للاشعاعات النووية فى حال قامت دول اخرى ذات معايير أمنية متدنية باتباع النموذج البريطاني. رئيس المركز ذكر لوسائل الاعلام الدولية "هناك نقطة صغيرة فيما يتعلق بمسألة انكار ان للطاقة النووية فوائدها. ولكن من وجهة نظرنا، فان هذه الفوائد او الايجابيات لا تقارن بالسلبيات الجدية للطاقة النووية. ولذا، فانه يتوجب على الحكومة التوقف عن البحث عن حل سهل لمشكلة التغير فى مناخنا وأزمات الطاقة، والتى لا تقتصر على مشكلة واحدة ببساطة". هل نستطيع ان نوجه نفس المقولة الى الدول الخليجية والعربية التى تسعى الى امتلاك الطاقة النووية بحجة استخدامها بشكل سلمى لتوليد الطاقة الكهربائية واسكات الاصوات المؤيدة واغلبها حكومية الى الابد؟!
فى غصون عدة اشهر قادمة ربما بنهاية صيف "الربيع العربي" 2011 (والوقت ليس مقدسا بحسب التقويم الفارسي) سيتم تدشين محطة بوشهر النووية المحطة النووية الايرانية الاولى، صحيفة «التلغراف» البريطانية ذكرت فى تقرير لها أن الحكومة الايرانية رفضت تحذيرات صدرت من هيئات علمية دولية عن كارثة محتملة قد يتعرض لها المفاعل النووى الايرانى الذى بناه الروس فى بوشهر على ساحل الخليج. واشارت الصحيفة الى أن تقريرا سريا مدعوما من عدد من علماء الطاقة النووية الايرانيين قد حذر من حدوث هزة أرضية عنيفة قد تؤدى الى نتائج مدمرة للمفاعل النووى الايرانى فى بوشهر. وقال التقرير ان خطر الزلزال على المفاعل النووى الايرانى قد يكون كارثيا على ايران، ومشابها لذلك الذى حصل فى مفاعل فوكوشيما فى اليابان. ورجح بعض خبراء الزلازل أن تصل قوة الزلزال المرتقب الى 8 درجات على مقياس ريختر، الأمر الذى معه سيكون وجود مفاعل بوشهر الايرانى كارثة على المنطقة تمتد آثارها فى جميع الاتجاهات بما فى ذلك منطقة الخليج العربى الموعودة بتأثيرات قوية من الزلزال وموجات التسونامى العاتية التى ستصاحب الزلزال. ويذكر الخبراء أن مركز الزلزال المتوقع سيكون فى اقليم «كرمان جنوب شرقى ايران»، وقد يحدث فى أى لحظة، وستكون له تأثيرات مدمرة فى ايران والكويت وقطر والامارات والبحرين والدول المطلة على الخليج.
المعضلة التى واجهتها محطة فوكوشيما النووية اليابانية كما اشار تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاخير انه جاء بعد وقوع الزلزال فى توقف التغذية الكهربائية مما ادى الى تعطيل انظمة تبريد المفاعلات وقد وصلت درجة حرارة الحوض الى حوالى 70 درجة مئوية وهو ما تسبب بسلسلة انفجارات وانصهار جزئى لقضبان الوقود النووي. الصيف فى دول الخليج يطلق عليه (جهنم الصغرى) والحرارة اذا ما وصلت الى ما فوق 50 درجة مئوية لا يعلن عنها حتى لا يتم احتساب يوم عطلة من العمل؟! بالاضافة الى الرطوبة الخانقة القاتلة خلال ثلاثة شهور كافية لوحدها لتعطيل أكبر المحطات النووية فى العالم عن العمل وتعريض الامن والسلامة الى مخاطر لا تحسب عقباها ليس على الدولة الخليجية التى فيها المحطة بل بقية دول المنطقة، فالمخاطر قد تشمل الجميع دون استثناء. الكارثة التى حلّت بمحطة فوكوشيما واجبرت ما يتجاوز (80) الف شخص على مغادرة منازلهم (ما يقارب نصف عدد سكان قطر الاصليين) قد تكلف اليابان ما يصل الى (250) مليار دولار على مدى السنوات العشر القادمة سيصرف اغلبها على التخلص من مفاعلات المحطة واثارها الجانبية.
لكن هل يوجد بديل للطاقة النووية؟! مفوضية التنمية المستدامة البريطانية التى تطرقنا الى تقريرها اشارت الى ضرورة دعم مزيد من التوسع فى البحث عن مصادر جديدة بديلة للطاقة مثل الرياح والامواج والديزل والوقود العضوي، الخالية جميعها من الكربون، اضافة الى اتخاذ اجراءات جديدة من شأنها تعزيز كفاءة اداء الطاقة وتطوير تكنولوجيات حديثة للتعامل مع التهديد البيئى الناتج عن محطات الوقود. ونضيف الى ذلك خيار اللجوء الى الطاقة الشمسية ببناء المزيد من المحطات الشمسية ومحطات الرياح مثلما فعلت الامارات، والسعودية. الاكيد اننا نعلنها بشكل صريح ورافض اليوم "الشعب لا يريد بناء المحطات النووية على ضفاف الخليج".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق